مشكلة البلد انه ابتلى باسوأ طبقة سياسية شهدها العالم المعاصر، طبقة لا تعرف الا النهب ولا تملك اي حسّ انسانيّ، طبقة عاشت على”المال الحرام” و”الشحادة و “الذل للخارج ” و “العنطرة الفارغة ” على ابناء البلد، طبقة لا تعرف الا التحريض وبث الفوضى واقامة المتاريس الطائفية وضرب السلم الاهلي، طبقة صادرت منا كل امل بحياة كريمة وشريفة، طبقة سرقت منا “الضحكة ” و “لقمة الخبز” المغمسة بالعرق و”شقا العمر”، طبقة” رمتنا ” على ابواب السفارات نفتش عن فرصة عمل في بلاد الله الواسعة، طبقة لا تعرف الا من خلال حكومتها اصدار قرارات همايونية ورفع صفيحة البنزين ستون الفا لتتجاوز الـ 300 الفا وصفيحة المازوت بـ270 الفا و”الدفع بالدولار ” و”قارورة” الغاز بـ 230 الف ليرة وربطة الخبز بـ 10 الاف ليرة مع ارتفاع جنوني في كل الاسعار والحد الادنى 750 الف ليرة، طبقة عمّمت “الادمي معتر ” و “مسطول” و “الحرامي” و “حربوق” و”شاطر “، طبقة تريد اسقاط الدولة لصالح مزارعها المذهبية والطائفية، طبقة لا تملك اي مخارج حقيقية، طبقة انتجت حكومة معطلة و”تتوحم” على قرض خارجي لن يأتي، طبقة تأخذ البلد الى مشارف حرب اهلية واحداث ماساوية تتكرر يوميا، طبقة لا تعرف الا “السمسرات”، طبقة جعلت القلق الامني “زادنا اليومي” طبقة فرضت منذ الطائف التعيينات الادارية والقضائية والامنية على هواها، والمجيء “بالازلام ” والمحاسيب، فوقع البلد في المأزق الحقيقي جراء ضرب كل “الاوادم” والكفاءات، والإختيار على اساس الولاء المذهبي الاعمى، والآتي اعظم، اذا لم يبادر اللبنانيون الى التغيير الحقيقي الجدي والخروج من مستنقعاتهم وكنس هذه الطبقة من خلال الشارع وصناديق الانتخابات والا فان البلد امام ازمة وجودية.
وفي ظل هذا المشهد المؤلم، يبقى “القهر الاكبر”، ما كشفته احصائية احدى المواقع المهتمة بالشأن الاجتماعي واظهرت ان97% من عائلات الرؤساء والزعماء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين وقادة الاجهزة العسكرية والمدراء العامين واصحاب المصارف ورجال الاعمال غادروا لبنان ومعظمهم الى فرنسا والدول الاوروبية وسجلوا اولادهم في افخم المدارس واستاجروا منازلا في ارقى هذه البلدان، حتى تتغير الاحوال في البلد كما ذكرت عقيلة احد المسؤولين لوكالة اجنبية بان “الحياة لم تعد تطاق في بيروت”، وهذا ما يؤكد ان الفقراء وحدهم يدفعون الثمن…
الخلافات السياسية
الواقع المعيشي الصعب، لم يغير مطلقاً في المشهد السياسي بل على العكس فانه فاقم من سقف الخلافات، هذا ويتنقل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بين المقرات الرئاسية لايجاد الحلول والخروج بصيغة ترضي الجميع وتسمح باستئناف النشاط الحكومي، وهو سيقوم بزيارة بعبدا بعد زيارة عين التينة والسراي، ويتواصل مع قيادة حزب الله، وذلك لايجاد المخارج والحلول ليس على حساب كشف المجرمين في انفجار المرفأ، لكنه “غمز” من قناة حصر التحقيقات والاستدعاءات بفريق معين، وعلم ان جهود جنبلاط قد تثمر في عودة جلسات مجلس الوزراء بعد ان ابلغ وزراء حزب الله وحركة امل الرئيسين عون وميقاتي حضورهما جلسة مجلس الوزراء عندما توجه الدعوة وانهما متمسكان بالحكومة وعملها ولم يهددا بالخروج منها واسقاطها، وعلم ايضا ان ملف التحقيقات وعمل القاضي البيطار ترك للمعالجة بهدوء من قبل وزير العدل ومجلس القضاء الاعلى على ان تكون المخارج سريعة، لكن مصادر متابعة اكدت ان جهود جنبلاط تعرضت “لرشقات نارية كثيفة” فور خروجه من الاجتماع مع ميقاتي والاعلان عن اصدار البيطار مذكرتي استدعاء للوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر والتسريب انه مستمر في مهمته مهما بلغت الضغوط والتاكيد ان الحصانات خلال العقد العادي لمجلس النواب لا تشمل من صدرت اتهامات بحقهم قبل 19 تشرين الاول موعد بدء العقد العادي.
التعديلات على قانون الانتخابات
وفي المقلب الاخر، فان العلاقات بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي مقطوعة كليا، وترجمت في الجلسة التشريعية لمجلس النواب واقرار التعديلات على القانون الانتخابي دون الاخذ بملاحظات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لجهة رفضه تعديل موعد اجرائها من اوائل ايار الى 27 اذار وتهديده بالطعن وردّ بري “حددنا الموعد وخلص والمجلس لا يأبه بالتهديدات” وقد وقع بري امس على التعديلات ورفعها الى رئيس الحكومة التي وقعها بدوره، فهل يوقعها رئيس الجمهورية في ظل اعتراضات باسيل، وتشير المعلومات المؤكدة ان عون سيرد القانون وهذا ما يفتح بابا جديدا للخلافات بين الرئيسين لان كلام باسيل في ذكرى 13 تشرين الاول لن يمر من دون رد يحدد توقيته بري.
مصدر امني في الجيش: ارتياح لخطاب نصرالله
اما على صعيد تداعيات احداث الطيونة وما خلفته على البلاد، فقد ابدى مصدر امني رفيع في الجيش اللبناني لـ “الديار” ارتياح الجيش لخطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وكلامه عن الجيش اللبناني، مشيرا الى ان خطابات السيد نصرالله لم تخرج مطلقاً عن هذا السياق الداعم للجيش ووحدته ودوره ووصفه بالضمانة لكل اللبنانيين، واكد المصدر الامني، ان الجيش يحقق مع الجندي الذي ظهر في شريط الفيديو وهو يطلق النار، وهي مسالة فردية تعالج بالاطر المسلكية، والجيش قام بتقييم ما حصل في الطيونة، وهو من خلال متابعته لعمل الوحدات العملانية يبادر فورا الى معالجة اي خطأ في تنفيذ المهام، والاخطاء واردة في كل جيوش العالم، والسيد نصرالله طالب بالتحقيق، والجيش بدأه وقبل خطاب السيد من اجل تماسك المؤسسة ودورها وصورتها الناصعة والنقية عند كل اللبنانيين.
وعن ربط بعض القوى السياسية والاعلامية التشكيلات الجديدة في اركان عمليات الجيش باحداث الطيونة، نفى المصدر الامني هذا الربط مطلقا، واكد ان الجيش لا يتعامل في مثل هذه الطريقة، والتشكيلات الجديدة تتعلق بالتراتبية العسكرية واحالة العميد بسام ياسين الى التقاعد وهو كان يتولى نائب رئيس الاركان للعمليات بالاضافة الى رئاسة الوفد اللبناني الى مفاوضات الناقورة، وجاء تعيين العميد غالب شريف مكان العميد ياسين، وهو اعلى رتبة من العميد جان الشدياق الذي يتولى قيادة غرفة العمليات، وهذا الامر لا يجوز في الجيش ويخل بالتراتبية العسكرية، وكون العميد جان نهرا اعلى رتبة، تم تعيينه رئيسا لغرفة العمليات مكان العميد الشدياق الذي يحال الى التقاعد بعد 3 اشهر وهذا كل ما في الامر ومربوط بالتراتبية العسكرية فقط.
وعن الوضع الامني اكد المصدر انه مستقر، والجيش متواجد في مناطق التوتر ويسيّر الجيش دوريات راجلة ومؤللة وينفذ مداهمات، لكن استتباب الامن بشكل فعلي يتطلب انهاء التوترات السياسية وحلا من الاطراف السياسية لتعزيز الهدوء، لان الامور مربوطة بعضها ببعض، واذا تأمن الاستقرار السياسي لا حاجة للاجراءات الامنية، والهدوء في جلسة مجلس النواب انعكس ايجابا على الارض.
كلام لجعجع اليوم والسيد نصرالله غدا
من جهتهم، واصل مسؤولو القوات اللبنانية هجومهم على حزب الله، وسيتحدث الدكتور سمير جعجع الى برنامج “صار الوقت”، وذكرت مصادر القوات ان جعجع سيرد بالتفاصيل على خطاب السيد نصرالله وتهديداته وسيفند كل النقاط وسيؤكد على مواجهة مشروع حزب الله.
بالمقابل، يطل السيد حسن نصرالله مجددا غدا في ذكرى المولد النبوي الشريف وكان حزب الله قد اعلن عن الاحتفال قبل خطاب السيد الاخير وهجومه على جعجع واتهامه بارتكاب مجزرة الطيونة واخذ البلد الى اتون الحرب الاهلية .
ماذا قال الوفد الاميركي للجمعيات المدنية ؟
وفي معلومات مؤكدة ان الوفد الاميركي الذي زار لبنان الاسبوع الماضي التقى جمعيات المجتمع المدني وحضهم على تنظيم مقاومة مدنية ضد حزب الله، “العدو الاول لاميركا في العالم”، داعيا الجمعيات الى النزول الى الارض وملاقاة نهج العمل الذي بدأته السفارة الاميركية مع الشباب والحوار معهم بشكل مباشر، واولى الخطوات كانت مع السفيرة شيا في احد مقاهي الحمراء، كما حض الوفد الشباب على المشاركة بالعمل السياسي واخذ العبرة من نتائج الانتخابات العراقية ودور الشباب فيها، وقال اعضاء الوفد ، “لا تعتقدوا ان لبنان يشكل اولوية لنا لكننا لا نترك بلدا يتواجد فيه تنظيم “ارهابي” كحزب الله، ولن نسمح بسقوط البلد بيد هذا الحزب، لذلك وجود حكومة افضل من عدمه، وسندعم وصول الغاز المصري “بتمييع وتمغيط قيصر” وهذا الموقف ابلغناه للمسؤولين في العراق ومصر والاردن، وجدد الوفد دعوته للشباب للانخراط في الانتخابات واحداث التغيير وخلق توازنات جديدة ضد حزب الله شعبيا ونيابيا، تؤدي الى تراجع في دور حزب الله الذي عطل كل الحياة، واكد الوفد الدعم المطلق لاستمرار التحقيقات في المرفا، وقلل من اهمية موضوع النفط الايراني واعتبره مجرد لعبة اعلامية رغم ان حزب الله استفاد من توزيع هذا النفط في المناطق المسيحية ولعب نصرالله دورا اعلاميا ذكيا في هذه النقطة، وأكد الوفد دعم بلاده للجيش اللبناني حتى على صعيد السلاح، داعيا كل الجمعيات المدنية للتوحد وخوض الانتخابات في كل لبنان ونحن سندعم هذا التوجه ولن نتخلى عنكم؟ وفي هذا الاطار يواصل الموفد الاميركي لعملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي جولاته على المسؤولين لاستئناف المفاوضات في الناقورة، وسط انقسام لبناني على تشكيل الوفد في ظل معلومات عن اتجاه لتكليف وزارة الخارجية بتاليف الوفد اللبناني وسحب هذا الملف من الجيش اللبناني الذي قاتل لاعادة كل حقوق لبنان النفطية خلافا للخطوط السابقة بعدما اكتشف ضياع اكثر من الف كلم مربع من حقوق لبنان، والخوف من ان تؤدي الخلافات الى تطيير هذه الثروة، ومن يمنع ذلك في ظل واقع البلد الحالي ؟