على مستوى الترقب الحذر المتحكم بمفاصل المشهد الداخلي، لا زالت المعطيات المتوافرة غير ناضجة كفاية لتحريك المياه السياسية الراكدة بين ضفتيْ المناهضين لقاضي التحقيق في ملف تفجير مرفا بيروت طارق بيطار بزعامة “الثنائي الشيعي” والمتمسكين به وهم الاكثرية، وعليه فإنّ الساحة اللبنانية ستبقى في مرحلة حبس أنفاس بانتظار ما سيؤول إليه الكباش السياسي- القضائي بين الفريقيْن، في ظل استمرار التوافق مفقودًا حول الوجهة التي سيسلكها الملف كما مجلس الوزراء العالق في شباكه، ما دفع رئيس الجمهورية إلى تكثيف اتصالاته والاجتماع مع الرئيس ميقاتي الذي تفيد المعلومات انه يسعى مع سعاة الخير لترتيب لقاء بين الرئيسين عون ونبيه بري كمدخل لحل الازمة التي تتخذ بعدا خطيرا في ضوء الغليان الشعبي جراء الارتفاع الجنوني للاسعار عامة.
لا جلسة؟
فعلى رغم تردي الاوضاع المعيشية وتحرك الشارع مجددا غداة رفع الدعم بشكل نهائي عن المحروقات وتحليق اسعارها، يبدو ان لا امكانية بعد لعقد جلسة لمجلس الوزراء وان رفض الثنائي الشيعي التئامه مشترطا قبع المحقق العدلي في جريمة المرفأ طارق البيطار، قبل ذلك، على حاله، خصوصا ان كتلة الوفاء للمقاومة دعت امس الوزراء في الحكومة إلى تفعيل الإنتاجيّة في وزاراتهم ضمن هامش الصلاحيات المتاحة لهم، ما يؤشر الى ان “القصة طويلة”.
عون – ميقاتي
الرئيس عون عرض مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي خلال استقباله قبل الظهر الأوضاع العامة في البلاد، في ضوء التطورات على مختلف الصعد. وغادر ميقاتي من دون الادلاء بأي تصريح في وقت أفادت مصادر مطلعة بأن الاخير لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء. وأكدت مصادر بعبدا ان الاتفاق تمّ مع ميقاتي على ان مجلس الوزراء سينعقد في الوقت الملائم تفادياً لأي تشنج او خضة جديدة في حكومة سريعة العطب ولديها مسؤوليات كبيرة. وبحسب بيان بعبدا، تناول البحث ضرورة الإسراع في اطلاق البطاقة التمويلية في ضوء ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاسها على أسعار السلع والمواد الغذائية. وفي هذا السياق ،تم التطرق الى مصير القرض من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار والمعالجات الجارية في شأنه. كذلك بحث الرئيسان عون وميقاتي في نتائج الزيارات التي يقوم بها عدد من الموفدين الدوليين، ومستجدات التفاوض مع صندوق النقد الدولي، إضافة الى درس عدد من الحلول لمعالجة أوضاع موظفي القطاع العام في ضوء الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد.
رسالة ماكرون
الى ذلك، استقبل عون سفيرة فرنسا آن غريّو والتي زارت ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري .
وأوضحت السفيرة غريّو انها نقلت الى الرئيس عون رسالة شفهية من نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون ضمنها التزامه الدائم لمساعدة لبنان رئيسا وحكومة وشعبا، وهو ما كان أكده لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال استقباله إياه قبل أسابيع. وأكدت ان بلادها “ملتزمة تسهيل تحقيق كل ما يساعد في عملية النهوض الاقتصادي والمالي في البلاد والتخفيف من معاناة اللبنانيين. كذلك تتابع باريس المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي وتبدي كل استعداد للمساعدة في معالجة أوضاع الكهرباء والنواحي الصحية حيث ستقدم 500 الف لقاح “فايزر” للبنانيين، وستواصل دعم القطاع التربوي والقوى العسكرية والأمنية لانها تعتبر ان الاستقرار في البلاد عامل أساسي وضروري في الوقت الذي تشتد فيه معاناة اللبنانيين”. وأوضحت ان البحث “تناول أيضا التطورات الأمنية الاخيرة وضرورة معالجة ذيولها، وموضوع الانتخابات النيابية التي التزمت الحكومة اجراءها في الربيع المقبل”.
كما التقى عون المنسقة الخاصة للامين العام للأمم المتحدة السفيرة جوانا فرونتسكا.
اقرار البطاقة
وفي ظل تعذّر جمع مجلس الوزراء، وبينما استمرت امس حركة قطع الطرق احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية، رأس الرئيس ميقاتي الاجتماع الثاني لـ”لجنة معالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام. وتناول البحث رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص البالغ عددهم حوالى 800 ألف عامل وتعزيز النقل العام ورفع البدل الحضوري اليومي للنقل، واقرار سلفة شهرية كمساعدة إجتماعية للعاملين في الإدارات والمؤسسات العامة والمستشفيات الحكومية والمدارس. كما تطرّق البحث الى موضوع البطاقة التمويلية وعرض وزير الشؤون الإجتماعية التعديلات المطلوبة والتي حُوّلت الى رئيس مجلس النواب الذي أخطر دولة رئيس الحكومة بعقد جلسة نيابية في 28 من الشهر الجاري لإقرار هذه البطاقة ووضعها موضع التنفيذ لمساعدة المواطنين.
لقاء ايجابي
ماليا ايضا، عُقد اجتماع في مكتب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضمّه إلى المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي محمود محيي الدين ومستشارته مايا شويري، في حضور نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، وزير المال يوسف الخليل، وزير الاقتصاد أمين سلام. وبحسب بيان صادر عن الاجتماع، “كان اللقاء إيجابياً حيث تم البحث في أولويات الحكومة لا سيما بالنسبة إلى المشروع الاقتصادي الشامل”. وجال محيي الدين ايضا على وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ورئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان الذي استقبله في مجلس النواب ووصف الاجتماع بالمثمر مؤكدا الاتفاق على التعاون وتوحيد الرؤى وتنفيذ الاصلاحات البنيوية.
المرفأ
على صعيد آخر، افيد ان المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار راسل مجددا النيابة العامة التمييزية للبت في الخلاف مع وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي في ملف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كما راسل المجلس الاعلى للدفاع لاعطائه الاذن بملاحقة المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا. وعُلم أن لن يكون هناك على جدول أعمال مجلس القضاء الاعلى في اجتماعه اليوم أي استدعاء للقاضي بيطار كما أن الاخير لم يتبلغ حتى هذه اللحظة أي تبليغ من المجلس.