على وقع تجديد كتلة “حزب الله” البرلمانية اتهام أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله “القوات اللبنانية” بتفيذ “مجزرة” الطيونة، مصحوبة بإسناد قضائي من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، عبر إعطائه الإشارة لاستدعاء رئيس “القوات” سمير جعجع للاستماع إلى إفادته في أحداث 14 تشرين الأول، أطلّ جعجع مساءً عبر شاشة “أم تي في” لدحض جملة “المغالطات والأكاذيب والاتهامات” التي ساقها نصرالله بحقه وبحق “القوات”، فكان رده مفنداً بالوقائع والتسجيلات المصوّرة التي وثقت ميدانياً ما جرى خلال ذلك “الحادث المشؤوم الذي سمّم البلد وكلّفنا ضحايا من عين الرمانة والضاحية”.
وبعدما وضع شرطاً أمام نبأ استدعائه إلى القضاء بأن يبادر “مفوّض حزب الله” في المحكمة العسكرية إلى الاستماع “للسيد نصرالله قبلي”، أقله لأنه “الطرف الواضح تورطه جلياً بأحداث الطيونة”، اختصر جعجع الرد “السياسي” على هذا الاستدعاء بالتأكيد على أنّ “أيام كنيسة سيدة النجاة ولت وأيام المزح راحت”، جازماً بأنّ “طريق اليرزة لن تعود”. أما على أرض الوقائع، فأعاد “حشر” نصرالله في أصل اندلاع اشتباك الخميس إثر اقتحام محازبيه “زاروب الفرير”، معتبراً أنّ “السيّد حسن ورّط نفسه ووقع بمأزق كبير كبير… ولا يوجد لا مؤامرة ولا تقنيص ولا بلوّط، إنما كل القصة كان بدهم يعملوا 7 أيار لوقف التحقيق العدلي بجريمة المرفأ”.
وانطلاقاً من ذلك، أعرب جعجع عن قناعته بأنّ أزمة “حزب الله” ليست متصلة بشخص المحقق العدلي بل بالتحقيق العدلي نفسه، لأنه كما يبدو “الحزب له علاقة في مكان ما” بملف انفجار المرفأ، مذكراً بمسارعة النائب محمد رعد إلى رفض “التحقيق الدولي” خلال اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأوضح أنّ ورطة “حزب الله” تكمن في أنه “طحش” لتغيير المحقق العدلي فلم ينجح بالوسائل القانونية والقضائية والحكومية فقرر أن يستخدم “الوسائل الأخرى” التي كان قد هدد بها وفيق صفا لـ”قبع” القاضي طارق البيطار… فكانت أحداث 14 تشرين الأول التي سبقها اعتراض “حزب الله” على نتائج اجتماع الحكومة في 12 تشرين الأول، تماماً كما سبق أحداث 7 أيار اعتراض “حزب الله” على مقررات حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 5 أيار من العام 2008.
وعليه، رأى جعجع أنّ نصرالله بادر أمام اشتداد وطأة أزمته إلى “اختراع قصة الكمين ليدافع عن نفسه أكثر من مهاجمة القوات”، واستطرد: “شو بدو يقول لجماعته رحتوا ببلاش؟ أوقع نفسه بورطة ويريد من القوات أن تخرجه منها”، نافياً كل اتهامات نصرالله بالتآمر مع الخارج لإشعال حرب أهلية في لبنان، مستغرباً هذه “التركيبات” ومجدداً التأكيد على أنّ المواجهة مع مشروع “حزب الله” هي مواجهة “سياسية بامتياز أولاً وأخيراً” وليست عسكرية، وإذا كان لديه 100 ألف مقاتل “فنحن معنا 4 ملايين لبناني والرأي العام العربي والدولي”.
وإذ توجه إلى نصرالله بالقول: “بدكم تروقوا، ما حدا بيقدر يفرض رأيه بالقوة”، أسف جعجع لكون “حزب الله” لا يزال يتعامل مع المسيحيين بذمية و”بتربيح الجميلة إنه ما عم يقتلوهم”، لافتاً الانتباه إلى أنّ “تفاهم مارمخايل” هو ما أدى إلى أحداث الطيونة لأنّ “التيار الوطني الحر” منحه من خلال هذا التفاهم “غطاءً لبنانياً” وجعله “ينفش ريشه”. وتحدى نصرالله بأن يأتي بدليل على دعم “القوات” لتنظيم “داعش” أو “جبهة النصرة”، مشدداً في المقابل على كون مشروع “حزب الله” هو نفسه “أكبر تهديد للمسيحيين لأنه يتناقض مع مشروع لبنان الكيان والدولة”.
تزامناً، لوحظ مساءً دخول روسي مباشر على خط ملف تحقيقات انفجار المرفأ، أعرب من خلاله الرئيس فلاديمير بوتين عن جهوزيته لدرس إمكانية تقديم المساعدة عبر تزويد لبنان بصور الأقمار الاصطناعية المتصلة بالقضية، مع تقليله في الوقت عينه من أهمية هذه الصور قائلاً: “لا أفهم صراحةً كيف يمكن أن تساعد هذه الصور في حال وجودها لدينا أصلاً”.
أما في ما يتصل بالتوتر الميداني الذي حصل في لبنان على خلفية مطالبة “حزب الله” بتنحية المحقق العدلي، فلفت بوتين إلى أنّ “حزب الله قوة سياسية كبيرة لكن من الضروري حل الخلافات عبر الحوار”، وأردف: “نحن على اتصال مع كل الأطراف السياسية تقريباً في لبنان، وسنواصل القيام بذلك من أجل التوصل إلى تسوية للأوضاع من دون أي سفك للدم لأنه أمر لا يصب في مصلحة أحد”.