كما كان متوقعا باتت الانتخابات النيابية المقبلة في مهب الريح بعد رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون الرامي لتعديل بعض مواد قانون الانتخاب بعد رفضه تقريب موعدها. ويتقاذف “التيار الوطني الحر” وباقي القوى السياسية مسؤولية تعريض الاستحقاق النيابي للخطر، فيعتبر الاول ان تقريب موعدها في ظل الظروف المناخية واللوجستية في آذار المقبل يحمل في طياته نية لتطيير الانتخابات فيما تعتبر باقي القوى ان “الوطني الحر” هو الذي يهدد العملية الانتخابية خوفا من نتائجها بعد التراجع في شعبيته نتيجة فشل العهد.
وبقيت الملفات القضائية في صدارة الاهتمامات يوم امس سواء على خط التحقيقات بانفجار المرفأ او بأحداث الطيونة. ففيما صادق المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، على قرار مجلس الدفاع الأعلى رفض إعطاء الإذن للمحقق العدلي بجريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، بملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، كما على قرار وزير الداخلية بسام المولوي الرافض إعطاء الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كشفت معلومات “الديار” عن نوع من التخبط داخل مجلس القضاء الاعلى الذي انعقد مرتين الاسبوع الماضي من دون ان ينجح باتخاذ قرار يتعلق بالقاضي البيطار في ظل وجود وجهتي نظر داخله، الاولى تؤيد الاستماع اليه لتأخذ على الاثر الاجراءات المناسبة والثانية ترفض بالمطلق التدخل بعمله، ما يعني، بحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان الازمة الحكومية مفتوحة، وهو ما دفع كتلة “الوفاء للمقاومة” في بيانها الاخير لدعوة الوزراء في الحكومة إلى “تفعيل الإنتاجية في وزاراتهم ضمن هامش الصلاحيات المتاحة لهم”،بما بدا انها دعوة للاكتفاء بتصريف الاعمال. وتشير المصادر الى انه رغم بعض الليونة التي لمسها البعض في موقف “الثنائي” في الايام القليلة الماضية الا انها لا تعني على الاطلاق عودة وزرائهما الى مجلس الوزراء دون ايجاد حل “لازمة القاضي البيطار”.
قضائيا ايضا وفيما تم التداول بأن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات جمد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي باستدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لمدة ثلاثة ايام، نفى عويدات في وقت لاحق هذا الموضوع.
واوضح في بيان ان اشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتكليف مديرية المخابرات للاستماع الى رئيس حزب القوات اللبنانية هو موضوع متابعة من قبل السلطات المعنية لمعرفة ما اذا كان التكليف يرتب استجوابا في فرع المخابرات ام عند القاضي صاحب التكليف دون ان يكون هناك اي تحديد لاي مهلة زمنية”.
في هذا الوقت بدا لافتا مسارعة البطريركية المارونية لدعم جعجع باعلانها رفضها “العودة إلى الشعارات الجاهزة ومحاولات العزل وتسويات الترضية، والاتهامات الاعتباطيّة والتجييش الطائفيّ، والإعلام الفتنويّ”. وفي تغريدات على صفحتها على موقع “تويتر”، أكدت البطريركية رفض العودة إلى “اختلاق الملفّات ضد هذا الفريق أو ذاك، واختيار أناسٍ أكباش محرقة، وإحلال الانتقام مكان العدالة”. وكان جعجع اكد يوم امس انه “كرئيس حزب لبناني شرعي تحت القانون. ولكن لتستقيم العدالة، على القضاء ان يتعاطى مع كل الأطراف في البلد على أساس انهم تحت القانون. يظهر ان الطرف الأساسي في أحداث عين الرمانة يعتبر نفسه فوق القانون، وللأسف يجاريه القضاء العسكري حتى الآن بهذا الاعتقاد”.
الانتخابات بخطر؟
وأعلنت رئاسة الجمهورية يوم أمس ان الرئيس عون وقّع مرسوماً حمل الرقم 8421 قضى بإعادة “القانون الرامي الى تعديل بعض مواد القانون رقم 44 تاريخ 17/6/2017 (انتخاب أعضاء مجلس النواب)” المصدق من مجلس النواب بتاريخ 19/10/2021 والوارد الى الحكومة بتاريخ 20/10/2021، الى مجلس النواب لاعادة النظر فيه. واستند عون في المرسوم، الى دراسات قانونية ودستورية عدة، والى قرارات صادرة سابقاً عن المجلس الدستوري، ومواد من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، لشرح المخالفات التي يتضمنها القانون المذكور، خصوصاً لناحية تقصير المهلة الدستورية لموعد اجراء الانتخابات وما يمكن ان تتسبب به من عدم تمكن ناخبين من ممارسة حقهم الانتخابي بسبب “العوامل الطبيعية والمناخية التي غالباً ما تسود في آذار (امطار وعواصف رعدية وثلوج)، سيّما في المناطق الجبلية والجردية، فيتعذر انتقال الناخبين الى أقلام اقتراعهم في تلك المناطق، فضلاً عن الاكلاف التي سوف يتكبدونها عن هذا الانتقال، وعدم إمكانية تزوّد الأقلام بالطاقة الكهربائية العادية المحرزة او البديلة”.
ولفت عون الى ان تقصير المهل من شأنه ان يحول دون تمكن الناخبين المقيمين خارج لبنان “من ممارسة حقهم السياسي المحفوظ في القانون الانتخابي الراهن بأن يقترعوا لممثلين لهم في الدائرة الانتخابية المخصصة لغير المقيمين في الدورة الانتخابية التي نحن على مشارفها”. كما ان هذا القانون “يحرم من حق الانتخاب 10685 مواطناً ومواطنة من جميع الطوائف، يبلغون سن الـ21 في الفترة بين اول شباط والثلاثين من آذار 2022”. وسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة الى جلسة للجان المشتركة يوم الثلاثاء المقبل لدرس رد قانون الإنتخاب.
واعتبر رئيس منظمة “جوستيسيا” والحقوقية الدكتور بول مرقص ان ما يحصل يجعل المهل تضيق، منبها من انه “اذا لم يجتمع مجلس النواب فورا لاعادة التأكيد على القانون او التصويت على قانون معدل وارساله مجددا للرئيس نكون تعدينا المهلة المعقولة لتمكين المرشحين والناخبين من معرفة القانون بوضوح على اساسه يتم الترشيح والانتخاب”. واشار مرقص في حديث لـ”الديار” الى ان امكانية طعن رئيس الجمهورية بالقانون امام المجلس الدستوري في حال اعاده اليه مجلس النواب كما كان، علما ان ذلك يتطلب ايضا وقتا ولدى المجلس الدستوري مهلة شهر تقريبا للبت به”، مضيفا: “لا شك ان المهل بخطر اذا لم تسارع كل جهة معنية للبت بما يخصها من امور”.
عون في بكركي
ولفت يوم امس الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزف عون للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي والتي افيد انه تم خلالها عرض للتطورات الامنية في البلاد ولاوضاع المؤسسة العسكرية. واثنى خلالها الراعي على دور الجيش والقوى الامنية في ضبط الامن والحؤول دون الفلتان الامني في الشارع الامر الذي يهدد امن كل البلاد وسلامة كل المواطنين.
قالت مصادر اطلعت على اجواء الاجتماع لـ”الديار” انه يندرج باطار اللقاءات الدورية بين البطريرك وقائد الجيش الذي كان يخطط للصعود الى بكركي قبل احداث الطيونة لكن انشغاله بما حصل جعله يؤجل زيارته. واوضحت المصادر ان العماد عون وضع الراعي في آخر المستجدات وبالتحقيقات المستمرة بالحادثة.
أكل العنب لا قتل الناطور!
في هذا الوقت، لم تتضح نتائج زيارة كبير مستشاري وزارة الخارجية الأميركية لأمن الطاقة الوسيط الأميركي الجديد في عملية التفاوض غير المباشر في شأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية أموس هوكشتاين الى بيروت. ففيما تحدثت بعض المعلومات عن “توافق مسبق للرؤساء الثلاثة على عدم الموافقة على التشارك في الموارد النفطية وتقاسمها، وإبلاغ هوكشتاين نيّة الجانب اللبناني بالتنازل عن الخطّين 23 و29 والبدء بالتفاوض على نقطة جديدة للانطلاق منها بعملية الاستكشاف والتنقيب”، نفت مصادر قريبة من الرئيس عون عبر “الديار” ما يتم تداوله في هذا الاطار، وقالت ان هوكشتاين جاء مستطلعا الموقف اللبناني من استعادة المفاوضات، وقد كان موقفنا واضحا بأننا نسير بحل يحفظ حقوقنا كاملة. واضافت المصادر:” هو لم يتحدث بمهل زمنية، ونرجح انه سيحدد خطوته التالية على ضوء الاتصالات التي سيجريها مع الجهة المقابلة وبعد مع ادارته”، معتبرة ان الطرف اللبناني يريد بنهاية المطاف اكل العنب وليس قتل الناطور.