كل الملفات التشريعية، والامنية، والقضائية فتحت على مصراعيها هذا الاسبوع، وبينما تلوح اسرائيل بالحرب، وتدخل واشنطن مجددا على خط “فرملة” الانفتاح على دمشق، لا تزال المعالجات الاقتصادية قاصرة عن انقاذ ما يمكن انقاذه، حتى لو كان البحث مجددا عن”الترياق” من العراق، فمؤشر الغلاء ارتفع بنسبة 700 في المائة منذ انفجار الأزمات في لبنان بدءا من تشرين الأول 2019، وتدهور سعر صرف الليرة بلغ 93 في المائة من قيمتها، بينما كل الحلول لا تزال ترقيعية في غياب اي جهد جدي لاعادة تفعيل عمل الحكومة..في هذا الوقت، وفيما استمع مجلس القضاء الاعلى الى القاضي طارق بيطار في ملف المرفا، دخلت “مجزرة” الطيونة منعطفا جديدا بعدما استدعت استخبارات الجيش رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى “اليرزة” للاستماع الى افادته بالاحداث يوم غد، بعدما انهت مديرية المخابرات تحقيقاتها واحالتها الى القضاء المختص، وسط معلومات عن اعترافات لعناصر قواتية بالتحرك استباقيا في مسرح العمليات باوامر مباشرة من “معراب”.
لماذا استدعاء جعجع؟
فقد تبلّغ رئيس حزب “القوات اللبنانيّة”، سمير جعجع، من قبل مخابرات الجيش، دعوة للحضور أمام مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، للاستماع إليه بشأن أحداث الطيونة. وقد لُصِقت ورقة الدعوة على باب معراب، بعد تعذر ابلاغه حضوريا، ووفقا لمصادر مطلعة، فان اعترافات بعض عناصر القوات اللبنانية اقروا خلال التحقيقات انهم انتشروا مسبقا في منطقة عين الرمانة بتدخل مباشر من “معراب”، ولهذا اتخذ القاضي عقيقي قراره باستدعاء جعجع للاستماع اليه حول هذه المعلومات المنسوبة الى الموقفين. وبانتظار القرار الحاسم لجعجع وكيفية تعامله مع الاستدعاء، مع ترجيح الاعتذار بسبب الظروف الامنية، فان عدم حضوره سيرتب اجراءات قانونية، وعندها اما يقوم القاضي باهمال الاستدعاء، او يصدر بحقه بلاغ احضار، او مذكرة بحث وتحر،اما اذا حضر الى “اليرزة” فمروحة الخيارات كثيرة، وتبدا بالتوقيف، او تركه بسند اقامة، او تركه حرا.
انتهاء التحقيقات
في هذا الوقت، ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، على 68 شخصاً بأحداث الطيونة بينهم 18 موقوفاً، وأحال عقيقي الموقوفين مع الملف على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان.وجاء الادّعاء على خلفية القيام بـ جرائم القتل ومحاولة القتل وإثارة الفتنة الطائفية والتحريض وحيازة أسلحة حربية غير مرخصة، والتخريب في ممتلكات عامة وخاصة. وعلم في هذا السياق، ان اغلب الموقوفين من القوات اللبنانية، والمتوارون الـ 50 من حركة امل، وحزب الله، والقوات اللبنانية.
“صيف وشتاء” ؟
وفي سياق ردود الفعل القواتية، اكدت النائبة ستريدا جعجع أن “ما نشهده في الآونة الأخيرة من هجوم ضار على حزب القوّات اللبنانيّة ليس محض صدفة أبداً وليس وليد لحظته. وإنما هو مرحلة جديدة من مراحل محاولة حصار واحتواء القوّات اللبنانية من قبل أعداء مشروع الوطن الحرّ السيد المستقلّ، وفي محاولة لاستمالة أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت، اعتبرت أنهم “يحاولون تدفيعنا ثمن وقوفنا إلى جانب الحقيقة والعدالة، وإلى جانب أهلنا في بيروت الذين ارتُكب بحقهم أكبر مجزرة في تاريخ لبنان وهي انفجار المرفأ.”
وقالت انه من المؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً في هذا الملف وأن هناك من يريد استتباع بعض المراجع القضائيّة للضغط علينا باعتبار أنه من غير المنطقي استدعاء المعتدى عليه في حين أن المعتدي بمنأى عن مجرّد الاستماع إليه.
بكركي “مستاءة”
وفي هذا السياق، اكدت مصادر مطلعة ان البطريرك الماروني بشارة الراعي لن “يسكت” على هذا التطور، فهو يشعر بالاستياء الشديد من استدعاء جعجع دون غيره، وسيكون له موقف شديد اللهجة اذا ما استمرت الاستنسابية، خصوصا انه سبق وحذر خلال لقائه مع قائد الجيش العماد جوزاف عون من مغبة الدخول مجددا في سياسة “العزل” الذي سيترك نتائج كارثية في البلاد ولدى شريحة مسيحية كبيرة. ولفتت الى ان الراعي يشعر بالخذلان لان مناشداته لم تلق آذانا صاغية في بعبدا وفي “اليرزة، مع العلم انه لا يغطي أي مرتكب، ويطالب بالعدالة للجميع، وأن تكون المحاسبة على جميع المرتكبين شرط ألا تكون استنسابية، مشددة على أن موقف الراعي مبدئي لا ينحاز فيه لأحد، ويشدد فيه على أن العدالة والقانون فوق الجميع، وأي مرتكب يجب أن يحاسب لكن لا عودة “لصيف وشتاء ” فوق “سطح” واحد!.
دعوى ضد نصرالله!
في هذا الوقت، تقدم المحامي ايلي محفوظ المقرب من “القوات” بدعوى قضائية ضد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على خلفية أحداث الطيونة، وقال من أمام قصر العدل في بيروت، إن 14 لبنانيا من منطقة عين الرمانة، قدموا شكوى إلى النيابة العامة ضد السيد نصر الله. واوضح ان الشكوى ضد نصر الله، تطالب السلطات بالتحقيق معه لكشف ما إذا كان مشاركا أم محرضا أم فاعلا للأحداث.
سجال في مجلس القضاء ؟
اما على صعيد تحقيقات المرفأ، فقد استمع مجلس القضاء الاعلى الى المحقق العدلي القاضي البيطار في غياب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بسبب تنحيه عن ملف التحقيقات، الجلسة التي استمرت لساعة واحدة، لم تتطرق وفق مصادر مطلعة، الى تفاصيل التحقيق، وشهدت الجلسة مناقشة حادة بين البيطار والقاضي حبيب مزهر الذي اتهمه بتعريض البلد لخطر محدق بسبب عدم مراعاته للاصول القانونية في التحقيقات، لكن البيطار اصر على انه يعمل وفق الاصول القانونية وبما يمليه عليه ضميره. وقد انتهت الجلسة بالدعوة الى الاسراع باصدار النتائج، وتغطية عمل بيطار الذي يتجه نهاية هذا الاسبوع الى اصدار مذكرات بحث وتحر بحق النائبين غازي زعيتر، ونهاد المشنوق. في هذا الوقت، قرر المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان حفظ الإخبار المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس في وجه المحقق العدلي، فيما لا يزال الطلب المقدم من محامي فنيانوس أمام محكمة التمييز الجزائية لنقل الدعوى في ملف انفجار المرفأ إلى قاض آخر في طور التبليغات من الأفرقاء والتي لم تستكمل بعد تمهيداً، لتُذاكر هيئة المحكمة برئاسة القاضية رندة كفوري لإصدار قرارها. الجدير ذكره أن المهلة المعطاة قانوناً للجواب عن الطلب لكل من المعنيين بهذا التبليغ محددة بعشرة ايام اعتباراً من تاريخ تبلغهم.. .
اسرائيل “متاهبة” بعد كلام نصرالله؟
وفي ملف ترسيم الحدود البحرية، تتواصل تداعيات الدخول المباشر والعلني للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير يوم الجمعة الماضي على خط رسم قواعد “الاشتباك” الجديدة في هذا الملف، واذا كانت الجهات اللبنانية المعنية بملف التفاوض قد اخذت بعين الاعتبار هذا المعطى الجديد، الا انها لم تستفد حتى الان من هذه “الورقة” التفاوضية بعد، والمفارقة استمرار غياب استراتيجة موحدة للتعامل مع هذا الملف الحساس، في ظل عدم رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتحمل وزر رفع سقف التحدي مع واشنطن، المنحازة للموقف الاسرائيلي الرافض لبدء التفاوض من الخط 29. هذا على الجانب اللبناني، اما في اسرائيل التي تلقفت على نحو مقلق كلام نصرالله الواضح بشمول معادلة “الردع” الثروة الغازية اللبنانية، فبدا الحديث عن احتمالات كبيرة بان يكون الصراع على الثروات البحرية مقدمة لاندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع حزب الله، وبالتزامن مع المناورة الجوية الاكبر هذا الاسبوع لمواجهة خطر “المسيرات” المتطورة، ستجري مناورة اخرى تحاكي احتمال تعرض مستودعات “الامونيا” في حيفا لهجوم صاروخي وبالطائرات المسيرة.
احتمالات الحرب مرتفعة؟
وبحسب عدد من المحليلين العسكريين الاسرائيليين، وهم من الجنرالات المُتقاعدين، فان احتِمالات اندلاع حرب جديدة على الجبهة اللبنانيّة مع حزب الله كبير واشاروا الى ان الاستعداد لها قد بدأ عمليًّا، وسينعكس في المُناورات التي ستجري هذا الأُسبوع عبر محاكاة ههجوم صاروخي على منطقة صناعيّة مُجاورة لميناء حيفا تحتوي على مخازن “نترات الأمونيا”. ولفت هؤلاء انه في ضوء كلام نصر الله الأخير، من غير المستبعد استهداف منصّات استِخراج الغاز الإسرائيليّة في البحر المتوسط، تزامنا مع توجيه ضربة لمخازن المواد الخطيرة قرب حيفا…
مناورات جوية ضخمة
وفي تصريح لافت، يؤشر الى الاستعدادات الاسرائيلية لمواجهة حزب الله ، أكد رئيس العمليات في سلاح الجو الإسرائيلي أمير لازار، أن المناورات الجوية هذا الاسبوع لا تركز على إيران، رغم أنها تمثل التهديد الاستراتيجي الأول لإسرائيل، فان تدريبات “العلم الأزرق”التي تشارك فيها كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا، تستهدف مواجهة مفترضة ومتزامنة لأنواع مختلفة من الطائرات التي تستخدمها الدول المشاركة لمواجهة الطائرات المسيرة المسلحة التي ترسلها طهران إلى “وكلائها” في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن وسوريا ولبنان.
تحفظ اميركي على الاندفاعة اللبنانية؟
ومع اعلان وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، في بيان امس، أن مجلس الوزراء قد كلّفه رسمياً بالتواصل مع سوريا، لمناقشة قضايا عالقة مع الجانب السوري تُعنى بها الوزارة، وعمله مع الجانب السوري على تفعيلها، علمت “الديار” ان هذا الاعلان ياتي على خلفية بروز اشارات اميركية متحفظة على توسيع اطار الاتصالات مع دمشق، وحصره بالقضايا “المستثناة” من الادارة الاميركية، كاستجرار الطاقة. وفي هذا السياق، اكدت اوساط دبلوماسية غربية، انه اذا كانت مظاهر تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية ودمشق تعبير عن مظاهر القلق من التأثيرين الإيراني والتركي، فان الادارة الاميركية لم تمنح حلفائها سوى موافقة “تكتيكية” وظرفية للتعامل مع النظام، ووفقا لتلك المصادر، تلقت بيروت تعليمات على شكل”نصائح” من السفيرة الاميركية دوروثي شيا، بانه لا يجب ان تندفع الحكومة كثيرا باتجاه دمشق، لان الادارة في واشنطن لم تبلور بعد استراتيجيتها النهائية حيال النظام السوري، واذا كان جيران سوريا قد تحركوا تحت وطاة القلق الاقتصادي والأمني، وفي المقدمة الاردن، الا ان الجميع يدركون ان هذا الانفتاح سيكون محدودا، ولن يشمل اعادة اللاجئين، واستئناف العلاقات الأمنية، فهذا الامر لا يزال “بعيد المنال” اقله في المدى المنظور، اما العلاقات التجارية فلن تحصل دون “استثناءات”، وواشنطن تستعد لفرض المزيد من العقوبات على شخصيات في الحكومة السورية!
هل تحصل تسوية “انتخابية”؟
في السياسة اشاع رئيس مجلس النواب نبيه برّي اجواء تهدئة في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، ولفت الى وجود اتصالات لحل الاشكالات لعودة الحكومة الى اجتماعاتها، فيما اعلن نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي عدم وجود تسوية حتى الان حول رد رئيس الجمهورية لقانون الانتخابات المعدل، وقد دعا برّي إلى عقد جلسة تشريعية في تمام الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر يوم الخميس المقبل في قصر الأونيسكو، لدرس مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.ووفقا لمصادر نيابية تجري اتصالات بعيدة عن الاضواء لمنع تحول البرلمان إلى ساحة مفتوحة للاشتباك السياسي في غياب أي محاولة للوصول إلى تسوية حتى الان، والاصطفاف السياسي داخل البرلمان الذي كان وراء إدخال التعديلات على قانون الانتخاب لا يزال على حاله، واذا لم تحصل اي تسوية، فمن المرتقب ان يطعن “تكتل لبنان القوي” بالقانون امام المجلس الدستوري بعد ان يصبح نافذا.
زيارة “خاطفة” الى العراق؟
في هذا الوقت، وفيما تعصف بالعراق ازمة سياسية على خلفية الاحتجاجات على نتائج الانتخابات التشريعية، استعجل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتمام زيارة “خاطفة” لبغداد استمرت عدّة ساعات، التقى خلالها نظيره العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تدور علامات استفهام كبيرة حول امكانية عودته الى رئاسة الحكومة الجديدة . وخلال لقائهما، الذي حضره المدير العام للامن العام عباس ابراهيم، طلب ميقاتي زيادة كمية الفيول بما يساعد على تحسين وضع التغذية الكهربائية، وبنتيجة البحث، جرى الاتفاق على أن يزور وزير الطاقة وليد فياض بغداد الأسبوع المقبل، لإتمام الاتّفاق المتعلّق بذلك.