كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: الوضع الداخلي متأرجح في حقل من الأزمات المتصاعدة؛ من الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي فتكت بكل مفاصل حياة المواطن اللبناني، الى أزمة التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت والإلتباسات الذي ترافقه، الى أزمة التحقيق في أحداث الطيونة واستدعاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى التحقيق، الى أزمة القانون الانتخابي التي تنذر بصدام سياسي عنيف حوله، ينثر في الاجواء الداخلية تساؤلات جدّية حول مصير الاستحقاق الانتخابي، الى الأزمة الحكومية وتعطّل جلسات مجلس الوزراء، واخيراً وربما ليس آخراً، بالنظر الى الحقل اللبناني المفتوح على كل شيء، الأزمة الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، التي دخلت مرحلة التفاعل العنيف، على خلفية موقف وزير الإعلام جورج قرداحي من الحرب في اليمن.
كلّ تلك الأزمات المفتوحة، تؤشّر الى انّ لبنان قد ركبه النحس بالكامل، ودخل مرحلة غير مسبوقة من الحرج الشديد على كل المستويات، الآيل الى التفاعل أكثر، مع التفاقم للأزمات الداخلية وتراكم أسباب التوتير السياسي والطائفي بشكل مخيف، ومع العجز المريع الضارب في صميم السلطة الحاكمة التي ظهر في ظلّها لبنان، مفتقداً للحدّ الأدنى من المناعة الداخلية التي تجنّبه تداعيات الأزمات وآثارها السلبية على المواطن اللبناني، وتقيه احتمالات الانهيار الكارثي.
الأزمة الديبلوماسية
ما من شك انّ المأزق الداخلي عميق جداً، ولعلّ ما يزيده عمقاً، هو نُذُر الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج الناشئة، على خلفية موقف وزير الاعلام من الحرب في اليمن، والذي كما هو واضح، جاء بصدى شديد السلبية على مستوى تلك الدول، التي انطلقت في حركة مضادة اعتراضاً على هذا الموقف. فيما سعت السلطات اللبنانية الى احتواء موقف قرداحي وإدراجه كموقف شخصي صدر عنه قبل تولّيه الوزارة، ولا يعبّر عن موقف الحكومة اللبنانية وحرصها على أمتن وافضل العلاقات مع الاشقاء العرب.
اعتراض خليجي
وفيما استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني وسلّمته مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة انّ تصريحات وزير إعلام لبنان تتنافى مع الأعراف السياسية، وكذلك فعلت الخارجية الإماراتية والخارجية البحرينية التي سلّمت كتاب احتجاج الى السفير اللبناني، وايضاً الخارجية الكويتية التي استدعت امس القائم بالأعمال اللبناني للاحتجاج على تصريحات وزير الاعلام بخصوص الدور السعودي والاماراتي في اليمن، وجّه سفير اليمن في لبنان عبدالله الدعيس، الذي التقى أمس السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، رسالة الى وزارة الخارجية استنكاراً لتصريحات قرداحي، فيما اعتبر وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك تصريحات قرداحي “خروجاً عن الموقف اللبناني الواضح تجاه العلاقات بين البلدين”.
واللافت للانتباه في هذا السياق، انّ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري قد أعاد نشر تغريدة لرئيس مجلس إدارة مشروع مسجد ومجمّع أبي بكر الصديق ورئيس الجمعية الخيرية للعطاء د. أحمد المزوّق، على حسابه، وفيها: “تصريحات مخزية لوزير الإعلام في الحكومة اللبنانية جورج قرداحي، وكأنّ لبنان ينقصه مثل تلك المواقف لندخل في أزمة ديبلوماسية جديدة بعد أزمة الوزير السفيه شربل وهبه”. وتابع: “وزير الإعلام هذا يجب أن يعتذر من السعودية حكومة وشعباً، ويجب أن يستقيل من الحكومة. لبنان لا يتحمّل حوثيين داخل حكومته”. كما أعاد البخاري نشر تغريدة لـ”SMM ARABIC” عبر حسابه على “تويتر”، “تُنسب لمصادر مطلعة أنّ العاملين اللبنانيين في القنوات السعودية قد يواجهون الاستبعاد بسبب تصريحات قرداحي”.
وفي تصريح له أكّد البخاري “على موقف المملكة بشأن دعم الشرعية في اليمن، لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي”، لافتاً الى “مواصلة الحوثيين المدعومين من إيران للأعمال العدائية و”العمليات الإرهابية” بإطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة المفخخة، لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية”، ومشدّداً “على الحق المشروع لقيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل مع هذه “الأعمال العدائية والإرهابية”.
الى ذلك، أعلنت وكالة الأنباء السعودية انّ المملكة ممثلة برئاسة أمن الدولة، تصنّف جمعية “القرض الحسن” ومقرّها لبنان، كياناً إرهابياً لارتباطها بأنشطة داعمة لـ”حزب الله”.
وحظّر أمن الدولة التعامل بشكل مباشر أو غير مباشر أو لصالح جمعية “القرض الحسن”. “ونواصل التنسيق مع الدول الأخرى لاستهداف مصادر دعم “حزب الله” المالية”.
وفي السياق، شجب رئيس مجلس إدارة “مجموعة mbc” الشيخ وليد بن ابراهيم آل ابراهيم بأشد العبارات المواقف الأخيرة التي أطلقها وزير الإعلام جورج قرداحي في مقابلات تلفزيونية، مستنكراً “ما ساقه من اتهامات مغرضة استهدفت المملكة العربية السعودية تحديداً، وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة”.
كما اعتبر آل ابراهيم تلك المواقف الصادرة عن قرداحي بأنّها “مستغرَبة جداً وغير مقبولة بتاتاً، وهي لا تُعبّر إلّا عن الآراء السياسية المنحازة والمنحرفة لمطلقيها، والمجحفة بحق ثوابتنا وتضحياتنا ومواجهتنا شبه اليومية للاعتداءات الإرهابية على أهلنا وأراضينا في المملكة، والعابرة للحدود والقيود، في لبنان واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية التي تخضع لمنطق الإرهاب وسطوة السلاح”.
مجلس التعاون
وعبّر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه التام جملة وتفصيلاً لتصريحات قرداحي، وطالبه بعدم قلب الحقائق، والاعتذار عمّا صدر منه من تصريحات مرفوضة، مؤكّداً أنّ على الدولة اللبنانية أن توضح موقفها تجاه تلك التصريحات.
الموقف اللبناني
وكان هذا الموضوع محل بحث امس، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قال: “تطرّقنا خلال اللقاء الى ما تمّ تداوله بالأمس عن المقابلة التي بُثت اخيراً لوزير الاعلام، وكان تمّ تسجيلها قبل تشكيل الحكومة بأكثر من شهر. وقد عبّر فخامة الرئيس، كما اكّدت من ناحيتي ايضاً، انّ هذه المقابلة تعبّر عن رأي الوزير الشخصي، وليس عن رأي الحكومة ولا عن رأي فخامة الرئيس، ونحن نحرص على أطيب العلاقات مع الدول العربية. صحيح اننا ننأى بأنفسنا عن الصراعات، ولكننا لا ننأى بأنفسنا عن أي موقف عربي متضامن مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وهذا الموقف ثابت، كما نتطلع الى أطيب العلاقات واحسنها. انّ ما قاله معالي الوزير لن يؤثر على المسار العام، خصوصاً انّ ثوابت الموقف اللبناني من العلاقات مع الدول العربية وردت في البيان الوزاري. وقد اكّد فخامة الرئيس على هذا الموضوع، وانا هنا اشدّد على موقفنا الواحد من انّ هذا التصريح لا يمثل رأي الحكومة، بل نابع من رأي شخصي عبّر عنه الوزير قبل تشكيل الحكومة ولم نسمع به، وقد أُذيعت المقابلة بالأمس. هذا هو المسار الذي قرّرناه لناحية اننا تواقون الى اطيب العلاقات واحسنها مع الدول العربية، ونأمل ان يكون هذا الموضوع قد طوي”.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية انّه “صدر كلام شخصي سابقاً” عن وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي قبل تعيينه وزيراً ونُشر بالأمس (الاول)، وهو لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية الذي عبّر عنه رئيسها في البيان الصادر بالأمس (الاول)، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسّك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب. كما وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد ادانت مراراً وتكراراً الهجمات الإرهابية التي استهدفت المملكة العربية السعودية، وهي ما زالت عند موقفها في المدافعة عن أمن وسلامة اشقائها الخليجيين التي تكن لهم كل محبة واحترام وتقدير، وتنأى عن التدخّل في سياساتهم الداخلية والخارجية”.
قرداحي
وقال الوزير قرداحي بعد إجتماع المجلس الوطني للإعلام: “الحلقة التي أثارت الجدل مؤخراً تمّ تصويرها في الخامس من آب، أي قبل تعييني وزيراً”.
وأضاف: “اتهموني بأنني آتٍ لقمع الإعلام، وإذا بهم امس واليوم يحاولون قمع رأيي وإدانتي على ما قلته قبل ان اصبح وزيراً”.
وتابع قرداحي: “ما قلته عن حرب اليمن لم أكن طرفاً فيه بل قلته كصديق، فأنا ضدّ الحرب العربية العربية، وأنا لم أهاجم ولم أشتم يوماً السعودية، والإمارات أعتبرها بلدي الثاني”. وأردف: “عندما يطالبني أحدهم بالاستقالة أقول له إنني اليوم جزء من حكومة متراصّة، ولا يمكن أن أتخذ قراراً لوحدي”. وختم قائلاً إنّه “لا يجوز أن يكون هناك من يُملي علينا ما يجب القيام به من بقاء وزير في الحكومة من عدمه، ألسنا في بلد سيادي؟ وأنا لم أخطئ لأعتذر”.
وفي وقت لاحق، صدر عن الوزير قرداحي توضيح قال فيه: “أود التأكيد مجدّداً على أنني ملتزم تماماً بالبيان الوزاري للحكومة، الذي كنت مشاركاً في إعداده ، وبسياسة الحكومة الخارجية، خصوصاً لجهة الحفاظ على افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، لاسيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج واليمن التي أكن لها ولشعوبها عاطفة خاصة .. أما بالنسبة للحديث الذي أجرته معي محطة “الجزيرة اونلاين”، وبثته منذ يومين، فيعود تاريخه الى الخامس من شهر آب ، في اسطنبول، اي قبل اسابيع من تشكيل الحكومة وكنت أدليت به بصفة خاصة. تبقى مسألة الاعتذار، فأنا لديّ الشجاعة الأدبية لأن أعتذر عن خطأ ارتكبته اثناء وجودي في الوزارة بصفة رسمية”.
حركة البطريرك
في الموازاة، بدا الوضع الداخلي مضبوطاً على الوقائع التي تراكمت في الساعات الأخيرة التي ارتفع فيها منطق التفكيك للألغام السياسية والقضائية والأمنية، وما رافقها من توترات واحتقانات على غير صعيد. فيما برزت عشية الجلسة المحدّدة اليوم من قِبل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاستجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب، مبادرة وكلاء الدفاع عن دياب الى التقدّم أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بدعوى مخاصمة الدولة عن أفعال إرتكبها المحقق العدلي البيطار. ونُقل عن مصادر قضائية قولها حيال هذا الأمر، “انّ دعوى المخاصمة تكف يد البيطار عن التحقيق مع دياب حصراً، الى حين البت بالدعوى”. وكذلك تقدّم النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز لتحديد المرجع الصالح لردّ قاضي التحقيق العدلي في قضيّة المرفأ.
وفي زحمة التطورات الداخلية، تبقى الأنظار مشدودة الى سلّة الحلول والمخارج التي تحدث عنها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتوقيت تظهيرها، الذي أكّد البطريرك على انّه يتّسم بصفة الاستعجال الشديد، وذلك تداركاً لأي مستجدات من شأنها أن تسخّن صواعق تلك الألغام من جديد، وتنسف كل الجهد التبريدي الذي استبطنته حركة البطريرك الراعي في اتجاه المقرات الرئاسية الثلاثة امس الأول.
على انّ حركة البطريرك، التي يفترض انّها تؤسس لفتح الباب على مخارج وحلول للتعقيدات المتفاقمة حول اكثر من عنوان، توجب كما قالت مصادر مسؤولة لـ”الجمهورية”، ان يتلقفها كل المعنيين، سواء على المستوى السياسي او الرسمي او القضائي، لأنّه كما هو واضح في خلفية موقف الراعي، انّه يستشعر قلقاً على المشهد الداخلي بصورة عامة، وحرصاً على عدم انزلاقه الى متاهات يصعب الخروج منها.
واستغربت المصادر محاولة من سمّتهم المتضررين من الوفاق الداخلي، حرف حركة البطريرك عن مسارها وتصويرها وكأنّها تهدف الى مقايضات وتحصين لطرف لبناني دون غيره، فهذا قمة الظلم والافتراء والتجنّي، لأنّ غاية البطريرك من تحرّكه هي التحصين الشامل للبنان بمسيحييه ومسلميه، ولقد كان شديد الوضوح حينما دقّ جرس الإنذار والخطر في وجه الجميع بقوله، انّ لبنان يموت والشعب يرحل والدولة تتفتت وكذلك مؤسساتها، فهل في هذا الكلام انحياز لطرف دون آخر، فيما المصيبة واقعة على رؤوس جميع اللبنانيين؟”.
تعطيل
وفيما أُعلن أمس عن مسعى لدى بكركي لجمع القادة الموارنة، تحدثت بعض المصادر عن فكرة يجري تداولها في بعض الاوساط حول عقد قمة روحيّة مسيحية- اسلامية تأتي تتويجاً لتحرّك البطريرك، ومن شأنها ان تبدّد المخاوف التي تزايدت في الآونة الاخيرة، عبر التأكيد على العيش الواحد ورفض كل ما يتهدّده من أي جهة كان.
الّا انّ ما تخشى منه مصادر سياسية مؤيّدة لتحرك البطريرك الراعي وتوجّهه التبريدي، ان تُقابَل من جهات سياسية معيّنة، بما ينفّس هذه الحركة ويجعلها بلا بركة، ربطاً بملفات سياسية جرت مقاربتها خلافاً لما تشتهي تلك الجهات وترغب، على ما حصل في جلسة اللجان النيابية المشتركة امس الاول، وإصرار النوّاب على القانون الانتخابي كما جرى تعديله في جلسة مجلس النواب الاسبوع الماضي، وعدم التجاوب مع ردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لهذا القانون، الذي اعتبر النواب المصرّون على القانون وتعديلاته، انّ ردّ القانون سياسي ويلبّي فقط رغبة وموقف “التيار الوطني الحر”.
هذه الأجواء ستسحب نفسها على الجلسة التشريعية المقرّرة اليوم، والتي ستتناول الردّ الرئاسي، في ظل اكثرية موصوفه تعارضه. ما سيجعل الجلسة محكومة لنقاش ومزايدات نيابية مفتوحة على كل الاحتمالات. علماً انّ إصرار النواب على القانون كما عدّلوه، ينزع من رئيس الجمهورية حق ردّه مرة ثانية، فإما ينشره ضمن مهلة العجلة المحدّدة لنشره، وإما يمتنع عن توقيعه فيصبح نافذاً مع انقضاء المهلة. مع الإشارة هنا الى انّ “تكتل لبنان القوي” سيعمد حتماً الى الطعن بهذا القانون أمام المجلس الدستوري.
باسيل وبزي
يُشار الى انّ الأجواء السابقة لجلسة اليوم، قد سادها تشنج واضح، بدأ بتغريدة هجومية على حركة “امل” و”القوات اللبنانية”، اطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، اشار فيها الى انّه “لما تحدث عن تواطؤ ثنائي الطيونة قامت القيامة، هذا التواطؤ شفناه بالشارع على دمّ الناس وبمجلس النواب على قانون الانتخاب وحقوق المنتشرين، وبكرا رح نشوفه بالمجلس وبالقضاء على ضحايا انفجار المرفأ والطيونة سوا… لا لطمس الحقيقة بأكبر انفجار شهده لبنان والعالم مقابل تأمين براءة مجرم”.
واستدعت هذه التغريدة رداً من “كتلة التنمية والحرير” على لسان النائب علي بزي، الذي توجّه الى باسيل بالقول:” هدف كل تغريداتك الإطاحة بالتوافق الذي تمّ بين الرؤساء وغبطة البطريرك ما بشارة بطرس الراعي، وأخذ البلد نحو الخراب”.
تضامن مع جعجع
على صعيد قضائي – سياسي آخر، لم يحضر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى وزارة الدفاع أمس، التي استُدعي اليها للاستماع اليه في حوادث الطيونة، فيما احتشدت وفود قواتية من كل المناطق اللبنانية تجمعت في تظاهرة سيارة على الطريق من دلبتا الى بكركي وحريصا، تضامناً مع جعجع ورفضاً للقضاء المسيّس والاستنسابي واستدعاء المعتدى عليهم من أهالي عين الرمانة.
وقد توجّه جعجع في تغريدة الى المتضامنين معه وقال: “أتيتم اليوم من كل المناطق رفضاً لتسييس القضاء ورفضاً لملاحقة المعتدى عليهم. أتيتم دعماً للتحقيق في انفجار المرفأ وتأكيداً أنّ المرتكب في المرفأ وعين الرمانة واحد. فشكراً من القلب لكم جميعاً، وعهد ان نبقى معاً انتصاراً للحرية والحق والعدالة وصونًا للبنان ومستقبل أجياله القادمة”.
وبرز تطور لافت في هذا المجال، تبدّى في انّ مديرية المخابرات خابرت القاضي فادي عقيقي لاستيضاحه حول الخطوة المقبلة بعد تخلّف جعجع عن الحضور، فطلب منها ختم التحقيق ولم يطلب اتخاذ أي خطوة أخرى. فيما تحدثت معلومات قضائية عن انّ المسألة صارت في عهدة النيابة العامة العسكرية، وانّ قاضي التحقيق فادي صوان تسلّم الملف الذي له أن يقرّر المقتضى حوله، أكان لناحية الإصرار على الاستماع الى جعجع او تجاوز هذه المسألة.
ميقاتي ومجلس الوزراء
وكان الرئيس ميقاتي، قد اشار بعد لقائه رئيس الجمهورية امس، الى انّ مجلس الوزراء سيعود الى الاجتماع قريبا نتيجة للمشاورات التي نقوم بها.
وحول الملفات المعقّدة قال ميقاتي: “الأفضل عدم خلط الأمور، بل التعاطي مع كل موضوع بمفرده. في موضوع إعادة التئام مجلس الوزراء، نسعى من خلال الاتصالات لعودة المجلس الى الاجتماع، فيما يقوم القضاء بدوره من دون اي تدخّل سياسي مع الجسم القضائي، الذي عليه تصحيح المسار ضمن الدستور والقوانين، وهذا مطلبنا. أما احداث الطيونة، فالتحقيق يأخذ مجراه فيها”.
وفي سياق متصل بالحكومة، نُقل عن رئيس اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي قوله لقناة “الحدث”: “نطالب الحكومة بالإسراع في تطبيق الإصلاحات في لبنان”.
“التنمية والتحرير”
الى ذلك، كرّرت “كتلة التنمية والتحرير” أسفها “أن يفوّت البعض عن سابق إصرار وترصّد فرصة تاريخية على اللبنانيين طال انتظارهم لها، وهي إقرار قانون إنتخابي خارج القيد الطائفي، يتضمن كوتا نسائية وتخفيضاً لسن الإقتراع الى 18 عاماً، يرتكز على النسبية ولبنان دائرة واحدة أو كحدّ أدنى المحافظات التاريخية دوائر انتخابية مع مجلس للشيوخ يراعي التمثيل الطائفي. وهو قانون كانت قد تقدّمت به الكتلة منذ ثلاث سنوات ونيف، وهو يؤسس الى الوصول نحو الدولة المدنية فعلاً لا قولاً، وممارسة لا شعاراً”. واكّدت انّها “ستبقى تحمل هذا القانون وتعمل من أجل تحقيق هذا الهدف بإقراره مهما طال الزمن، بإعتباره ممراً الزامياً لخلاص لبنان وتقدّمه وتطوره، أما وقد إختار المجلس النيابي والحكومة الذهاب الى الإستحقاق الانتخابي إستناداً الى القانون الحالي، فإننا نؤكّد تمسّكنا وإسعدادنا لإنجاز هذا الإستحقاق الوطني الدستوري في المِهل والمواعيد التي سيتمّ التوافق عليها، وستواجه الكتلة أي محاولة تحت أي حجة للتأجيل أو التمديد”.
واعلنت الكتلة انّها “تتقدّم رئيساً وأعضاء من ذوي الشهداء الذين سقطوا غدراً في الطيونة خلال مشاركتهم فى مسيرة سلمية التي نُظّمت من أجل تصويب عمل القضاء العدلي في إنفجار المرفأ، وتحصينه من الاستنسابية والشعبوية والانتقائية. وهي إذ تقدّر عالياً وتنحني أمام روح المسؤولية الوطنية العالية والصبر والتعقل التي تحلّى بها ذوو الشهداء والجرحى، في مواجهة مشاريع الفتنة وضرب مسيرة السلم الاهلي وصيغة العيش الواحد”. وأهابت الكتلة بالقضاء المختص “الإسراع بإنجاز التحقيق وإنزال اقصى العقوبات بالذين اطلقوا رصاص غدرهم على الشهداء والمدنيين العزل، وبنفس الوقت تهيب بكافة القوى السياسية ومؤسسات الرأي العام، عدم الإنقياد وراء التجييش الطائفي والمذهبي والمناطقي، في محاولة مكشوفة وغير محسوبة لإعادة رفع المتاريس النفسية بين أبناء المنطقة الواحدة والوطن الواحد او لغايات شعبوية، والاستثمار على الدماء الغالية لأغراض انتخابية رخيصة، وبالتوازي تجدّد الكتلة تمسكها بضرورة كشف الحقيقة كاملة بإنفجار مرفأ بيروت والتمسك بمسار قضائي مستقيم، بعيداً من التسييس والتشفي، قضاء مستقل يوصل الى العدالة لا أن يضيعها من خلال الإمعان في تجاوز الاصول القانونية والنصوص الدستورية”.