في حصيلة جولة الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي على القيادات اللبنانية أمس، خلاصة واحدة أمكن استنتاجها: في بعبدا وعين التينة والسراي وقصر بسترس، رغبة في ايجاد تسوية للخلاف الناشئ بين لبنان والدول الخليجية، لكن “ما باليد حيلة”، فالحل والربط في هذا الشأن في يد “حزب الله” وحده، و”الجواب النهائي” في هذه المسألة يعود له دون سواه.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة ، لم يخفِ الديبلوماسي العربي ان جعبته خالية من اية وساطات وانه لا يملك حلا سحريا للازمة، بل هو أتى ليستطلع آراء اللبنانيين ويستمع الى ما يمكن ان يفعلوه لنصل أقلّه، الى وقف التصعيد الخليجي ضد بيروت، وقد أبلغهم ان الخطوة الاولى يجب ان يبادر اليها الجانب اللبناني، كون التصاريح الصادرة عن وزير الاعلام جورج قرداحي هي ما اشعل فتيل “الحرب” هذه.
زكي الذي قال إن اقالة قرداحي لو تمت على الفور كان يمكن ان تحول دون توسّع النيران في جسد العلاقات اللبنانية - الخليجية، أقرّ في الوقت عينه بأن المأزق أكبر من تصريحات وزير الاعلام ومن توصيفه الوضع في اليمن، ما يعني، تضيف المصادر، أنه ابلغ مضيفيه بأن اقالته اليوم اذا تمت، لن تعيد الامور الى نصابها الصحيح بين الجانبين، بل جلّ ما يمكن ان تُنتِجه، هو فتح كوة صغيرة في جدار الازمة، بما “يُنفّسها” قليلا، ويمنع اتخاذ الخليجيين اجراءات موجعة اكثر، في حق لبنان – الدولة.
الطابة اذا، باتت في ملعب المسؤولين اللبنانيين اليوم: هل سيُبادرون الى اتخاذ الخطوة الاولى، أم لن يفعلوا؟ وفق المصادر، الاتصالات ستنطلق الآن بعيدا من الاضواء على خط “الضاحية” لمعرفة مدى استعدادها لتسهيل الحلّ. حتى الساعة، التشدّد سيّد الموقف في مخيّم حزب الله، والرفضُ تام ومطلق لتقديم اي تنازل. حتى عين التينة، تبدو عاجزة عن زحزحة الحزب قيد انملة من موقعه، ولو انها راغبة بذلك بقوة.
عليه، تتابع المصادر، من المتوقّع ان تدخل الازمة هذه، ومعها الحكومة والبلاد، نفقا طويلا مظلما، بحيث يستمر التصلّب الخليجي والشلل الوزاري والتردي الاقتصادي – المالي – المعيشي حتى موعد الانتخابات المقبلة، اذا حصلت.
وحده شعور الحزب بأنه يعاقب لبنان كلّه بتعنّته، قد يدفعه الى تليين موقفه، خصوصا اذا كانت الاجراءات بدأت تؤذي بيئته وناسه، كما ان ابتعاد كل الاطراف المحليين عنه في خياراته وتصويبهم عليها بالمباشر، وآخرهم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط امس، قد يساعد في التبدّل المنشود، خصوصا اذا ما تم في الوقت الضائع، قبعُ المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار من منصبه…
لكن حتى الآن، الاجواء المحلية ملبّدة وستبقى كذلك، والحزب يقود السفينة اللبنانية منفردا ويأخذها الى الهلاك والمصير الأسوأ، كرمى لمصالح ايران في اشتباكها الاقليمي مع الرياض، فيما الربابنة الاصليون المفترضون عاجزون عن ردّه او منعه، ويتفرّجون عليه يخطف البلاد والعباد الفقراء الجائعين، بلا رحمة ولا شفقة.