غادر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو لبنان بعد زيارة دامت لساعات، ومن المرتقب أن تليها زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في محاولة للتوسط وحل الأزمة بين لبنان والدول الخليجية، وفي غضون ذلك يستمر الشلل على مستوى انعقاد جلسات الحكومة، في حين يواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البحث عن بديل لذلك عبر اجتماعات وزارية ولقاءات متخصصة.
في غضون ذلك، فإنّ محاولات الإطاحة بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار لم تتوقف. والوزراء السابقون المعنيون بالملف علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس يتداورون على تقديم طلبات الرد وكف اليد ومخاصمة الدولة، من أجل تمديد فترة تعليق التحقيقات.
وأمام كل هذه المشاهد تتواصل الأزمات التي لا تنتهي بل تزيد يومياً. وقد حذّرت نقابة مستوردي المواد الغذائية من تهديد حقيقي يواجه الأمن الغذائي في لبنان بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير، وطالبت بإقرار البطاقة التمويلية لأنها الحل الوحيد القائم حالياً، في حين ارتفعت أسعار الادوية بشكل جنوني بعد رفع الدعم الجزئي عنها.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه أشار إلى أن “كلاماً يجري تداوله حول مساعي وطروحات هدفها إنهاء الشلل الحكومي، لكنها محاطة بالكتمان حرصاً على نجاحها، ولا معطيات دقيقة حولها، مع العلم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري في حالة تحرك دائم لفلفكة الأزمات”.
لكن خواجة وفي حديثه لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، عاد وربط حل الأزمة السياسية بحل الأزمة القضائية، وقال إن ”أي حل للأزمة الحكومية يجب أن يلحظ تصحيح المسار القضائي، فحينما تنتظم الامور قضائياً، ينتظم المسار السياسي، ونحن في غير وارد التراجع خصوصاً وأن هذا الملف القضائي كان له تداعيات كبيرة، منها جريمة الطيونة، وبالتالي يحتاج إلى حل”.
وعلى خط تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، يجتمع مجلس القضاء الأعلى في ضوء طلب مخاصمة الدولة، وفي هذا السياق، ذكر الخبير الدستوري سعيد مالك أنه “يفترض أن يدرس مجلس القضاء الأعلى دعوى مخاصمة الدولة المقدمة من الجهة المدعية، على أن يتم اتخاذ القرار بالقبول أو الرد، بعد تقدير المجلس ومدى قانونية الدعوى، لكن الملف بحاجة إلى تداول بين اعضاء هذه المحكمة، ومن غير المتوقع أن يصدر القرار غداً”.
ولفت في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية إلى أنه “في حال تم القبول، يصار إلى إبطال القرار الصادر والذي شكل السبب في تقديم هذه الدعوى، ومن الممكن أن يشكل هذا القرار خطوة أولى باتجاه تنحية القاضي البيطار، ولكن حسب ما أعتقد، هناك طبخة سياسية في هذا الخصوص، ولكن الرهان اليوم على مجلس القضاء الأعلى الذي يملك من الجرأة والموضوعية ما يكفي لعدم الانصياع الى التوجهات السياسية، وسيبقى ضمن الاطار القضائي وسيتحكم إلى احكام النصوص والقانون، كما إن دعوى مخاصمة الدولة لا تستقيم لعدم ارتكازها إلى قرار صحيح”.
وعن تنحية أو اقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وهو خيار قد يتم التوجه نحوه بهدف ازاحة البيطار، ذكر مالك أنه “ليس هناك من هيئة عليا يمكن أن تنحي رئيس مجلس القضاء الأعلى باستنثاء الهيئة العامة في حال اتفاقها على ذلك، وباعتقادي هذا تهويل، لا سيما وأن رئيس مجلس القضاء الأعلى يُعين بمرسوم صادر عن الحكومة، وحتى اقالته فهي بحاجة لنفس الأصول