بدا أمس ان رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي بلغ ذروة رهانه على إعادة ضخ الحياة قريبا في مجلس الوزراء المعطّل، ولكن من دون ضمان موافقة “الثنائي الشيعي” على ذلك ربطاً بمطالبته بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. واذ تعمّد ميقاتي إشاعة أجواء علنية متفائلة بانعقاد مجلس الوزراء في وقت قريب، بدا واضحاً ان مناسبة احياء عيد الاستقلال الاثنين، ولو باحتفال مختصر ومحدود في قيادة الجيش في اليرزة وعدم اجراء الاستقبال التقليدي في قصر بعبدا للسنة الثانية على التوالي، ستشكل الفرصة المتاحة لمحاولة ميقاتي الدفع بقوة نحو تجاوز شروط الثنائي الشيعي المتصلة بتنحية البيطار في مقابل ما يتم تداوله من معطيات عن امكان تنفيذ خطوة تلو خطوة ان في ما يتعلق بالمحقق العدلي، وان في ما يتصل بموضوع اقالة او استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، باعتبار ان الأمرين صارا متلازمين في السعي لاقناع الثنائي “امل” و”حزب الله” بالإفراج عن مجلس الوزراء الرهينة لهذه المعادلة. ومع ان تصريحات ميقاتي عقب زيارته امس مقر الاتحاد العمالي العام، بعدما كان التقى صباحاً رئيس الجمهورية ميشال عون، تركت انطباعات متفائلة وإيجابية لكونه جزم بأنه سيدعو قريباً الى انعقاد مجلس الوزراء، فإن ثمة معطيات لم تحسم بعد بأن الثنائي الشيعي قرر القبول بعودة وزرائه الى مجلس الوزراء، ولو ان هذا الثنائي يبرر للرئيس ميقاتي اندفاعه وتبشيره بعودة مجلس الوزراء، ولكن يبدو ان الامر لم ينضج بعد من جهة انجاز اشتراطات الثنائي او التوصل الى تسوية ما يقبلها، اقله وفق ما تسرب عن أوساطه حتى ساعات مساء امس. ولم يعرف بعد ما اذا كان ميقاتي توصل الى سيناريو تسوية وعرضه على الثنائي ام ان ثمة معطيات أخرى لم تكشف بعد دفعته الى تعميم الأجواء والانطباعات الإيجابية.
وتحدثت معلومات عن ان سيناريو المخرج لفك اسر الحكومة، ينطلق من لقاء ثلاثي يجمع الرؤساء عون ونبيه بري وميقاتي عقب العرض العسكري الرمزي الذي سيقام الاثنين بذكرى الاستقلال في اليرزة في حضور الرؤساء الثلاثة يتم خلاله التفاهم في شأن الملف الحكومي الذي يقوم على دعوة يوجهها ميقاتي لمجلس الوزراء الى الاجتماع الاسبوع المقبل وقبل ان يغادر بيروت الى روما منتصف الأسبوع علما انه سيقوم بزيارة للفاتيكان ويلتقي البابا فرنسيس يوم الخميس المقبل، على ان يسافر الرئيس عون نهاية الشهر الى قطر، ما يجعل انعقاد مجلس الوزراء مؤجلاً الى حين. وتشير هذه المعلومات الى مساع مستمرة لجعل جلسة مجلس الوزراء تشهد استقالة الوزير قرداحي بما يفتحُ كوة صغيرة في جدار الازمة مع الدول الخليجية.
وكان ميقاتي أعلن انه سيدعو قريبا الى جلسة لمجلس الوزراء، وأنه أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بذلك خلال لقاء جمعهما صباح امس. وقال: “بات هناك اكثر من 100 بند على جدول اعمال مجلس الوزراء ما يقتضي الدعوة الى عقد جلسة قريباً لتسيير أمور الدولة، اضافة الى ضرورة الاسراع في اقرار الموازنة العامة وإحالتها على مجلس النواب لدرسها واقرارها بالتوازي مع اقرار الاصلاحات المطلوبة لمواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. وأوضح أن “لا خيار لنا إلا التوجّه الى صندوق النقد الدولي، وقد تستغرق المفاوضات معه وقتاً اضافياً يتعدّى نهاية العام الحالي، ولكن من خلال صندوق النقد يحظى #لبنان بما أسمّيه اشارة معينة لكل الدول بأن لبنان قابل للتعافي ويجب دعمه”.
موعد الانتخابات ؟
وفي غضون ذلك بدا واضحا ان العهد قرر تجاوز مرحلة انتظار ما سيقرره المجلس الدستوري في مراجعة الطعن المقدمة امامه من “تكتل لبنان القوي” في تعديلات قانون الانتخاب وتوجيه رسالة مباشرة وصريحة للجميع بانه لن يسمح بتمرير موعد الانتخابات في 27 آذار المقبل وفق رغبة الاكثرية النيابية. اذ لوحظ ان الحديث الذي ادلى به عون الى جريدة “الاخبار” امس جاء بعد اقل من 48 ساعة من تقديم نواب تياره وتكتله الطعن لدى المجلس الدستوري لتثبيت موقفه المؤيد للطعن علناً ولإعطائه دفعاً سياسياً، كما لإفهام جميع القوى وبما فيها القوى الحليفة له انه لن يتراجع عن رفضه تحديد موعد للانتخابات في 27 آذار تاركا الخيار بين 8 و 15 أيار لاجراء الانتخابات كما حددهما بنفسه.
وجاء الرد والتعليق الأول على موقف عون هذا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي قال “على رئيس الجمهورية اتباع الأصول واحترام الدستور ويجب ان تكون الانتخابات في موعدها ولا يمكن الاستمرار في المسيرة التي ترفض اتباع الدستور”. وخلال زيارة قام بها لعائلة القيادي الاشتراكي الراحل شريف فياض رأى جنبلاط “اننا نتجه الى المجهول والازمة ستزيد، انتظرنا سنة لتشكيل الوزارة حين ظهر لنا الثلث المعطل ، واليوم وبدل ان يكونوا ثلثا هناك واحد معطل لكن النتيجة نفسها”.
الجميل والمخطط
وفي المواقف السياسية أيضا برزت كلمة القاها الرئيس امين الجميل امس في افتتاح “حديقة بيار” قرب البيت المركزي لحزب الكتائب في الصيفي في الذكرى الـ 15 لاغتيال النائب والوزير السابق الشهيد بيار الجميل وحذر فيها مما يحاك للبنان. وقال في هذا السياق “سقط لبنان النظام المصرفي والنظام المالي، سقطت الليرة. سقط لبنان الاستشفاء، مستشفى العرب. سقط لبنان الثقافة، جامعة العرب. سقط لبنان الديبلوماسي، العلاقات العربية والغربية. سقطت القيم، وكاد أن يسقط القضاء!!! أمّا ما أصاب المؤسسات الدستوريّة والإدارة العامة، فحدّث ولا حرج. إن هذا السقوط لا شك مسندٌ الى تخطيط ممنهج لقيام لبنان آخر يحاكي عفاريت جهنم، ذلك على أنقاض لبنان التاريخ، لبنان الانسان، لبنان الحضارة.” ورأى انها ” بالتأكيد ليست مجردَ صدفة، بل هذا الكمُّ من الأحداث يتوالى وفق مخططٍ جهنمي محبوك ومحكم وهادف لاركاع لبنان، هي احداثٌ تسقط على البلد دفعةً واحدة.” ولفت الى ان “هذا الانحدار السريع في لبنان يتزامن مع أنشطةٍ مشبوهة وحركاتٍ تأسيسية متصاعدة تنشطُ في المنطقة وتنبئ بمخاطرَ داهمة، يُخشى معها أن يكونَ لبنان، الخاصرة الرخوة والحلقة الضعيفة، ضحيتَها. خاصةً بغياب المحاور اللبناني الشرعي القادر أن يقولَ لا باسم دولته وشعبه، وأن يجسدَ حلمَ أبنائه بدولة القانون والحرية”.
“اللجوء اللبناني”!
وسط هذه الأجواء اثار خبر محاولة مجموعة من اللبنانيين اللجوء الى إسبانيا وقعا واسعا اذ اظهر فداحة تداعيات الازمة اللبنانية لجهة تفاقم الهجرة ومن ثم موجات اللجوء. وكان نقل عن السلطات الإسبانية أن مجموعة من 39 لبنانيا كانوا مسافرين بين مصر وأميركا اللاتينية، استغلوا هبوط طائرتهم في برشلونة لطلب اللجوء في إسبانيا. وفور نزولهم من الطائرة بدأوا إجراءات طلب اللجوء واستقروا في منطقة مخصصة لتقديم الخدمات الأساسية في المطار. وحصل ذلك الإثنين 15 تشرين الثاني الحالي. كما ان حدثا مماثلا حصل في مطار بالما دي مايوركا في الخامس من تشرين الثاني الجاري حيث اوقفت شرطة الجزيرة 16 شخصا فروا من طائرة هبطت اضطراريا في مطار المدينة، وكان البحث عن 8 آخرين. ولم يعرف مصير الـ39 شخصا في مطار برشلونة ولا مصير الأشخاص الذين تم توقيفهم في مطار بالما دي مايوركا أو الفارين منهم. وصرحت سفيرة لبنان في إسبانيا هالا كيروز بان السلطات الإسبانية رفضت تزويد السفارة معلومات عنهم باعتبارهم هاربين من بلدهم .