ماذا سيقول الرئيس نجيب ميقاتي على “كرسي الاعتراف” بعمق تعقيدات الأزمة اللبنانية في الحاضنة الفاتيكانية اليوم؟ حكومتي الإنقاذية معطلة والمطلوب مني “قبع” المحقق العدلي في جريمة المرفأ؟ حكومتي الإنقاذية “رهن إشارة” من الثنائي الشيعي لتستأنف اجتماعاتها؟ حكومتي الإنقاذية تواجه عصياناً “حوثياً” أوصد الأبواب العربية في وجهها؟ حكومتي الإنقاذية تراقب اللبنانيين يموتون “هماً” وجوعاً وعوزاً تتلاطمهم “قوارب الموت” والنزوح بحثاً عن وطن بديل؟ حكومتي الإنقاذية تواكب انهيار البلد وعملته وتقف عاجزة عن تحريك قيد أنملة لفرملة الانهيار؟… مأساة يطول شرحها وسيصعب على رئيس الحكومة اختصارها على مسامع البابا فرنسيس، ليعود من روما إلى بيروت أقلّه بجرعة صلاة وتأمل على نية أن “ترقد” حكومته بسلام ما لم “تعقد” جلستها الموعودة الأسبوع المقبل بسلام!
وإذا كانت زيارة ميقاتي البابوية اليوم لن تحرّك شعرة في رأس الأزمة الحكومية، فإنّ الأنظار تتجه غداً نحو كلام الأمين العام لـ”حزب الله” لاستشعار آفاق المرحلة باعتباره صاحب “الربط والحل” في تحديد مسار ومصير الحكومة، فإما يُحكم قبضة “الفيتو” منعاً لانعقاد مجلس الوزراء قبل تنحية القاضي طارق البيطار، أو يمهّد لتأمين “قبة باط” من الثنائي الشيعي تتيح تمرير دعوة رئيس الحكومة لانعقاد الحكومة الأسبوع المقبل تحت وطأة تدحرج كرة الانهيارات المالية والاقتصادية والمعيشية، بعدما بات الدولار الحاكم بأمر البلد على “أرض الواقع”، يهتك بالليرة ويفتك بقدرة المواطنين الشرائية، ليبدأ “يتوحّش” مساءً في رحلته التصاعدية نحو الـ25 ألفاً، سيّما وأنّ كل التقديرات والمؤشرات المحيطة بحركة العرض والطلب في السوق السوداء تؤكد أنه سيواصل طريقه بـ”طلوع” بلا سقوف ولا حدود.
وفي خضمّ معركة “الحياة والموت” التي يخوضها اللبناني يومياً باللحم الحيّ، صحياً واستشفائياً وغذائياً، علّه ينجو بنفسه وبأفراد أسرته من بين فكّي منظومة “السلطة والمال” الحاكمة، طغى على شريط الأحداث خلال الساعات الأخيرة الخبر الذي كانت “نداء الوطن” قد كشفت النقاب عنه مطلع الأسبوع، حول تجديد شركة “ألفاريز ومارشال” تلويحها بالانسحاب من مهمة التدقيق المحاسبي الجنائي بحسابات الدولة، تحت وطأة عدم تجاوب مصرف لبنان مع تزويدها بكامل داتا المعلومات المطلوبة، الأمر الذي دفع وزير المالية يوسف خليل إلى تدارك الموقف واستمهال الشركة ريثما يصار إلى تذليل العقبات التي تعترض عملها.
وعلى الأثر، استدعى رئيس الجمهورية ميشال عون أمس كلاً من وزير المالية وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة إلى اجتماع في قصر بعبدا، للوقوف على “الصعوبات التي تواجه عملية التدقيق في حاكمية مصرف لبنان”، فأبدى إصراره على “توفير الداتا والمستندات المطلوبة من المؤسسة بشكل كامل، كي تباشر مهامها وتصدر التقرير الاولي بنهاية 12 أسبوعاً كحد اقصى وفق منطوق العقد” كما نقل بيان الرئاسة الأولى، فكان تأكيد في المقابل من خليل وسلامة على أنهما “يجريان ما يلزم وبالسرعة الممكنة لهذه الغاية”.
أما أمام وفد أندية “الليونز الدولية”، فلاحظت أوساط معارضة أنّ رئيس الجمهورية في معرض تنصله من المسؤولية عن انهيار البلد وتدهور أحواله، رفع “المظلومية العونية” إلى مستويات متقدمة، تدرج فيها من شعار “ما خلّوني” الذي لطالما استخدمه العهد وتياره للتخفّف من أوزار الأزمة الوطنية الطاحنة ووضعها على كاهل الخصوم والحلفاء على حد سواء، إلى شعار “يغتالوني” الذي يحاكي من خلاله عون “تعرّضه لمؤامرة طوقت جهوده وأحبطت مشاريعه الإصلاحية وصولاً إلى بلوغ عام ولايته الأخير من دون أن يحقق أي إنجاز يُعتد به خارج دائرة الدعاية والإعلان عن النوايا العونية الإنقاذية”.
وضمن إطار هذه الدائرة وتحت سقف هذا الشعار الجديد، اتهم رئيس الجمهورية جهات “مجهولة” لم يسمها بأنها تقف خلف “حملات منظمة قائمة على الأكاذيب” بهدف اغتياله سياسياً، متوعداً في المقابل بأن يواصل جهوده في “مواجهة المقاومين والمعرقلين” في سبيل “إحداث التغيير اللازم مهما كانت التحديات”.