كتبت “النهار” تقول: دخل #لبنان متاهة استنزاف مالية واجتماعية واقتصادية جديدة تنذر بفتح الباب على حجم متزايد من التداعيات البالغة السلبية خصوصاً أن “حزام الأمان” الذي كان متاحاً ومأمولاً في أن يجنب اللبنانيين تكرار تجرع كؤوس الانهيارات والحد منها قد مزّق شرّ تمزيق مع شلّ الحكومة ومجلس الوزراء، ولا يبدو أن أي ثغرة ستكون متاحة لفتح الطريق امام إنعاش فعالية الحكومة بما يلجم معالم الإنهيار الجديد الطالع. ولم يعد سراً ان مخاوف الكثير من المعنيين السياسيين والاقتصاديين من استفحال تداعيات الارتفاعات المطّردة المتفلتة في سعر الدولار الأميركي والانخفاض التاريخي في سعر الليرة اللبنانية، قد بلغت ذروة غير مسبوقة في اليومين الأخيرين مع الموجات المحمومة في رفع سعر الدولار إلى ارقام قياسية جديدة تخطت البارحة سقف الـ 25 ألف ليرة. وإذا مضى التدهور الانهياري هذا على هذه الوتيرة، فإن تفلّت التداعيات الاجتماعية أسوة بتفلّت الأسعار واشتعالها وعدم القدرة على احتواء الإنهيار، ستضع البلاد حتى قبل حلول الأعياد امام واقع شديد الخطورة بدأت نذره ترتسم في الساعات الأخيرة مع عودة التحركات الشعبية الاحتجاجية سواء في اقتحام وزارة الشؤون الاجتماعية او في التحركات المتحفزة لقطع الطرق او في بعض ما تردد عن عودة لاهبة للاحتجاجات إلى الشارع في الايام القليلة المقبلة. ولا يخفى ان أسوأ ما في خلفية هذا التدهور الآخذ في التفاقم تمثل في انهيار غير معلن لكل الرهانات التي كانت تترقب نجاح محاولة وصفت بأنها كانت الأكثر جدّية وقابلية للنفاذ من شأنها ان تعيد احياء جلسات مجلس الوزراء اعتباراً من الأسبوع المقبل، بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الفاتيكان وبعد عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من الزيارة التي سيقوم بها للدوحة. ولكن اتضح في الساعات الأخيرة ان مجمل هذه الرهانات سقطت بفعل السخط الكبير الذي أثاره لدى الثنائي الشيعي الردّ القضائي الشامل قبل يومين على الدعاوى ضد الدولة وحسمه وجهة الشكاوى المتصلة بطلبات كفّ يد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. ولم يعد المسعى لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء مطروحاً راهناً في ظلّ ردّة الفعل العنيفة التي برزت من جانب “حزب الله” على القرارات التي صدرت عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز، الأمر الذي يعيد الكباش السياسي القضائي إلى نقطة الصفر.
ووفق المعطيات المتوافرة لن يكون ممكناً استمرار تعطيل الجلسات أو التعويل على عقد اجتماعات مصغّرة على الدوام وفي وقت انتهت مرحلة المحادثات التقنية مع صندوق النقد الدولي، وتشير معطيات “النهار” إلى أنّ الفريق الوزاري المختص قد أعطى أرقام سنة 2021 إلى موفد الصندوق في ما يتعلق بالمواضيع النقدية، بما يشمل ميزان المدفوعات والحساب الجاري والصادرات والواردات. وسيعمل الصندوق على إدخال المعطيات التي حصل عليها في برامج محاسبية ومحاكاة هذه الأرقام لدراسة العجز في لبنان وتطور الدين العام وإعادة هيكلته. ويأمل الفريق الحكومي اللبناني الانتهاء من مرحلة المفاوضات التقنية التي ينتظر أن تتبع مرحلة المحادثات قبل نهاية العام الجاري. ومن هنا، تكمن الحاجة إلى ضرورة عودة انعقاد الجلسات الوزارية في مرحلة قريبة، باعتبار أنّ هناك معطى أساسياً يحتم عودة الجلسات لجهة أن الاتفاق الحكومي مع صندوق النقد الدولي يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء.
وغداة زيارة الرئيس ميقاتي للفاتيكان جدد البابا فرنسيس “تعلقه بلبنان واللبنانيين وبدور وطن الارز الفريد في الشرق الاوسط، وقدرته على تخطي الانتماءات الطائفية للسير نحو شعور وطني مشترك”. وجاء في برقية وجهها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون لمناسبة عيد الاستقلال “ان مشروع أمتكم قائم على تخطي الانتماءات الطائفية للسير معاً نحو شعور وطني مشترك. أنتم تدركون مدى تعلقي الخاص بلبنان وابنائه كما بدوره الفريد في الشرق الأوسط. من هذا المنطلق اطلب من الرب القدير ان يدعم مسيرتكم على الدرب الصعب والشجاع في خدمة الخير العام”.
تفلت الدولار
أما على الصعيد المالي وفيما سجّل سعر الدولار ارتفاعاً خطيراً تجاوز سقف الـ25 ألف ليرة، حذّر مصرف لبنان من “التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار فهي تطبيقات مشبوهة وغير قانونية. وهي تقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي”. وأعلن أن “وراء هذه التطبيقات مصالح منها سياسية ومنها تجارية”. واعلن مصرف لبنان ان السلطات القضائية والسلطات الأمنية سعت إلى ضبط هذه التطبيقات بناء على طلب الحكومة اللبنانية “وكون الكثير منها موجود خارج لبنان، قام مصرف لبنان بمطالبة شركات الانترنت العالمية بإلغاء هذه التطبيقات عن شبكاتها. وسيتابع مصرف لبنان هذا الأمر في الخارج وسيحمّل المسؤولية لشركات كـ غوغل وفايسبوك وغيرها لما لهذه التطبيقات من ضرر على لبنان، ويطالبها بنشر السعر الرسمي وسعر Sayrafa فقط”.
وفي مواجهة هذه الاوضاع الضاغطة اقتحمت مجموعة من الناشطين المحتجين وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبين بلقاء الوزير هكتور حجار والتحدث اليه من اجل انشاء غرفة طوارئ “بعدما وصلت البلاد إلى حد لا يمكن تحمّله بسبب الانهيار الاقتصادي وارتفاع #سعر صرف الدولار”. وعمد المعتصمون إلى نزع صورة رئيس الجمهورية في قاعة الإجتماعات وإعادتها بشكل معكوس ليعودوا ويزيلوها لاحقاً ووضعوا مكانها لافتة تحمل شعار ثورة 17 تشرين. ولاحقاً خرج حجار للقاء المعتصمين وطلب منهم اولاً اعادة صورة رئيس الجمهورية إلى مكانها. ولفت حجار إلى أنه أكمل العمل بكل ما يتعلق بالبطاقة التمويلية وأنه سيزور رئيس المجلس النيابي نبيه بري ويطلب منه إذا كان هناك من امكان لبدء التسجيل في بداية الشهر. وقال “انطلقت ورشة الـ75 ألف عائلة وسنزور 130 ألف منزل في إطار مشروع العائلات الأكثر فقراً ونتشاور مع البنك الدولي ووزارة المال ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بشأن تمويل البطاقة التمويلية وأنا جزء من التفاوض”.
نصرالله
وتطرق الأمين العام لـ”حزب الله ” #السيد حسن نصرالله في كلمته مساء امس إلى جملة عناوين ومنها ارتفاع سعر الدولار فدعا الدولة إلى قرار شجاع وجريء وعدم السكوت عن انفلاته. وانتقد بحدة الإجراءات القضائية الأخيرة في شأن ملف انفجار مرفأ بيروت، واتهم الجهات القضائية التي أصدرت القرارات ضد الذين تقدموا بطلبات ضد المحقق العدلي بانها “هي أيضا تمارس الاستنسابية وتخضع للضغوط السياسية الداخلية والأميركية وان قراراتها تؤكد ما كنا نقوله منذ سنة “. وأطلق ما وصفه بناقوس الخطر حيال المسار القضائي العسكري حالياً في شأن ملف أحداث الطيونة متحدثاً عن ضغوط دينية وسياسية لاطلاق موقوفين في هذا الملف وان متورطين موجودون في معراب. واعتبر ان هذه التدخلات كأنها تقول لعائلات الشهداء لن تصلوا إلى حقكم عبر القضاء فخذوا حقكم بيدكم. وانا لا اهدد بالثأر لكن أدق ناقوس الخطر حيال المسار الحالي”. وتحدث مطولاً عن موضوع توزيع الحزب لمادة المازوت وقيمة التبرعات التي قدمها إلى مؤسسات بما يقارب المليونين و600 الف دولار وتحمّل الحزب للدعم بقيمة سبعة ملايين دولار. كما اعلن إعادة تفعيل خطة الحزب لمواجهة تفشي جائحة كورونا مجدداً.
تراخيص التنقيب
إلى ذلك، وفي وقت تترقب بيروت عودة الوسيط الاميركي لمفاوضات ترسيم الحدود آموس هوكشتاين، وقّع وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض قراراً يقضي باستكمال دورة التراخيص الثانية في المياه البحرية اللبنانية التي سبق أن وافق مجلس الوزراء على إطلاقها، وتمّ تأجيل الموعد النهائي لتقديم طلبات الاشتراك فيها مرحلياً بسبب جائحة كورونا. وقد تضمّن قرار الوزير فياض المستند إلى توصية هيئة إدارة قطاع البترول، تحديداً للموعد النهائي لتقديم طلبات الاشتراك في الدورة من قبل شركات النفط والغاز وهو 15 حزيران 2022، كما تضمّن القرار أرقام الرقع المفتوحة للمزايدة وهي الرقع الثماني غير الملزمة من أصل الرقع العشرة، مع العلم أن الرقعتين 4 و9 قد تم تلزيمهما بفعل دورة التراخيص الأولى.