كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : قد يكون من باب “الطرافة” السياسية ان يحذر رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أمس من “اشتمام رائحة انقلاب على تسوية الطائف، هدفه ان يطمئن الاسرائيلي ويأمن من عدم قدرة شعبنا على التصدي لعدوانه من أجل أن يمرّر سياساته التطبيعية والتسلطية والتحكم حتى بتقرير مصير غازنا في مياهنا الإقليمية”، كما كان من الباب نفسه ينفي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من أعالي فتوح كسروان نفياً قاطعاً وجود ”احتلال إيراني” للبنان! اذ ان طرفي “تفاهم مارمخايل” لم يعلنا في المقابل كيف يتم الدفاع عن الطائف فيما يسحق النظام والدستور منهجياً وببرودة بتعطيل وزراء الثنائي الشيعي الحكومة ومجلس الوزراء، ويمضي ”#حزب الله” في حرب تحريضية وتهويلية تستبق كلمة القضاء في حادث الطيونة من جهة، وبسياسات الإنكار التي يمارسها العهد وتياره حيال تمدد السياسات المحورية المناهضة لمصالح لبنان العربية وتحديدا الخليجية من جهة أخرى.
ويجري ذلك فيما تنعدم أي ملامح جدية لإعادة احياء جلسات مجلس الوزراء خصوصا بعد الهجوم الاخير الذي شنّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء الجمعة الماضي على القضاء على خلفية ضغطه المتواصل لتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، والذي أضاف اليه هجوماً يرقى إلى التهديد المبطّن بعمليات ثأر في ملف احداث الطيونة. كما ان الاتهامات التي وجّهت إلى “حزب الله” أمس بتخريب انتخابات نقابة أطباء الأسنان شكلت إضافة ساخنة إلى واقع المعارك الدائرية التي يخوضها الحزب، ولو انه تبرأ من هذا الاتهام، بما يرسم مزيداً من الشكوك حول مجمل المرحلة المقبلة. وبذلك بات مستبعداً تماماً ما تردّد عن اعتزام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي توجيه دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في الأسبوع الحالي، اذ ان الأجواء المتوترة ولا سيما في ظل سخونة موقف الثنائي الشيعي من الملف القضائي، ستمنع ميقاتي مجدداً على الأرجح من توجيه الدعوة. ومع عودة ميقاتي إلى بيروت من زيارته للفاتيكان يتوجه الرئيس ميشال عون إلى الدوحة اليوم للمشاركة في الاحتفال الرياضي الذي تقيمه قطر ويعود في الأول من كانون الأول.
وعكست مصادر سياسية واسعة الاطلاع انطباعات بالغة القتامة حيال إمكانات استئناف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مهماتها الطبيعية والمنتظرة منها داخلياً وخارجياً ولو بالحدود الدنيا، اذ لفتت إلى ان بعثات ديبلوماسية عديدة وسفراء عديدون بدأوا التعامل مع أزمة شلّ الحكومة على أساس انها مستمرة حتى #الانتخابات النيابية، ولن يكون متاحاً على الأرجح التوصل إلى حلّ يسمح للحكومة بإعادة ترميم بعض الخسائر التي اصابت لبنان منذ شل جلسات مجلس الوزراء قبل أكثر من شهر. ولعلّ الأخطر في هذه المعطيات ان المصادر تربطها، نقلا عن جهات ديبلوماسية غربية، باستعمال إيران للساحة اللبنانية في الاستحقاق المتصل بالمفاوضات حول الملف النووي بما يتجاوز الأبعاد والدلالات الداخلية ولو تستّر معطّلو الحكومة راهناً وراء ملفات حيوية في مقدمها المطالبة بتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. ولكنها لفتت إلى ان الخطة التصعيدية هذه ووجهت بنكسة مهمة للغاية في الرد القضائي على استهداف البيطار والتحقيق العدلي برمته وهو الأمر الذي سيترجم الفريق المعطل ردة فعله عليه بمزيد من التصعيد الذي يعني استمرار الازمة الحكومية مفتوحة بلا حل.
الراعي والانتخابات والحكومة
وبدوره عكس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس الكثير مما يجري تداوله من سيناريوات التصعيد والتعطيل فحذر من “أيِّ محاولةٍ لإرجاءِ الانتخاباتِ تحتَ ذرائعَ غير منطقيّةٍ وغيرِ وطنيّة” مشدداً على حصولها في مواعيدها الدستوريّة، “حرصا على حقّ الشعب في الانتخاب والتغيير، وحفاظًا على سلامة لبنان ووحدته”.واشاد بقوة بقرار الهيئة العامّة لمحكمةِ التمييز بالاجماع “الذي ثبّت أحقيّة التحقيق العدليّ، فأعاد للقضاء اللبناني جدّيته وهيبته ووحدته، وأحيا الأمل باستكمال التحقيق في جريمة المرفأ بعيدًا عن التسييس والتطييف والمصالح”. أمّا في ما يتعلق بانعقاد مجلس الوزراء فسأل الراعي: “بأيّ حقّ يُمنع مجلس الوزراء من الإنعقاد؟ هل ينتظر المعطّلون مزيداً من الإنهيار؟ مزيداً من سقوط الليرة اللبنانية؟ مزيداً من الجوعِ والفَقر؟ مزيداً من هجرة الشباب والعائلات وقوانا الحيّة؟ مزيداً من تدهورِ علاقاتِ لبنان مع دولِ الخليج؟ “. وقال “لا يجوز لمجلس الوزراء أن يبقى مغيَّبا ورهينة هذا أو ذاك، فيما هو أساسا السلطة المعنيّة بإنقاذ لبنان”.
مواقف محتدمة
في غضون ذلك لوحظ ان “التيار الوطني الحر” صعد هجماته العنيفة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة داعياً إلى استقالته او اقالته، كما دعا “إلى فك أسر الحكومة وتحريرها من الاعتبارات التي تعطّل عملها” معتبرا ان “الاستعصاء الحاصل تجاوزًا للدستور والمنطق وهو ظلم بحق اللبنانيين وعليه يطالب التيار بعقد جلسة لمجلس الوزراء وفقًا للأصول الدستورية، تأخذ القرارات المطلوبة لتسيير مرافق الدولة وتسهيل حياة الناس”.
وفي كلمة القاها أمس رئيس التيار النائب جبران باسيل في كفردبيان حمل بعنف على معارضي العهد قائلا: “لم يزعجهم بهذا العهد إلّا كلمة القويّ فلا يريدون عهداً قوياً ولا رئيساً قوياً ولا تياراً قوياً، فحوّلوا كلمة القويّ إلى استهزاء لأنهم يحبّون الضعف والضعيف ويحاولون أن يجعلونا نقتنع بأن لا فائدة من العهد القويّ لأنّه لم يأت إلّا بالانهيار ولذلك يجب أن يكون ضعيفاً كي تبقى يدهم موضوعة عليه”
وقال “اليوم يريدون اقناعكم أن هناك احتلالاً جديداً جاء إلى لبنان هو الاحتلال الإيراني لكن نحن كـتيار وطني حرّ كما واجهنا الاحتلال الإسرائيلي والوصاية السورية، إذا كان هناك احتلال إيراني نحن أول من سنواجهه عندما سيركع أمامه الآخرون. لا احتلال إيرانياً للبنان لأن لا أحد يستطيع أن يحتل لا ثقافتنا ولا ديانتنا ولا إيماننا وهذه الأرض بالذات وهذه الجبال لا أحد يستطيع أن يحتلها أو يدوسها”
واضاف: “يتهكمون عندما يقولون (ما خلّونا)، فقولوا (ما خلّونا) ولا تخجلوا لأنهم (ما خلّونا) ولا يحقّ لهم أن يتنمروا بذلك على التيار، فطبعاً (ما خلّونا) نجلب كهرباء ولا نصلح السياسة المالية ولكن نحن أيضاً في المقابل (ما خليناهم يوضعوا يدهم على البلد) ومحاولة تركيعنا لن تمر”.
في المقابل لفت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في لقاء حزبي في اقليم الخروب إلى انه “فجأة يغيب الكلام حول الغاز المصري والكهرباء الأردنية الذي رحبنا به والذي يؤدي إلى زيادة التغذية الكهربائية”. وأضاف: “لست أدري لماذا يغيب الإصلاح ولم نعد نسمع شيئا عن البطاقة التمويلية؟ هل هناك أوساط في الحكومة لا يريدونها أم أن ليس هناك تمويل؟” وسأل جنبلاط: “هل الشؤون الإجتماعية أحصت عدد العائلات الأكثر فقراً اليوم؟ بقعة الفقر توسعت ولا بد من إحصاء جديد من أجل الوصول إلى معرفة من هم المحتاجون”.
وحول موضوع الإنتخابات قال: “لا يمكن أن نخرج من التحالف التاريخي مع المستقبل وبالرغم من كل شيء نقول للشيخ سعد إن لبنان بلده وغيابه عن الساحة لا يفيد”. وتابع جنبلاط: “اذا سلمنا كل البلد للمحور السوري الايراني تكون غلطة فادحة، لا أستطيع بمفردي المواجهة السلمية وأن نقول كفى”.
”الحزب” و”القوات”
وتصاعدت السجالات الساخنة بين “حزب الله” و”#القوات اللبنانية” على خلفية مضي الأمين العام للحزب وجميع مسؤوليه في ما وصفته “القوات” “بمحاولة استثمار حادثة الطيونة المشؤومة بغير مكانها الصحيح، وتزوير الوقائع كلّها المتّصلة بها من أجل الوصول إلى هدفه المنشود” . واعادت “القوات” “تذكير مسؤولي حزب الله كافّة بأنّ الحادثة المشؤومة وقعت على أرض عين الرمانة وليس على أرض الضاحية، وبعد دخول عناصر مسلّحة من ”حزب الله” إلى عين الرمانة وليس العكس، وبعد دعوة “حزب الله” إلى التظاهرة وليس العكس، وبعد وقوع عمليّات تكسير وتخريب للسيارات واستباحة للمحلات والمنازل بالجملة، وعمليّات تعدٍّ على كلّ مَن صادف وجوده أو مروره في المحلّة مهما كان جنسه أو عمره، وهذا كلّه موثّق بالفيديوهات.. ومَن يجب أن ينزل به القصاص ليس مَن دافع عن أرضه وعرضه وكرامته ومنزله ومقتنياته وأهل بيته وحياته، بل من ضُبِطَ بالجرم المشهود يتعدّى على الناس ويعتدي عليهم. إنّ الدفاع المشروع عن النفس هو حقٌّ سماويٌّ قبل أن يُشَرَّعَ بالشرعة العالميّة لحقوق الإنسان
الوسومالنهار