كان من المفترض أن تكون البطاقة التمويلية قد أصبحت سارية المفعول، علّها تكون بمثابة عيديّة اللبنانيّين بمناسبة الأعياد. إلّا أن غياب التمويل وقف حاجزاً أمام إطلاق العمل بالبطاقة، إذ أنّ الحكومة لم تؤمّن بعد الأموال اللّازمة لدفعها، رغم أنّ البنك الدولي كان قد عرض المساعدة، لكن تفصيل السلطة السياسية لشروطٍ على مقاسها أطاح بالاتفاقية مع البنك الذي يطالب بإقرارها دون أي تعديلات أو شروط.
هذا في العلن، أمّا وخلف الكواليس فإنّ العديد من المعوّقات تحول دون إطلاق البطاقة في وقتٍ سريع، وأبرزها غياب الإحصاءات التي تحدّد الفئات المستهدفة والمستحقة. وتماطل وزارة الشؤون الاجتماعية في تحديث المعلومات التي بحوزتها دون أي مبرّر واقعي، فقد كان من الممكن إقامة الإحصاءات وتجهيزها بالإضافة إلى كافة الأمور اللوجستية لإطلاق البطاقة التمويلية حالما يتوفر التمويل ودون تأخير. لكن هذا ما لم تفعله، وبالتالي على اللبنانيين الانتظار فترات إضافية حتى انتهاء الوزارة المعنيّة من واجباتها.
في سياقٍ متّصل، ما زالت الأزمة الحكومية مستمرة، إذ أنّ مجلس الوزراء لم يحدّد بعد أي موعد لإجراء جلسة عامة، والمعطّلون ما زالوا عند مواقفهم التعطيلية المتعلقة بأهدافٍ سياسية، ضاربين بعرض الحائط المصلحة الوطنية، والتهديدات الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، التي تتربص بالبلاد.
مصادر وزارية مطلعة أفادت جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ العمل جارٍ على معالجة الأزمة، وأنّ الأمور جيّدة وإيجابية، وإن شاء الله وصلت إلى خواتيمها.
أمّا وعلى صعيد البطاقة التمويلية، فقد كشف عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب ميشال موسى، أنّه “من المفترض أن يعلن وزير الشؤون الاجتماعية، هكتور الحجّار، جديد البطاقة التمويلية في المدى القريب، وعلى الأرجح اليوم”، لافتاً إلى أنّ “العائق الأساسي أمام إطلاقها يكمن في غياب التمويل”.
وذكر موسى في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ، “البنك الدولي طالب ببعض الأمور ليتم إدخالها إلى مشروع الاتفاقية، لكن الجلسة الأخيرة فقدت نصابها، ولم يستطِع مجلس النواب متابعة القانون”، مشيراً إلى أنّ جلسة نيابية قريبة من المفترض عقدها لمعالجة الملف.
وحول حاجة البطاقة التمويلية إلى حكومة مجتمعة من أجل إطلاقها، رأى موسى أنّ “الموضوع لا يستدعي اجتماع حكومة، بل أنّ الوزراء المعنيين قادرون على إطلاقها”، كاشفاً عن مهلة شهر أو شهر ونصف من أجل إتمام عملية جمع المعلومات وتحديد المستحقين، معلناً أنّ الدفع سيتم بالدولار.
من جهته، شدّد الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، على ضرورة إطلاق البطاقة التمويلية بأسرع وقت، لافتاً إلى أنّها “لا تفقد أهميتها رغم التأخير، خصوصاً إذا ما كان المبلغ الذي سيتم دفعه بالدولار، أو بقيمة الدولار في الأسواق السوداء، لأنها مساعدة ضرورية”.
وفي اتّصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار عجّاقة إلى أنّ، “مصدر التمويل غير معروف حتى الآن، فقرض البنك الدولي عالق في مجلس النواب، إذ أنّ الأخير أقرّ اتفاقيةً مع البنك في وقت سابق، لكنه أجرى بعض التعديلات التي رفضها البنك الدولي، فعاد البنك وطالب بإقرار الاتفاقية دون تعديلات، والموضوع يحتاج إلى جلسة نيابية لإقرار الاتفاقية دون تعديل”.
وعاد عجّاقة وذكّر بأرقام “الإسكوا” الأخيرة الصادرة حول لبنان، والتي أفادت بأن 500 ألف أسرة لبنانية تعيش في فقر مدقع، في حين أن أكثر من 70% من اللبنانيين فقراء ويحتاجون إلى مساعدة، وبالتالي يُمكن الانطلاق من هذه الأرقام والدراسات لتحديد حجم الفئات المستحقة. أما وبالنسبة للمبالغ الواجب دفعها، فهي تقوم على متابعة أسعار الأساسيات الواجب أن يؤمّنها المواطنون، من غذاء ومحروقات وغيرها.
وختم عجّاقة مشدداً على “وجوب إطلاق منصّة مخصّصة للدواء، كمنصة التلقيح، بهدف تأمين أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، لأنّ الموضوع مرتبطٌ بحياة الناس ولا يمكن إهماله، مع العلم أنّ الجهات المختصة لديها مختلف المعلومات التي أحصتها عبر منصة Impact المخصّصة للّقاح”.