وسط تفاقم الشلل الذي يطبع الواقع الحكومي والرسمي، ولو سعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى ملء الفراغ القسري المفتعل والمتمادي في العمل الحكومي عبر اجتماعات اللجان الوزارية، تبرز مجدداً معادلة الرهانات على أدوار دولية او خارجية لكسر الازمة بما يعكس إستعصاء الجهود الآيلة الى حمل الثنائي الشيعي على إنهاء تعطيله لجلسات مجلس الوزراء. وفيما يبدو واضحاً ان حظوظ توسيط رئيس الجمهورية ميشال عون لقطر في السعي لدى الدول الخليجية الأخرى لـ”تطرية”مواقفها من السلطة اللبنانية، لن تكون أفضل من مساع سابقة لدى دول عدة إقليمية وعربية وغربية، برزت مجدداً عودة الأوساط الحكومية والرسمية الى الرهان على صاحب المبادرة الأم في الوضع اللبناني أي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من خلال الجولة التي سيقوم بها في الأيام القليلة المقبلة على عدد من الدول الخليجية، علّه يحمل الملف اللبناني معه ويجدّد مساعيه لحلّ الازمة الديبلوماسية الخطيرة بين لبنان والمملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى. ومع ان المعطيات الديبلوماسية الدقيقة تؤكد ان الرئيس ماكرون خصص حيزاً من المحادثات التي سيجريها في جولته للملف اللبناني، فإن اوساطاً لبنانية معنية تبدي حذراً شديداً في الرهان والتعويل على التحرك الفرنسي الجديد نظراً الى عقم التجارب التي جعلت أصدقاء لبنان من الدول الغربية وفي مقدمها فرنسا والدول العربية تعرض عن تعليق الآمال على استجابة لبنان للموجبات البديهية التي يستلزمها دعمه ومساعدته، ولو ان فرنسا تحديداً ستبقى تحاول ولن تيأس من المحاولات ولو باتت مقتنعة بعجز المسؤولين عن مواجهة “حزب الله ” وأجندته الإقليمية في التلاعب بواقع لبنان الكارثي.
وسيتوجه الرئيس ماكرون في 3 و4 كانون الاول الى الخليج العربي في جولة تشمل الامارات العربية المتحدة وقطر والسعودية، وسيجري محادثات تباعاً مع ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وامير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني، وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وبالنسبة الى الملف اللبناني نقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصادر الاليزيه ان “الرئيس ماكرون سيحمل هذا الملف الى الدول الخليجية وسيدعو هذه الدول كما فعل سابقاً الى تعزيز التنسيق في ما بينها وفرنسا لدعم الشعب اللبناني الذي يعاني من الانهيار في بلده”ز واضافت “سيعمل الرئيس ماكرون مع قادة الامارات وقطر والسعودية لدعم لبنان وسيتناول العلاقات الديبلوماسية التي تربط هذه الدول مع لبنان وسيطالب بتعزيزها بعد الازمة التي ادت الى مقاطعة هذه الدول للبنان” بعد تصريح وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي.
اما بالنسبة الى القمة الدولية المطروحة من اجل مساعدة لبنان على تخطي ازماته، فقالت هذه المصادر “ان الرئيس الفرنسي جاهز للاستجابة للحالات الطارئة الانسانية والسياسية ولكنه يعتبر ان المشكلة الحقيقية في لبنان هي مشكلة بنيوية. وتجب معالجتها من هذه الزاوية”. واضافت “الأمر الطارئ ما زال الاستجابة والتعامل مع الازمة اللبنانية بكل جوانبها السياسية والانسانية والاجتماعية”.
وفي هذا السياق أكد أمس المستشار الديبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش، أن الإمارات لن تحظر دخول اللبنانيين إليها، في ضوء الأزمة الخليجية مع بيروت، بسبب تصريحات أطلقها وزير الإعلام جورج قرداحي.
وقال المسؤول الإماراتي إن بلاده ستواصل دعمها الإنساني للبنان، وإنها لا ترغب أن يعاني الشعب اللبناني جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلادهم.
#الأمم المتحدة والجيش
وفي غضون ذلك، برزت مؤشرات متزايدة على القلق الدولي على الوضع في لبنان وانعكاسات أزمته على الجيش، عكسها إعراب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عن مخاوفه من استمرار التدهور الاجتماعي والاقتصادي، وعدم قدرة مؤسسات الدولة اللبنانية على تقديم الخدمات الأساسية، مما يقوّض تنفيذ القرار 1701. ولفت، في تقرير، إلى أن “تقلّص قدرة القوات المسلحة اللبنانية على مواصلة عملياتها في منطقة عمليات اليونيفيل، هو مصدر قلق، وفي هذا السياق، يكتسي دعم المؤسسات الأمنية، ولا سيما القوات المسلحة اللبنانية باعتبارها القوة المسلحة الشرعيّة الوحيدة في لبنان، أهمية قصوى”.
والجدير بالذكر أن رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، الى جانب رئيس عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جان بيير لاكروا والمنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، قدموا قبل يومين إحاطة لمجلس الأمن حول أنشطة اليونيفيل للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق، ومنع انتهاكات القرار 1701 ودعم القوات المسلحة اللبنانية في ممارسة سلطتها في جنوب لبنان.
وفي وقت آخر، سلّمت “اليونيفيل” أول شحنة شهرية من الوقود للقوات المسلحة اللبنانية، وذلك في حفل أقيم في المقرّ العام لبعثة الأمم المتحدة في الناقورة، ويعتبر التبرّع بـ 35,000 ليتر من الوقود هو الأول من ست شحنات شهرية. ويأتي ذلك بعد طلب من مجلس الأمن الدولي في آب الماضي لاتخاذ “إجراءات مؤقتة وخاصة” لدعم القوات المسلحة اللبنانية بمواد مثل الغذاء والوقود والأدوية، بالإضافة إلى دعم لوجيستي آخر لمدة ستة أشهر، وعليه، فقد بدأت البعثة في تقديم الدعم، بما في ذلك تقديم 500 كيلوغرام من المواد الطبيّة والصحيّة في 28 تشرين الأول. وفي وقت لاحق من هذا الأسبوع، ستتبرع بعثة الأمم المتحدة أيضاً بمواد غذائية للقوات المسلحة اللبنانية، والتي ستشمل تقديم وجبة طعام واحدة يومياً لـ 27,000 فرد لمدة شهر.
جنبلاط
على صعيد الازمة الحكومية لم يبرز أي جديد فيما عاد رئيس الجمهورية ليلا من قطر.
وتناول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي #وليد جنبلاط خلال تكريمه امس السفيرة الفرنسية ان غريو الملف الداخلي والانتخابي فقال “بالنسبة للطعن في الانتخابات، فقد يلغى تصويت المغتربين، وهذا اذا ما حصل والذهاب إلى انتخاب 6 نواب في الخارج فلست أعلم كيف ستوزع القارات على هؤلاء سيكون في الامر طعن أيضا للعملية الديموقراطية. لكن هذا لا يلغي أن تجتمع الحكومة مجدداً. وهذه الحكومة ولدت بعد جهد كبير وبمساعدة كبيرة جداً من فرنسا ثم توقفت الان عند عتبة التحقيق وتجمّدت هناك. اما في مسألة التحقيق في إنفجار المرفأ، فلست مع رفض التحقيق لتسيير عمل الحكومة، بل مع اجتماع الحكومة كي تستطيع أن تقوم في ما تستطيعه من خلال المحادثات مع البنك الدولي ومع المؤسسات الدولية من فرنسا وغيرها، من أجل وقف الإنهيار الذي نشهده كل يوم”.
جعجع
بدوره أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع أن “حزب الله” وحلفاءه يعملون على تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة خشية خسارة الانتخابات، محذراً من أن هذه الخطوة ستقود لبنان إلى مزيد من “الموت البطيء”. وفي مقابلة مع “رويترز” لفت جعجع إلى أن ”حزب الله” وحليفه التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها “لأنهم شبه متأكدين أنهم سيخسرون الأكثرية النيابية التي بحوزتهم”. وقال: “الوضع الحالي كما تسير الأمور.. مؤسسات الدولة وبالتالي الدولة إلى تحلل يوما بعد يوم”. وتابع: “الاستمرار بالوضعية الحالية سيؤدي إلى تحلل الدولة وهذا هو الموت الذي من الممكن أن نصل إليه… من هذا المنطلق فإن الانتخابات ضرورة ملحة جدا وهي عملية استثنائية مطلوبة أكثر من أي وقت آخر”. وقال إن الانتخابات “بالدرجة الأولى ستكون لصالح القوات اللبنانية وبالدرجة الثانية ستكون لصالح مستقلين عندهم السياسة نفسها. وبالتالي على الجهتين نحن رابحين”. ومضى قائلا “أشك أن يخسر حزب الله كثيرا في بيئته ولكن خسارته ستكون بالبيئات الأخرى”.
ولم يستبعد جعجع تحالفات مماثلة لانتخابات 2018 التي خاضها مع تيار المستقبل بزعامة الرئيس سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.