أعلن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، أمس، استقالته، قائلاً إنه قرر «تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية»، وجاءت الاستقالة بعد أسابيع من أزمة دبلوماسية أشعلتها تصريحاته المسيئة حول حرب اليمن، وبعدما رفض الاستقالة طوال تلك الفترة.
ووقّع قرداحي أمس كتاب استقالته، وسلم نسختين منه لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما كان قد أبلغ عون باستقالته شفهياً مساء الخميس. وطلب ميقاتي من وزير التربية عباس الحلبي تصريف أعمال وزارة الإعلام في المرحلة الانتقالية بعد استقالة قرداحي.
ورفض قرداحي، المحسوب على «تيار المردة» المقرب من «حزب الله»، الاستقالة في الأسابيع التي تلت الأزمة حتى عندما طلب منه رئيس الوزراء تغليب «المصلحة الوطنية»، كما رفض طلباً للبطريرك الماروني بشارة الراعي بالاستقالة، بموازاة دعوة قوى سياسية إلى استقالته بعد التسبب بالأزمة مع دول الخليج، وفي طليعتها «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية».
وتسعى السلطات اللبنانية لتصحيح العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي. وقال ميقاتي بعد توقيعه مرسوم قبول استقالة قرداحي وإحالته إلى رئيس الجمهورية، إن استقالة قرداحي «كانت ضرورية بعد الأزمة التي نشأت مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن شأنها أن تفتح باباً لمعالجة إشكالية العلاقة مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، بعد تراكمات وتباينات حصلت في السنوات الماضية».
وأكد ميقاتي أن لبنان «كان وسيبقى عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، ويتطلع إلى أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب وأمتنها بروح الروابط التاريخية التي تجمع بين دولنا وشعوبنا». وأضاف: «من هذا المنطلق إننا حريصون على تطبيق ما ورد في البيان الوزاري لحكومتنا لجهة تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والإصرار على التمسّك بها والمحافظة عليها، والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بلداننا العربية والنأي بالنفس عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وفي أي نزاع عربي – عربي، ودعوة الأشقاء العرب للوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها شأنُهم دائماً مشكورين».
وشدد ميقاتي على أن الحكومة «عازمة على التشدّد في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط الحدود البحرية والبرية ومنع كل أنواع تهريب الممنوعات التي تضر بأمن الدول العربية الشقيقة وخصوصيتها، ولا سيما منها دول الخليج والسعودية بشكل خاص»، معلناً أن «الحكومة على استعداد لإنشاء لجنة مشتركة للبحث في كل الأمور والسهر على حسن تطبيقها».
وأكد رفض الحكومة «كل ما من شأنه الإساءة إلى أمن دول الخليج واستقرارها»، وقال إنها «تدعو كل الأطراف اللبنانية إلى وضع المصلحة اللبنانية فوق كل اعتبار، وعدم الإساءة بأي شكل من الأشكال إلى الدول الشقيقة والصديقة أو التدخل في شؤونها». وأبدى أسفه لما حصل سابقاً، وأن يكون صفحة من الماضي قد طُويت، وقال: «نتطلع إلى إعادة العلاقات الطبيعية بيننا وبين الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودول الخليج على قاعدة الاحترام والمحبة وحفظ سيادة كل دولة وأمنها وخصوصيتها وكرامة شعبها». وجدد مطالبة جميع الأطراف «بالعودة إلى طاولة مجلس الوزراء للقيام بتنفيذ ما هو مطلوب من الحكومة في هذا الظرف الصعب».