ما كشفه رئيسا الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري لوفد نقابة المحررين، في زيارتيه البروتوكوليتين إلى بعبدا وعين التينة، لا يبشّر بالخير على الإطلاق ولا يوحي بأن الازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان هذه الأيام في طريقها الى الحل، وبالأخص بعد الانتقادات المباشرة التي وجهها عون الى الثنائي الشيعي واتهامه بتعطيل اجتماعات مجلس الوزراء، ورد بري عليه انه مستعد أن يصعد إلى بعبدا سيراً على الأقدام إذا ما تيقن ان رئيس الجمهورية راغب بحل الأزمة.
وفي ظل هذه المواقف التي أطلقت في الساعات الماضية بين بعبدا وعين التينة وما سبقها من تراشق متبادل بين نواب تكتل لبنان القوي والثنائي الشيعي، سألت مصادر سياسية متابعة عبر “الأنباء” الالكترونية عن الأسباب التي تمنع اجتماع رئيسي الجمهورية والمجلس ومعهما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدم الخروج من الاجتماع قبل ايجاد حل نهائي للأزمة، ومصارحة اللبنانيين بكل الأسباب التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه.
أوساط بعبدا اعتبرت عبر “الانباء” الالكترونية أن “ما يجب ان يقوله الرئيس عون عبّر عنه بكل جرأة الى وفد نقابة المحررين، وهو لم يتردد بتحميل حزب الله بشكل مباشر مسؤولية عدم اجتماع مجلس الوزراء، وأن الكرة الآن أصبحت في مرمى الثنائي الشيعي والرئيس ميقاتي”.
من جهتها، أوساط عين التينة ردّت على كلام رئيس الجمهورية بالمطالبة بوضع حد لقضية القاضي طارق البيطار، داعية عبر “الانباء” الالكترونية فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الى “وقف الاستثمار السياسي بمسألة التحقيق بالانفجار، وطالبته بموقف واضح لضمان عودة الأمور الى مسارها الطبيعي”، موضحة أن مطالبة بري رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود اتخاذ موقف في هذا الموضوع دليل على رغبة بري بالوصول الى حل يرضي الجميع لأنه يريد الانتهاء من هذه الأزمة”.
في هذا السياق، رأى عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون في حديث مع “الانباء” الالكترونية “أننا نعيش اليوم أزمة وطنية ومواطنية، وليس هناك من أحد مرتاح في هذا البلد لا على صعيد المواطنين الذين يعانون الأمرّين، ولا على صعيد السلطة السياسية المتهمة بالتقصير، فما قاله الرئيس عون واضح وصريح، ومطلوب أن يجتمع مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات واضحة وجريئة لانتشال البلد من هذه الأزمة”، محمّلاً الثنائي الشيعي مسؤولية عدم اجتماع مجلس الوزراء، مطالبا الحكومة بالاجتماع لاتخاذ قرارت وطنية وقلب الصفحة، معتبراً أنه “تمت التضحية بالوزير جورج قرداحي لإنهاء الأزمة، فإذ بنا بأزمة اكبر”.
ورداً على سؤال، رأى عون أن “انتقاد حزب الله لا يعني أن الجرة انكسرت مع الحزب، فكما قال رئيس الجمهورية هناك خلاف حول هذه النقطة وبعدها يمكن الوصول الى حلول وتخطي هذا الامر شرط السماح للحكومة بالاجتماع لمعالجة هموم الناس”.
الى ذلك وعلى خط الارتفاع الجنوني في اسعار الدولار وتداعياته على الازمة المعيشية ومدى فعالية الاجراءات المتخذة بعد اجتماع السراي المالي، لفت الخبير الاقتصادي الدكتور أنيس أبو ذياب في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية الى ان “اجراءات مصرف لبنان تأتي في سياق دوره الطبيعي من خلال عرض الدولار “كاش” بعد ان يُعطى بسعر “صيرفة” بهدف التدخل لضبط سعر الصرف وضبط الليرة وعدم تحويلها لشراء الدولار”.
وعما اذا كانت هذه الاجراءات ستؤدي الى نتيجة ملموسة، اعتبر ان “العملية ليست سهلة، فما حصل في الايام الماضية لم يكن للربح المادي بل بهدف الاستثمار السياسي لتقديم تنازلات منها ما يتعلق باجتماعات مجلس الوزراء ومنها بإزاحة القاضي بيطار”، مضيفا: “علينا ان ننتظر يومين او ثلاثة أيام لمعرفة ما اذا كان الضغط السياسي أكبر ام الاجراءات أكبر، لأن المصرف المركزي لم يعد يملك القدرة على التدخل ولو كان هناك امكانية لكان تدخل بمليار دولار وليس بخمس او ستة ملايين تذهب للتجار والمضاربين كما حصل بصفقة ال 23 مليون دولار التي بينت التشكيك السياسي بين جماعة التيار وحزب الله الذين يريدون الصاقها بمصرف لبنان، والنتيجة هي قهر الناس وانعدام وزن في مؤسسات الدولة”.
وقال ابو ذياب: “لا يوجد دولة في العالم تشهد هذا الكم من الانهيار ما يؤشر الى ان هناك سلطة عديمة المسؤولية ومسؤولين عديمي الانسانية والشعور بالام الناس ودموع الناس”.
ابو ذياب اوضح ان “سبب ارتفاع سعر الصرف لا علاقة له بالتعميم رقم 151 الذي رفع الدولار بموجبه من 3900 ليرة الى 8000 ليرة الذي يحاول البعض ربطه به لأسباب باتت معروفة، فلا يمكن ان نستثمر بأوجاع الناس لتحقيق مكاسب”، كاشفاً أن “السلطة لديها أدوات فلماذا لا تستخدمها وباستطاعة مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي ان يرفض كل التعاميم اذا أتت مجتزأة”.