الحديث عن صفقة التشكيلات القضائية، على أن تشمل المحقّق العدلي، القاضي طارق البيطار، بمقابل اجتماع مجلس الوزراء، والنفي القاطع الذي أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي من عين التينة أن لا علاقة لحكومته بها وخروجه متجهماً، يؤكّد مرةً جديدة أنّ الأمور ليست على ما يرام بين الرئاسات الثلاث. والعلاقة بين رئيسَي الجمهورية والحكومة ليست في وضعٍ جيّد بسبب التباين بينهما، فالأول يصرّ على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بمن حضر، والثاني يخشى ذلك منعاً للتصدّع الذي قد يصيب الحكومة ما قد يؤدي إلى استقالة وزراء الثنائي الشيعي. وكذلك فالعلاقة بين الرئاستَين الأولى والثانية متوترة بسبب الخلافات المستحكمة بينهما على العديد من الملفات التي تصل إلى حد القطيعة في غالب الأحيان.
وفيما تؤكّد أوساط عين التينة لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ الأمور لم تصل إلى نقطة اللّا- عودة بين الرئيس نبيه بري وميقاتي، وأنّ عدم التوافق على موضوع معيّن لا يعني وجود خلافات لا يمكن حلّها بين الرئاستَين الثانية والثالثة، وأنّ ما حصل لا يتعدّى كونه خلافاً في الشكل. فالرئيس ميقاتي طرح على الرئيس بري إمكانية عقد اجتماع لمجلس الوزراء، فسأل الأخير عن مصير القاضي بيطار، وتوقّف الحديث عند هذه النقطة.
مصادر رئيس الحكومة كشفت عبر “الأنباء” الإلكترونية أنّ الرئيس ميقاتي، ومن موقعه الحريص على وحدة المؤسّسات، وبالتوازي مع الزيارة الاستثنائية والناجحة للأمين العام للأمم المتحدة، وتأكيده على استمرار الدعم للبنان، أراد أن تتوّج هذه الزيارة بعقد جلسة لمجلس الوزراء، وإشاعة جو من الأمل قبيل حلول الأعياد، وبناءً عليه توجّه إلى عين التينة للتشاور مع الرئيس بري في هذا الشأن.
المصادر أكّدت أن لا استقالة للحكومة، وأنّ رئيسها يدرك من اللحظة الأولى حجم المسؤوليات الملقاة على كتفه، وأي خطوة قد يقدم عليها ستكون نابعة مما يملكه من حس وطني.
وفيما أكّد عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش، لـ”الأنباء” الإلكترونية على العلاقة الوطيدة التي تجمع الرئيسَين ميقاتي وبري، وأنّها لا تتأثر بموقفٍ من هنا وآخر من هناك، كان مكتب ميقاتي واضحاً في بيانه الذي أوضح فيه أنّ رئيس الحكومة كرّر خلال اجتماعه ببرّي موقفه المبدئي رفض التدخل بعمل القضاء بأي شكلٍ من الأشكال، أو اعتبار مجلس الوزراء ساحةً للتسويات تتناول مباشرةً، أو بالمواربة، التدخّل في الشؤون القضائية بالمطلق، وكرّر وجوب أن تكون الحلول المطروحة للإشكالية المتعلّقة بموضوع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء مناطةً بأحكام الدستور دون سواه من دون أن يقبل استطراداً بأي قرار يستدل منه الالتفاف على عمل المؤسّسات.
في هذه الأثناء، تتّجه الأنظار اليوم إلى المجلس الدستوري، والقرار الذي سيصدر عنه حول الطعن المقدّم بقانون الانتخاب، والذي على أساسه سيتحدّد مسار الأمور بما يتعلق باستحقاق الانتخابات النيابية وموعدها. هذا ويُمكن أن يُستشَفّ من القرار بعض الإشارات السياسية، وإن كانت مشفّرة.