غادر الأمين العام للأمم المتحدة لبنان على وقع نبأ تكسير آليات “اليونيفل” في بلدة شقرا الجنوبية، حيث أعاد “غضب الأهالي” ترسيم الخطوط الحمر أمام تحركات القوات الأممية، قاطعاً الطريق أمام عبورها بعض المواقع الحساسة الممنوعة من “الاقتراب أو التصوير”… ولولا عناية الجيش اللبناني وتدخله لتأمين خروج دورية “اليونيفل” سالمة، لكانت دماء عناصرها سالت رجماً بالحجارة، كما بدا من “الفيديو” الذي وثّق الهجوم الشرس الذي شنّه شبان من البلدة بدبش من الحجم الكبير مستهدفين مباشرةً الزجاج الأمامي للمركبات.
وإذ وضعت “اليونيفل” وقائع هذه “الحادثة الخطيرة” في عهدة السلطات اللبنانية للتحقيق فيها و”تقديم المرتكبين إلى العدالة”، مذكرةً على لسان نائبة مدير مكتبها الإعلامي كانديس آرديل بتشديد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس “أمس (الأول من الجنوب) على وجوب أن تتمتع اليونيفيل بوصول كامل ومن دون عوائق إلى جميع أنحاء منطقة عملياتها بموجب القرار 1701″… بدت لافتة للانتباه، في مضامينها وتوقيتها، مواقف قائد الجيش العماد جوزيف عون في خضمّ “ما نعيشه من ظروف أكثر من صعبة”، منبهاً خلالها العسكريين إلى كون مؤسستهم أصبحت “المدماك الأخير الذي يحول دون انهيار الوطن وسقوطه في قبضة الفوضى والميليشيات كما حصل في السابق (…) فتجربة 1975 كانت تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها، ولا أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المسلحة”.
وإذ حذر من أنّ الفتنة باتت على “مسافة خطوات ولن نسمح بوقوعها”، صارح العماد عون عسكرييه بأنّ “الأزمة الاقتصادية ستطول وهناك سيناريوات لمواجهة الأسوأ”، داعياً إياهم إلى ”الصمود أمام العاصفة حتى إنهائها”، وواعداً بتأمين أكبر قدر من المساعدات العينية والمادية ”ليبقى الجيش قادراً على تنفيذ واجباته العملانية”، خصوصاً في ظل “ما نعيشه من ظروف ساحقة تمعن في الناس تهشيماً وتدميراً”، وسأل: “لمن نترك الوطن؟ للفوضى؟ للحرب الأهلية؟” فتضحيات العسكريين وجهودهم هي التي حالت دون انهيار لبنان رغم ما حدث منذ تشرين الأول 2019 لغاية اليوم”.
أما على ضفة “المجلس الأعلى للدفاع” فبدا التناحر السياسي طاغياً على ما عداه من هواجس عسكرية وأمنية ووطنية، من خلال طغيان موضوع تعطيل مجلس الوزراء على استهلالية رئيس الجمهورية ميشال عون أمس في اجتماع بعبدا، جنباً إلى جنب مع تصويبه على المجتمع المدني وإلقاء شبهة “التمويل الخارجي لأنشطته السياسية في مرحلة الانتخابات”. وإذا كان عون قد خصّ الثنائي الشيعي بتحميله مسؤولية مباشرة عن شلّ مجلس الوزراء عبر ”مقاطعته بفعل إرادة من أعضاء فيه”، فإنه بالتوازي وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ”تحت الضغط” للدعوة إلى انعقاد المجلس ملوحاً في المقابل بحجب توقيع الرئاسة الأولى عن القرارات الحكومية لأنه “لا يمكن لأي توقيع اختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية”، فكان رد ميقاتي مزيداً من تجديد الخشية من الإقدام على أي دعوة غير توافقية لانعقاد مجلس الوزراء باعتبارها “تقود البلاد إلى أماكن أخرى وإلى تصدّع يجب تفاديه”.
ولإحكام الضغط على ميقاتي، تقدم نواب تكتل “لبنان القوي” من رئيس مجلس النواب نبيه بري بطلب عقد جلسة لمساءلة الحكومة عن أسباب تمنعها عن الاجتماع والخوض معها في ”مناقشة سياسية في أقرب وقت” تحت قبة البرلمان… وهي خطوة أولى ضمن مروحة واسعة من الخيارات يدرسها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل للرد على “السقطة الدستورية” كما يصفها جراء عدم قبول الطعن بتعديلات قانون الانتخاب.
وكشفت أوساط “التيار الوطني” لـ”نداء الوطن” أن التيار لن يصدر أي قرار أو يعلن عن أي من خياراته المقبلة “قبل 2 كانون الثاني باعتبار أنّ الأسبوعين الفاصلين عن هذا الموعد سيكونان مخصصين لعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات داخلية للنقاش في الطروحات والخيارات بعد تبلور المشهد السياسي الأخير”، معتبرةً أنّ “ما حصل جعل روحية الصيغة اللبنانية برمتها في خطر إثر ضرب صلاحية رئيس الجمهورية في الصميم وإنهاء روحية الشراكة والميثاقية، ما يتطلب إعادة نظر وتقييم لكل المرحلة السابقة تحضيراً للمرحلة الجديدة وكيفية التعاطي معها”.
وإذ أكدت أنه “من المبكر الحديث عن سقوط تفاهم مار مخايل رغم الخروج من روحيته”، أشارت الأوساط إلى أنه كان يمكن لـ”حزب الله” أن يكون له دور مغاير وأداء مختلف “كما كنا نتوقع ونراهن” خصوصاً لجهة صلاحيات الرئيس، مشددةً في ضوء ذلك على أنّ ما جرى ”مش قصة هينة والمشكلة لا يمكن أن تُحل “بقعدة وفنجان قهوة” بين باسيل و(الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن) نصرالله فنحن هنا نتحدث بالعقد والميثاق والدستور والشراكة… وكل الخيارات أصبحت مطروحة أمام “التيار” وهي كثيرة لا سيما على الأرض وفي مجلس النواب”.
الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : عون يضغط على ميقاتي… وباسيل يدرس خياراته “على الأرض وفي المجلس” قائد الجيش ينبّه من “الفوضى”: لن نسمح بتكرار الـ1975