مشهد متجدد من مشاهد الإذلال على أبواب المصارف عاشه اللبنانيون أمس، لتظهر معه مرة أخرى نتائج القرارات العشوائية والهمايونية المتخذة في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، وآخرها التعاميم المتعلقة بدفع رواتب موظفي القطاع العام والمؤسسات العسكرية بالدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة، ما أدى الى ازدحام كبير وتدافع، وأحيانا تضارب، ليتضاعف بذلك ما يعانيه الناس من مهانة وإذلال، تضاف إلى واقع التعطيل المستمر لعمل الحكومة دون أي وازع أخلاقي لدى المعنيين.
أوساط مراقبة عزت ما حصل إلى القرارات الارتجالية الصادرة عن مصرف لبنان بالتزامن مع دفع الرواتب لأكثر من ثلاثمائة ألف موظف وعسكري في القطاع العام وفي الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى. ورأت الأوساط عبر “الأنباء” الالكترونية انه “لو أن المصرف المركزي أعلن اعتماد هذا التدبير من أوائل الشهر، وطلب من المصارف اللبنانية التنسيق بينها وبين الدوائر المختصة بدفع رواتب الموظفين في القطاع العام وفي المؤسسات العسكرية لوضع آلية لدفع الرواتب تحول دون خلق اشكالات أمنية كتلك التي حصلت بالأمس”.
وفي هذا السياق اعتبر الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أن “الطريقة التي تم اعتمادها لتحسين ظروف العسكريين والسماح لهم بسحب رواتبهم بالدولار على سعر صيرفة أدت الى هذه الفوضى. وبالنتيجة كان يمكن تحاشي هذا المشهد لأن الموظف الذي يريد قبض راتبه بالدولار ويحوله الى الليرة اللبنانية كان بالامكان اعطاؤه مساعدات سريعة بالليرة اللبنانية من خلال ماكينات ATM بدلا من هذا القرار الذي فرض على الموظف الدخول إلى المصرف للحصول على راتبه بالطريقة الجديدة”.
وشدد فرح على أن كل ذلك “يدل على وجود تخبط كبير الى حد جعل كل المسؤولين عن الوضع المالي يتخذون قرارات متسرعة وغير مدروسة”.
وفي غضون ذلك يعود الشأن الصحي إلى واجهة الخطر مع الارتفاع المستمر في إصابات كورونا، وقد أشار طبيب الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي البرفسور بيار ابي حنا عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى انتشار المتحوّرين الدلتا التي تتفشى منذ فترة، والاوميكرون الذي ينتشر بطريق أسرع والذي يتوقع أن يحل مكان الدلتا، لكنه لفت الى أن “الاختبارات العلمية أثبتت أن الذين تناولوا اللقاح لديهم مناعة من انتقال العدوى إليهم، وفي حال تعرضهم للاصابة تكون أقل خطورة من الذين لم يتناولوا اللقاح بعد”.
ابي حنا أشار إلى أن المعلومات الأولية أن الاوميكرون أخف أذى من الدلتا بنحو ٥٠ ال٧٥ في المئة، لكنه اسرع استنادا إلى الدراسات التي أجريت في جنوب افريقيا واسكتلندا”، متخوفاً من زيادة عدد الإصابات في موسم الأعياد، مذكرا بأن ما حصل في كانون الثاني وشباط ٢٠٢١ كان كارثة حقيقية. ودعا اللبنانيين إلى “عدم الاستخفاف بصحتهم واعتماد الوقاية التي هي أفضل علاج في ظل وضع اقتصادي سيء للغاية، واستعداد المستشفيات أقل بكثير مما كانت عليه في السنة الماضية، فالمتحور الجديد ينقل العدوى بسرعة عشر مرات اكثر من الدلتا، لذلك يجب الإقلال من الازدحام داخل الأماكن المقفلة وضرورة تهويتها، والالتزام بالنظافة والكمامة وإجراء الفحوصات من وقت لآخر للتأكد من النتيجة السلبية”.