“رسالة” المصارحة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون الى اللبنانيين، لم تحمل جديدا او اي “مفاجآت” غير منتظرة بعدما جرى تحميلها الكثير من “التأويلات” السياسية، فحديثه الموارب عن الخلاف مع “الثنائي الشيعي” لم يحمل جديدا، وبات معلنا، وكذلك تكراره اتهام “المنظومة” بعرقلة بناء الدولة دون تقديم الحلول للخروج من الازمة، فيما الدعوة الى حوار وطني عاجل من اجل التفاهم على اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي، بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر، تبقى موضع شك في نجاحها مع اقتراب نهاية العهد حيث تعتقد اوساط سياسية بارزة انها جاءت متاخرة.
“الابواب” مقفلة…
في هذا الوقت، تبدو”الابواب” مقفلة امام التسويات داخليا وخارجيا. محليا “الوساطات” نعاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، اقليميا “لا” رد حزب الله على ما وصفه بالاتهامات “السخيفة والتافهة” على اتهامه من قبل السعودية “التورط” في حرب اليمن، يعكس عمق الازمة مع دول الخليج المصرة على افتعال التصعيد مع لبنان، ما اصاب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “بالاحباط” بعدما فشل في تسجيل اي اختراق على “خط” الرياض. ولم يكن ينقص الاوضاع القاتمة الا اعتبار موقع “ذاهيل” المقرب من الكونغرس الاميركي، ان ازمة اميركا الحقيقية في المقبل من الايام ستكون لبنان، “فهو قابل للانفجارعلى حدوده الشمالية مع اسرائيل، ما سيجبر الادارة الاميركية على التدخل بقوة اكبر في الشرق الاوسط، ولهذا ينصح “الموقع” ادارة بايدن بعدم اهمال الساحة اللبنانية المقبلة على “الحرب الثالثة” مع اسرائيل التي تتحضر لضربة استباقية، لان الشرارة هذه المرة ستؤدي الى مواجهة شاملة ومدمرة”.
“رفاهية” خادعة!
يبقى ان مظاهرالرفاهية التي يشهدها لبنان في فترة الاعياد “مزيفة” وتعكس اتساع الفجوة الاجتماعية بين طبقتين ازدادت الهوة بينهما، ما يهدد بانفجار “وشيك” اذا ما استمر الانهيار، فـ “خمسة” في المائة من اللبنانيين من الأثرياء يشكلون نحو 100 ألف شخص لديهم قدرة شرائية عالية بالدولار، يضاف اليهم نحو 850 ألف لبناني يتلقون حوالات نقدية بالعملة الصعبة من ذويهم في الخارج، يقبلون على المطاعم والمحلات التجارية، وفقا “للدولية للمعلومات”، في مقابل وجود 3 ملايين لبناني يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة يشكلون 82 في المائة من الفقر المتعدد الأبعاد بحسب دراسة أعدتها “الإسكوا”.
اجواء “قاتمة”
اذا،لا شيء يوحي بان عودة الحكومة الى الاجتماع بعد عطلة الأعياد ستكون امرا سهلا، ففي غياب الاتصالات “الوساطات” التي نعاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، تبدو الاجواء “قاتمة، ولا تبدو سياسة “تدوير الزوايا” المتبعة من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قادرة على تذليل العقبات التي تسد “الطريق” امام اعادة تفعيل العمل الحكومي ، فالشروط الداخلية غير متوافرة في ظل “الكباش” السياسي – القضائي المستمر بين بعبدا وعين التينة والتي اصابت شظاياه العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وهذا يعني ان الحكومة لن تتمكن من إقرار موازنة عام 2022 وإحالتها إلى المجلس النيابي لمناقشتها والتصديق عليها، كما ستغيب خطة التعافي المفترض الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي، وغيرها من الملفات الملحة اقتصاديا واجتماعيا.
نعي للوساطات!
وفي موقف يعكس حجم المأزق الراهن في البلاد، وفيما كان اكثر من طرف يعول على تحركاته “المكوكية”، نفى المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، الكلام عن تواصله مع رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، وتولّيه وساطة مع احدى الرئاسات بُعيد صدور القرار في المجلس الدستوري… وقال إبراهيم، رداً على سؤال خلال جولته في أقسام مركز أمن عام المفتش أوّل الشهيد عبد الكريم حدرج الإقليمي الذي افتتحه في الغبيري امس، إنّ “هذه المعلومة غير صحيحة”، وعندما صدر قرار المجلس الدستوري “كنت خارج لبنان”… وعمّا إذا كان له دور جديد أو وساطة جديدة، قال إنّه يهتمّ بالأمن العام، وشدّد، في الوقت عينه، على وجوب أن يكون هناك تواصل مباشر بين الأفرقاء في السياسة، وقال: “لا أعتقد أنّ هناك أيّ وساطة مطروحة في الوقت الراهن”.
لماذا يرفض ابراهيم “التوسط”؟
ووفقا للمعلومات، رفض اللواء ابراهيم مهمة نقل “الرسائل” بين المقرات الرسمية والحزبية، بعدما اصيب “بخيبة امل” نتيجة النيات المبيتة لدى اكثر من طرف لعدم ايجاد حلحلة للامور العالقة، للاستفادة من التصعيد عشية الانتخابات النيابية، ولهذا تجنب القيام باي “وساطة” يدرك سلفا ان الظروف غير مؤاتية لنجاحها، وهو بات مقتنعا ان الامور سوف تبقى “مكربجة” حتى نهاية العهد، وقد سبق له ان مر بتجربة مماثلة قبل مدة واكتشف وجود “تضليل” ممنهج من قبل البعض، وكلام “بوجهين”، ولهذا انسحب من عملية “التفاوض” وفضل العودة الى ممارسة دوره الطبيعي ضمن صلاحياته في “الامن العام”.
مخاوف رئيس الحكومة
وفي هذا السياق، تشير مصادر مطلعة الى ان آخر محاولة جدية للتفاهم سقطت على هامش الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع، حين اصر الرئيس عون على ضرورة انعقاد مجلس الوزراء بمن حضر، رافضا مناقشة مسألة ملاحقة الرؤساء والوزراء في جريمة مرفأ بيروت داخل الحكومة، لكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض عقد جلسة لا تكون بمشاركة كل الوزراء، لتفادي إقحام الحكومة في مشكلة بغياب الوزراء الشيعة يمكن أن تتحول إلى أزمة حكم تتجاوز مجلس الوزراء، وهذا ما يتجنّبه ميقاتي، وهو ابلغ عون ان “الثنائي” قد يلجأ الى الاستقالة من الحكومة بمجرد الدعوة اليها، وهذا سيحول المشكلة الى ازمة وطنية لا يستطيع ان يتحمل وزرها”.
“اتهامات سخيفة”
وفي موقف يحمل الكثير من الدلالات، اعلن حزب الله عبر بيان صادر عن العلاقات الإعلامية في حزب الله إن ما ورد في المؤتمر الصحافي للناطق باسم قوات العدوان السعودي على اليمن حول ما أسماه أدلة على دور الحزب في اليمن هو أمور “تافهة وسخيفة” لا تستحق التعليق والرد عليها…
ميقاتي “محبط”
وفي ظل “صمت” رسمي معبر، اكد احد الوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة، ان ميقاتي شعر خلال الساعات القلية الماضية “بالاحباط” بعد اصدار “التحالف العربي” “مضبطة” الاتهام اتجاه حزب الله ودوره العسكري المفترض في اليمن، والنقاش ليس حول صحة هذه الاتهامات من عدمها، لكن ما فهم من “الرسالة” السعودية ان التوتر الاقليمي لا يزال على اشده والتسوية لم تحن بعد، وهذا ما سينعكس سلبا على لبنان، وبات واضحا عدم وجود نية خليجية لتخفيف حدة الاحتقان على الساحة اللبنانية بانتظار تبلور المفاوضات مع طهران، وهو امر يزيد من صعوبات العمل الحكومي سواء اجتمع مجلس الوزراء او بقي في طور التعطيل، فالامر سيان لان العلاقات اللبنانية الخليجية ستبقى “مشلولة” الى “اجل غير مسمى”. ووفقا للمعلومات، وعلى الرغم من كل جهود رئيس الحكومة لاظهار تغيير في السلوك والاداء الرسميين تجاه المملكة، وتواصله مع الفرنسيين “لتسييل” الاتصال الذي تلقاه من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان برعاية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ اسابيع، فان اي تطور ايجابي لم يسجل في العلاقات بين البلدين.
لا “مفاجآت”؟
في هذا الوقت، وفي “رسالة” مصارحة الى اللبنانيين، لم تحمل الكثير من “المفاجآت” كرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتهام “المنظومة” بعرقلة بناء الدولة، ودعا الى حوار وطني عاجل من اجل التفاهم على اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي، بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر. وفيما لمح الى اطلالة مقبلة يكون فيها اكثر “صراحة”، أوضح انه “كان دعا الى اكثر من لقاء ومؤتمر وطرح حلولا، ولكن اهل المنظومة رفضوا ان يتخلوا عن أي مكسب، ولم يحسبوا أي حساب للناس. ولفت الرئيس عون الى ان الحل ممكن من ضمن وثيقة الوفاق الوطني، وهو يقتضي اولا اجراء المحاسبة، أي تحديد المسؤولية عن الانهيار، وحماية أموال الناس واعادتها الى المودعين.
الاستراتيجية الدفاعية
وشدد الرئيس عون على ان “الدفاع عن الوطن يتطلب تعاونا بين الجيش والشعب والمقاومة، ولكن المسؤولية الأساسية هي للدولة. وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية، وتسهر على تنفيذها”. ودعا الى “وقف التعطيل المتعمد والممنهج وغير المبرر، الذي يؤدي الى تفكيك المؤسسات وانحلال الدولة، والى ضرب المجلس الدستوري، واسقاط خطة التعافي المالي وتعطيل الحكومة وعرقلة القوانين في مجلس النواب، فيما التفكيك والانحلال نحرا القضاء”.
لماذا “التعطيل”؟
وسأل الرئيس عون: “بأي شرع او منطق او دستور، يتم تعطيل مجلس الوزراء، ويُطلب منه اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، ويتم تجميد عمله بسبب مسألة لا تشكل خلافا ميثاقيا؟”، مستطردا انه “على الحكومة ان تعمل، وعلى مجلس النواب ان يراقب عملها ويحاسبها عند الضرورة، وليس المساهمة في تعطيلها، فيما يعمل بعض المسؤولين على استمرار الشلل فيها”.
تحديد موعد الانتخابات
وفي سياق يعكس “جدية وزارة الداخلية والحكومة اللبنانية لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية”، كما اكد وزير الداخلية بسام المولوي، حددت “الداخلية” 15 ايار المقبل موعدا لاجراء الاستحقاق الانتخابي ووعدت باستكمال الإجراءات الآيلة لحصوله بقرارات متتالية، منها فتح مهلة الترشيح بعد نشر المرسوم، ووفقا لبيان الداخلية سيقترع الموظفون الذين سيشاركون في العملية الانتخابية، يوم الخميس 12/5/ 2022 فيما يقترع اللبنانيون غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، يومي الجمعة الواقع فيه 6/5/2022 أو الأحد الواقع فيه 8/5/2022، وذلك بحسب مصادفة يوم العطلة الرسمية في الدول الجاري فيها الاقتراع. ووفقا لمصادر مطلعة، فان رئيسا الجمهورية والحكومة لن يمانعا قرار وزير الداخلية، ومن المرجح ان يوقعا على المرسوم.
الحريري “عائد”؟
وربطا باعلان موعد اجراء الانتخابات النيابية، وفيما تسود “البلبلة” والضياع في تيار المستقبل، اكدت اوساطه ان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عائد الى لبنان بعد الاعياد لاتخاذ القرارات المناسبة حيال الاستحقاق الانتخابي، ووفقا للمعلومات، يصر الحريري حتى الان على عدم خوض الانتخابات شخصيا لكن دون خروج تياره السياسي من “الحلبة”، وهو يزمع التنسيق مع رؤساء الحكومة السابقين لتحديد وجهته المقبلة.
لا حل لازمة الكهرباء قريبا!
معيشيا، لا تبدو ان ازمة الكهرباء ستنتهي قريبا، ولا يبدو ان مطلع العام سيحمل معه بداية حل لهذه المعضلة، ومن ابرز المؤشرات تأجيل اجتماع البنك الدولي المقرر الشهر المقبل الى شباط ، وسط شروط “قاسية” ابرزها تعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء، ما يعني ان لا تمويل حتى الان لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن، فيما ينتظر البلدان المزيد من الضمانات الاميركية لاعفائهما من تداعيات قانون قيصر!
“الكونغرس” يتوقع حربا ؟
بعد ساعات على كشف إذاعة جيش العدو الاسرائيلي عن صدور اوامر من قبل رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي لتسريع الاستعدادات لهجوم محتمل ضد ايران عبر اجراء تعديلات على البرامج التدريبية للطيارين في سلاح الجو، دخلت بعض دوائر الكونغرس الاميركي على خط التحذير من اندلاع ما اسمته “حرب لبنان الثالثة”، ما قد يدفع الادارة الاميركية الى العودة بقوة إلى الشرق الأوسط.
“خطوط حمراء”
ووفقاً لإريك مانديل، في موقع “ذا هيل” المقرب من الكونغرس الاميركي، فإن إسرائيل لديها “خطوط حمراء” في التعامل مع إيران وحزب الله وأكثر الترجيحات تشير في الوقت الحاضر الى قيام إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية وقيام حزب الله بإطلاق أكثر من 150 ألف صاروخ، حيث سيتمكن من تجاوز قدرات “القبة الحديدية” وأنظمة “مقلاع داود” “وآرو” المضادة للصواريخ. وهذا السيناريو سيفرغ “الغرفة” من الأوكسجين، على حد تعبير الكاتب، الذي أكد أيضاً أن النقاش حول المواجهة القادمة سيكون أقل وضوحاً.
ضربة اسرائيلية استباقية
وأوضح مانديل، المعروف بتنسيقه الدائم والرفيع مع أعضاء الكونغرس ومساعديهم في السياسة الخارجية، أن ما قد يدفع إسرائيل الى التحرك قد لا يكون له علاقة بمسيرة إيران نحو العتبة النووية، بل قدرة حزب الله انتاج صواريخ دقيقة يمكن أن تلحق دمارا هائلا في إسرائيل من الجنوب والشمال، وهنا تحدث الكاتب عن استعدادات اسرائيلية لتوجيه ضربات “استباقية” إلى جميع أنحاء لبنان، وهذا قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية، ولهذا دعا ادارة بايدن الى ألا تغض الطرف عن لبنان.
غزو بري اسرائيلي؟
ورجح موقع “ذاهيل” بان تقوم “إسرائيل” في وقت قريب بغزو بري واسع النطاق، لانها لا تستطيع تدمير مخازن الصواريخ الموجهة بدقة بواسطة حملة جوية فقط، خصوصا ان المعلومات الاستخباراتية تشير الى ان حزب الله على وشك إنتاج معدات دقيقة لصواريخه في لبنان، مشيراً إلى أن إسرائيل باتت تعرف من تجربة حرب لبنان الثانية، ان تاثير الهجمات الجوية محدود.
مخاطر الحرب الشاملة
وأوضح الموقع المقرب من الكونغرس أن حزب الله قد لا يكون معنيا بشن حرب مدمرة بعد قيام إسرائيل بضربة على المنشآت النووية الإيرانية، ولكنه سيرد على أي حملة جوية إسرائيلية تهدف الى تدمير ترسانته الصاروخية، ويمكن أن يشمل الرد بالصواريخ وهجمات برية عبر الحدود . ولن تكون الحرب إسرائيلية- لبنانية، ومن المرجح ان تدخل “المليشيات الإيرانية” الحرب عبر سوريا، كما ستتدخل الفصائل المسلحة في العراق.