البلاد تواصل “سقوطها الحر” في “جهنم”، وقد خرجت الامور عن السيطرة، الدولار تجاوز للمرة الاولى الـ 32 الف ليرة، ويستمر في التحليق دون سقف، الرواتب تتآكل، والاسعار تجاوزت كل حدود العقل والمنطق، الكثير من محطات الوقود اقفلت ابوابها بانتظارغلاء الاسعار اليوم، اما الافران فتتجه للاقفال بعد تمنع المطاحن عن تسليم الطحين، وغياب التسعير من وزارة الاقتصاد. اما البلاد فستكون امام يوم “الغضب” الخميس المقبل حيث ستكون كل طرقات لبنان غير سالكة كما اعلنت نقابة اصحاب السيارات العمومية، والتغذية الكهربائية كما الانترنت، من سيئ الى اسوأ، اما”كورونا” فيتمدد، والعام الدراسي في خطر. في المقابل، عجز فاضح عن اجتراح الحلول لدى المسؤولين، لا خطط ولا من “يحزنون”، الرئاسة الاولى مشغولة “بالتنظير” لدعوة حوار “لزوم ما لا يلزم”، وتعيش حالة استنفار على “خطوط” التماس مع الرئاسة الثانية المشغولة في “تعطيل” العهد حتى الرمق الاخير، فيما الرئاسة الثالثة تتعايش مع “الشلل” الحكومي تهربا من قرارات حاسمة مفترضة لوقف “الانتحار” الجماعي، اما السؤال عن الكتل النيابية ودورها قد يكون مثيرا “للسخرية”، فلا “صوت يعلو فوق صوت” المعركة الانتخابية، ولو “بدها تشتي كانت غيّمت” منذ اربع سنوات، لكن الفشل سيمتدّ حتى ما بعد بعد الاستحقاق الرئاسي، مهما كانت هوية “الاغلبية” المقبلة.
وفي الانتظار، لا جلسة حكومية قريبة بعدما تبين ان الموازنة غير جاهزة، ووفقا للمعلومات، فوجىء وزير المال يوسف خليل بكلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من بعبدا لانه سبق وابلغه في اليوم نفسه ان انجاز الموازنة يحتاج الى اكثر من اسبوعين، وهو يواجه صعوبة كبيرة في اقرار ارقامها، لان المشكلة كبيرة في تحديد بنودها لان الدولار يواصل ارتفاعه، وحتى الان لا توجد خيارات محسومة في كيفية احتساب سعر الدولار في بنود الموازنة. اما الوعود المصرية بالامس بتسريع توريد الغاز لا تزال معلقة على “الافراج” الاميركي عن الضمانات للقاهرة بعدم التعرض لعقوبات “قيصر”، وكما في بيروت حضرت الانتخابات في “شرم الشيخ” من “بوابة” القلق المصري على الخلل الحاصل في الساحة السنية التي ستشهد مواجهة مفتوحة بين “الاخوين” الحريري، بدءا من شباط المقبل. وفيما لا يزال رئيس الجمهورية ميشال عون “مستغربا” عدم تلقف القوى السياسية دعوته الحوارية، تنطلق اليوم لقاءاته مع رؤساء الكتل النيابية وعلى مدى يومين لاستمزاج “رأيهم”، وفيما تنتظر بيروت الزيارة المؤجلة دون اسباب موجبة “للوسيط” الاميركي للبحث في ملف “الترسيم”، تنشغل اسرائيل بالمواجهة المفترضة مع حزب الله، والجديد الاقرار بانهيار ثقة الجمهور بالجيش الاسرائيلي وكذلك الاقرار بالفشل في المعركة بين الحربين ضد الحزب.
الصراع على الساحة السنّية ؟
في هذا الوقت، لم يكن مفاجئا ان تغيب عن كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في شرم الشيخ اي وعود للحلول الاقتصادية في ظل استمرار “الشلل” الحكوميّ الراهن نتيجة عدم التئام مجلس الوزراء، وكذلك فشله مؤخرا من “كسر الجليد” بين الرئاستين الأولى والثانية، وقد جاء تركيزه على الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل منسجما مع الاهتمام المصري المستجد بمصير “الساحة” السنية في ظل التخبط المستمر بين قادتها عشية هذا الاستحقاق.
وقد علمت “الديار” ان القاهرة مهتمة للغاية بمتابعة هذا الملف، وقد سمع ميقاتي كلاما واضحا حول ضرورة مشاركته في هذه الانتخابات في ظل تراجع دور القيادات السنية القوية عن التاثير في الحياة السياسية اللبنانية في هذه الفترة الحرجة، خصوصا ان القيادة المصرية قد سجلت اكثر من علامة استفهام حول ردود فعل رئيس الحكومة من الاحداث المتتالية التي ادت الى محاصرة العمل الحكومي “وعزل” المركز السني الاول عن الفعل واكتفائه بردود فعل غير مؤثرة زادت من “الاحباط” السني في البلاد.
الملف الانتخابي: اولوية مصرية
وتبدو القاهرة معنية بالملف الانتخابي من “بوابة” استشراف موقف تيار المستقبل من الاستحقاق، وشجّع ميقاتي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على “لعب” دور فاعل في هذا الاتجاه، وابلغه ان تاثيره في هذا الملف محدود ويشمل طرابلس وبعض الشمال، ولا يزال تيار المستقبل الاكثر قدرة على التاثير على مساحة المناطق السنية الاخرى، لكن الرئيس سعد الحريري لا “يرد” على هاتفه لمناقشة اي من هذه الملفات، بحسب ميقاتي الذي اعاد التاكيد على ضرورة حصول وضوح قريب في “الصورة” لان استمرار التذبذب سيسمح بدخول تيارات وشخصيات أخرى على “الخط” قد لا يكون من السهل التفاهم معها في المستقبل.
سعد في زيارة “خاطفة”!
وفي هذا السياق، تشير اوساط مطلعة الى ان القاهرة تستعد للتحرك قريبا باتجاه الرئيس سعد الحريري الذي قد يزور العاصمة المصرية قبل عودته التي وعد بها هذا الشهر الى بيروت، حيث من المقرر ان يبقى لثلاثة ايام سيعمل خلالها على ترتيب ملف الانتخابات النيابية على ان يعلن في نهاية “الورشة” قراره ازاء الاستحقاق لجهة الترشح والشخصيات المتبناة من قبله، وكذلك التحالفات في كافة المناطق.
بهاء الى بيروت؟
وعلم في هذا الاطار، ان المشكلة الرئيسية لدى تيار المستقبل لا ترتبط فقط بغياب “التمويل” الانتخابي وضعف التحالفات مع القوى المسيحية، وانما في الدخول القوي لبهاء الحريري على خط الانتخابات حيث يوزع الوعود على اكثر من مرشح بدعمه بتمويل مفتوح، ويعمل على اختراق القواعد “الوسطى” بتيار المستقبل في كافة المناطق، ووفقا للمعلومات يعد بهاء العدة لزيارة بيروت في شباط المقبل لاطلاق العمل الانتخابي سياسيا واعلاميا، وقد بدأ بالتمهيد لعودته المؤقتة باتصالات مع شخصيات سنّية وازنة وفي مقدمتها النائب فؤاد مخزومي في بيروت.
قلق من التطرف
ووفقا للمعلومات، لدى القاهرة ايضا مخاوف مستجدة من “تسرب” الشباب السني وخصوصا من الشمال باتجاه التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق، وقد سبق للسفير المصري في بيروت ان اثار مخاوف بلاده الموثقة بتقارير استخباراتية مصرية حيال هذا الملف الخطير مع ميقاتي، وطالب باهتمام كبير بهذا الشان.
بانتظار “قيصر”؟
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد جدد خلال لقائه ميقاتي استعداد مصر للإسهام في تسريع إيصال الغاز المصري وفق المعاهدات الموقّعة، مؤكداً التضامن الكلي مع لبنان خصوصاً في الضائقة التي يمرّ بها، أما ميقاتي فشدّد خلال تلبيته مشاركته في “المنتدى الشبابي الدولي” الرابع أن الانتخابات النيابية التي ستجري في الربيع المقبل وسوف تشكّل فرصة لشباب لبنان ليقولوا كلمتهم ويحددوا خياراتهم في ما يتوافق مع رؤيتهم للانخراط في ورشة الإنقاذ الوطني المنشود.
وقد التقى ميقاتي نظيره المصري مصطفى مدبولي وتمّ البحث في موضوع استجرار الغاز المصري إلى لبنان، واتفق على توقيع الاتفاق الأولي بين لبنان ومصر والأردن وسوريا قريباً، تمهيداً للحصول على الإعفاء النهائي من عقوبات “قانون قيصر”. وأبلغ رئيس وزراء مصر نظيره اللبناني عن تجهيز كمية من المساعدات الطبية والغذائية تمهيداً لإرسالها بحراً إلى لبنان.
استمزاج “حواري” في بعبدا
في هذا الوقت، وفيما اعلنت “القوات اللبنانية” و “تيار المستقبل” مقاطعة الحوار المفترض، يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم كلا من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والنائب طلال ارسلان، لاستمزاج رايهم في “الحوار الوطني” المفترض، وقد اعلنت حركة امل في بيان مجلسها السياسي امس المشاركة في الحوار، في المقابل تنتظر بعبدا المزيد من التوضيحات من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي اعتذر عن عدم زيارة القصر لاسباب صحية، و “فرمل” اعلان موقفه لمزيد من “الدرس” مع توجه للمقاطعة في ظل الغيابات التي تفرغ اي حوار من المضمون.
موافقة بري “ملغومة”!
ووفقا للمعلومات، لا يرغب جنبلاط في منح النائب جبران باسيل قارب نجاة سياسي، ويفضل عدم اتخاذ خطوة تثير حفيظة الشارع الدرزي، وكذلك المسيحي في الجبل عشية الانتخابات. اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فقد ابلغ عون انه سيشارك في الحوار بصفته الرسمية، ويرفض بأن يختزل حضوره الطائفة السنية، لانه لا يريد ان “يتحدى” احد، وتمنى عليه التريث بعدم توجيه الدعوة بعدما توالت الاعتذارات. اما موافقة بري على الحوار، فتراها بعبدا “ملغومة” لان رئيس المجلس يعرف مسبقا ان الحوار سيكون دون جدوى، وهو يرغب في تسجيل بعبدا اخفاق جديد.
عون يقر “بمحدودية” الحوار!
في هذا الوقت يسعى الرئيس عون إلى إظهار أهمية “اللقاء الحواري”، وقد شدّد خلال استقباله شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى على رأس وفد، على “ضرورة أن يتخطّى هذا الحوار الخلافات السياسية البسيطة”، معتبراً أنّ “الخلاف السياسي لا يجب أن يوصلنا إلى خلاف وطني حول مبادئ جوهرية وأساسية مثل الهوية والوجود، ما قد يهدّد وحدة لبنان وسيادته واستقلاله”، وقال إنّ “الحوار يعنينا جميعاً، وهدفه ليس تحقيق مصلحة حزبية أو شخصية. فالوطن للجميع، والإنماء كما الازدهار للجميع أيضاً، وعلينا التعاون للمحافظة على هذه الحياة المشتركة في ظل الاطمئنان والأمان. وفي اقرار منه بمحدودية النتائج أشار عون إلى أنّ ردود فعل إيجابية أتت أولاً بالنسبة إلى الدعوة إلى الحوار، “لكن بدأت بعض التحفظات بالظهور. علماً أنّ برنامج هذا اللقاء الحواري يقوم على 3 نقاط خلافية أساسية في لبنان، ونحن نسعى ليس إلى حلها قبل الانتخابات، ولكن على الأقل تخفيف حدة الكلام عنها!.
بعبدا توضح وتصعد!
وردا على اتهام رئيس الجمهورية بالمسؤولية عن عدم تمكن المتعاقدين والاجراء والمياومين وغيرهم من قبض رواتبهم وتعويضاتهم في نهاية شهر كانون الثاني الجاري، وجه قصر بعبدا سهامه الى “الثنائي الشيعي” وقال في بيان أن أي تأخير قد يحصل في معالجة حقوق المتعاقدين والاجراء والمياومين وغيرها من الحقوق والموجبات المالية وغير المالية، تتحمل مسؤوليته الجهات التي تعطل انعقاد جلسات مجلس الوزراء حيث المكان الدستوري الوحيد الصالح لبت مثل هذه المسائل، وبالتالي فإن المصلحة الوطنية العليا، ومصلحة جميع اللبنانيين، تكمن في انعقاد مجلس الوزراء في اسرع وقت ممكن تفاديا لمزيد من الاضرار التي تلحق بالدولة ومؤسساتها وبالعاملين فيها، مدنيين وعسكريين، وبالتالي باللبنانيين جميعا، فضلا عن ضرورة مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2022 وعرض خطة التعافي المالي فور انجازها”.
اسرائيل ضعيفة براً؟
في هذا الوقت، تنشغل اسرائيل في مخاطر الحدود الشمالية في ظل ترهل كبير في سلاح المشاة في الجيش الاسرائيلي، الـ “غير مؤهل” لخوض حرب برية، فيما اظهرت استطلاعات الراي عدم ثقة الجمهور الاسرائيلي بان الجيش قادر على حمايتهم.، وقد اقر مركز أبحاث الأمن القوميّ الاسرائيلي بـفشل “المعركة بين الحروب” ضدّ حزب الله الذي بات يملك بحسب “المركز” قدرة عسكرية خطيرة جدا تفوق العديد من دول “الناتو”، فيما لا تزال خشية إسرائيل من القيام بعملية عسكريّة بريّة في الشمال تثير التساؤلات!
فقد سلطت دراسة جديدة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي “الضوء” على امتناع اسرائيل منذ سنوات طويلة من اللجوء إلى العمليات البريّة لحسم الحروب، وأكّدت ان مَنْ يهرب من العملية العسكريّة البريّة هو عمليًا الخاسِر. واكدت الدراسة ان قيام الجيش الإسرائيليّ دون عمليةٍ بريّة يؤدّي إلى إطالة فترة الحرب، وكنتيجةٍ لذلك فإنّه يُعرِّض الجيش والعمق الإسرائيليّ لضرباتٍ مُوجعةٍ من قبل “جيش العدوّ”. وشدد المركز على أنّ العملية البريّة مهمّة لأنّها تحسم أولاً وأخيرًا السؤال مَنْ الذي انتصر في الحرب، كما أنّ العملية البريّة تؤدّي إلى تقصير فترة الحرب.
فشل “المعركة بين الحروب”
واكد المركز القومي ان الإستراتيجيّة التي تنتهجها إسرائيل في “المعركة بين المعارك”ضدّ حزب الله فشِلت في وقف تعاظم ترسانة الحزب العسكريّة، لا بلْ أنّ بناء القوّة العسكريّة التدميريّة للحزب في تصاعدٍ مُستمّر. ووفقا لمصادر رفيعة في تل أبيب، فانه على الرغم من التدخلات الاسرائيلية يمتلك حزب الله اليوم قوّة عسكريّة خطيرةٍ جدًا، وهذه القوّة أكبر من القوّة التي تمتلكها العديد من دول حلف شمال الأطلسيّ (الناتو)، وكلّ يومٍ يمُرّ تزداد القدرات العسكريّة لحزب الله، وذلك يشمل الصواريخ الدقيقة، المُسيّرات الانتحاريّة، صواريخ أرض ـ جوّ.
تعاظم قدرات حزب الله
كما أضاف المركز: ومع مرور الأيام تتعاظم قدرات التنظيم من سلاح صاروخي دقيق، عبر سلاح “غير اعتيادي” دقيق (صواريخ جوالة، طائرات مُسيرة هجومية، صواريخ شاطئ بحر)، وحتى صواريخ أرض – جو. ولم ينتهِ بعد الصراع ضد حيازة الحزب سلاحاً دقيقاً، وهذا يعني ان قدرات حزب الله الجديدة تسمح له بمهاجمة العمق الإسرائيلي وأهدافاً حيوية مدنية وعسكرية، بكل دقة. وهذه القدرات تستخدم من عمق لبنان، وربما من ساحات أخرى (عمق سوريا وغرب العراق)، أي من عمق أرض الخصم إلى عمق أرض إسرائيل. وهذه القدرات كفيلة بأن تكون مستخدمة بسرعة نسبية، وهي تحتاج إلى إعدادات وتغييرات طفيفة في الانتشار. والخلاصة، فان ارتفاع ثمن المواجهة سيصعّب اتخاذ القرار بفتح المواجهة، وبالتأكيد على اتخاذ قرار بفتح حرب كاملة.