حصيلة اليوم الثاني من اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية، ميشال عون، مع رؤساء الكتل النيابية للتشاور معهم بشأن الحوار الذي يسعى لانعقاده لم تكن أفضل من اليوم الأول. فالمشاركة اقتصرت على فريق الممانعة دون غيره، حتى أنّ بعضهم وصفه بحوار “الطرشان”، في حين ستغيب عنه إذا ما انعقد قوى وازنة كتيار المستقبل، واللقاء الديمقراطي، والقوات اللبنانية، بانتظار أن يعلن الرئيس عون موقفه حول المضي قُدُماً بدعوته، أو صرف النظر عنها، في حين أنّ المعلومات تشير إلى أنّه بات في مهب الإلغاء.
مصادر سياسية متابعة سألت عن جدوى الحوار في هذه الظروف وغياب قوى سياسية وازنة، ورأت فيه محاولة للهروب إلى الأمام مع إغفال متعمّد للحكومة ودورها في معالجة الأزمة المالية والاقتصادية، وكأنّ الارتفاع الجنوني للدولار وانعكاساته الكارثية على حياة اللبنانيين لا يعنيهم.
المصادر تخوّفت عبر “الأنباء” الإلكترونية من وجود أفخاخ لتطيير الانتخابات النيابية تبدأ من هذا الانقسام العمودي بين القوى السياسية على مجمل المسائل الصغيرة والكبيرة. فلو كانت نية الذين يؤيدون الحوار صادقة لكانوا على الأقل سألوا عن الأسباب التي تحول دون تفعيل الحكومة التي تحوّلت مع عامل التعطيل إلى حكومة تصريف أعمال.
في هذه الأثناء، وفي موقفٍ لافت، يشدّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، على أن تفعيل عمل الحكومة أهم بكثير من الدخول في حوار باتت نتائجه معروفة سلفاً. وبناءً عليه، أعاد عضو اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبدالله، التأكيد في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ موقف رئيس الحزب واضح لجهة إعطاء الأولوية لتفعيل الحكومة، خاصةً وأنّ الحوار في عناوين أساسية جرت مناقشتها، والواضح أنّ الاستراتيجية الدفاعية واللّا- مركزية الإدارية هي عناوين خلافية. أمّا العناوين الأخرى المتعلّقة بالتعافي الاقتصادي، والموضوعَين الصحي والتربوي ليسا بوارد البحث بها وهذا أمر غير منطقي، واصفاً الدعوة للحوار بأنّها هروب إلى الأمام طالما أنّنا لا نستطيع البحث في الملف الأساسي، مضيفاً: “كيف نستطيع استحضار تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية، والهمّ الأساس ينحصر بالهاجس المعيشي والاقتصادي، فمن غير المنطق أن نُبقي لبنان ساحةً لتبادل الرسائل الإقليمية والدولية”.
في هذا الوقت، ينفّذ اتحاد النقل البري، بالتعاون مع الاتحاد العمالي العام، إضراباً لكل قطاعات النقل في لبنان من أجل الضغط على الحكومة لتنفيذ الاتفاق الذي وعدت به القطاع.
وقد تحدّث رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، عن اتفاق مسبق بين اتحاد النقل البري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بحضوره، تعهّد ميقاتي بموجبه بإعطاء السائقين العموميين بدلات ارتفاع أسعار المحروقات، ولغاية الآن لم يدفع شيئاً رغم الارتفاع الجنوني بأسعار المحروقات. ويأتي الإضراب لنرى ما هي الوسائل المسهّلة لتنفيذه بما ينعكس إيجاباً على مجمل الشعب اللبناني، بعد أن أصبحت تسعيرة السيارات العمومية تتراوح بين 25 و35 ألف ليرة، ويُتوقّع أن يصل إلى 50 أو 60 ألف ليرة، وبناءً عليه فإنّ دعم السائقين يؤدي إلى تسعيرة مقبولة تنعكس على العمّال، والطلّاب، والعسكريين.
الأسمر أشار إلى وجود خطة للنقل العام تبنّاها البنك الدولي، وقام بدراستها، ورصد مبلغ 290 مليون دولار لتنفيذها ضمن بيروت الكبرى، مع خط نقلٍ سريع من بيروت إلى طبرجا، ومن ضمنها شراء 250 باصاً، على أن يُقتطع جزء من هذا المبلغ لشرائها، وأنّ وزير النقل، علي حمية، أعاد دراسة الخطة وأبدى استعداده لتنفيذها، كما توصّل إلى صيانة 45 باصاً كانت لدى مصلحة النقل وسيتم قريباً تشغيلها ضمن بيروت.
الأسمر لفت إلى تلقيه اتصالاً من الرئيس ميقاتي، ومن الوزير حمية، وأنّهما يسعيان جاهدَين لتجنيب البلاد المزيد من الخضّات، لأنّ الشعب اللبناني شبع من سياسات عدم التوازن.
وفي تعليقه على الارتفاع الجنوني في أسعار الدولار، طالب الأسمر الدولة أن تضرب بيدٍ من حديد، داعياً القضاء لمكافحة هذه الفوضى السوداء داخلياً وخارجياً، وكل من يضارب بالعملة الوطنية التي أصيبت بضررٍ فادح، مستغرباً كيف أنّ البعض ليس لديهم أدنى حسٍ بالمسؤولية، وكأنّهم ليسوا معنيين بإذلال الشعب، وخاصةً من خلال التعاميم التي تمارس “الهيركات” بطريقة أو بأخرى، بما يسمح للمودعين سحب ودائعهم على دولار 8,000 ليرة فتكون خسارتهم بحسب تسعيرة المنصة ثلثي هذه الودائع عن طريق “هيركات” مقنّع، متمنياً الانتهاء من رحلة العذاب، وأن يؤدي تطوّر الأوضاع الإقليمية إلى انعكاسٍ إيجابي يساعد على عودة لبنان إلى سابق عهده من الازدهار والبحبوحة.