تقدمت العاصفة الثلجية «ياسمين» على ما عداها مع وصول الثلوج الى الشواطىء اللبنانية في حدث غير مألوف لم يحصل منذ العام 1963حيث تساقطت الثلوج على ارتفاع 400 متر وما دون وقد لامست الشاطئ في عمشيت وجبيل، وتدنت درجة الحرارة الى الصفر وبضع درجات تحته في البقاع وعلى المرتفعات، وكالعادة فضحت موجة الصقيع والامطار الغزيرة الدولة المهترئة حيث وجد اللبنانيون انفسهم كالعادة في مواجهة تحديات الطبيعة في غياب الكهرباء وشح المازوت وشراءه من السوق السوداء بعمولات تجاوزت السعر الرسمي ب15 بالمئة باقرار وزير الطاقة والمياه وليد فياض الذي «شجب» الجريمة مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام واكتفيا بوعد لا «يغني» عن برد بملاحقة أي مخالفة تستغل ظروف الناس الصعبة وتحديداً في المناطق الجبلية؟ فيما يبقى السؤال حول الاجراءات الاستباقية المفترضة لدولة تعودت على مشاركة المواطنين «بالشكوى» «والنق»دون ان تقوم بواجباتها كسلطة رادعة لمنع «الذل» باشكاله المتنوعة!
وفيما تشق الموازنة غير الاصلاحية في بنودها «التضخمية» طريقها نحو الاقرار في مجلس الوزراء، تكبر يوما بعد يوم «كرة ثلج» خروج رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من الحياة السياسية وتداعياته على الساحة السنية، وفيما نفى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط نيته «الاعتكاف» السياسي معتبرا ان ظروف الحريري خاصة به، مؤكدا المضي بالحد الادنى من «المقاومة» على رغم الظروف الدولية والاقليمية الصعبة،في ظل تخلي العرب عن الساحة اللبنانية، يكثر الحديث عن سعي بهاء الحريري للحصول على «المظلة» السعودية لوراثة اخيه والدخول بقوة على الساحة السنية في شباط المقبل، وقد انتقل النقاش الى تاثير المقاطعة السنية السلبي على الاستحقاق الرئاسي بعد النيابي، وهو ما يقلق «عين التينة» التي تحاول ثني رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن مقاطعة الاستحقاق الانتخابي فيما تحركت السفارتان الاميركية والفرنسية للتحذير من تداعيات اي محاولة لنسف الانتخابات. اما انتظار رد فعل دول «وثيقة» الاملاءات التي سوقت لها الكويت على الاجوبة اللبنانية المفترضة غدا، فلا تحمل التوقعات الكثير من التفاؤل خصوصا بعدما تحولت «الشروط» الى ورقة تفاوضية ارادت السعودية فرضها على «الطاولة» في الحوار مع طهران التي سبق لها ان رفضت ان يكون لبنان جزءا من الحوار الثنائي.
رد عملي لا انشائي؟
الرد العملي اللبناني سيحمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى نظرائه العرب يوم غد، ووفقا للمعلومات، انهى القصر الجمهوري صياغة نص «غير انشائي» وواضح وافق عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويفترض ان يعرض اليوم على رئيس مجلس النواب نبيه بري للموافقة عليه، ووفقا للمعلومات، لم يلزم لبنان نفسه بما لا طاقة له عليه لجهة القرار 1559وال1701وهو سيضع القرارين في سياقهما الدولي والاقليمي وارتباطهما بتطبيق اسرائيل بالتزامها بالقرارات الدولية، اي ان ملف سلاح حزب الله يتجاوز الواقع اللبناني الداخلي، ونزعه مسالة اكبر من قدرة لبنان على اتخاذ القرار فيه اما منع التحريض على دول الخليج فيستعرض الرد تعامل لبنان الرسمي بجدية مع هذا الشان بعد اقالة وزيرين للخارجية والاعلام، فيما مكافحة المواد المخدرة، فيملك الجانب اللبناني الكثير من الوثائق التي تؤكد التعاون الامني الوثيق مع كافة الدول لمكافحة هذه الآفة التي تحمل ابعادا جرمية لا سياسية.
لبنان على «الطاولة»؟
ووفقا لاوساط دبلوماسية، فان الامور ستبدا بالتبلور بعد يوم السبت حيث سيتبين كيفية تعامل دول الخليج وفي طليعتهم الرياض مع الردود اللبنانية على «الوثيقة» الكويتية التي تبدو وفقا للتسريبات «غير كافية»، حيث يامل الجانب اللبناني فتح مسار تفاوضي حول نقاطها العالقة وخصوصا سلاح حزب الله، وهو امر لا يبدو انه قابل للتفاوض، الا اذا حصلت تطورات ايجابية في مسار طاولة الحوار مع طهران لاحقا، حيث تعمدت السعودية الاعلان عن هذه الوثيقة لتكون جزءا من عملية التفاوض بعدما سبق للايرانيين ان رفضوا ادخال لبنان ضمن اي «صفقة»؟!
ثمن «البقاء على قيد الحياة»
وبانتظار كيفية تلقف دول الخليج للردود اللبنانية، فان هذه الوثيقة، لم تغب عن اهتمام دولة الاحتلال الاسرائيلي، حيث وصفها مصدر رفيع المستوى بانها تمثل الثمن الذي على لبنان دفعه إذا أراد «البقاء على قيد الحياة»، وبحسب صحيفة «هارتس» التي تحدثت عما وصفته بتدفق «الدماء الشريرة» بين السعودية ولبنان، وقالت «ان مصدرها جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لإبعاد حزب الله من الحكومة، وتقليص هيمنة إيران وعودة «صاحب البيت» ليكون في الدولة مثلما كانت الحال في عهد رئيس الحكومة رفيق الحريري، الذي قتل في العام 2005. وذكرت «هارتس» بان الجهود السعودية وصلت إلى الذروة في 2017 عندما استدعت المملكة رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري، وأجبرته على إعلان استقالته من الحكومة. واشارت الصحيفة الى ان السعودية فرضت المزيد من العقوبات المؤلمة على لبنان، عندما فرضت الحظر على استيراد البضائع بحجة ملايين حبوب المخدرات و قد انضم إلى السعودية، التي علقت علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان في تشرين الأول، الإمارات والبحرين، وبهذا أكملوا الخناق على الاقتصاد اللبناني.
«وثيقة» استسلام
ووصفت الصحيفة الشروط بانها «وثيقة استسلام استهدفت إهانة لبنان»، واشارت الى ان «العبوة الناسفة» تكمن في الطلب السياسي، الذي يلزم لبنان التعهد بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار 1559 ، وقرار 1701، وفي هذه القرارات بند «غير معقول» حسب وصفها يقضي بوجوب سيطرة كاملة للحكومة فقط على أي سلاح في الدولة، ونزع سلاح المليشيات المسلحة، منها حزب الله.
تمديد مهلة «الانذار»
وخلصت الصحيفة الى التاكيد ان الانذار السعودي الذي ينتهي السبت قد يمدد حتى انتهاء الاستحقاق الانتخابي وهذا يعني ان لبنان سيضطر للعيش على آخر «البخار» المتبقي لخمسة أشهر أخرى وتشكيل حكومة جديدة التي تدور شكوك كبيرة حول ولادتها بسرعة، هذا اذا حصلت الانتخابات بعد خروج سعد الحريري من الحياة السياسية، كما تقول «هارتس» التي رجحت ان يتمكن السنة الذين لا يشكلون جسماً واحداً أن يجدوا له بديلاً ، وبرايها فان المرشح الاوفر حظا شقيقه بهاء الحريري!.
بهاء «ملء الفراغ»
وفي هذا السياق، رجحت مصادر دبلوماسية ان يتحرك بهاء الحريري على نحو اكثر وضوحا في ذكرى 14 شباط المقبل في خلال احياء ذكرى اغتيال والده، ولفتت الى وجود تحضيرات لوجستية تمهد لحضوره شخصيا الى بيروت لاطلاق معركة «وراثة» تيار المستقبل عبر حركة «سوا لبنان» وهو يسعى الان للحصول على غطاء سعودي «رسمي» ليكون البديل عن شقيقه. وقد باشر اتصالاته مع العديد من الشخصيات لحثها على الترشح من خلال «مظلته» السياسية واعدا بتغطية مالية مفتوحة للترشيحات الانتخابية.
العزوف بين بري وميقاتي ؟
في هذا الوقت، يميل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى عدم الترشح الى الانتخابات المقبلة، لكنه بحسب اوساط سياسية طرابلسية ينتظر الوقت المناسب لإعلان موقفه، ولن يحصل ذلك قبل تقطيع إقرار الموازنة في مجلس النواب، ووضع التفاوض مع «صندوق النقد الدولي» على سكته الصحيحة، كي لا يخلق عزوفه بلبلة تعيق العمل الحكومي.
اغراءات التطرف
ولفتت تلك الاوساط الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري تدخل على نحو مباشر مع رئيس الحكومة لثنيه عن هذا القرار او التريث في الاقدام عليه ريثما يتم استيعاب اعلان الحريري عزوفه عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، ويأمل رئيس المجلس في مراجعة ميقاتي لموقفه لانه سيشكل «َضربة» موجعة للاعتدال السني وسيفتح الباب واسعا امام تسلل التطرف على نحو غير مسبوق الى المجلس النيابي خصوصا ان تاثير ميقاتي فاعل في الشمال المحافظة الاكثر تعرضا لاغراءات متنوعة تقوم بها جهات عديدة لفرض واقع سني جديد يقود معارضة متطرفة قد تاخذ البلاد الى مزيد من التوتر.
تاثيرات على الدوائر الانتخابية
كما ان خروجه من «السباق» بعد الحريري والرئيس تمام سلام والنائب بهية الحريري سيعني ان المقاطعة السنية ستكون واسعة وستترك تاثيراتها المباشرة على 24دائرة انتخابية حيث لصوتهم تاثير مباشر على انتخاب نحو 81 نائبا، وهنا ستدخل التحالفات في حسابات جديدة معقدة تعيد خلط الاوراق خصوصا لدى القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين يعولان على «الرافعة» السنية في اكثر من دائرة.
«لغم» الانتخابات الرئاسية
ووفقا لزوارعين التينة ابدى بري قلقا واضحا من طبيعة «خريطة» المجلس النيابي وتوازناته المقبلة في ظل التطورات المتلاحقة على الساحة السنية، وهو ذّكر الحريري في لقائهما الاخير، وكذلك ميقاتي بان هذا المجلس سيكون امام مهمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشتت الصوت السني وعدم وجود كتل وازنة تمثل هذا «الشارع» سيضع الجميع امام «المأزق» وستذهب الامور باتجاهات مقلقة، مستغربا كيف يمكن السماح او المساعدة بتسهيل هذا الامر الذي وصفه بري «باللغم» الكبير الذي لا يعرف احد كيف ستتوزع شظاياه اذا ما انفجر في وجه الجميع!
واشنطن مصرة على الانتخابات؟
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، كانت هذه «الهواجس» جزءا من نقاش اجرته شخصيات سياسية وازنة مع السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، تخوفوا خلاله من مقدمات مقلقة لتطيير الانتخابات، ووفقا للمعلومات، «نفضت» السفيرة يدها من التاثير في قرار الحريري «غامزة» من «قناة» السعوديين وقالت انهم كما يبدو «تركوا تاثيرا كبيرا على قرار الحريري»، ودون ان تقدم اجوبة واضحة حيال عزوف بلادها عن التدخل لمنع حصول هذا «الزلزال» السياسي، كانت حاسمة لجهة التاكيد ان الادارة الحالية مصرة على اجراء الانتخابات مهما كانت الظروف المحيطة بها، وتحدثت عن «امل» كبير في تاثير من اسمتهم قوى «التغيير» في المجتمع المدني في خلق توازنات جديدة في البرلمان تمنع «سطوة» حزب الله.!
باريس قلقة وتحذر!
في المقابل، شهدت الساعات القليلة الماضية تحركا بعيدا عن الاعلام للسفيرة الفرنسية آن غريو التي تواصلت مع سياسيين ومسؤولين رسميين لاستطلاع موقفهم من احتمال حصول تاجيل للانتخابات النيابية، مبدية حذرا شديدا ازاء تطور الاحداث، وكانت حريصة على عرض اكثر من سيناريو مفترض قد يؤدي الى الاطاحة بالاستحقاق، وطالبت بردود واضحة حيال كيفية التعامل معها، محذرة من التداعيات الخطيرة التي يمكن ان تحصل اذا ما جرى الاطاحة بالانتخابات.
«التيار» في دمشق: زيارة رئاسية؟
وفي خطوة سياسية لافتة، تمهد لزيارة الوزير جبران باسيل الى دمشق، قام وفد من «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير السابق طارق الخطيب، بزيارة العاصمة السورية بدعوة من الامين العام المساعد لـ»حزب البعث العربي الاشتراكي» هلال هلال، والتقى الوفد ايضا، وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، الذي اعرب عن «محبة سوريا قيادة وشعبا لشخص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولمواقفه الوطنية الثابتة على الحق، كما لرئيس التيار النائب جبران باسيل»، مثنيا على «ثباته في المواقف الوطنية بالرغم من الضغوط التي تعرض لها في الداخل كما من الخارج». ووفقا لمصادر متابعة فان «التيار» حسم امره لجهة اخذ خطوات تاخرت سنوات باتجاه سوريا بعد خسارة «الرافعة» الاقليمية والدولية حيث يراهن باسيل على عودة دمشق الى توازنها وموقعها عربيا، ويسعى ليكون «حصانها» الرابح في الاستحقاق الرئاسي المقبل.
نقاش الموازنة
في هذا الوقت، واصل مجلس الوزراء امس جلساته المفتوحة لدرس مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2022في الشكل انتهت مناقشة الموازنة قانونيا، واليوم سيتم مناقشة بنود عديدة اهمها كيفية تحديد نسبة الضرائب والرسوم، ووفقا لمصادر وزراية، فان وزارة المال ستقدم اليوم المعيار التي سيتم من خلاله احتساب هذه النسب. اما بالنسبة الى الدولار الجمركي فقد تم الاتفاق على ان يتخذ مجلس الوزراء قرار رفع قيمته لا وزير المال الذي سيقدم دراسة مفصلة الى الحكومة.
كارثة الدولار الجمركي
هذا البند قد يحمل معه نتائج كارثية على الواقع المعيشي السيىء اصلا، كما تقول مصادر اقتصادية سخرت من تقليل عدد من الوزراء من تداعيات زيادة الدولار الجمركي عبر القول ان الادوية ومعظم المواد الغذائية معفاة من الضريبة اصلا ولن تشهد زيادة في الاسعار، وقالت انه سواء تم تحديد سعر الدولار على 20 الف ليرة او السير باقتراح الضريبة التصاعدية بين 8 الاف وعشرين الف فان الانعكاسات ستكون كارثية مثلا على اسعار الملابس، والادوات المنزلية، والاكترونية، وكذلك السيارات التي ستتجاوز كل حدود المنطق، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان السيارة التي كانت تكلفة جمركها 8 ملايين ليرة ستصبح مئة مليون ليرة !
وفي ختام الجلسة امس، أعلن وزير التربية ووزير الإعلام بالوكالة، عباس الحلبي، أنه جرى درس المواد من 120 إلى 139، أي استكملت دراسة الموازنة بكلّ موادها، وأشار إلى أنّه جرى نقاش معمّق بشأن وضع الإدارة العامة وضمان استمرارية العمل فيها كما في سائر القطاعات الصحية والتربوية والمعيشية والاجتماعية، وجرى البحث في ضرورة شرح أهداف الموازنة للمواطنين، معتبراً أنّ الضوضاء الإعلامية التي أحاطت بتوزيع مشروعها لا تهدف إلا إلى الإمعان بتقليل الثقة بكلّ ما تجريه الدولة وهذا ليس بالتأكيد في مصلحة اللبنانيين.
تعاظم التضخم ؟
من جهتها اكدت مصادر نيابية ان الخلل الرئيسي الذي يعتري الموازنة انها وضعت وفق رؤية محاسبية، ولم تحقق التوازن المطلوب لان العجز سيبلغ نحو 15250 مليار ليرة، وهذا يعني انه سيتم الاقتراض مرة جديدة من مصرف لبنان لتغطية الفجوة وضخها في السوق. وهذا يعني ان العجز سيكون كبيرا وهو يبلغ 31% من النفقات وفيما تضخمت الأسعار سبع مرات، الا ان الدين العام لم يتدن إلا نصف مرة. ولا يمكن الاستمرار ابدا في التعايش مع هذا الحجم من التضخم.!