يحبس اللبنانيون أنفاسهم في انتظار تظهّر كيفية تلقّف دول مجلس التعاون الخليجي، الجوابَ اللبناني الرسمي على الورقة الكويتية التي نقلها وزير خارجية الامارة الكويتية احمد ناصر المحمد الصباح الى بيروت منذ اسبوع. فبعدما بات معروفا ان الرد الذي حمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى الكويت، حيث يتسلمّ رئاسة مجلس وزراء الخارجية العرب مطلع الشهر، يتضمّن نياتٍ ايجابية كثيرة حول اصرار لبنان على افضل العلاقات مع محيطه العربي والعالم، وعزمه على محاربة آفة تصدير المخدرات منه الى الدول العربية، وتُشدد على احترامه قرارات الشرعية الدولية، الا انه في المقابل لا يأتي على ذكر هذه القرارات ويؤكّد ان مسألة حل سلاح حزب الله ليست لبنانية بل “اقليمية”، وان الدولة تحاذر اي خطوات في هذا الشأن حرصا منها على السلم الاهلي والاستقرار المحلي، وهذا ما اكده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شخصيا امس، كما تُذكّر بأن اسرائيل لا تزال تحتل اراضي لبنانية وتخرق القرار 1701…. هل ستكون الصيغة هذه، التي تزخر بالكلام الجميل وتعلن في آن، ان سلاح الحزب ودويلته باقيان، مرضية للعرب؟ وماذا لو لم تكن كذلك، هل سيردّون على حماية المنظومة ظَهرَ حزب الله بمزيد من الاجراءات العقابية ومن العزل للبنان، في تدابير ستكون هذه المرة دولية – اممية خصوصا وان الورقة الكويتية مدعومة من العواصم الكبرى بمعظمها؟ ام ان مساعي بعض الدول كمصر مثلا، للتهدئة، ستساهم في مزيد من التريث وفي كبح جماح المجتمعين العربي والدولي، نحو شهر العصا الغليظة في وجه لبنان الرسمي؟
قيد الدرس
وامس اعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إن دول الخليج ستدرس رد لبنان على اقتراحات خليجية للحكومة اللبنانية من أجل تحسين العلاقات بين الخليج وبيروت.
وعقد الصباح وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط مؤتمراً صحافياً امس الأحد للحديث عن الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية العرب الذي استضافته الكويت، شارك فيه وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب،.
وفي سياق المؤتمر قال الصباح:” قدمنا إطار إجراءات لبناء الثقة بين دول الخليج ولبنان ويجري دراسة الرد اللبناني”.
وشكر وزير الخارجية الكويتي لبنان على “التفاعل” مع المطالب التي صاغتها الدول الخليجية، قائلا إنه “خطوة إيجابية”.
وأضاف أن الأمر “الآن متروك لدراسة هذا الرد من قبل الجهات المعنية في الكويت وفي دول الخليج لمعرفة ما هي الخطوة المقبلة مع لبنان”، من دون ان يوضح طبيعة الرد اللبناني.
في المقابل، فإن موقف حزب الله من التطورات المتسارعة الدافعة في اتجاه تجريده من سلاحه، يفترض ان يعلنه امينه العام السيد حسن نصرالله في كلمة مرتقبة يلقيها اليوم، في وقت أفيد ان الثنائي الشيعي ضغط على الحكومة امس، لعدم مناقشة الطرح الكويتي خلال جلسة مجلس الوزراء.
عون في “الدار”
على صعيد آخر، بقي حدث تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي، يتفاعل. فغداة “الجَمعة” السنية الروحية السياسية خلال صلاة الجمعة في الجامع العمري الكبير وتأكيد القيادات السنية ان لا مقاطعة للانتخابات، اخترقت المشهدَ الداخلي، الزيارةُ اللافتة التي قام بها يوم السبت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى دار الفتوى، علما ان اوساطا سنية اعتبرتها، زيارة متأخرّة تأتي بعد أشهر طويلة من تكبيل يديّ الرئيس الحريري من قِبل العهد.
ترسيم الحدود
وسط هذه الاجواء، لبنان على موعد مع زيارة مهمّة للوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل اموس هوكشتاين. فوفق ما تقول مصادر ديبلوماسية، من الضروري ان يوحّد لبنان الرسمي موقفه من الطروحات القديمة او القديمة – الجديدة الذي قد يحملها معه الوسيط الآتي من تل ابيب الى بيروت في بحر الاسبوع، حيث من المرجّح ان يعيد طرح مسألة تجاهل الترسيم الحدودي والذهاب نحو اتفاق على كيفية تقاسم الثروة النفطية بين لبنان والكيان العبري.
غالاغير
وفي سياق الرعاية الدولية للبنان والحث على انقاذه وانقاذ صيغته، يصل الى لبنان الاسبوع الطالع ايضا، وزير خارجية الفاتيكان المطران بول ريتشارد غالاغير، كما قد يزوره وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان في الايام المقبلة.
ارجاء السلفة
الى ذلك، وبينما يستعجل الخارج العربي والغربي الاصلاحات والموازنة الضرورية للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السراي الحكومي، لاستكمال درس مشروع قانون الموازنة للعام 2022. ودار نقاش حول موضوع سلفة الكهرباء حيث تساءل بعض الوزراء عن سبب طلب السلفة فيما “الطاقة” تفشل وتُخسّر الدولة بشكلٍ مستمرّ. وبعد اخذ ورد، تم إرجاء بند سلفة الكهرباء لمزيد من الدرس والإيضاحات من قبل وزير الطاقة. وناقش المجلس ايضا ملف الكهرباء والبنودَ الضريبيّة.
دعم اميركي
وفيما تنعكس الاوضاع الاقتصادية والمالية على واقع المؤسسة العسكرية وهو ما تحدث عنه بوضوح امس قائد الجيش العماد جوزيف عون، قالت الإدارة الأميركية في إخطار بعثت به إلى الكونغرس إنها تعتزم إعادة توجيه 67 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقوات المسلحة اللبنانية لدعم أفراد جيش البلاد التي تصارع انهياراً مالياً. وأخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس باعتزامها تغيير محتوى التمويل العسكري الأجنبي المخصص في السابق للبنان ليشمل “دعم سبل العيش” لأفراد الجيش اللبناني قائلة إنهم يعملون تحت ضغط الاضطراب الاقتصادي، وكذلك الاضطراب الاجتماعي. وجاء في الإخطار إلى الكونغرس الذي اطلعت عليه “رويترز” “ستدعم سبل العيش لأفراد القوات المسلحة سيقوي استعدادهم العملياتي ويخفف من الغياب عن الخدمة وبالتالي يجعل أعضاء القوات المسلحة اللبنانية يتمكنون من مواصلة القيام بالوظائف الأمنية الملقاة على عاتقهم للتصدي لمزيد من تراجع الاستقرار”.