أعلنت الجامعة اللبنانية الاميركية LAU عن نتائج بحث “لتوصيف التلوث البلاستيكي في مياه البحر الابيض المتوسط والحد من آثاره المدمرة تحديدا على شاطئ طرابلس ومحمية جزر النخيل الواقعة قربه”. وأظهرت النتائج “تركيزات عالية من الكادميوم والرصاص في عينات المياه والتربة، والتي تعد ملوثات سامة من المعادن الثقيلة بسبب خصائصها غير القابلة للتحلل، وتتراكم في الطبيعة وتتسبب في مشاكل خطيرة للمكونات البيئية الرئيسية والحيوانات والبشر بينما تدمر النظم البيئية بأكملها”.
ولفتت الجامعة الى أن “البحث الذي قام به فريق من طلاب الكيمياء في الجامعة بقيادة استاذ الكيمياء المساعد الدكتور الياس عاقوري، “أظهر أمورا مهمة لجهة تحديد مستويات عالية من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة المعروفة باسم الفثالات، بشكل أساسي، ثنائي ن – بيوتيل فثالات (DBP) وثنائي (2-إيثيل هكسيل) فثالات (DEHP)، وتجاوزت معدلاتها المعايير التي حددتها المنظمات الدولية بحيث يؤدي التعرض المفرط للإنسان لهذه المواد من خلال الابتلاع والاستنشاق وحتى من خلال ملامسة الجلد، إلى العديد من الحالات الصحية بما في ذلك الربو وسرطان الثدي والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني ومشاكل النمو العصبي”.
وأشارت الى أن “جزر النخيل قرب طرابلس اعلنت محمية طبيعية بموجب اتفاقية برشلونة وأدرجت على لائحة اليونسكو للمحميات البحرية العالمية بتاريخ 9 آذار 1992. وتعيش فيها حيوانات مهددة بالانقراض مثل الأرانب وفقمة الراهب والسحيليات والسلاحف البحرية وأنواع استثنائية من الفراشات الملونة. وتشكل المحمية ايضا موئلا للطيور المهاجرة وبعض النباتات التي يمكن استخدامها لأغراض طبية وفيها آبار مياه عذبة. لكن الدراسات البيئية مؤخرا أظهرت وجود مستويات مثيرة للقلق من المعادن الثقيلة والنفايات الصلبة والملوثات الكيميائية السامة، ما دفع الدكتور عاقوري الى تشكيل بعثة ميدانية من الطلاب، ضمت: بلال نعمة، نسب شعيا، مايا الميس، هبة علي، سلوى كنج، كارين الشمالي للقيام بتحقيق شمل موقعين في طرابلس هما شاطئ البحر وجزر النخيل لدراسة التأثير البيولوجي والبيئي للفثالات من خلال قياس نسبة المواد الكيميائية والسمية في المياه، إضافة إلى تقييم الرواسب والتربة والعينات النباتية قبل إدخال استراتيجيات المعالجة. وتم جمع العينات من المياه والتربة واستخراج الفثالات وتحديدها باستخدام تقنيات الكروماتوغرافيا والتحليل الطيفي لتقييم أثر ملوثات الجسيمات البلاستيكية السامة على المحمية الطبيعية”.
واعتبر عاقوري انه “نظرا إلى تنوع وترابط الملوثات الموجودة في مصادر المياه في لبنان والاستخدام المكثف للبلاستيك والملدنات الكيميائية، هناك حاجة ماسة إلى اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة هذه القضية. فالجسيمات البلاستيكية هي جزيئات تتراكم في البيئة البحرية وتطلق الفثالات، وهي مواد كيميائية سامة تؤدي إلى اضطراب الهرمونات وتتداخل مع الهرمونات الجنسية الذكرية، وتقلل من خصوبة الإناث وتزيد من العيوب أو التشوهات الخلقية”. وأوضح أن “التلوث ازداد بفعل الجسيمات البلاستيكية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب غياب الرقابة وسوء الإدارة من قبل الهيئات التنظيمية، ما أدى إلى سرعة انتشار تلوث المياه والتربة والهواء”.
وقال: “إن غياب البنية التحتية الفعالة لمعالجة النفايات إلى جانب انعدام الرقابة على الملوثات الصناعية والمنزلية المصرفة في البحار والأنهار في لبنان تؤدي إلى تدهور تدريجي في جودة المياه السطحية والبحرية”.
وحض العاقوري على “معالجة مجموعة من القضايا التي تتجاوز مسببات التلوث التقليدية ذات المصدر المحدد وغير المحدد”. وشدد على ان “فريق البحث يعمل على تطوير استراتيجيات تخفيف مبتكرة ومركزة ليتم اختبارها في المختبر ثم توسيع نطاقها واعتمادها في تطبيقات عملانية”.