في ظل تصدر مشهدي القمة الصينية الروسية وأبعادها الاستراتيجية على التوازنات الدولية، والقمة الروسية الفرنسية وتعبيرها عن محاولات أوروبا للتملص من تداعيات التصعيد الأميركي مع روسيا تحت عنوان الأزمة الأوكرانية، تعود الوفود التفاوضية حول الملف النووي الإيراني، بعد أسبوع من المشاورات في مراكز صنع القرار، خصوصاً في واشنطن وطهران، بعد صدور أول قرار أميركي برفع رسمي لعقوبات مفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وفي ظل بيان للخارجية الأميركية قال إن «هناك اتفاقاً محتملاً يتطرق إلى المخاوف الأساسية لجميع الأطراف، لكن إذا لم يبرم في الأسابيع المقبلة، فإن التقدم النووي الإيراني المستمر سيجعل عودتنا إلى خطة العمل الشاملة مستحيلة»، سبقه تصريح لمندوب روسيا في فيينا ميخائيل أوليانوف، قال فيه إن «مسودة الوثيقة النهائية حول استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة أي الاتفاق النووي، تمّت صياغتها».
وسط هذا التجاذب بين عناصر ترجيح الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، والتصعيد بين واشنطن وموسكو، والتفاهم بين موسكو وبكين، والارتباك الأوروبي الذي عبرت عنه قمة باريس وموسكو، تستقبل بيروت المبعوث الأميركي الخاص للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، في ظل غموض يطال ما يحمله هوكشتاين، مقابل ما تقوله مصادر معنية بملف التفاوض تقول إن الرسالة اللبنانية الى مجلس الأمن ستكون حاضرة في حسابات هوكشتاين الذي بات يعلم أنه ما لم تتم عملية ضبط الجنوح الإسرائيلي نحو الإجراءات الأحادية بمنح الامتيازات والتراخيص للتنقيب في المناطق المتنازع عليها خصوصاً في حقل كاريش، وفقاً لما تقتضيه أصول وقواعد التفاوض المتعارف عليها دولياً، فإن لبنان سيتجه قانونياً لبت أمر تثبيت الخط 29 ونصله من كونه خطاً تفاوضياً الى اعتباره خطاً سيادياً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان. وهذا يعني استحالة التفاوض حوله أو قبول أية حلول وسط تطاله. وهذا هو حال الخط 23 اليوم، واذا كان لبنان كدولة لا يملك الا المواجهة بالطرق القانونية، فإن الدولة اللبنانية عندما أعلنت الخط 23 خطاً سيادياً لا يقبل التفاوض، وهذا ما ظهر في الإجماع على رفض خط المبعوث الأميركي السابق فريدريك هوف، كانت تدرك أن وراءها مقاومة قادرة على حماية هذا الخط، والأمر نفسه سيحدث عندما يعلن الخط 29 خطاً سيادياً بديلاً، وعندها على العالم الذي يرفض ردع «اسرائيل» عن الاعتداء على الحقوق اللبنانية ان يتحمل تبعات ما سيحدث. وأضافت المصادر ان البديل لتجنب كل ذلك لا يزال متاحاً اذا قام الوسيط الأميركي بما عليه، وصرف النظر عن شعوذة مطالبة لبنان باستبدال ترسيم الحدود بالدخول مع شراكة مرفوضة مبدئياً مع «إسرائيل».
على الصعيد السياسي، لا يزال النقاش حول الموازنة يراوح عند عتبة مصير سلفة مؤسسة كهرباء لبنان، من جهة، والسجال الذي فتحته حول خطة التعافي والعودة لنقاش توزيع الخسائر، موقف جمعية المصارف منها، وسط تجاذب داخلي وخارجي حول الوضع القانوني لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل الملاحقات المتعددة أمام محاكم أوروبية ومن قضاة لبنانيين، وبقي الحاضر الدائم مشهد التحضير للانتخابات النيابية، مع تأكيد أطلقه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن استعداد حزب الله للاستحقاق الانتخابي بقوله «نحن ننتظر موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليقرّر النّاس ماذا يريدون ولسنا قلقين من هذه الانتخابات»، فيما كان لافتاً كلام السفيرة الأميركية دوروتي شيا عن مخاطر تحيط بإجراء الانتخابات النيابية، غامزة من قناة تحميل حزب الله مسؤولية السعي للتأجيل، تحت شعار خشيته من فقدان قوته في مجلس النواب، وهو ما رأت فيه مصادر مقربة من المقاومة بداية تمهيد أميركي للحديث عن تأجيل الانتخابات، لأن فقدان فرص الرهان على الانتخابات لإضعاف المقاومة وحلفائها حضورهم ووقتهم في البرلمان، أمر بات الشغل الشاغل للسفيرة وفريق عملها في ضوء الإحصاءات المخيّبة للآمال التي تصلها يوماً بعد يوم، وسط تراجع الحديث عن حظوظ القوات اللبنانيّة بزيادة عدد نوابها والتسليم بمخاطر تقلّص هذا العدد، مقابل غياب كتلة المستقبل، واستحالة تعويض هذه الخسائر عبر ما ستربحه تشكيلات المجتمع المدني، الذي سيغرف من صحن حلفاء واشنطن أكثر مما سيلحق الضرر بحلفاء المقاومة. وقالت المصادر إن هذا أول كلام أميركي عن فرضية تأجيل الانتخابات بذريعة القلق من النتائج، رغم محاولة إلصاق التهمة بالمقاومة، خصوصاً أن كل المؤشرات والمواقف تشير الى جدية المقاومة وحلفائها بملاقاة الاستحقاق الانتخابي، وغياب أية إشارة او موقف من أية شخصية محسوبة على المقاومة او حلفائها يمكن ان يستنتج منها ما تحدثت عنه شيا من قلق من النتائج أو سعي للتأجيل، ونشر الشائعات من سفيرة دولة كأميركا لا يتم عبثاً ولا يشكل حرب نيات، بل هو على الأرجح نقل ما يتم تداوله سراً حول سقوط الرهان الأميركي على الانتخابات لمحاصرة المقاومة، الى العلن، تحت صيغة عرض تفاوضيّ علّ هناك مَن يشتري!
يزدحم المشهد الداخلي بجملة من الملفات والتطورات البارزة، ما يجعل الأسبوع الحالي حاسماً على أكثر من صعيد سياسي ونفطي واقتصادي ومالي ترسم نتائجه معالم المرحلة المقبلة حتى موعد الانتخابات النيابية في أيار المقبل.
وتستقبل بيروت اليوم الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الذي سيجول على المسؤولين اللبنانيين ويلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم وقاد الجيش العماد جوزاف عون، وكذلك يلتقي مستشار رئيس الجمهورية النائب الياس بوصعب، وسط تكتم حول هدف زيارته وما يحمله من جديد.
وفيما تردد أن هوكشتاين يحمل في جعبته اقتراحات لحل ملف الترسيم، علمت «البناء» أن الوسيط الأميركي لا يحمل أي جديد في يده، بل الهدف من زيارته استطلاع الوضع وجس نبض المسؤولين وسؤالهم عن موقفهم حيال طرحه خلال زيارته الأخيرة الى لبنان في تشرين الماضي. وأكد مصدر مطلع على ملف الترسيم لـ»البناء» أن «الرسالة التي وجهها لبنان الى الامم المتحدة والتي تعكس توجهاً من رئاسة الجمهورية والموقف الرسمي اللبناني، ستدفع المبعوث الاميركي لإعادة تقييم الموقف وتكتيكاته التفاوضية وأسقطت جميع اقتراحاته السابقة وأعادت التوازن التفاوضي الى الملف لصالح لبنان، وبالتالي عطلت الرسالة البرنامج الاميركي والأحلام الاسرائيلية بقرصنة حقوق لبنان النفطية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والحصار المالي وسلاح العقوبات»، وأشار المصدر الى أن الأخطر والأهم في الرسالة هو أنها أطلقت يد المقاومة وفتحت لها الطريق كي تتدخل لحماية الثروة النفطية والغازية اللبنانية في جميع الحقول ولردع الاحتلال الاسرائيلي عن البدء بالتنقيب واستخراج النفط في المنطقة المتنازع عنها وتحديداً في حقل «كاريش» الذي يقع ضمن هذه المنطقة.
وحضر ملف الترسيم وزيارة هوكشتاين في قصر بعبدا في اجتماع الرئيس عون ووزير الدفاع الوطني موريس سليم. وتوقعت أوساط سياسية عبر «البناء» أن تستخدم الولايات المتحدة كافة وسائل الضغط السياسية والاعلامية والدبلوماسية والاقتصادية للضغط على لبنان لدفعه للتنازل عن حقوقه، لكن وحدة الموقف اللبناني والتسلح بالمقاومة وقوة الردع التي تملكها وتأكيد حق لبنان بالطرق الدبلوماسية على غرار إرسال رسالة الى الامم المتحدة، تشكل السد المنيع والحصين في وجه كل الضغوط الخارجية.
وفي سياق ذلك، شن نائب الأمين العام لحزب الله الشّيخ نعيم قاسم، هجوماً لاذعاً على السفارة الأميركية في لبنان، فأكد أن هذه السفارة «لعبت دورًا كبيرًا داخل السّاحة اللّبنانيّة، فهي ترعى منظّمات للمجتمع المدني، تربّيها وتبنيها على إثارة الفوضى والقلاقل وتخريب واقع البلد، وقطع الطرقات، وإفساد الأجيال بأفكار وقناعات منحرفة، وكذلك هي تموّل شخصيّات تريدها أن تكون بديلًا عن شخصيّات موجودة الآن في إدارة البلد».
وفي حديث إلى وكالة أنباء «فارس» الإيرانيّة، شدد قاسم على أنّ «هذه السّفارة ترعى قيادات فاسدة بعنوان أنّها معارضة، ولكن في الحقيقة تاريخها مليء بالفساد والانحراف، وكذلك هي تتبنّى مسار «حزب القوات اللبنانية»؛ هذا الحزب الّذي ارتكب مجازر بحقّ اللّبنانيّين في كلّ تاريخه». وأشار إلى أنّ «الولايات المتحدة الأميركية تبذل جهدها تمامًا لإثارة الفوضى بين النّاس، عن طريق الضغط الاقتصادي». وأوضح أنّ «هذه السّفارة قامت من خلال قرار الإدارة الأميركية، بالضّغط الاقتصادي والمالي على لبنان، من أجل إسقاط قدرته على النهوض المالي، وإثارة القلاقل بين الناس بحجّة أنّ السّبب هو «حزب الله». هذه الإدارة تعمل على وضع أسماء وأشخاص وجهات على لائحة العقوبات، وتتّهم «حزب الله» بالإرهاب وتحرّض عليه، وتدفع لوسائل إعلاميّة مختلفة أموالًا طائلةً من أجل الضّغط على الحزب لإنهاء المقاومة».
وشدّد على «أنّنا نعمل على محورين كحزب الله: محور المقاومة وحماية البلد وحماية الرّؤية الّتي ترفض أن نكون أتباعاً لـ»إسرائيل» وأميركا، وفي آنٍ معًا نكون باستعداد كامل لأيّ تحدّ وأيّ عدوان مهما بلغ، بحيث أنّ الإسرائيلي يعلم بأنّ الاعتداء على لبنان مكلف جدًّا بالنّسبة إليه، لأنّ المقاومة جاهزة ولن تنتظر أحدًا لتردّ وتلقّن العدو درسًا وهزيمةً كبيرة».
وفيما حذرت مصادر «البناء» من توجه أميركي الى خلق فوضى اجتماعية وأمنية في الداخل لتطيير الانتخابات النيابية، اذا وجدت واشنطن أن حزب الله وحلفاءه سيحصلون على الاغلبية النيابية، وبالتالي تحميل الحزب وحلفاؤه مسؤولية ذلك، اتهمت السفيرة الأميركية حزب الله من دون أن تسميه بمحاولة تأجيل الانتخابات، ولفتت شيا الى أنه «يتعين إجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان في موعدها في أيار، وسط مخاوف من أن تسعى أحزاب قوية لتأجيلها لأن نتيجتها قد تؤدي إلى فقدان هذه الأحزاب بعض قوتها في مجلس النواب». ولفتت في حديث لوكالة «رويترز»، إلى أن «هناك إجماعاً في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية»، مشددةً على أن «لا مجال للمناورة». في المقابل لفت قاسم الى أنّنا «نعمل ايضًا على خدمة النّاس من خلال وجودنا في البرلمان أو في الحكومة أو في المؤسّسات اللّبنانيّة المختلفة، وأيضًا من خلال وجودنا الميداني كـ»حزب الله» وكمؤسّسات اجتماعيّة وثقافيّة وصحيّة، وبالتّالي نحن ننتظر موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليقرّر النّاس ماذا يريدون ولسنا قلقين من هذه الانتخابات».
وحضر الملف اللبناني، في الاجتماع بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ويائيل ليمبرت، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، أن لامبرت والجبير «ناقشا قضايا إقليمية، بما في ذلك لبنان، والتعاون لتعزيز الجهود المتعددة الأطراف من أجل حل دبلوماسي سلمي للصراع في اليمن».
في غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الساعة الثامنة من مساء اليوم في حوار على قناة «العالم» الإخبارية، وسيتحدّث نصرالله في هذه المقابلة الحصرية، عن قضايا شتى منها الثورة الاسلامية، دور الإمام الخميني والقيادة الإيرانية على صعيد انتصار وديمومة الثورة الاسلامية، محور المقاومة، دور حزب الله وسائر أعضاء هذا المحور، صمود محور المقاومة والانتصارات المتتالية والمستمرة لهذا المحور في مواجهة أميركا و»اسرائيل».
وعلمت «البناء» أن السيد نصرالله لن يخوض بالملفات الداخلية بل سيفصل بين الملفات الإقليمية والدولية المتعلقة بمعاني الثورة الايرانية وأبعادها وانعكاساتها المتعددة وأهمية الدور الإيراني في المنطقة وأثره على ساحات المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، وسيؤجل الملفات المحليّة الى إطلالته في ذكرى الشهداء القادة في 16 شباط المقبل.
وفي موازاة ذلك، يشهد القصر الحكومي اليوم جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها بنود عادية لا سيما تعديل اصول المحاكمات الجزائية لجهة تخفيف صلاحيات المدعي العام التمييزي لصالح منحها لوزير العدل، في ظل معارضة قوى عدة من بينها رئيس الحكومة لهذا الامر. وتتجه الأنظار الى بعبدا الذي يشهد جلسة أخرى لمجلس الوزراء برئاسة عون لإجراء قراءة نهائية لمشروع موازنة 2020 في ظل خلاف ايضاً على سلفة الكهرباء التي يُصرّ عليها عون والوزراء المحسوبون على التيار الوطني الحر مقابل رفض ميقاتي ووزراء آخرين يفضلون فصلها عن الموازنة لعدم جدواها الاقتصادية وإرهاق الخزينة والموازنة.
ونفى وزير العمل مصطفى بيرم «وجود أي خطر انتكاسة لجلسات مجلس الوزراء»، مؤكداً أن «لا جوّ من النكايات في النقاشات خلال الأسبوعين الماضيين، بل كانت بناءة وعلمية في ظل رغبة موحدة كاملة بالوصول الى نتيجة تراعي الأحوال المعيشية ومالية الدولة على حد سواء».
أما عن فصل خطة الكهرباء عن الموازنة، فقال في تصريح «ما من رفض للموضوع، لكن التجارب السابقة أظهرت ان دفع السلف لم تحقق الغاية المطلوبة»، مشيراً الى أن «وزير الطاقة اعتبر أنها بمثابة مساعدة للدولة، فيما كان لرئيس الحكومة رأي آخر بأن يندرج المبلغ ضمن احتياط الموازنة، لكن الدفع يتمّ تبعاً لخطوات واضحة على طريقة القطعة قطعة». ورداً على سؤال، أكد بيرم «أنه فور الانتهاء من إقرار الموازنة سيدعو لجنة المؤشر الى اجتماع لبتّ موضوع الحد الأدنى للأجور وإعادة النظر في الأرقام السابقة».
وأطلع وزير الطاقة وليد فياض رئيس الجمهورية على نتائج الاتصالات مع البنك الدولي لتمويل عملية استجرار الكهرباء والغاز من مصر وسورية والأردن، وتناول البحث ملاحظات الوزير فياض على مشروع الموازنة.
ورجّحت مصادر حكومية لـ»البناء» إقرار الموازنة في مجلس الوزراء الخميس المقبل او في جلسة أخرى كحد اقصى، لكنها توقعت أن تأخذ مساراً وطويلاً لإقرارها في مجلس النواب وسط خلافات عميقة وجوهرية على مشروع الموازنة في ظل عدم وضوح الرؤية حيال خطة التعافي المالي والاقتصادي التي تحوم حولها خلافات بين بعبدا والسراي الحكومي وبينهما مصرف لبنان والمصارف.
وليس بعيداً، رفضت جمعية مصارف لبنان مسودة خطة حكوميّة لمعالجة الأزمة المالية تقترح إلغاء بعض الديون وتقليصاً جزئياً للمدخرات في البنوك، قائلة إن ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة. وتنص مسودة خطة لسد فجوة ضخمة في النظام المالي، اطلعت عليها رويترز الشهر الماضي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأميركي، وسيتم تحويل معظم ما تبقى إلى الليرة اللبنانية على عدة أسعار صرف، أحدها من شأنه أن يمحو 75 بالمئة من قيمة بعض الودائع، وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، 69 مليار دولار.
وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان مكتوب أرسلته إلى رويترز «تشير هذه المسودة الافتراضية للخطة إلى أنها يمكن أن تقضي على ما يسمّى «الخسائر» من أجل موازنة الدفاتر. هذا النهج… هو نهج تصفية وسيؤدي إلى فقدان الثقة بشكل دائم على مدى أجيال مقبلة». واضافت جمعية مصارف لبنان أنها لن تؤيد خطة من شأنها أن تؤدي إلى «خفض اسمي لودائع العملاء» أو القضاء تماماً على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص.
في المقابل أعرب مصدر بارز بالحكومة اللبنانية، في حديث لوكالة «رويترز»، عن تفاجئه من رفض جمعية المصارف للخطة، موضحاً أن «خطة الإنقاذ المالي لم تكتمل بعد وتجري مناقشتها مع صندوق النقد الدولي».
ولفتت أجواء مطلعة على خطة الحكومة لـ»البناء» الى أن «المصارف تحاول التنصل من مسؤولياتها والتهرب من تحمل الجزء الطبيعي من الخسائر وذلك بالتكافل والتضامن مع مصرف لبنان، ويحاولان معاً تحميل الجزء الاكبر من الخسائر والديون الى المودعين (55 في المئة) مقابل تحملهم فقط 19 في المئة. وهذه معادلة غير عادلة»، متوقعة مساراً طويلا من الصراع والتجاذب في هذا الملف من غير المعروف نهايته.
الا أن رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، لفت في بيان مساء امس الى أن «ما جاء عبر وكالة رويترز شكل اجتزاء من نص رد أُرسل إلى الوكالة يبين بوضوح ومن السطر الأول عدم اطلاع الجمعية على أي خطة معدة من قبل الحكومة وحتى عدم وجود خطة، اما الرفض الذي تناولته رويترز فكان في معرض الافتراض حول ما سُرّب وهو ينطلق من مبدأ الجمعية الداعي لحماية حقوق المودعين».
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه في عين التينة الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان علي حجازي على «ضرورة العمل الجاد نحو معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية»، كما جدد الرئيس بري، بحسب ما نقل عنه حجازي موقفه «حول ضرورة دعوة سورية الى اجتماع اتحاد البرلمانات العربية».
في سياق ذلك، أكد المكتب السياسي لحركة أمل أن «الطريق الوحيد لإنهاء قضية كارتيلات الاحتكار للسلع بمختلف انواعها والتي ينوء تحتها اللبنانيون جميعاً يكمن في إقرار قانون المنافسة وضرب الاحتكارات وإلغاء كافة الوكالات الحصرية التي تجعل من أصحابها متحكمين برقاب اللبنانيين ومصائرهم الحياتية». واعتبر المكتب أن «روح الحل الاقتصادي تكمن في رؤية الإمام موسى الصدر ببناء اقتصاد الإنتاج وإسقاط اقتصاد الريع والاستهلاك المرضي الذي تعمل على ترويجه فئات ترتبط بمراكز وقوى الإنتاج لدى الدول الكبرى والمصدرة لمنتجاتها على حساب الاقتصاد الوطني».
بدوره، تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط: «هل التصريحات لمسؤول كبير في حزب اساسي، ذات بعد إقليمي، والتي تشكك بجدوى التفاوض مع المؤسسات الدولية، تهدف الى التعطيل الكامل للحكومة، أم ان هذه التصريحات من باب المزايدة». ولفت، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن «لماذا عدنا إلى سلف الكهرباء من خارج الموازنة، وأين اصبحت الطاقة الأردنية والغاز المصري».