تتركز الاهتمامات اليوم على المحادثات التي سيجريها عاموس هوكشتاين الوسيط الاميركي في المفاوضات اللبنانية ـ الاسرائيلية غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وما يحمله من مقترحات قيل انها تستهدف استنئاف هذه المفاوضات للتوصل الى اتفاق سريع تستعجله الولايات المتحدة الاميركية. فيما سيحتفل لبنان بعيد شفيع الطائفة المارونية القديس مار مارون ويتوقع ان تشهد المناسبة مواقف لافتة تشدد على وجوب إخراج لبنان من الانهيار الذي يعيشه الى آفاق الانفراج، حيث تشتد الضائقة المعيشية على اللبنانيين في ظل عجز السلطة عن معالجتها وانصراف المنظومة السياسية الى الانتخابات النيابية غير عابئة بقضايا اللبنانيين ومصيرهم.
وكان هوكشتاين قد وصل الى لبنان بعد ظهر امس يرافقه وفد من المستشارين التقنيين. وفي معلومات «الجمهورية» أنه التقى فور وصوله وزير الخارجية عبد الله بوحبيب بعيداً من الاعلام في حضور السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا واثنين من مستشاريه، وجرى عرض للتطورات التي شهدتها المرحلة التي جمدت خلالها المفاوضات منذ ايار الماضي وتفاصيل اخرى تتصل بالرسالة اللبنانية الاخيرة التي رفعها لبنان الى مجلس الامن الدولي في شأن الاجراءات الاسرائيلية الاخيرة في البلوك 72 الاسرائيلي المواجه للبلوك 9 اللبناني والتي أدت إلى تجميدها.
وفيما تكتّم بوحبيب على المحادثات، قالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» ان هوكشتاين قدم عرضا متسلسلا لمجموعة من الاقتراحات التي يراها مناسبة في شأن المرحلة المقبلة تحت شعار ضرورة الاستعجال في اتخاذ الخطوات التي تؤدي الى انفراجات اقتصادية ومالية نتيجة الاسراع في استثمار لبنان ثروته النفطية والغازية من دون الدخول في أي تفاصيل.
زيارة سريعة
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أن هوكشتاين يستعجل اللقاءات التي سيجريها اليوم بداية مع رئيس الحكومة نجبيب ميقاتي فرئيس مجلس النواب نبيه بري فرئيس الجمهورية ميشال عون، على ان يغادر بيروت مساء.
بري غير مرتاح
وأبلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية» ان بري يتعاطى بشيء من عدم الارتياح مع التطورات الأخيرة التي استجدت في ملف الحدود البحرية والنفطية، خصوصاً بالنسبة الى ما يتعلق بالرسالة التي وُجّهت الى مجلس الأمن الدولي عبر مندوبة لبنان في الأمم المتحدة أمال مدللي.
واوضحت هذه الاوساط ان رئيس المجلس النيابي يشدد على ان هناك أمرين لا يمكن القبول بهما، الأول «خط هوف»، والثاني الاستثمار المشترك لبعض حقول الغاز.
وليلاً، قال هوكشتاين في لقاء جمع عددا من الصحافيين على هامش مشاركته في ندوة في «مؤسسة مي شدياق» بُعَيد وصوله إلى لبنان: «انّ هناك فرصة اليوم وقلّصنا الثغرات بشأن موضوع ترسيم الحدود البحرية ويمكننا التوصل إلى اتفاق». وإذ بدا متفائلاً في ملف ترسيم الحدود، قال: «لن نُبرم نحن الاتفاقية وعلى لبنان وإسرائيل أن يقرّرا القيام بذلك».
الخارجية الأميركية
وتناولت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جالينا بورتر، في إحاطة عبر الهاتف، محادثات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، في ضوء محادثات هوكشتاين اليوم في بيروت، قائلة إن «قرار الترسيم يتخذه البلدان وحدهما». وأكّدت أن «الولايات المتحدة مستعدة لتسهيل المفاوضات».
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد استبقت وصول هوكشتاين، برسالة إلى الأمم المتحدة تطالب فيها بتكريس الخط 29، في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بدلاً من الخط 23، مع التلويح بالاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433.
مجلس الوزراء
من جهة ثانية دشّن مجلس الوزراء في جلسة عادية في السرايا الحكومية امس جلسات جداول الاعمال الخارجة عن بنود الموازنة وخطة التعافي والمطالب المعيشية التي اشترط «الثنائي الشيعي» ان تكون مضمون الجلسات التي سيحضرها، لكنه عاد واكد انه يقبل ببنود عادية خارجة عن الملفات الخلافية والاشكالية. وقد وصف احد الوزراء الجلسة بـ«الودية» لأنّ من يترأسها ودود بحسب وصفه، قائلاً: هكذا هي جلسات السرايا دائماً»، كاشفاً أنه عندما وصل النقاش الى البند الذي استبق الاعلام توصيفه بأنه بند خلافي والمتعلق بالمادتين 13 و 14 من اصول المحاكمات الجزائية، طلبَ وزير الثقافة محمد وسام المرتضى الكلام قائلاً: ببساطة عندما يأتينا مشروع قانون لإبداء الرأي وله بُعد تنظيمي اداري نُحيله الى الادارة المختصة والمرجع المختص في هذه الحالة هو مجلس القضاء الاعلى، ورأيه مُرفق برفض المادتين ما يعني ان الحكومة يجب ان يكون رأيها متوافقاً مع رأي الادارة المختصة وليس هناك أي موجب للسير في التعديل».
أخذ الكلام وزير العدل وقال: «تم تصوير هذا البند وكأننا نناقش صلاحيات بيني وبين المدعي العام للتمييز وهذا امر غير صحيح». فأجابه مرتضى ممازحاً: «لو كان الامر هكذا لكنّا ساندناك».
وانتهى النقاش عند هذا الحدّ وأسقط البند وأحيل الى مجلس النواب.
وأخذ بند آخر حيّزاً من النقاش وهو التمديد لشركة LIBAN POST، فقد جرت مقاربة هذا البند بحسب مصادر وزارية لـ«الجمهورية» من زاويتين، الاولى تبعاً لانتهاء العقد الذي يحتّم السير في إجراءات المزايدة، وقد كلّف وزير الاقتصاد إعداد دفتر شروط لهذه الغاية. والزاوية الثانية هي «اننا امام مرفق عام ويجب مراعاة مبدأ استمرارية المرفق العام لكن المهلة ليست مفتوحة وهي فقط حتى أواخر نيسان».
وكشفت المصادر انّ هناك بنداً كان مطروحاً على جدول الاعمال يحمل بين طياته اشارات خطيرة وهو عقد صفقات بالتراضي مع الجيش اللبناني، فسحب هذا البند لأنه مخالف للقانون بحسب قانون المحاسبة العمومية. وقالت مصادر وزارية ان هذا الامر لا يمكن الموافقة عليه اذا كان الجيش اللبناني مضطرا الى عقد صفقات لتزويده السلاح او الغذاء، لكن لا يمكن فتحه على كل الامور وكل الملفات.
وفي شأن بند الاهراءات في مرفأ بيروت الآيلة للسقوط تم تكليف وزير الاشغال علي حمية متابعة هذا الامر، لكنه رفض ان تكون المسؤولية على عاتقه فقط واقترح تأليف لجنة، فتم توافق على عضوية وزراء: الاشغال، الاقتصاد، العدل والبيئة، بالاضافة الى مجلس الانماء والاعمار وشركة «الخطيب وعلمي» كاستشاري من اجل متابعة هذا الملف.
سلام لـ«الجمهورية»
وقال وزير الاقتصاد امين سلام لـ«الجمهورية»: «سنجري مناقصة لاختيار الشركة التي تتولى عملية هدم الاهراءات لأنها باتت خطيرة جدا وآيلة للسقوط إذ يمكن ان تنهار اذا هبّت عاصفة قوية. وسيتم اختيار شركة تقوم بعمليات الهدم والتنظيف قبل ان نطلق مناقصة اعادة الاعمار، وكل شيء سيُجمع من عمليات الردم يمكن ان يُباع وقيمته عالية جدا تقدّر بملايين الدولارات من حديد الى مكونات اخرى بما يسمح بتغطية كلفة هَدمه».
واوضح سلام ان الاستشاري خطيب وعلمي قدّم دراسة هندسية كاملة حول من يمكن ان يتولى عملية الهدم والكلفة، وأحال هذه الدراسة الى مجلس الانماء والاعمار ولكن لأنه لم يكن مكتمل النصاب أحيل الى وزارة الاشغال التي طالبت بدورها لجنة مصغرة لأخذ القرار قبل نهاية شباط وخلال اسبوع يجب ان يكون لدينا تصور مبدئي.
ورفض سلام ربط هدم الاهراءات بقضية التحقيق بمرفأ بيروت وقال: «هذا عمل مستقل يجب ان ننجزه وأصلاً تأخّرنا فيه ولا يجب ان نعتبر انجازه قفزاً فوق دماء الشهداء كما يتم تصوير هذا الامر».
وكان المجلس قد عرض في مستهلّ الجلسة مطالب بعض الوزراء في موضوع زيادة الإعتمادات المخصصة لوزاراتهم وللجامعة اللبنانية. وأبلغ ميقاتي الى المجلس أن هذه القضايا تم البحث فيها مع وزير المال «وانّ أي زيادة في الإعتمادات ستُرتّب عجزا إضافيا في الموازنة، وستبحث هذه الموازنة في جلسة خاصة تعقد في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل (غدا) الساعة الثانية بعد الظهر».
خطاب وطني
في غضون ذلك، قلّلت مراجع روحية وسياسية عليمة، عبر «الجمهورية»، من الروايات التي نسجت عن «خطاب ناري» للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اليوم في كنيسة مار مارون في وسط بيروت، في حضور رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة. وقالت ان الخطاب يتناول القضايا الوطنية ولن يدخل في كثير من التفاصيل اليومية من دون التراجع عن العناوين الاساسية التي تناولها في الفترة الاخيرة، لا سيما منها تشديده على الثوابت الوطنية لبكركي ودعوته الى مقاربة الامور بشمولية.
مواقف
وفي المواقف، أطلّ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في حوار مع قناة «العالم»،ِ فأسف «لاعتكاف الرئيس سعد الحريري»، وقال إن «قرار الحريري مؤسف وغياب تيار «المستقبل» له تأثير كبير في الانتخابات».
واذ أكد أنّ «حزب الله» يضع مصالح لبنان أولاً»، قال: «على الآخرين ان يقولوا لنا ماذا قدموا للبنان؟»، مشددا على انّ «قرار «حزب الله» لبناني، ومن يجب مناقشة لبنانيته هو بعض الاحزاب التي تأتمر من السفارات».
وشنّ نصرالله هجوماً عنيفاً على السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، فقال: «السفيرة الأميركية تتدخل في الانتخابات النيابية ولا يوجد احتلال أميركي في لبنان بل نفوذ سياسي ومالي وعسكري»، معتبراً أنّ «السفارة الأميركية هي أداة للمخابرات الأميركية ومبنى السفارة الجديد هو مركز للتجسس على دول عدة في منطقة الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «لا قواعد عسكرية أميركية في لبنان لكن هناك حضوراً في المؤسسة العسكرية والسفيرة الأميركية «لازقة» بالجيش». وقال: «نحن امام نفوذ أميركي سياسي وأمني ومالي واقتصادي في لبنان وكل من يتحدث عن السيادة والاستقلال عليه ان يواجه هذا النفوذ المخرّب».
وفي شأن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، أعلن نصرالله: «نحن لا نتدخّل في المفاوضات في شأن ترسيم الحدود لأننا لا نعترف بوجود اسرائيل».
وعن التدخّل في دول الخليج، أوضح: «نحن لا نتدخل في شؤون أي دولة من الدول الخليجية بل نساند الشعب اليمني المُعتدى عليه من السعودية»، ورأى ان «من يطلب من لبنان او أي حزب ان لا يتدخل في شؤونه الداخلية عليه ان يكف هو أولاً عن التدخل في شؤوننا الداخلية»، لافتاً الى أنّه «لا مشكلة لدى «حزب الله» في أي حوار مع الدول الخليجية انطلاقاً من مصلحة لبنان».
وقال نصرالله: «لو كان لدى العدو الاسرائيلي قناعة 50 في المئة ان شَن حرب على لبنان يمكن ان ينهي قدرة المقاومة لفعلَ ذلك»، وأعلن «اذا وقعت الحرب فنحن لا نخافها ولا نتخلى عن بلدنا وهناك أمور مخبأة لمفاجأة العدو».
لبنان القوي
الى ذلك، حمّل تكتل «لبنان القوي»، في بيان، بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل «مسؤولية إقرار خطة واضحة ومتكاملة للتعافي المالي ومكاشفة اللبنانيين بالحقيقة مهما كانت مرّة»، معلناً أنّه «لن يقبل بأن يكون اللبناني الحلقة الأضعف، بحيث يجري استفراده وتحميله وحده ثمن أخطاء وارتكابات المنظومة على امتداد 3 عقود. فالمطلوب تحديد واقعي للخسائر، ثمّ توزيعها بشكل عادل تدرّجاً من الدولة ومصرف لبنان الى القطاع المصرفي وانتهاءً بالمودع».
وحضّ التكتل الحكومة على «إصلاح ما بَدا من عيوب وشوائب في مشروع الموازنة»، معتبراً أنّها «لا ترتقي الى آمال اللبنانيين وتطلعاتهم الإصلاحية، ولا تواكب كذلك خطة التعافي». وشدّد على «ضرورة أن تنصرف الحكومة الى تأمين الخدمة العامة وتحقيق الجباية العادلة والسوية تزامناً مع البحث في رفع تعرفة الخدمات».
الى ذلك أشار التكتل الى أنّه «لا يزال ينتظر أن يقرن مصرف لبنان أفعاله ببياناته الإعلامية، فيُقدم بلا مزيد من التلكؤ على تسليم الداتا التي تطلبها شركة التدقيق «ألفاريز ومارسال» لكي تباشر عملها المنتظر».
رسالة الى عبود
من جهة ثانية، وجّه أهالي الموقوفين في ملف مرفأ بيروت رسالة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، طلبوا منه فيها «الوصول الى حلّ جريء بتخلية أهالينا في انتظار القرار الظني، بما أنّ هناك مادة في القانون هي وقف سير العدالة، وبما أنّك الوحيد ذو السلطة العليا والصلاحيات القضائية المطلقة».
كذلك ناشد الأهالي عبود أن «يعلو عن كلّ الاعتبارات في تطبيق القوانين والمواثيق الدولية عن حقوق الانسان الذي مضى عليها لبنان وهي أعلى من كلّ القوانين اللبنانية، وفرض المادة 2 من أصول المحاكمات وعلى القضاء اللبناني أن يطبّق ما تنص عليه هذه القوانين». وأعلنوا أنّ «هذه القوانين إذا لم تُطبّق، سنناشد الأمم المتحدة ونقدّم دعاوى على كلّ من كان السبب في تعذيبنا». وتوجّهوا الى عبود، وقالوا: «من يسكت عن الظلم هو ظالم. أين العدل والعدالة التي تمثّلها يا ريّس؟».
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 6482 إصابة جديدة (6327 محلية و155 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 984607.
كذلك سجل التقرير 20 حالة وفاة جديدة ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 9750.
والى ذلك أصدر المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس أمس قراراً في شأن التحقيق في مصير الأموال الناتجة عن فحوصات الـ PCR في مطار رفيق الحريري الدولي.
وجاء في القرار الآتي: «تطلب النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة من المدير العام للطيران المدني بالتكليف المهندس فادي الحسن وجوب التعميم بأسرع وقت على كل شركات الطيران وشركات الخدمة الارضية في مطار رفيق الحريري الدولي ـ بيروت بتحويل المبالغ المقبوضة بالدولار الأميركي «الفريش» لحساب وزارة الصحة العامة والجامعة اللبنانية، لكي لا تُثرى هذه الشركات على حسابهما إثراءً غير مشروع وذلك حفاظاً على الاموال العمومية وحرصاً على المصلحة العامة».