في مطلع العشرينيات من القرن الماضي أسّس الكونت فيليب دي طرّازي المكتبة الوطنية في بيروت انطلاقًا من مجموعة خاصة قيّمة يملكها. نمت المكتبة وشكّلت مركز إشعاع ثقافي إلى أن بدأت الحرب في العام 1975. اليوم سيتم اعادة افتتاحها، وقد اعلن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى بأنه “في ظل الظروف الراهنة، وعلى الرغم من كل ما يعانيه لبناننا الحبيب… سيعود نبض الحياة إلى قلب المكتبة الوطنية في بيروت… نلتقي في احتفال افتتاحها بعد الترميم”.
وتتضمن موجوداتها فضلاً عن الكتب والدوريّات (مجلّات، نشرات، الخ…): وثائق نادرة، مخطوطات، لوحات، منشورات حكوميّة، خرائط وتصاميم، بطاقات بريديّة، تسجيلات موسيقيّة، ملصقات ووثائق إلكترونية (أقراص مدمجة…).
تاريخ المكتبة
أسّس الفيكونت فيليب دي طرّازي في العام 1919 دار الكتب في منزله. وشكّلت مجموعته الخاصة، الّتي تحتوي على حوالي عشرين ألف وثيقة مطبوعة وثلاثة آلاف مخطوطة بلغات عديدة، نواةَ الدار.
وفي العام 1921، انتقلت المكتبة إلى بناية المدرسة البروسيوية المعروفة بمدرسة “الدياكونيس” في وسط بيروت، بعدما ضاقت دار دي طرّازي بالمقتنيات، وأطلق عليها اسم “دار الكتب الكبرى” واختار ثمانية أدباء لمساعدته.
وبتاريخ 25 تموز 1922 جرى تدشين المكتبة في موقعها الجديد في مدرسة “الدياكونيس”. وعُيِّن دي طرّازي أمينًا عامًّا لها حتّى عام 1939.
وفي العام 1935، أُقرّ مرسوم يضع النظام الأساسي للمكتبة الوطنيّة التي أصبحت مصلحة مُلحقة بوزارة التربية الوطنيّة.
انتقلت المكتبة الوطنيّة ومجموعتها المؤلّفة من 32 ألف كتاب إلى مقرّها الجديد الذي عمل على إنشائه المهندس مرديروس الطونيان في مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة في بيروت. وقد تمّ حفل الافتتاح في 7 حزيران 1937 في حفلة رسميّة بحضور رئيس الجمهورية اللبنانيّة في ذلك الوقت، الرئيس إميل إده. وعمل في المكتبة ثمانية أشخاص أُلحقوا بوزارة التربية الوطنيّة. وبقيت المكتبة في مركزها هذا حتّى اندلاع الحرب عام 1975.
في العام 1999، قرّر مجلس الوزراء اللبناني جعل مبنى كليّة الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، الواقع في منطقة الصنائع، مقرًّا للمكتبة الوطنية، وقد انطلق مشروع إعادة تأهيل المكتبة الوطنيّة في العام 2003 لمدّة ثلاث سنوات. وهدف إلى المعالجة الماديّة والفكريّة للمجموعات، وتدريب الموارد البشريّة، وإنشاء المكتبة الوطنيّة كمؤسّسة عامّة مستقلّة، وإعداد المباراة الهندسيّة. وقد موّل الاتّحادُ الأوروبيّ معظم هذا المشروع وبلغت موازنته 1375000 يورو، شارك الاتّحاد الأوروبيّ بما نسبته 80% منها، فيما أخذت الدولة على عاتقها 20%.
وفي تشرين الأول من العام 2005، أعلن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن تقديمه هبة قيمتها 25 مليون دولار لترميم المبنى القديم وبناء المساحات الإضافيّة اللازمة للمكتبة الوطنيّة في الصنائع.
الافتتاح الاول
انتهت أعمال البناء والترميم في المكتبة في عام 2017، وافتتحها الرئيس ميشال عون في كانون الأول 2018، ليتم إغلاقه مرة أخرى لمزيد من الصيانة.
وقد تعرضت المكتبة الوطنية لمزيد من الأضرار من جراء انفجار ميناء بيروت في 4 آب 2020.
للمكتبات الوطنية دور هام في حفظ النتاج الثقافي الوطني والتعريف به، اليوم يعاد افتتاح المكتبة مرة أخرى كي تظل بيروت عاصمة الثقافة والمعرفة، ويشكل مبنى الصنائع نموذجًا لفنّ العمارة العثمانية في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر.