لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات في لبنان. فكل قرار أو اجراء تتخذه قوى السلطة اليوم، كما كل موقف صادر عن مجموعات المعارضة، كلها مواقف وقرارات ذات خلفيات انتخابية، وان كانت الهواجس من تأجيل الاستحقاق النيابي المقرر في شهر أيار المقبل لحجة أو لأخرى تزداد رغم اقرار الحكومة يوم أمس تمويل الانتخابات من خلال نقل اعتماد من احتياطي الموازنة الى وزارة الداخلية بقيمة ?? مليار ليرة لتغطية المصاريف المستعجلة للانتخابات، على ان يحال إلى مجلس النواب خلال اليومين المقبلين مشروع قانون بفتح اعتماد اضافي في الموازنة بقيمة ??? مليار ليرة لتغطية كامل كلفة الانتخابات.
عون يتبرأ.. و”القوات” خاسر
وقالت مصادر سياسية مطلعة ان “استعجال الحكومة باقرار الاعتمادات اللازمة سببه الرئيسي قطع الطريق على تحميل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية اي تأجيل للاستحقاق خاصة بعد خروجه قبل أيام ليعلن ان لا أموال لانجاز الانتخابات”، لافتة في حديث لـ “الديار” الى “ضغوط خارجية كبيرة تمارس في هذا المجال تجعل كل فريق يسعى جاهدا لتفادي تحميله اي مسؤولية في هذا المجال. وتضيف المصادر: “رغم خروج وزير الداخلية بالأمس ليعلن انجاز وزارته جميع الإجراءات القانونية والإدارية المطلوب القيام بها وفق المواعيد والجدول الزمني الذي يرسمه قانون الإنتخابات المعدل، الا ان احتمالات اجراء الانتخابات في مواعيدها وعدم اجرائها تبدو متساوية باعتبار ان هناك اكثر من فريق سياسي مصلحته الا تجري هذه الانتخابات وبالتالي سيعمد الى تطييرها في حال سنحت له أي فرصة”.
وتؤكد المصادر أن “كل الأحزاب دون استثناء ستخسر من عديد نوابها، حتى “القوات اللبنانية” التي تصور نفسها ليل نهار كأنها الأقوى وستستلم وحيدة الزعامة المسيحية فهي الأخرى ستسجل أيضا خسارات والأرجح ان كتلتها ستنخفض لحدود 11 نائبا، لكن مما لا شك فيه ان خسارة “التيار الوطني الحر” ستكون الأكبر”.
ولفتت يوم أمس دعوة الرئيس عون الى “ضرورة اعتماد “الميغاسنتر” لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي من دون ان يضطروا الى الانتقال الى بلداتهم البعيدة عن أماكن سكنهم، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ما يؤثر على نسب المشاركة”، وهي دعوة تعتبر المصادر انها “غير قابلة للتطبيق، وكان يجب ان تحصل قبل فترة وليس بعدما باتت المهل داهمة. فهذا الاقتراح يحتاج لتجهيزات وبالتالي لأموال اضافية في وقت تسعى وزارة الداخلية لخفض الاعتمادات اللازمة لانجاز الاستحقاق”.
تجاوز قطوع الكهرباء
وبعكس ما كان متوقعا لجهة انفجار الخلافات داخل مجلس الوزراء عند مناقشة خطة الكهرباء، مر النقاش “بأقل أضرار ممكنة”، فانحسر الموضوع بشرح وزير الطاقة أبرز بنود خطة الكهرباء لتحسين الإنتاج. وأعلن وزير الاعلام بالوكالة بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أنه تم الطلب من الوزير فياض وضع خطة لتنفيذ قانون يتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء ودراسة إمكانية إعادة النظر بالتعرفة الكهربائية بالتوازي مع زيادة ساعات التغذية ووضع خطة لتركيب العدادات الذكية لتحسين التحصيل والجباية. وقالت مصادر معنية بالقطاع ان “مزايدة البعض برفض زيادة التعرفة قبل زيادة الانتاج يندرج باطار تسجيل النقاط انتخابيا”، مشددة في حديث لـ”الديار” على ان “لا امكانية للسير بأي خطة جدية للقطاع وتأمين الأموال اللازمة للنهوض به قبل تنفيذ كل شروط البنك الدولي لاصلاح القطاع، ومن دون ذلك سنبقى نتخبط في الدوامة التي ندور فيها”.
كباش عون-سلامة
وباطار المزايدات الانتخابية أيضا وأيضا، سرقت “مسرحية” توقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يوم أمس الأضواء. فبعد تغيبه عن جلسة استجوابه من قبل المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، في قصر عدل بعبدا، لاعتباره ان غير مخولة بذلك وتم سحب الملف من يدها، دهمت دورية من جهاز أمن الدولة منزلين لرياض سلامة ومقر مصرف لبنان المركزي بحثاً عنه، ولم تجده.
وفيما تضاربت المعلومات حول حصول مواجهة كلامية بين عناصر من أمن الدولة وآخرين من قوى الامن الداخلي يتولون حماية سلامة، أوضحت المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي أنها لم تمنع دوريّة من المديريّة العامّة لأمن الدولة من تنفيذ مذكّرة الإحضار بحقّ حاكم مصرف لبنان كما أنّ نقطة قوى الأمن الداخلي موضوعة منذ فترة بأمرٍ من الرؤساء لحماية الحاكم من أيّ تهديد أمني، خصوصاً بعد ورود معلومات بهذا الخصوص. وأشارت الى أن هذه النقطة الأمنيّة عناصرها غير مخوّلة التدخلّ، أو التبليغ، او حتّى منع تنفيذ أيّ مذكّرة رسميّة.
وأعلنت أن “هذا ما تمّ التأكيد عليه في اتّصال أجراه المدير العام لقوى الأمن الدّاخلي اللواء عماد عثمان بالمدير العامّ لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وذلك في إطار التنسيق المستمرّ بينهما”.
بالمقابل أشارت القاضية عون إلى أن “هناك محضرين رسميين من أمن الدولة يوثقان رسمياً ما حصل، بالإضافة إلى فيديو يثبت أن منع تنفيذ مذكرة الإحضار حصل بأمر من اللواء عماد عثمان بعد تهديد عناصر أمن الدولة بأن الإصرار على التنفيذ سيؤدي إلى مواجهة”.
ولفتت في تصريح لقناة الـ”OTV”، إلى أن “كل الوقائع موثقة بمحاضر رسمية صادرة عن جهاز أمن الدولة، وقد تم سحب عناصر أمن الدولة منعاً لحصول إصطدام”، معلنةً أنها بصدد الإدعاء على اللواء عماد عثمان.
واتهم تيار “المستقبل” في بيان الرئيس عون بمقاربة هذا الملف انتخابيا، وأكد ان “المداهمة وقرار التّوقيف اتُّخذا في القصر الجمهوري، بطلب مباشر من رئيس الجمهوريّة ميشال عون شخصيًّا إلى رئيس جهاز أمن الدّولة اللّواء طوني صليبا”، معتبرا ان ما يسعى اليه هو “تحقيق هدف بالمرمى الاقتصادي لحساب التيار الوطني على أبواب الانتخابات”.
ونبّهت مصادر سياسية متابعة للملف من ان يؤدي هذا الكباش الى هزة أمنية ومالية، معتبرة في حديث لـ”الديار” ان المرجعية السياسية التي تدفع باتجاه توقيف الحاكم وتحميله وحيدا مسؤولية الانهيار الحاصل انما تجهل او تتجاهل تداعيات ذلك على الوضع النقدي بعد نجاحه مؤخرا بتثبيت سعر الصرف في السوق الموازية عند حدود الـ20 ألفا، منبهة من ان “اي خطوة متسرعة من شأنها ان تؤدي الى تحليق سعر الصرف من دون ضوابط ما سيؤدي حكما لاهتزاز الاستقرار الامني الذي ننعم به منذ فترة، وليس مستبعدا ان يكونوا حقيقة يدفعون بهذا الاتجاه لتطيير الانتخابات التي ستؤدي الى تحجيمهم”.
جولة جديدة لصالح البيطار
تحرك ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت مجددا يوم أمس مع اصدار محكمة التمييز برئاسة القاضية رولا المصري قرارها برفض تنحية القاضي ناجي عيد، ما يعني ان عيد سيتمكن من النظر بطلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
اشارة الى أن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر تقدما بطلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في كانون الأول وأحيل الطلب الى الغرفة الاولى التي يرأسها القاضي ناجي عيد.وعلى الأثر، طلب زعيتر وحسن خليل رد القاضي عيد ومستشارته روزين غنطوس بحجة ان القاضيين أبديا رأياً مسبقاً في دعوى ثانية متعلقة بالبيطار، فأحيل الطلب على الغرفة الثانية في محكمة التمييز التي ترأسها القاضية رولا المصري.
وتشير مصادر مواكبة للملف في حديث لـ”الديار” الى ان “التطورات القضائية في هذا الملف من شأنها ان تسمح للبيطار بالعودة الى عمله وتحقيقاته قريبا باعتبار ان قرار القاضي عيد شبه محسوم لصالح البيطار باعتبار انه كان له رأي سابق في هذا المجال”، معتبرة ان ما حصل هو ان المحقق العدلي بهذه القضية كسب جولة جديدة بوجه المتهمين.