لا شيء يوحي بهدنة سياسية على “بوابة” الانتخابات النيابية، الكل على “سلاحه” التصعيدي ويجهّز “اوراقه” للمعركة المفتوحة على كافة الاحتمالات، وسط ارتفاع منسوب الضغط على الرئاسة الاولى بدفعها للتراجع “خطوة الى الوراء” عبر التهديد بالتصعيد في الشارع على خلفية حماية “ارث” تيار المستقبل كممثل للسنّة في الدولة. في هذا الوقت، وفيما لم تمض ساعات على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي كشف فيه عن تصنيع حزب الله للطائرات المسيّرة وتطوير الصواريخ وتحويلها الى دقيقة، حتى حطت السفيرة الاميركية دوروثي شيا في السراي الحكومي ناقلة “رسالة” شديدة اللهجة من حكومة بلادها ازاء ما اعتبرته تطورا خطيرا يقيد ما تبقى من سيادة للدولة اللبنانية وقواها الامنية، محذرة من اي استفزاز على الحدود الجنوبية يمكن ان يؤدي الى مواجهة جديدة غير محسوبة العواقب والنتائج. هذه المعلومات التي استقتها “الديار” من مصادر سياسية رفيعة المستوى، لفتت الى ان جدول اعمال الزيارة لم يقتصر على ملف حزب الله، بل حضر ملفا “الترسيم” البحري، الذي طالبت فيه شيا بتوثيق التراجع عن الخط 29 رسميا، وكذلك حضر “التهويل” المستجد بالاستقالة من الحكومة على خلفية “الكباش” مع الرئاسة الاولى حول حاكم مصرف لبنان، الذي رسمت السفيرة حوله “خطا احمر”. هذا الحراك الاميركي تزامن مع اهتمام اسرائيلي بالتطور النوعي لمقاتلي حزب الله، فضلا عن الترويج لقرب التوصل الى تفاهم على تقاسم “الثروة الغازية” البحرية، فيما القوى السياسية في الداخل مشغولة في معركة تسجيل النقاط لتحفيز الجمهور وايهامه بانتصارات “وهمية” تساعد في صناديق الاقتراع في انتخابات يقول الجميع انه يريدها في موعدها وسط تبادل الاتهامات بنوايا خبيثة لتأجيلها!
“رسالة” تحذير اميركية
ولان واشنطن باتت معنية “بالصغيرة والكبيرة” في مرحلة مفصلية قبيل اشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي، حضرت هذه التطورات على “طاولة” البحث بين السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شياّ ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث سجلت شيا موقفا اعتراضيا على اعلان السيد نصرالله عن عمليات التصنيع العسكري في الاراضي اللبنانية، مع العلم ان هذه المعلومة ليست جديدة، بحسب مصادر سياسية مطلعة، وربما الجديد كان الاعلان الرسمي عنها، ولهذا يدخل “التهويل” الاميركي في سياق زيادة حجم “الضغوط” على الحكومة اللبنانية، غير القادرة بعلم الاميركيين، على تغيير الوقائع المتعلقة بجهوزية حزب الله العسكرية في مواجهة اسرائيل، وهو ما ابلغها اياه ميقاتي صراحة، ولهذا نقلت السفيرة “رسالة” تحذير مبطنة من امكانية خروج الامورعن السيطرة اذا ما تحول “الكباش” او ما اسمته التحدي مع اسرائيل الى وقائع ميدانية، مؤكدة ان بلادها لا تريد تصعيدا عسكريا بين الجانبين. دون ان تنسى “دق اسفين” بين الدولة والمقاومة من خلال تاكيدها ان ما يحصل يزيد من “تآكل” هيبة السلطات الرسمية وقواها الامنية ويقود مصداقية الحكومة اللبنانية!
الحاح على حسم “الترسيم”
وفي ملف الترسيم البحري، تشير المعلومات الى ان السفيرة الاميركية طالبت ميقاتي بموقف رسمي لبناني واضح من كلام رئيس الجمهورية ميشال عون حول خطوط التفاوض والتخلي عن الخط 29، بعدما غاب هذا الملف عن جلسات الحكومة الاخيرة، ولفتت الى ان “الوسيط” الاميركي عاموس هوكشتاين سيتحرك بعدما يتبلغ رسميا موقفا لبناني موحد حيال الخطوط ومسألة تقاسم “الثروات”، وعلم ان ميقاتي لم يبلغها جوابا حاسما بانتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من القاهرة، وابلغها ان الملف يناقش خارج مجلس الوزراء، وسيكون مدار بحث مع رئيس الجمهورية خلال الساعات القليلة المقبلة، الذي يقود التفاوض بحكم مسؤولياته الدستورية، وهو اتخذ بعض الخطوات منفردا، ومنها “الرسالة” الى الامم المتحدة التي عاد والغى مضمونها بتصريح صحافي حول الخط 29، ولهذا يحتاج الامر الى مزيد من التشاور.
خطوط واشنطن “الحمراء”؟
اما الملف الثالث، فكان قلق واشنطن من تطيير الحكومة كمقدمة لالغاء الانتخابات النيابية، وهو الامر الذي نفاه رئيس الحكومة، ولكنه شكك امام شيا في نوايا رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يضغط عليه في ملفات حساسة مع علمه المسبق ان قدرته على تحمل المزيد من الضغوط في “شارعه” محدودة بعد قرار الرئيس الحريري “الاعتكاف” في ظل الحملة الرئاسية الممنهجة لضرب الاستقرار النقدي من بوابة ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي توسعت لتطال مراكز القوة في الساحة السنّية عبر “اهانة” المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، وملاحقته قضائيا، ووضع القوى الامنية وجها لوجه في “الشارع” بسبب استسهال تصدير القرارات القضائية، لافتا انه استخدم صلاحياته لتقليل الاضرار، لكنه لا يستطيع المضي قدما في تحمل التصعيد، والامر يتطلب تهدئة من جانب الرئيس وفريقه السياسي. ووفقا للمعلومات، شددت شيا على ان اقالة حاكم مصرف لبنان “خط احمر” بالنسبة الى بلادها، وقالت انه “اذا كان لا بد من ذلك، يجب اولا الاتفاق على خليفته، لانه لن يكون مقبولا ان يحل مكانه نائبه الشيعي”. واكدت ايضا على ضرورة الحفاظ على الحكومة محذرة من تطيير الانتخابات التي ستكون لها عواقب وخيمة، ولمّحت الى امكانية اجراء الاتصالات اللازمة مع فريق الرئيس لتخفيف الاحتقان!
توافق بين بري وميقاتي
وفي هذا السياق، تواصل رئيس الحكومة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الموجود في القاهرة، ونسق معه الخطوات الآيلة لمواجهة التصعيد الرئاسي، وكان التوافق تاما على رفض الحملة القضائية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعلم ان بري يرفض اي تغيير في منصب الحاكم في عهد الرئيس عون، واشار الى انه لا يريد ان يرث الرئيس الجديد حاكما محسوبا على الرئيس الحالي. وقد تواصل ميقاتي مع وزير العدل ومدعي عام التمييز وطلب منهما وقف التمادي بالاعتداء على “كرامات” الناس. وسيسعى رئيس الحكومة لوضع “النقاط على الحروف” مع عون بعد عودته من زيارة خاصة الى الخارج بعدما لمس خطورة قد تمتد الى الشارع ولا تقتصر تداعياتها على الحكومة.
انفلات “الشارع”
ووفقا للمعلومات، سمع ميقاتي كلاما واضحا من النائبة بهية الحريري حيال انعدام القدرة على السيطرة على شريحة واسعة محبطة وتشعر الان ان ثمة من يريد الانتقام من “الحريرية” السياسية عبر استغلال الخروج “الطوعي” لسعد الحريري من المشهد السياسي، وهو امر خطير للغاية، خصوصا انه لا يوجد “عنوان” للاعتدال يمكن “طرق” بابه الان للتهدئة. وقد اكد ميقاتي انه لن يسمح لاحد بتجاوز “الخطوط الحمراء” طالما هو رئيسا للحكومة.
عثمان لن “يمثل”
في هذا الوقت، لن تمر خطوة ادعاء القاضية غادة عون على مديرعام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان أمام قاضي التحقيق الاوّل في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، مرور الكرام، بعدما سارع منصور الى تلقف طلب الإدعاء محددا جلسة الاستماع اليه الاسبوع المقبل، ووفقا للمعلومات، لن يمثل اللواء عثمان أمام الجهات القضائية الأسبوع المقبل، بتغطية من رئيس الحكومة الذي طلب منه عدم الامتثال، و “بفتوى” من النيابة العامة التمييزية اعتبرت ان قراراتها مخالفة للقانون !
عون والفساد: “ما خلونا”؟
في هذا الوقت، وبعد ساعات على بيانات تيار المستقبل “النارية”، شن رئيس الجمهورية ميشال عون انتقادات لاذعة الى مجموعة من القوى السياسية، دون اي يسميها، وقال انها وقفت في طريقه لمكافحة الفساد، وشدد ان التزامه مكافحة الفساد كان من الأولويات التي عمل لتحقيقها منذ بداية عهده، لكنّ “عراقيل عدة وُضعت في الطريق من جهات وفّرت الحماية للفاسدين وحالت دون وضع حدّ لممارساتهم التي أرهقت الدولة وأضرّت بمصالح الناس”!. ودعا عون رئيس وأعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، الذين أقسموا اليمين القانونية أمامه بعد صدور مرسوم تعيينهم، إلى ممارسة المسؤوليات الملقاة على عاتقهم بكلّ تجرّد وشفافية، وعدم الاستماع إلى أيّ جهة إلا ما ينصّ عليه القانون والأنظمة المرعية الإجراء. وردا على الاتهامات الموجهة اليه بالكيدية السياسية، اشار الى ان الوصول في التدقيق الجنائي المالي إلى نتائج عملية لا ينطلق من اعتبارات شخصية وحسابات ضيّقة كما يروّج المتضرّرون من هذا التدقيق، بل من حقّ اللبنانيّين أن يعرفوا أين ذهبت أموالهم وتعبهم وجنى العمر، وكلّ ما يُقال غير ذلك إنّما يصدر عن جهات وأحزاب استفادت من الممارسات الخاطئة في إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها، ولا سيّما مصرف لبنان، وليس غريباً أن تنتفض هذه الجهات وتلك الأحزاب في وجه رئيس الجمهورية وتشنّ الحملات المبرمجة ضده، مستعملة كلّ الوسائل الخاصة أمامها، وخصوصاً وسائل الإعلام، للمضي في تضليل الرأي العام.
الطريق معبد “للترسيم”؟
وفيما الموقف اللبناني “مبهم” حيال ملف الترسيم البحري بعد التخلي المجاني عن حقوق لبنان، وصل الصدى الايجابي الى اسرائيل التي تحاول الاستفادة من تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن اعتماد الخط 29، وفي هذا السياق، نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مسؤولين كبار في القيادة الأمنية الاسرائيلية اعتقادهم بأن الطريق بات اليوم ممهدا، لتوقيع اتفاق قريب مع لبنان بوساطة الولايات المتحدة الأميركية.
تقاسم الثروات!
وكشفت الصحيفة، أن الاتفاق المزمع توقيعه من شأنه تحقيق أرباح للبلدين من مخزونات الغاز الموجودة في المنطقة المتنازع عليها حيث سيتم تكليف شركات طاقة دولية بحقوق بالبحث واستخراج الغاز الطبيعي، ومن ثمّ يتفق الطرفان، على وسيط دولي، سيحدد مستوى الأرباح التي ستحصل عليها كل دولة. ولفتت “هارتس” إلى أن مسؤول أمني إسرائيلي، أبلغها قبل أيام، أن الاتفاق البحري يحظى بأولوية كبيرة لدى الولايات المتحدة من أجل المساعدة في تخفيف أزمة الطاقة في لبنان، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار الأمني في المنطقة. وأشارت الصحيفة الى ان حزب الله يرفض منح الحكومة اللبنانية تأييدا علنيا للتفاهم لانه قد يتم تفسيره على أنه نوع من التطبيع مع إسرائيل.
موقف متقدم لحزب الله
وفي هذا الاطار، حذر حزب الله من “الافخاخ” الاميركية في هذا الملف، واشار عبر كتلة الوفاء للمقاومة الى وجود إشارات وإرهاصات يتوسلها الوسيط الأميركي لحياكة أمر واقع يأمل أن يفتح، ولو مستقبلا، نوافذ تطبيع مع العدو الصهيوني عبر آليات وترتيبات يعمل على تسويقها”. وجددت الكتلة موقفها بأن “ترسيم الحدود هو مسؤولية الدولة، ولفتت الى أن واجبها الوطني يقضي لفت نظر المعنيين الرسميين إلى أفخاخ الوسيط في عملية الترسيم والتنبه إلى محاذير ومخاطر نوافذ التطبيع مع العدو الصهيوني والمرفوضة تحت أي ذريعة من الذرائع”.
قلق من “وحدة مقاتلي الثلج”
في هذا الوقت، وفيما عمدت الرقابة العسكرية الاسرائيلية المشددة الى تغييب ممنهج لردود الفعل الواسعة على اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن تطوير الصواريخ وتصنيع الطائرات المسيّرة، حيث اكتفى الإعلام الاسرائيلي بنشر مقتطفات مقتضبة من خطابه، في المقابل اهتمت الدوائرالامنية والعسكرية بالفيديو الذي نشره الإعلام الحربيّ التابِع للحزب والذي كشف عن تدريبات لمقاتلي النخبة على الثلوج. وفي هذا السياق ركزّ مصدر امني لموقع “والا” على اختصاص مقاتلي المقاومة، فأشار إلى أنّ هذه الوحدات تختص بالقتال في المناطق الجبلية وفي ظروف مناخية وتضاريس قاسية، ولفت إلى أنّ مثل هذه الوحدات موجودة فقط في جيوش مثل الولايات المتحدة، ألمانيا، النمسا، الهند وفرنسا. ويبدو انه تم انشاؤها لمواجهة وحدة “جبال الألب” الاسرائيلية التابعة لسلاح المشاة في القيادة الشمالية، وهي تختص بالقتال بظروف مناخية قاسية تنشط بالقرب من جبل الشيخ وعلى الحدود الشمالية، وهم تدربوا في سويسرا. وقد ظهر مقاتلو حزب الله ينفذون تدريبات دفاعية وهجومية مشابهة لهذه الوحدة من خلال اطلاق نار خلال التزلّج بمعدّات متقدّمة، ولفتت الى ان منطقة جبل الشيخ هي منطقة صعبة جدًا لتنفيذ العمليات، سواءً بسبب ظروف المنطقة القاسية ذات الأماكن المرتفعة، البرد والثلج في بعض أيام السنة، أوْ بسبب حساسيتها التكتيكية العالية.
الكهرباء وزيادة التعرفة “المشروطة”
“كهربائيا”، لا معامل كهرباء جاهزة قبل العام 2024 كما اكد وزير الطاقة وليد فياض بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لبحث خطة الكهرباء. وفي السياق اعلن أنّ تعرفة الكهرباء ستكون مرتبطة بأمرين أساسيّين هما زيادة التغذية وتقليص الهدر. وأوضح، بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي لمتابعة البحث في خطة النهوض بقطاع الكهرباء، أنّه “عندما نعطي 10 ساعات تغذية يمكننا زيادة التعرفة وتأمين الكهرباء للبنانيّين بسعر أرخص، بحيث ستكون أقل بنحو 70% من تكلفة المولّدات الحالية، ورأى فياض أنّ “بعض الكلام الذي صدر في الإعلام عن جلسة مجلس الوزراء أخذ الأمر في اتجاه آخر، فالرئيس ميقاتي ثمّن في الجلسة نوعية الخطة التي قدّمناها، وبقي أن نتّفق على تظهير عناوينها الكبرى لتكون واضحة وفي متناول الجميع، وهي تلحظ موضوع الطاقة المتجددة”، وأشار إلى أنّ ميقاتي “يودّ أن يتمّ إنشاء المحطات الجديدة في أسرع وقت، ونحن وضعنا خطة طموحة، وإذا أردنا بناء محطات فتلزمنا فترة لتحضير دفاتر الشروط، وتأمين التمويل الذي يمكن أن يتطلّب قانوناً. إنّ طرح دفتر الشروط يستغرق لآخر السنة، والمباشرة بالإنشاءات تلزمها سنة ونصف، لذا فالمحطات الجديدة لا يمكن أن تشغّل قبل منتصف عام 2024 بأفضل تقدير”.
خط الغاز جاهز
وفي سياق متصل، تم اصلاح خط الغاز بين سوريا ولبنان الذي كان معطلاً منذ مدة طويلة في محلة قبة شمرا عكار بإشراف الوفد المصري والوفد السوري وموظفي منشآت النفط في طرابلس وبات جاهزاً لاستجرار الغاز.