كتبت صحيفة “الديار” تقول: لم تمض 48 ساعة على كلام السيد حسن نصرالله قائد المقاومة وأمين عام حزب الله حتى نفّذ وعده بأن لدى المقاومة سلاح جو قادر على اختراق سماء فلسطين المحتلة وتصوير مواقع مدنية وعسكرية في الكيان الإسرائيلي ولديه فعالية عالية، فقد أرسلت المقاومة مسيرة حسان تيمناً باسم الشهيد حسان لقيس المهندس التقني في صفوف المقاومة والذي استشهد بعملية اغتيال في الحدث شرق الضاحية.
قامت مسيرة حسان التابعة للمقاومة بالتحليق فوق أجواء فلسطين المحتلة ومرت فوق الجليل ثم اتجهت نحو بحيرة طبرية وكانت ترسل الصور تلفزيونيا الى مركز مختص لدى المقاومة. وقد طارت 70 كلم في عمق أجواء فلسطين المحتلة ثم اتجهت نحو البحر واستمر طيرانها 40 دقيقة في عملية نوعية لم يستطع العدو الإسرائيلي فعل أي شيء رغم أن القبة الحديدية مفعلة دون أن تستطيع اسقاط مسيرة حسان،وانطلقت طائرات إسرائيلية في الجو لاعتراضها لكنها لم تستطع كشفها.
وقامت مسيرة حسان التابعة للمقاومة بأخذ صور مستمرة بواسطة آلات التصوير طوال الوقت وترسلها الى منصة الكترونية في لبنان تابعة للمقاومة. وأكملت طيرانها 40 دقيقة ودخلت أجواء لبنان دون استطاعة طائرات العدو من اكتشافها لاسقاطها وعادت الى نقطة في الأراضي اللبنانية لم يستطع العدو تحديد مكان انطلاقها وهبوطها.
اهتزت «إسرائيل» كلها وعلى أصوات اطلاق صواريخ «القبّة الحديدة» لجأ المستوطنون الى الملاجئ في كامل الجليل وصولا الى حيفا بعد اطلاق صفارات الإنذار في المستعمرات حيث سمع الصوت في حيفا وكل قرى الجليل.
العملية من الناحية التقنية تمتاز بأن «إسرائيل» التي تعتبر نفسها من أقوى القوات الجوية في العالم لم تستطع راداراتها ملاحقة «حسان» والتي هي من دون سلاح لكنها مسيرة تجسسية تقوم بتصوير كل المواقع التي تطير فوقها بشعاع 20 كلم على الأقل. كما أن الطائرات الإسرائيلية خاصة ف 35 وهي من الجيل الخامس والتي تسلمت إسرائيل 60 طائرة منها من الولايات المتحدة وهي أحدث طائرة في العالم لم تستطع تحديد مسار المسيرةلإسقاطها وفشلت في مهمتها.
وهكذا تفوقت المقاومة في هذه العملية، وحطمت الأسطورة على أن أجواء «إسرائيل» لا يمكن اختراقها.
كل وسائل الاعلام الإسرائيلية ركزت أخبارها على «حسان» وكيف خرقت أجواء فلسطين المحتلة وعادت الى قواعدها سالمة ويمكن اعتبار مدة الأربعين دقيقة هي الإختراق النوعي المميز الذي نفذته المقاومة وحطمت اسطورة القبة الحديدة وجهوزية الطائرات الاسرائيلية ومنظومة الرادارات الإسرائيلية المتطورة جداً.
قائد سلاح الجو الاسرائيلي تلقى لوماً كبيراً من وسائل الإعلام عبر المحللين الإسرائيليين وذكرت إحدى الشبكات الاسرائيلية التلفزيونية أنه وضع استقالته على طاولة وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس ليقرر بشأنها.
ما اعلنه سيد المقاومة السيد حسن نصرالله نفذه وإذا كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد قامت بالتعتيم على خطاب السيد نصرالله فإنها انفتحت كلياً شاشاتها وإذاعاتها وخطوط التواصل الاجتماعي على خبر اختراق مسيرة حسان أجواء فلسطين المحتلة.
أسئلة كثيرة لا أجوبة عليها لدى العدو، وأهمها: لماذا لم تكشف الرادارات الإسرائيلية خط طيران مسيرة حسان لحظة بلحظة ولماذا لم تصبها صواريخ القبة الحديدة ولماذا لم تستطع الطائرات الإسرائيلية طوال طيرانها لمدة 40 دقيقة من تعقب مسيرة حسان واسقاطها وهل أن معدن تصنيع الطائرة هو معدن غير قابل للظهور على شاشات الرادار ويشبه جسم طائرات الشبح التي تمتص إشارات الرادار ويصبح الرادار مصابا بالعمى ولا يلتقط الهدف؟
لقد دخلت المقاومة عصرا جديدا وأصبح على «إسرائيل» بدل ارسال طائرات تحلق على علو منخفض فوق بيروت والضاحية بصورة فولكلورية نتيجة فشلها تجاه مسيرة حسان أن تفكر جيدا أن لدى المقاومة طائرات مسيرة غير معروف عددها وربما بالمئات ولا يمكن اكتشاف قواعدها ومن يدري ماذا ستكون انعكاسات مسيرة حسان في المستقبل.
فهل تظهر مسيرة حسان ٢ وتصل الى تل أبيب أو قواعد عسكرية حربية وجوية؟أو تقوم بتصوير مفاعل ديمونا النووي ومراكز الصواريخ النووية الإسرائيلية المنصوبة باتجاه أهداف في العالم على مدى أوروبا والعالم العربي وآسيا وتقوم بعض المسيرات المسلحة بضرب هذه القواعد حتى لو أسقطت فيما بعد من قبل العدو الإسرائيلي؟ اذ تكون قد نفّذت مهمات استثنائية لا تستطيع القيام بها الا دول كبرى.
المهم أيضا في الامر أنه مثلما يخرق طيران العدو الإسرائيلي أجواء لبنان كل يوم قامت المقاومة باختراق أجواء العدو وليس باستطاعة «إسرائيل» شن حرب لأن التوازن قد حصل بعدم احترام القرار الدولي 1701 الذي يمنع خرق الأجواء اللبنانية وهذا ما قامت المقاومة به عبر وضع توازن الردع والرعب لدى «إسرائيل»وخرق أجوائها.
تداعيات ملاحقة سلامة
هذا ويتعرض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لضغوطات مؤخراً حيث قامت عناصر أمنية بمحاولة إعتقاله بناءً على طلب القضاء الذي يتهمّه البعض بأن مُسيّر سياسيًا. وبغضّ النظر عن مسؤولية الحاكم الحالي في ما يحصل والتي تبقى من صلاحيات القضاء، إلا أن الإهانة التي يتعرّض لها شخص الحاكم، ليست من ممارسات القضاء اللبناني الذي كان مرجعًا في ستينات القرن الماضي. وهنا يُطرح السؤال: هل كل ما يحدث هو لتحميل سلامة وحده أعباء الكارثة المالية أو أن الهدف ترويض سلامة ؟
المنطق يقول أن على السلطة التنفيذية أي الحكومة، في حال شكّت بإرتكاب الحاكم مخالفات قانونية، أن تعمد إلى إقالته من منصبه ومن ثم مُحاسبته أمام القضاء. أمّا أن تتمّ الأمور كما يحصل حاليًا، فهو تدمير للمؤسسات الدستورية سيكون لها تداعيات سيئة جدًا حتى لو فرح البعض بإهانة وإعتقال الحاكم المركزي.
من الواضح أن القوى السياسية لا تعي خطورة ما يحدث في ملف الحاكم على الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي. فما يتعرّض له الحاكم وهو في منصبه (بغض النظر عما إذا كان بريئًا أو لا) سينعكس على المستوى العالمي على الدولة اللبنانية من بوابة المصارف المراسلة التي تتلقّى مستندات (فتح إعتمادات أو غيرها) عليها توقيع حاكم ملاحق قضائيًا. وهو ما قد يدفعها إلى إغلاق حسابات مصرف لبنان وبالتالي تعريض لبنان إلى أزمة إستيراد حادة! أيضًا لا يعي المسؤولين مدى الضرر على المفاوضات التي تقودها الحكومة مع صندوق النقد الدولي. الجدير ذكره أن لبنان ممثّلًا في صندوق النقد الدولي بشخص حاكم مصرف لبنان، فأي صورة يُعطي المعنيون للصندوق وأي مصداقية سيكتسبون؟
مُشكلة لبنان الأولى والأخيرة هي بماليته العامّة التي قامت على عجز في الموازنة وإستدانة مفرطة غذّت إلى حدٍ بعيد الفساد المُستشري في دوائر الدولة. الحاكم سلامة حافظ على ثبات نقدي أمّن الرفاهية والطمأنينة للمواطن اللبناني. لكن الإستدانة التي قامت بها الحكومات المُتعاقبة على مدى عقود أوصلت البلد إلى مستوى لم يعد يستطيع حمل ثقل خدمة الدين العام. الدولة اللبنانية كانت تقترض بعملة أجنبية من دون أن يكون لها أي ملاءة بهذه العملة. الدولارات ذهبت بنسبة كبيرة إلى مؤسسة كهرباء لبنان، والبعثات الديبلوماسية، والمشاريع العامة التي لا جدوى منها! وفي كل مرّة كان المسؤول عن إصدار سندات اليوروبوندز هي وزارة المال من دون أن يكون للمصرف المركزي أي علاقة بهذه الإصدارات.
أما إقتصاديا، فقد ذهبت الدولارات إلى الإستيراد الذي منعت الحكومات المُتعاقبة رفع الرسم الجمركي أنذاك لتخفيف خروج الدولارات وكل ذلك خدمة للتجار!
مطالبة المجتمع الدولي للحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات، بدأت في العام 2002، ومنذ ذلك الوقت لا يوجد أي إصلاح إقتصادي أو مالي يُمكن تسجيله على رصيد أي حكومة من الحكومات التي حكمت في هذه الفترة. أكثر منذ ذلك، 27 مليار دولار أميركي من المال العام مجهول المصير في حسابات الدولة اللبنانية بإعتراف وزارة المال من دون أن يتحرّك القضاء على هذه المعلومات، وهو ما يُبرّر إلى حدٍ بعيد غياب قطوعات الحسوبات منذ العام 2003.
مسؤولية الحكومات هي على الموازنات التي سجّلت عجز سنوي في كل السنين وموّلته من خلال الإستدانة، فأي مسؤولية للمصرف المركزي الذي لا يُعطيه الدستور أي سلطة على الموازنة؟ التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان مُحقّ وهو مطلب كل لبناني، لكن لماذا لا يوجد أي تدقيق جنائي في حسابات الدولة اللبنانية التي تفتقر إلى 27 مليار دولار من الأموال المجهولة المصير بإعتراف وزارة المال؟ لماذا لا يتمّ التدقيق في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان التي إستهلكت 50 مليار دولار أميركي مع خدمة توازي الصفر؟
كل هذا يدفعنا إلى القول أنه على الرغم من أن المساءلة لأي شخص في منصب رسمي هي حق، إلا أن توقيت ملاحقة حاكم المصرف المركزي في هذا الوقت والطريقة المُهينة تخفي خلفها أهداف سياسية واضحة المعالم على أبواب الإنتخابات النيابية.
المخاطر التي قد تنتج عن ملاحقة سلامة تطال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وموازنة الحكومة التي تعتمد على سعر دولار منصة صيرفة، ودولار السوق السوداء. وبحسب التحاليل التي قمّنا بها، لم تأخذ الحكومة أي إجراءات للتحوّط من هذه المخاطر. وبالتالي فإن السيناريوهات المطروحة للمرحلة المقبلة تتراوح بين الإستمرار في الوضع الحالي مع تآكل مُستمر في الواقع الإقتصادي والمالي، وبين تردّي سريع للوضع الإقتصادي ناتج عن صعوبات في الإستيراد. وفي كلا الحالتين ستزداد مُعاناة المواطن مع فارق أنه في ظل السيناريو المُتشائم المعاناة ستكون أكبر وحصولها أسرع.