بشكل استفزازي فاقع، يخوّن أكثر من نصف اللبنانيين ويضعهم في مصاف الإسرائيليين، أعلن “حزب الله” أمس “الحرب الانتخابية” على قوى التغيير والمعارضة محرّضاً جمهوره على واجب التصدي لكل من يصوّت ضد مشروع “الحزب” في صناديق الاقتراع كما تصدوا للعدوان الإسرائيلي صيف العام 2006، على اعتبار أنّ “الانتخابات النيابية المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا”، كما جاء على لسان رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” السيد إبراهيم أمين السيد… الأمر الذي استدعى رداً مباشراً من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع صوّب فيه حقيقة المشهد الانتخابي تعقيباً على كلام السيّد إذ “كان الأصح أن يقول إنها حرب تحرير سياسية (…) لأنهم يريدون سلاحاً شرعياً ودولة لكي تكون الكلمة في بلدنا للبنانيين“.
وفي مواجهة “الحرب” التي يشنها “حزب الله” لترهيب المعارضين وإخماد الصوت السيادي في ساحة المعركة الانتخابية، لوحظ أمس إصدار “الحزب التقدمي الاشتراكي” بياناً عالي السقف والنبرة تأكيداً على مضيه قدماً في التصدي لـ”أعداء السيادة والإصلاح” وإجهاض “الحملة المبرمجة التي تستهدف علاقاتنا بالعمق العربي وانتماءنا للخط السيادي وزرع التفرقة في بيتنا الداخلي”… وهي اتهامات صبّت في مجملها في خانة التصويب على سعي “حزب الله” الدؤوب لتطويق وليد جنبلاط انتخابياً وكسر زعامته درزياً، عبر محاولة انتزاع “نصف المقاعد الدرزية” في الانتخابات المقبلة من يد جنبلاط، الأمر الذي وضع زعيم المختارة أمام “معركة انتخابية مصيرية” للحؤول دون تمكين “حزب الله” من تحقيق مبتغاه في شقّ الصفّ الدرزي.
وفي هذا السياق، كشفت معلومات “نداء الوطن” أنّ “حزب الله” أبلغ قيادة “الاشتراكي” عبر قنوات التواصل الرسمية بين الجانبين أنه عازم على خوض المعركة الانتخابية إلى جانب طارق الداوود في راشيا ووئام وهاب في الشوف، مشيرةً إلى أنّ الهدف الأساس من الأجندة الانتخابية لـ”حزب الله” على الساحة الدرزية هو الوصول إلى نتيجة تجعل منه “شريكاً مضارباً” لجنبلاط عبر تقاسم المقاعد الدرزية معه، من خلال دعم ترشيح الداوود ووهاب، فضلاً عن اتكاله على الجانب الأخلاقي الذي يحتم على جنبلاط ترك مقعد شاغر لطلال أرسلان، واعتباره أنّ مقعد حاصبيا مضمون ومقعد بيروت الدرزي بات في متناول اليد بعد انكفاء “تيار المستقبل“.
وفي حين آثرت مصادر “الاشتراكي” عدم الخوض في حسابات “حزب الله” الانتخابية، اكتفت بالتأكيد على أنه “بات واضحاً من خلال أداء “الحزب” أنه قرر أن يفتح النار الانتخابية علينا في بيروت والجبل والمناطق، معتقداً أنّ اللحظة مؤاتية للانقضاض على وليد جنبلاط وما يمثله من أبعاد سياسية وسيادية”، وأردفت: “نحن بالفعل أمام معركة مصيرية يجب علينا التصدي لها بالصمود والتصميم على منع انهيار الخط السيادي في البلد، لكن أمامنا 3 تحديات لخوض هذه المعركة: التحدي الأول هو كيفية تجاوز حالة اليأس والإحباط التي تتملك اللبنانيين في ظل الواقع المعيشي المنهار وإعادة استنهاضهم انتخابياً، والتحدي الثاني يكمن في تحصين سبل الصمود والتصدي تحت وطأة الافتقار إلى وجود حلف سيادي وازن ومتراص في المواجهة الداخلية الراهنة كما كان الأمر إبان حقبة تحالف 14 آذار، بالتوازي مع الانكفاء العربي الكلي عن الساحة اللبنانية، مقابل التحدي الثالث المتمثل بوجود اندفاعة شرسة للمحور الآخر سعياً للإطباق على لبنان في ظل توفر ظروف داخلية وخارجية تساعده على تحقيق هدفه“.
أما على الساحة السنّية، وبينما تتجه الأنظار اليوم ترقباً للموقف الانتخابي الذي سيعلنه الرئيس فؤاد السنيورة عقب عزوف “تيار المستقبل” عن المشاركة في الاستحقاق المقبل، استرعى الانتباه تأكيد دار الفتوى أمس على أنها لن تتدخل في العملية الانتخابية ولن تدعم “لا مرشحاً على آخر ولا لائحة على أخرى”، لكنها في الوقت عينه وضعت عنوانا “توجيهياً” عريضاً للمقترعين السنّة حثتهم فيه على “اختيار الأفضل لمشروع بناء الدولة ومؤسساتها“.
وفي الغضون، يحرص رئيس الجمهورية ميشال عون على تكريس آخر أيام عهده في خدمة إعادة تعويم فرص رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الانتخابية، ومن هذا المنظار ترى أوساط مراقبة أنّ كل الحملات التصعيدية التي يشنها عون على مختلف الجبهات السياسية والمالية والقضائية والأمنية إنما تندرج تحت خانة السعي إلى تحقيق هذا الهدف، وصولاً إلى عدم التواني عن تسخير توقيع الرئاسة الأولى لإصدار “مراسيم انتخابية” تعين باسيل في استقطاب الناخبين في منطقته، كما جرى أمس من خلال توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم إلغاء أقسام من تخطيط طريق البترون – تنورين، أعقبه رئيس “التيار الوطني” بتغريدة يستميل فيها أصحاب العقارات في البلدات التي طالها إلغاء استملاكات الدولة فيها، مؤكداً وقوفه شخصياً وراء صدور المرسوم، وأرفق التغريدة بصورة عن توقيع عون عليه.