الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: حرب أوكرانيا تخلط الأوراق محلياً ودولياً… وخطة الكهرباء الى المربع الأول؟
الجمهورية

الجمهورية: حرب أوكرانيا تخلط الأوراق محلياً ودولياً… وخطة الكهرباء الى المربع الأول؟

كتبت صحبفة “الجمهورية” في افتتاحيتها:

خطفت الاضواء أمس العملية العسكرية الروسية الواسعة النطاق في اوكرانيا، واعادت خلط الاوراق في لبنان وعلى كل المستويات والجبهات الاقليمية والدولية مُدخلة العالم كله في مرحلة جديدة لا بد ان تتضح معالمها شيئاً فشيئاً في ضوء ما ستحدثه من ردود فعل ومضاعفات على صعيد العلاقات الدولية. فيما طرحت في ضوء الموقف الاميركي والاوروبي ومواقف بين العواصم الاقليمية المعارضة لهذه العملية تساؤلات حول مصير مفاوضات فيينا النووية التي كانت على وشك الوصول الى اتفاق بين ايران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا، فضلا عن مصير ما يجري من مفاوضات معلنة وغير معلنة حول الازمات الاقليمية.

ويبدو انّ أولى مضاعفات العملية العسكرية الروسية لبنانياً كانت أزمة نشأت فجأة بين اركان السلطة نتيجة بيان بادرت وزارة الخارجية الى إصداره ويدين «الاجتياح» الروسي لاوكرانيا، قيل انه جاء بناء على توجيهات رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اتصل بوزير الخارجية عبدالله بو حبيب ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التقاه في السرايا الحكومية من دون دعوة مجلس الوزارء الى جلسة لدرس هذا التطور واتخاذ الموقف الذي يراعي مصالح لبنان وعلاقاته الدولية، بحسب مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، مضيفاً «ان بيان وزارة الخارجية صدر بعيداً من عين التينة وليست لها اي علاقة بهذا الامر».

وجاء في البيان الآتي: «إنطلاقاً من تمسّك لبنان بالمبادىء الراسخة والناظمة للشرعية الدولية التي ترعى الأمن والسلم الدوليين، وفي طليعتها مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة اراضيها وأمن حدودها، وإيماناً منه بوجوب حل كافة النزاعات التي قد تنشأ بين الدول بالوسائل السلمية، أي عبر التفاوض، ومن خلال آليات الوساطة التي يلحظها القانون الدولي الذي ينبغي أن يبقى الملاذ الأوحد للدول تحت مظلة الأمم المتحدة، ونظرا لما شهده تاريخ لبنان الحديث من اجتياحات عسكرية لأراضيه ألحقت به وبشعبه أفدح الخسائر التي امتد أثرها البالغ لسنوات طويلة على استقراره وازدهاره، فإنّ لبنان يدين اجتياح الأراضي الأوكرانية ويدعو روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فورا وسحب قواتها منها والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحل النزاع القائم بما يحفظ سيادة وأمن وهواجس الطرفين ويسهم في تجنيب شعبَي البلدين والقارة الأوروبية والعالم مآسي الحروب ولوعتها».

 

ملاحظات على خطة الكهرباء

وكان سبق الازمة حول الموقف من الحملة العسكرية الروسية خلاف حول خطة الكهرباء أثار مخاوف على مصيرها وكذلك على مصير خطة التعافي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي.

وعشيّة انعقاد مجلس الوزراء في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الثالثة من بعد ظهر اليوم للبحث في خطة الكهرباء وأمور طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، نُقل عن مرجع سياسي قوله انه كان قد استبشر خيراً بوزير الطاقة وليد فياض «لكن خطة الكهرباء التي اقترحها تتضمّن أمرين بالغَي السلبية من شأنهما نسف الإيجابيات المهمة الواردة فيها». واعتبر المرجع «انّ الاصرار على معمل سلعاتا الذي لا ضرورة له وينطوي على كلفة عالية، وكذلك التملّص من تشكيل الهيئة الناظمة ولو لفترة محددة على رغم من أنها ضرورية للمراقبة، إنما يعكسان اصرارا على العودة إلى المربع الأول ويهددان الجدوى من الخطة».

 

فياض يحور ويدور

الى ذلك، لم تعبّد جلسة اللجنة الوزارية المكلفة دراسة خطة الكهرباء الطريق الى بعبدا لعقد مجلس وزراء مخصص للخطة ولإقرارها، فبحسب معلومات لـ«الجمهورية» كانت اجواؤها متوترة جدا بعدما اتضح ان وزير الطاقة يحور ويدور ويعود الى خطة وزيري الطاقة السابقين جبران باسيل وندى البستاني، بحسب توصيف مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، كاشفة ان النقاش انتهى بكباش مباشر ما بين فياض والوزير محمد المرتضى الذي تحدث باسم «الثنائي الشيعي» طالبا عدم الذهاب الى قصر بعبدا إلّا بعد الاتفاق على خريطة طريق لإقرار الخطة حتى تكون جلسة بعبدا متوّجة للاتفاق وليس جلسة خلافية مماثلة. وكان هذا ايضا توجّه رئيس الحكومة. حتى ان وزير الشؤون الاجتماعية اكد هذا الامر وفضّلَ عدم نقل الخلاف الى بعبدا والاتفاق اولاً في السرايا الحكومية. واشارت المصادر الى ان المرتضى اقترح ان تكون جلسة بعبدا للتصديق على البنود الاربعة التي يتم الاتفاق عليها وان يكلف وزير الطاقة مراجعة الخطة وجعلها مطابقة للبنود الاربعة او الخمسة على ان يعود الى مجلس الوزراء لإقرارها في شكلها النهائي. والنقاط الاربعة هي (تطبيق القانون ٤٦٢، تشكيل فوري للهيئة الناظمة، ان تكون زيادة التعرفة مقرونة مع زيادة التغذية بما لا يقل عن ١٠ ساعات مع الاخذ في الاعتبار ذوي الدخل المحدود والقطاعات الانتاجية، والبحث عن خيارات بما يؤمن توليد الطاقة ٢٤/٢٤ في الحد البعيد).

وقد طلب وزير الطاقة زيادة بند خامس عل الورقة هو تعديل قانون الكهرباء ولم يمانع احد هذا الامر. ولوحظ ان وزير الطاقة يوافق مرة على البنود ثم يعود مرة اخرى ليخالفها او لا يضمّنها الخطة ضمن التعديلات المتفق عليها، ما دفع احد الوزراء الى القول همساً «خَلّي يجي الاصيل يناقشنا» في اشارة الى البستاني او باسيل. وكشفت المصادر ان اجتماع السرايا انتهى بحِدّة في الكلام، فقد خاطب المرتضى فياض قائلا: «ما فيك تِجي على مجلس وزراء وتعمل اللي بَدّك ياه، فيك تكون بالبيت وتحط الخطة اللي بدّك ياها، امّا هنا فنحن جميعاً معنيون».

 

وخلال النقاش سأل رئيس الحكومة عن سبب عدم الاخذ بالعروض التي تقدم للبنان وتحل المشكلة فورا من دون تكبّد عناء وكلفة مالية، ومعظمها عروض ممتازة مع صفر تمويل؟

 

وسألت مصادر وزارية عن سبب «إصرار فياض على اقرار الخطة قبل يوم الاثنين المقبل بحجة التوقيع مع البنك الدولي؟». واكدت «ان هذا الامر غير صحيح ويندرج في اطار وضع مجلس الوزراء تحت ضغوط للموافقة على الخطة التي يريدها فريقه السياسي». وقالت: «هناك إصرار دائم على معمل سلعاتا الذي لا حاجة له اذا اعتمدنا التغويز، نُخرجه من الباب يدخله من الشباك، ثم انه وبكل وقاحة يقال لنا «ما بَدنا» هيئة ناظمة وهي ستعرقل خطة العمل والاسراع فيها وهذا البند هو إصلاحي بامتياز ومطلب الدول المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد وغيرهم، ونحن لا نجد مبررا لعدم الذهاب اليها سوى ان هناك فريقا يريد ان يكون حاكما بأمره في قطاع الكهرباء».

رواية أخرى

وفي رواية اخرى انّ المساعي المبذولة للتفاهم على خطة الكهرباء تعثرت، اذ لم ينته اجتماع اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة الى نتائج ايجابية بسبب حجم الملاحظات على خطة وزير الطاقة التي توحي بنسفها من أساسها، وهو ما دفعه الى التمسك بها مُفنّداً الملاحظات التي قدمها ميقاتي واعضاء اللجنة ومدى تطابقها مع الخطة، معتبرا انها لم تأت بجديد خارج مضمونها. وعلمت «الجمهورية» ان تمسّك ميقاتي ووزراء «الثنائي الشيعي» بملاحظاتهم واصرارهم على انها مختلفة عن خطة فياض قد يؤدي الى تطيير جلسة مجلس الوزراء اليوم اذا لم يتوافر التوافق حولها.

 

وبعيدا من مسلسل الروايات التي تحدثت عن عشرات الملاحظات على خطة فياض كشفت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان الملاحظات لم تتجاوز الخمسة، وأبدى فياض استعداداً لضمّها الى ورقته الجديدة وتعديل اولويات المراحل كما جاءت بها الملاحظات لأنها لم تأت بجديد لم يلحظه في متن الخطة، ولكنها تشدد على استعجال بعض الخطوات وتأجيل اخرى إلى المراحل النهائية.

 

وعلمت «الجمهورية» ان الملاحظات تقف عند ضرورة تطبيق القانون 462 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء بشكل فوري وتشكيل الهيئة الناظمة وتسمية اعضائها، وإعداد مشروع قانون يُبيّن التعديلات المقترحة على القانون نفسه مع جدول مقارنة بالأسباب الموجبة. ووضع مؤشر لتحديد التعرفة وزيادتها على ان لا تسري إلّا بالتزامن مع زيادة ساعات التغذية ووضع خطة لتحسين الجباية واستعمال العدادات الذكية. وآخرها اعداد دفتر شروط للإعلان عن مناقصة لتحسين الشبكة لإنتاج 2000 ميغاوات.

 

… وهذه هي عناوينها

وفي المعلومات انّ خطة فياض كانت قد تناولت هذه العناوين عينها انما بطريقة متدرجة، وهي تضم مقدمة تشكل مختصرا مفيدا لمراحلها المقترحة تحت عنوان «خطة النهوض المستدام لقطاع الكهرباء في لبنان» وهي خطة وصفت بأنها «وطنية تقنية وفنية بامتياز» لا تدخل فيها اي حسابات سياسية أو انتخابية، بل تتضمن مبادرات عملية شفافة وواضحة لإصلاح القطاع. واقترحت الخطة مجموعة محطات لا بد منها معتبرة انه في غيابها «سيستمر الوضع الراهن المذري والقائم على ثلاث ساعات تغذية بالكهرباء فقط». وانّ اي تأخير في الموافقة والتنفيذ لبنودها «يترتب عليه 70 مليون دولار شهرياً أي ما يزيد عن 800 مليون دولار سنويّا».

وعلمت «الجمهورية» ان الخطة ارتكزت بشكل اساسي على «خطّة إنتاج الكهرباء الأقلّ تكلفة التي أعدتها شركة كهرباء فرنسا «EDF» في نهاية العام 2021، وعلى تقرير البنك الدولي لعام 2021، والأوراق التي أُقرت سابقاً في مجلس الوزراء. وهي تعطي الأولويات للحلول السريعة والناجعة لتأمين ساعات كهرباء إضافية للمواطنين اللبنانيين.

 

وهي تهدف الى «وضع قطاع الكهرباء على سكة التعافي، منها تزويد لبنان الغاز المصري والكهرباء الأردنية واصلاح خط الغاز العربي في جزئه اللبناني وإعطاء أمر المباشرة بالأشغال والاتفاق مع الحكومة العراقية على إمكانية تمديد تزويد لبنان بالفيول العراقي…».

 

وبموجب الخطة التي اطلعت عليها «الجمهورية» ستزيد التغذية تدريجاً وبشكل سريع وصولاً الى 24 ساعة بعد 4 سنوات، وتضع مؤسسة كهرباء لبنان على سكّة التعافي المالي في مهلة سنة واحدة وتُنشئ الهيئة الناظمة وتُشرك القطاع الخاص في الإنتاج والتوزيع»، وبعدما حددت الخطة برنامجا زمنيا لتطوير قطاع الانتاج وترميم شبكة النقل لزيادة التغذية من 8 الى 10 ساعات يوميا وبعد توفير الغاز لمعمل الزهراني من 16 إلى 18 ساعة يوميا.

 

وتنتهي الخطة الى انه مع دخول ثلاث معامل جديدة مطورة بمشاركة القطاع الخاصّ خلال الأعوام 2024-2026 بالإضافة إلى بناء مشاريع الانتاج من الطاقة المتجددة أيضاً عن طريق مشاركة القطاع الخاص وتحسين أداء الشبكة وتقليص الهدر وتفعيل الجباية عبر نزع التعديّات بمؤازرة القوى الأمنيّة ضمن غطاء سياسيّ وتفعيل الجباية وتوطين الفواتير وتركيب العدّادات الذكية والالتزام الفوري من القطاع العام والقيّمين الدوليين على مخيمات النازحين واللاجئين بدفع كل فواتير الكهرباء المستحقة عليها، والّا توجّب تأمين اعتمادات إضافية تقدّر بـ 120 مليون دولار لتغطية هذه الكلفة سنويّا.

وانتهت الخطة الى انّ تحقيق الاستدامة الماليّة من خلال تعرفة جديدة مدروسة تأتي بعد زيادة ساعات التغذية، وتغطي الكلفة في الـ 2023 وتؤمّن في الوقت نفسه فاتورة كهربائيّة أرخص للمواطنين والمنازل الخاصّة مقارنة بالكلفة الباهظة للمولّدات.

 

البنك الدولي ينصح

الى ذلك، اعلن المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط ساروج كومار جاه «انّ لبنان في حاجة الى ايلاء الأولوية لوضع اللمسات الأخيرة على الورقة الاصلاحية مع الأطراف المعنية للتوصل الى إقرارها وتبنّيها، وأبلغت الى رئيس الوزراء أننا نرغب برؤية تبني خطة للكهرباء في أسرع وقت ممكن لأنها شرط أساسي للبنك الدولي من أجل تأمين التمويل لقطاع الكهرباء».

 

وكان كومارجاه قد شارك على رأس وفد من البنك الدولي في اجتماع ترأسه ميقاتي أمس وخصص للبحث في مشاريع البنك مع لبنان، وتم خلاله البحث في واقع الاقتصاد اللبناني، ومجالات التعاون والمساعدات التقنية والفنية التي يمكن البنك ان يقدمها في القطاعين المالي والمصرفي والبنى التحتية وخصوصا الكهرباء والمياه والبيئة.

 

وعلمت «الجمهورية» ان كومار جاه زار فياض عصر أمس في مكتبه في وزارة الطاقة ودعاه الى الدفاع عن الخطة التي أعدّها معبّراً عن تأييد البنك الدولي لها بكل تفاصيلها، وهو على استعداد لتمويلها متى أقرّت. لافتاً الى انه ابلغ الى ميقاتي والمشاركين في الاجتماع بهذا الموقف، متسائلا عن الأسباب التي حالت دون إقرارها بالسرعة القصوى للبدء بتطبيقها.

التدقيق

في غضون ذلك اجتمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس مع وفد من شركة «الفاريز ومارسال» ضَم جيمس دانيال وبول شارما، في حضور مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، شرح له المراحل التي توصلت اليها الشركة في التدقيق الجنائي في ضوء تقييم «الداتا» التي وصلت اليها من مصرف لبنان والذي من المقرر ان ينتهي بداية الأسبوع المقبل حيث ابدى الوفد امله في ان تكون هذه «الداتا» التي تسلمتها «متوافقة مع لائحة المعلومات التي طلبتها».

 

أبو الغيط

من جهة ثانية يصل الى بيروت اليوم الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط يرافقه السفير حسام زكي للمشاركة في الاحتفال بتوزيع ثلاثة جوائز دكتوراة لأفضل بحث قانوني حقوقي في العالم العربي الذي سيُقام في القصر الحكومي العاشرة صباح غد برعاية رئيس الحكومة وحضور عدد من وزراء العدل العرب، ومنهم وزير العدل الجزائري عبد الرشيد الطبي ووزير عدل كردستان فرست احمد، اللذين وصلا امس على ان يصل اليوم وزير العدل الفلسطيني محمد فهاد صبري عبد الرحمن الشلالدة.

وعلم ان وزير العدل هنري الخوري سيوقع ونظيره الجزائري على هامش الاحتفال في القصر الحكومي غداً اتفاقيتين جزائيتين بين لبنان والجزائر.

 

كورونا

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3152 إصابة جديدة (2994 محلية و158 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 1060152. كذلك سجل التقرير 17 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 10044.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *