كتبت صحيفة “الديار” تقول: على وقع «الحرب» الكلامية بين سفيري اوكرانيا وروسيا في بيروت، لا تزال «فضيحة» الموقف الديبلوماسي اللبناني محط اهتمام دوائر دبلوماسية اوروبية حذرت خلال الساعات القليلة الماضية من تطورات خطيرة ستحول لبنان الى ساحة «كباش» بين موسكو وواشنطن بعد انقشاع «غبار» المعركة في كييف. ويبدو ان الاميركيين لم ينتظروا انتهاء مفاعيل المواجهة مع الروس من «البوابة» الاوكرانية التي يخشاها الاسرائيليون ويعد لها حزب الله عبر تصعيد ممنهج من «بوابة» الترسيم البحري، وتوازن القوى جوا، وقد حضر التصعيد الاميركي من خلال ما حمله وفد وزارة الخزانة الأميركية الى بيروت التي تبحث عن حماية امنها الغذائي المهدد بفعل الحرب، فيما تدور عجلة الانتخابات على الساحة السنية في «بوابة» «ملء فراغ» غياب الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن الساحة السياسية، وقد بدات ملامح دور دار الفتوى في قيادة هذا المسعى تتبلور اكثر فاكثر وهي ستكون اكثر وضوحا في الايام القليلة المقبلة.
تصعيد اميركي
اذا، وفيما لا يزال التصعيد على اشده بين واشنطن وموسكو، وصل وفد الخزانة الاميركية الى بيروت وضم النائب الأول لمساعد وزير الخزانة والمسؤول عن مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية بول أهرين، ونائبه اريك ماير حيث التقى في السراي الحكومي، الرئيس نجيب ميقاتي بحضور السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ووفقا لمعلومات «الديار» وضع الوفد على «الطاولة» ملف الحسابات المالية الروسية في المصارف اللبنانية، واكد وجود توجه لحجزها وتطبيق عقوبات عليها، وهو امر يضع لبنان مجددا في موقف حرج مع موسكو. كما ابلغ الوفد رئيس الحكومة ان واشنطن بصدد مواصلة فرض العقوبات على حزب الله، وشخصيات تدور في فلكه، اما الجديد في الموقف المتشدد اميركيا فهو فتح ملف «القرض الحسن» والتحذير من التوسع في نشاطه، وبعدما طلب الوفد من ميقاتي ضرورة حظره، كان جوابه مفاجئا عندما ابلغهم ان هذه المؤسسة ليست مرخصة اصلا، وتعمل خارج سياق المنظومة المالية للدولة. ووفقا للمعلومات، وجه الوفد في نهاية الاجتماع رسالة دعم لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، «ونصحوا» بعدم المساس به خوفا من التداعيات السلبية على الاوضاع المالية والنقدية في لبنان؟
«زوبعة» الخارجية
في هذا الوقت، وعلى وقع «حرب» المؤتمرات الصحافية بين سفيري روسيا واوكرانيا، انتهت «زوبعة» بيان وزارة الخارجية اللبنانية باقل الاضرار الممكنة، بعدما اختارت موسكو تجاوز الموقف اللبناني «موقتا» ريثما ينجلي غبار المعركة في اوكرانيا، ووفقا لمصادر دبلوماسية بات لدى السفارة الروسية في بيروت اطلاع كامل على «فضيحة» الموقف اللبناني الذي قرر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب أن يتحمله «بصدره» لتغطية فريقه السياسي الذي اجرى تعديلات على مسودته «الدبلوماسية» التي لم تكن تتضمن عبارات عالية السقف مع موسكو، ولفتت الى ان البيان الذي تلته مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة آمال مدلّلي حول موقف لبنان من الحرب، هو ما يمثل موقف وزير الخارجية، لكن التعديل جاء من قبل الفريق نفسه الذي تواصل مع موسكو محاولا التنصل من المسؤولية، وهو سيناريو مفضوح بالنسبة الى موسكو التي لا تضع اليوم لبنان ضمن اولوياتها، واختارت «التطنيش» الى حين ريثما تنتهي فصول المعركة، ولعل ابرز تعبير عن حجم المازق اللبناني ما قاله بوحبيب لعدد من الاصدقاء عندما استفسروا منه عن الملف فقال»في فمي ماء»!
تحذير دبلوماسي
وفي هذا السياق، وصلت الى بيروت «رسائل» دبلوماسية شديدة اللهجة عنوانها ضرورة الانتباه الى ان الموقف «المائع» ستكون له تداعيات خطيرة على الساحة اللبنانية لان ما بعد الحرب في اوكرانيا ليست كما قبلها، ووفقا لمصادر دبلوماسية «اذا كانت دول الخليج، قد اختارت «السير» على أطراف الأصابع في محاولة لعدم إحداث صوت، تجنبا لتداعيات اي موقف على العلاقة مع روسيا، واذا كانت اسرائيل قلقة من «الغضب» الروسي وتاثيره على مصالحها في الشرق الاوسط، فمن غير المفهوم كيف يمكن ان يصيغ لبنان دبلوماسيته بهذا الاستهتار ومن زاوية المصالح الشخصية لا الوطنية. والسؤال المطروح «انتم مع من»؟ او لماذا لم تلتزموا الحياد؟
شرق اوسط جديد؟
ولفتت تلك الاوساط، الى ان شرق أوسط جديد يتشكل في ظل النظام العالمي الجديد الذي سيقوم عقب الحرب الروسية على اوكرانيا وفي ظل توزيع الغنائم والذخائر وترسيم الحدود بين الغرب والشرق، مثلما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، فأن الخريطة السياسية في المنطقة، ستتغير وسنكون امام دول تحت الرعاية الاميركية واخرى تحت «جناح» روسيا، والمفارقة ان لبنان منقسم على ذاته وغير موحد، وهذا يعني حكما انه سيكون امام فصل جديد من الصراع لحسم توجهاته، وهو امر شديد الخطورة عكسته هشاشة الموقف الدبلوماسي الاخير.
فوضى عارمة
ولهذا ثمة قلق كبير لدى الفرنسيين على نحو خاص من ارتدادات الحدث الروسي- الاوكراني في حوض البحرالمتوسط، سيكون لبنان في طليعة المتضررين كون حدوده الشرقية باتت مع روسيا وليس سوريا، بحكم وجود القوات الروسية في سوريا، بينما لا تزال واشنطن تمارس ضغوطا عالية المستوى على هذا البلد لابقائه تحت «جناحها» في مفاصله الاساسية، وهو امر يهدد بفوضى عارمة.
قلق اسرائيلي من اميركا!
وفي هذا الاطار، عبرت اسرائيل على نحو اكثر وضوحا عما يحدث من تحولات، وقال مصدر رفيع لصحيفة «اسرائيل اليوم» الشرق الاوسط ليس اوروبا، لم يواجه أحد الروس لإيقافهم عندما تدخلوا في سوريا، والسؤال الان هو» ماذا سيحصل إذا ما قررت روسيا بعد انتهاء الحرب في اوكرانيا العودة مجددا إلى ليبيا أو إلى العراق اللتين كانتا حليفتيها في الماضي؟ وماذا إذا ما استفادت إيران من التجربة الروسية وجاءت لمساعدة الشيعة في البحرين أو هاجمت الإمارات أو قطر؟ فهل يظن احد ان رد الفعل الاميركي سيتجاوز العقوبات الاقتصادية ؟
اسرائيل والتحدي الاستراتيجي
وفي هذا السياق، تعتقد اسرائيل ان حزب الله وحده هو من يستعد «لليوم التالي»، ويجهز نفسه لمواكبة التطورات الدراماتيكية، وفي مقابلة مع صحيفة معاريف، اكد قائد الدفاع الجويّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال تسيفكا حايموفيتش أن اسرائيل ستواجه في الحرب المُقبِلة تهديدا جويا واسعًا، حيث ستستيقظ بعد وقتٍ قصيرٍ على استخدام عشرات الطائرات الصغيرة والمُسيّرة في آنٍ واحد، فيما اجتاز حزب الله حدود الـ 130 ألف صاروخ، ذات المدّيات المُختلفة، وبات يملك الآن عددًا أكبر بكثير من الرقم الذي كانت المخابرات الإسرائيليّة تقدره.
تصعيد حزب الله
وفي هذا السياق، برز تصعيد لافت من حزب الله على خط ملف ترسيم الحدود البحرية، وهو بداية للدخول على نحو مباشر على خط هذا الملف، كما تقول مصادر مطلعة بعدما شاب هذا الملف الكثيرمن علامات الاستفهام، كما ياتي هذا التطور ردا على الموقف اللبناني الملتبس دبلوماسيا ازاء الحرب الروسية الاوكرانية، بضغط اميركي، ما استدعى رفع حزب الله لسقف المواجهة مع واشنطن لمنع اي خلل في توازن القوى على الساحة اللبنانية، فيما يبقى السؤال حيال كيفية مقاربة الملف من زاوية الخلاف اللبناني على الخط الذي سيعتمد للتفاوض او التنازل؟
«يبلطوا البحر»
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، «أن الاميركي الوسيط في التنقيب عن الغاز في لبنان، جاء الى لبنان في الايام الماضية للعب دور الثعلب في قسمة الجبنة بين المتخاصمين. ولكي نتمكن من التنقيب في مياهنا الاقليمية لاستخراج الغاز ونسدد بثمنه ديوننا، يقول لك انت ستحفر بالماء ومن الممكن ان يكون حقل الغاز مشتركا بينك وبين الاسرائيلي». اضاف «نحن نقول، اننا سنبقي غازنا مدفونا في مياهنا الى ان نستطيع منع الاسرائيلي من ان يمد يده على قطرة ماء من مياهنا. لسنا قاصرين، وليعلم العدو ومن يتواصل معه، وسيطا وغير وسيط، ان الاسرائيلي لن يتمكن من التنقيب عن الغاز في جوارنا ما لم ننقب نحن عن الغاز ونستثمره كما نريد، و». لن نسمح للاسرائيلي ان ينقب عن الغاز من دون ان نستطيع ان ننقب عنه في مياهنا. اذا لم تكن قويا من اجل ان تنقذ حقك فلن ينفعك الدعم من كل الدول».
نعي استجرار الكهرباء؟
بدوره اكد رئيس تكتل بعلبك الهرمل في حزب الله، النائب حسين الحاج حسن، أن استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن كلام بكلام، لافتاً إلى أنّ كلّ العقد لها علاقة بـ«قانون قيصر». وأشار، من جهة أخرى، إلى أنّ سبب توقف الحفر في البلوك 4 يعود إلى شروط أميركية سياسية تتعلّق بالتطبيع والنازحين السوريين وتوطين الفلسطينيين..
تحديات الامن الغذائي
وفيما تعالت اصوات اهالي الطلاب اللبنانيين العالقين في اوكرانيا المنددة بالتقصير الرسمي في ملف اجلائهم، ثمة ترقب للانعكاسات الاقتصادية التي تتجاوز القمح والغلاء المرتقب للمشتقات النفطية، وفي هذا السياق، وصلت باخرة محملة محملة بـ 7000طن من القمح آتية من ميناء ماريوبول في اوكرانيا، وبدأ تفريغها في مرفأ طرابلس صباح امس، وستصل باخرة اخرى الخميس المقبل محملة بـ 11000طن من القمح ايضا، والسفينتان غادرتا الموانىء الاوكرانية قبل وقت قصير من بداية الحرب.
وفيما تسعى وزارة الاقتصاد الى ايجاد مصادر أخرى للقمح مثل الهند وانتهت بالامس الى اعداد دفتر الشروط الذي يتضمن مواصفات القمح المناسب لإعداد الخبز العربي، لن يرتفع سعر ربطة الخبز، مبدئيا،لان القمح مدعوم من مصرف لبنان كاملا، والسعر يعتمد على سعر صرف الدولار وسعر النفط»، وقد اكد نقيب أصحاب الأفران علي ابراهيم ان مخزون القمح يكفي لمدّة شهر وتمنى على حاكم مصرف لبنان ألا يتأخر بفتح الاعتمادات، مستبعدا ان يكون هناك أزمة رغيف في المدى القريب. من جهته، اقرنقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي بان المشكلة كبيرة جدا، ولا ترتبط بمادتي القمح والزيت، فاسعار الحبوب كالعدس، والذرة، والحمص، على اختلافها ارتفعت كون أوكرانياً تعدّ مخزناً لهذه السلع والمصدّر الأساسي لها.
لا ازمة محروقات؟
نفطيا، اكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس ان «لا أزمة بنزين وهناك شركات تُسلّم المادة». هذه التطمينات جاءت بعد ساعات على اعلان نقابة أصحاب محطات المحروقات أن بعض شركات المحروقات تمنعت عن التسليم والبعض الآخر يسلم بكميات قليلة جدًا لا تكفي إحتياجات السوق كي تستفيد أسبوعيًا من الزيادة التي ستلحق بجدول تركيب الأسعار الذي يصدر كل ثلاثاء، مما يخلق شحًا في مادة المحروقات في الأسواق ويخلق أزمة لا وجود لها، وتمنت من وزير الطاقة الذي يتم الإتصال به دائمًا وهو بعيد من السمع، منع شركات النفط من إحتكار هذه المادة».
خلط «الاوراق» سنيا؟
وفيما أكد وزير الداخلية بسام مولوي من دار الفتوى، أنّ الانتخابات النيابية ستحصل معلنا ان لذرائع لعدم اجرائها تتلاشى يوماً بعد يوم، لا يزال خلط «الارواق» سيد الموقف على الساحة السنية، ووفقا لمصادر «بيروتية» جدد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة تواصله مع سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام، وحضه على الخروج من تردده وحسم ترشحه لخوض الانتخابات سريعا، وتم الاتفاق على عقد لقاء خلال الايام المقبلة في بيروت للاتفاق على اتخاذ موقف مشترك من المشاركة في الانتخابات، ويحضر السنيورة الارضية من خلال لقاءات مع الجماعة الاسلامية، وشخصيات «متحمسة» في تيار المستقبل ترفض ترك الساحة السنية لخيارات بديلة بعيدا عن خيارات التيار «الازرق» واكثر التصاقا بحزب الله.
التواصل مع جنبلاط
وفي الساعات القليلة الماضية وسع السنيورة مروحة اتصالاته وتواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبحث معه امكانية ترشح النائب فيصل الصايغ ضمن لائحة مشتركة، لكنه طلب منه التريث بانتظار جواب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يخوض حوارا مع حزب الله لاستكشاف امكانية التفاهم على ترك المقعد الدرزي في بيروت الثانية خاليا لصالح جنبلاط، وهو امر لا يزال يلاقي رفضا مطلقا من النائب طلال ارسلان.
خروج دار الفتوى عن «الحياد»
ويسعى السنيورة في حال تبلور تحالفه «المدعوم» من دار الفتوى الى اطلاق حملة سياسية لقطع الطريق على نواب سنة محسوبين على حزب الله، وهو امر بدا المفتي عبداللطيف دريان التسويق له قبل ساعات بالخروج عن مواقفه المعتدلة، وشن هجوماً على حزب الله من دون أن يسميه، مؤكداً أن لبنان عربي مهما فعل «التدميريون»، متحدثا عن أهمية الانتخابات النيابية المقبلة، قائلاً: «نحن نفارق التردد والحيرة، وندعو الجميع للنزول إلى صناديق الاقتراع. فالتصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة!
ما هو موقف ميقاتي؟
ووفقا لتلك الاوساط، يحرص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على البقاء بعيدا عن الاضواء، لكنه عمليا في اجواء اللقاءات بين السنيورة وسلام، وينسق مع دار الفتوى لاتخاذ القرار المناسب حيال ترشحه وهو يحرص على ابقاء اي حراك تحت «عباءة» دارالفتوى كونه المعبر الاكثر مشروعية لاستقطاب اصوات تيار المستقبل الذي يمر بفترة من «التيه» غير المسبوقة في ظل غياب الترشيحات الوازنة للقيادات السنية، وغياب الرئيس الحريري عن المشهد السياسي والانتخابي.