على وقع تعاظم الهواجس من تداعيات “الحرب العالمية” بين الروس والغرب، يُطلّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء اليوم من نافذة التطورات والاستحقاقات الداخلية، بينما عينه شاخصة باتجاه رصد تأثيرات هذه الحرب على موازين القوى في المنطقة والعالم، وانعكاساتها المحتملة على مكتسبات محور الممانعة وأجندة طهران النووية والإقليمية، وهو كان قد عبّر بصريح العبارة أمس عن “المخاوف من أن تذهب الأمور إلى ما هو أبعد من الحرب الأوكرانية”، لكنه آثر التحفظ عن الإدلاء بأي موقف إزاء “ما قامت به روسيا”، مفضلاً الاكتفاء في هذه المرحلة بـ”متابعة هذه الأحداث المستجدة وترقب ما سيكون لها من نتائج وتداعيات“.
وفي خضم انشغال المسؤولين اللبنانيين في تقصي أخبار الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتتبع مسار التصعيد الأميركي والأوروبي في مواجهة موسكو، أعادت زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت تصويب البوصلة باتجاه وجوب انشغال اللبنانيين بمصائبهم الداخلية والإسراع في حلّ أزمة بلدهم، لا سيما وأنّ مصادر مواكبة للزيارة كشفت لـ”نداء الوطن” أنّ وفد الصندوق انتقد بطء السلطة اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها، مشدداً أمام القيادات التي التقاها على أنّ “الالتزام بالإصلاح لا يكون على الورق بل من خلال قرارات وإجراءات عملية على أرض الواقع خصوصاً لجهة المسارعة إلى تعيين الهيئات الناظمة للقطاعات الأساسية والشروع فوراً في تنفيذ مهامها“.
وأوضحت المصادر أنّ وفد صندوق النقد الدولي ركّز في لقاءاته مع القيادات اللبنانية على تجديد التذكير باستحالة إبرام أي اتفاق مع الصندوق “من دون التزام ملموس بالإصلاحات وبخطة التعافي والنهوض”، وسط انطباع بدأ يتكرس أكثر فأكثر بأنّ مثل هذا الاتفاق لن يكون متاحاً قبل الانتخابات النيابية المقبلة في أيار، قياساً على “الوتيرة الحالية لعمل الحكومة وتجاوبها مع الالتزامات المطلوبة منها”، فكان تشديد على أهمية “إقرار موازنة العام 2022 في مجلس النواب لأنّ هناك مؤشرات تشي بإمكانية تعرضها للعرقلة بسبب تضمنها إجراءات غير شعبية من شأنها أن تحرج القوى الحزبية الممثلة في مجلس النواب عشية الاستحقاق الانتخابي، عدا عن كونها تشمل أرقاماً غير واقعية لن تمرّ في المجلس ما يجعل التوازن النسبي بين الواردات والنفقات يختلّ، خصوصاً وأنّ الكتل النيابية تحاذر تعديل الضرائب والرواتب والوصول إلى النتيجة ذاتها التي حصلت في العام 2017 عندما تم إقرار سلسلة الرتب والرواتب تحت ضغط الانتخابات، ليتبين لاحقاً أنّ كلفتها على الخزينة هي ضعف ما أعلنه وزير المالية حينها“.
وكان وفد صندوق النقد الدولي برئاسة إرنستو راميريز قد جال على المسؤولين اللبنانيين لحثهم على الإسراع في اتخاذ خطوات عملية تعكس جدية السلطة في استنهاض البلد ووقف الانهيار، غير أنّ المفارقة وفق المصادر كانت في “مزاحمة القيادات اللبنانية لأعضاء الوفد في تأكيد أهمية الإسراع في الخطوات المطلوبة وإنجاز القوانين الإصلاحية وإصدار القرارات اللازمة لتوقيع برنامج العمل مع صندوق النقد وبدء رحلة الإنقاذ والتعافي”، ولفت انتباهها في هذا السياق “اقتباس رئيس الجمهورية ميشال عون العبارات نفسها التي يستخدمها صندوق النقد في مخاطبة المسؤولين اللبنانيين، متحدثاً أمام الوفد بلسان المجتمع الدولي ومكرراً على مسامعه مطالبته لبنان بالإصلاح والحوكمة وكل ما يتصل بضرورة إنجاز القوانين والأنظمة الرقابية وإنجاز خطة اقتصادية شاملة وأهمية التمتع بالمصداقية والشفافية في عمل المؤسسات اللبنانية… وصولاً إلى عدم تردده في تحميل “الجهات الرسمية” اللبنانية المسؤولية عن إعاقة الخطوات التنفيذية لعملية الإصلاح“.
وبرز في هذا السياق، تحريض عون وفد صندوق النقد الدولي على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي متهماً إياها بالتباطؤ في عملها والتلكؤ في اتخاذ “قرارات واضحة وعملية لأن خيار الانتظار مكلف على المواطن والدولة على حد سواء”، مشدداً على أنّ “المجتمع الدولي يطلب بوضوح أن تتوافر مصداقية في عمل المؤسسات اللبنانية على اختلافها، فضلاً عن الاسراع في اقرار مشروع قانون موازنة 2022