كل شيء دون «سقف» ودون «خجل»في هذا البلد المتروك لمصيره، ولم يكن ينقصنا في «جهنم» الخاص بنا الا «جهنم» الحرب الروسية على اوكرانيا ليتجاوز «الاحتكار» والتلاعب بالاسعار» وفقدان المواد الاساسية، واسعار المحروقات، و «تقنين» الطحين، كل «السقوف» التي لا تدعو «للهلع» بحسب وزير الطاقة وليد فياض، طبعا دون ان يقدم اي مؤشرايجابي يمنع هذا «الهلع» عند اللبنانيين الذين سمعوا منه كلاما مقلقا ينعى فيه اي تحسن قريب للكهرباء، فيما الامن الغذائي في خطر محدق مع وجود مسؤولين على قدر كبير من الاستهتار وانعدام المسؤولية، ويكفي انهم لم يحركوا ساكنا منذ تفجير مرفأ بيروت لتعويض انهيار الاهراءات وتأمين البديل المناسب لتخزين القمح في البلاد!. وربطا بهذه الاستحقاقات الداهمة اقتصاديا تجددت التحذيرات الغربية، ومصدرها هذه المرة بريطانيا، من حصول اضطرابات في الشرق الاوسط بسبب الحرب في اوكرانيا، وطبعا لبنان في مقدمة تلك البلدان المهددة بالانهيار، وهو امر بات يضع اكثر من علامة استفهام امام قدرة الحكومة على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، حيث بدات المخاوف تتعزز من «لغم» «الميغاسنتر» الذي يخشى كثيرون من انفجاره في «وجه» هذا الاستحقاق الذي يثير قلق الكثيرين وفي مقدمتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تلقى في الساعات القليلة الماضية «جرعة» من التطمينات من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وعده بالحد من محاولة «عزله» في الدوائر التي يمكنه ان «يمون» فيها. اما ملف «الترسيم» فجديده مزيد من «التخبط» في مقاربة الطرح الاميركي الخطي حيث لم تتم اي مقاربة جدية له حتى الان!
تحذيرات بريطانية؟
ففيما ينذر شح المواد الاساسية الاولية بازمة اجتماعية خانقة، لا يبدو ان «الكارثة» ستكون محدودة ولن تقف تداعياتها عند فقدان القمح، والطحين، والزيت، والبنزين، والمازوت، وفي هذا السياق، برزت تحذيرات بريطانية نقلت لاكثر من مرجع امني وسياسي، تفيد بارتفاع منسوب المخاطر الامنية في البلاد على خلفية الانهيار الاقتصادي المتوقع تفاقمه مع التوقعات باستمرار الحرب الروسية على اوكرانيا اكثر مما هو متوقع، ووفقا لمصادر مطلعة، تاتي هذه التحذيرات على خلفية مسح ميداني وتقييم امني – سياسي اعدته السفارة في بيروت لصالح وزارة الخارجية التي خلصت الى تقييمات «مقلقة» تجاه مستقبل الوضع في لبنان.
حروب واضطرابات
وفي السياق نفسه، اكدت صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية إن الحرب في أوكرانيا قد تقود إلى حروب أهلية واضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة تعطل الإمدادات الذي سيدفع بزيادة الأسعار. واشارت الى ان اكثر البلدان المتضررة ستكون لبنان ومصر، وتوقعت حصول أعمال الشغب، خصوصا ان لبنان يواجه ازمة انهيار اقتصادي منذ العام 2019، وقد خلص تقرير المجموعة الاستشارية حول «دراسة المخاطر دراغون فلاي» الى القول « اذا أخذنا بعين الإعتبار الوضع الإقتصادي السيىء فان المعاناة في لبنان ستؤدي إلى تفاقم الإحتجاجات».
«تقنين الطحين»
وفي ظل تخبط الدولة التي اكتشفت فجاة انها اخفقت في تامين بديل عن اهراءات بيروت المدمرة في انفجار المرفأ، لم تنجح الحكومة حتى الان الا في تامين شحنتين من مصر ومولدوفيا لا تزيد من المخزون اكثر من شهر واحد، وفي هذا الاطار، اعلن وزير الصناعة جورج بوشكيان البدء بسياسة تقنين توزيع الطحين الذي يكفي لنحو شهر ونصف الشهر بانتظار فتح اعتمادات لبواخر القمح الموجودة في البحر، وتحدث عن حصول تواصل مع كندا وأستراليا لمحاولة تأمين باخرة قمح كبيرة (نحو 50 مليون طن) و «لذلك قررنا التقنين إلى حين وصولها لأن المسافة كبيرة». وقد بدات في الساعات القليلة الماضية تداعيات»التانين» على مادة الطحين الى تفاقم، حيث اوقفت المطاحن بالامس تسليم أفران المناقيش ومخابز المرقوق والباتسيري حصصهم «المقننة» اصلا، حيث أقفل البعض منها أبوابه والقسم الأكبر سيقفل خلال الساعات المقبلة، وقد اقتصر التسليم فقط على أفران الخبز العربي، بموجب بونات صادرة من وزارة الاقتصاد، وهذا ما سيؤدي الى قطع «ارزاق» آلاف العائلات التي تعتاش من هذا القطاع الحيوي. في المقابل، اعلنت مصادر وزارة الاقتصاد أنه لم يصدر قراراً في هذا الموضوع وستُعاود المطاحن اعتباراً من صباح اليوم تسليم الأفران الطحين المخصّص للخبز غير اللبناني بصورة اعتيادية.
«كباش» الحكومة و «المركزي»
وفي هذا السياق، وفيما كشف مصدر في وزارة الطاقة عن وجود بواخر راسية في البحر مُحمَّلة بالبنزين والمازوت، تنتظر فتح اعتمادات من مصرف لبنان كي تبدأ بتفريغ حمولتها، داعياً البنك المركزي «إلى الإسراع في الإفراج عن الاعتمادات لحلحلة أزمة المحروقات، لم تستجب الحكومة بعد لمطالب مصرف لبنان تقديم آلية جديدة لاستيراد القمح ضمن خطة تمتد على 6 اشهر، لدراسة طلبات المستوردين بتقليص فتح الاعتمادات من شهر ونصف الى خمسة ايام، لكن المصرف المركزي طالب ايضا بضمانات بان تخصص هذه الكميات للخبز حصرا، وان لا يجري تهريبها خارج البلاد على ان يتم قوننة الخطة في مجلس النواب. ووفقا لمصادر مطلعة فان المشكلة لا تقتصر بغياب السرعة بالاستجابة لهذه الالية «البيروقراطية»، وانما في تامين الدولارات اللازمة حيث ارتفع سعر طن القمح 200 دولار حتى الان، وفيما كانت تكلفة الشحنة الواحدة 3 ملايين دولار باتت اليوم 5ملايين دولار، فاين سيأتي المصرف المركزي بالاموال؟
اسعار المحروقات دون «سقوف»؟
وفي ملف المحروقات، عادت «طوابير الذل» الى محطات البنزين حيث فاقت سعر صفيحته الـ400 الف ليرة، فيما لا سقف لمدى ارتفاعها، والمفارقة ان الدولة فوجئت بان الشركات النفطية اتخذت قرارا ذاتيا بتقنين التوزيع على المحطات رغبة منها بتحقيق المزيد من الارباح في ظل التوقعات بارتفاعات قياسية لاسعار صفيحة البنزين، وفيما سطر محضر باحدى الشركات لتوزيعها فقط 30 بالمئة من حصتها، الا انه تم حل الامور «حبيا» من خلال الطلب من الشركات مضاعفة الكميات في الاسواق للتخفيف من حدة الطوابيرالتي استمرت بالامس وسط مخاوف من انقطاع البنزين وغلاء سعر الصفيحة التي قد تتجاوز في الاسابيع المقبلة الـ 800الف ليرة اذا ما وصل سعر البرميل عالميا الى 185 كما هو متوقع، اما اليوم فسعر الصفيحة يوازي 24 دولارا والمازوت 25 دولار، وتعمل الوزارة على اعداد جدول «متوازن» لا يلحظ ارتفاعا كبيرا دفعة واحدة. في المقابل جال وزير الطاقة وليد فياض يرافقه مدير عام وزارة الإقتصاد محمد ابو حيدرعلى الشركات الموزعة للنفط، واعلن ان المخزون يكفي 15 يوماً على الأقل، مؤكدا انه «لا داعي للهلع» دون ان يشرح مصدر الاطمئنان لديه خصوصا مصرف لبنان غير القادر على تامين الدولارات اللازمة لمواكبة ارتفاع الاسعار فيما كان أبو حيدر يتحدث عن تجار ازمات، حيث اكد انه فوجىء بان شركات توزيع المحروقات تقنن في التوزيع انتظارا لصدور الجدول الجديد من اجل الربح الاكبر؟!
انفراج خلال 48 ساعة؟
من جهته، اكد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أنه لا سقف لسعر صفيحة البنزين والأمر مرتبط بسعر صرف الدولار وسعر برميل النفط العالمي، وتوقع ان تشهد الساعات الـ 48 المقبلة انفراجا واسعا امام المحطات. في غضون ذلك، أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا ألّا مخرون من المحروقات في لبنان معتبرا ان من مسؤولية الدولة تأمين احتياط نفطي بالدرجة الأولى، واشار الى ان عدد البواخر التي تستوردها الشركات محدود في ظل الأزمة العالمية…
لا انقطاع للزيت؟
وفيما اختفت اصناف من الزيت عن رفوف السوبرماركت، وزادت اسعارها، اكد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «مخزون الزيت يكفي لشهر ونصف الشهر، ودعا المواطنين إلى عدم الهلع والاكتفاء بشراء حاجتهم من المادة وعدم التخزين، مؤكدا ان الزيت لن ينقطع من السوق، وسيتم تأمينه من مصادر عدة.
«متاهة» الكهرباء: لا زيادة في التغذية
وفي نعي واضح لامكانية تحسن ساعات التغذية بالكهرباء، تحدث وزير الطاقة وليد فياض عن «متاهة» يمكن الاستنتاج من خلالها ان واشنطن تبتز لبنان كهربائيا ولا حل في الامد المنظور، فبحسب الوزير يؤيد البنك الدولي خطة الكهرباء بنسبة مئة في المئة، لكن فياض أوضح أن البنك الدولي والجهات الممولة مصرّة على حصول الخطة على موافقة الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية وأن أي انقسام لبناني حول الخطة يجعل الجهات الممولة غير مقتنعة بذلك! ولفت الى ان أسباب التأخر في وصول الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر سوريا الى لبنان، مرتبطة بملف التمويل من البنك الدولي الذي اشترط موافقة الحكومة اللبنانية على خطة الكهرباء. في المقابل تنتظر الإدارة الأميركية المبدئية والتمهيدية حصول التمويل من البنك الدولي لتعاود السعي لإعطاء الموافقة النهائية، واوضح ان الوصول الى 8 الى 10 ساعات كهرباء مرتبط بموافقة البنك الدولي على التمويل، والمراسيم المنتظرة من مجلس النواب، والموافقة الأميركية المتعلقة بالاستثناءات من قانون قيصر.
«لغم» الميغاسنتر
ومع ملامسة النقاش حول «الميغاسنتر» خطوط التماس السياسية «المتفجرة» في اللجنة الوزارية امس، اكدت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية ميشال عون صارح زواره بانه لا يزال متمسكا باجراء الانتخابات النيابية، وهذه مسالة لا نقاش فيها، ولا يمكن لاحد في لبنان ان يطرح الغاءها، لكنه لم يستبعد ما اسماه «بالتاجيل التقني» الذي لا يتعدى الشهرين، اذا ما كانت هذه المدة كافية لاعتماد «الميغاسنتر» الذي يعتبره اصلاحا «ثوريا» لا بد منه لمواجهة بعض من يريد الاستمرار في ابقاء الناخبين «رهن» تاثيره المباشر، ولذلك فاذا كان تعديل القانون، والتمويل يحتاجان الى فترة زمنية محدودة، فلا ضير من التاخير لبعض الوقت. وكان رئيس الجمهورية قد شدد على الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستحصل، ولفت إلى أنّه مع إقامة «الميغاسنتر»، معتبراً أنّ «الأمر ليس بهذه الصعوبة والتعقيد الذي ظهر في تقرير وزير الداخلية والبلديات. ولكن لدينا طريقة من شأنها تسهيل الموضوع، وعلى هذا الأساس سيكون هناك «ميغاسنتر».
خلافات داخل اللجنة
وكانت اللجنة الوزارية المكلفة بحث إمكانية اعتماد «الميغاسنتر» في الانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٢، عقدت اجتماعاً امس في وزارة الداخلية والبلديات، وقبيل الاجتماع ابلغ وزير الداخلية بسام مولوي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجود ثلاث عقبات قانونية ولوجستية ومالية امام اعتماد هذه «الالية»، وقد تظهرت الانقسامات خلال الاجتماع حيث قدم وزيرا حركة امل مطالعة تفيد بعدم امكانية تطبيق الميغاسنتر في هذه الانتخابات في مقابل اعتراض الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية، فوزير الثقافة محمد مرتضى قدم مطالعة شرح خلالها المعوقات القانونية، محذرا من محاولات لتطيير الانتخابات، فيما شرح وزير المال يوسف خليل المعوقات المالية. في المقابل اكد وزير العدل هنري خوري عدم الحاجة الى اي تعديلات قانونية، فيما دعا وزير السياحة وليد نصار الى حسم سريع للملف عبر لقاء مع الرئيس بري، لكن المفارقة كانت في عدم ممانعته التاجيل لشهرين اذا كان بالامكان تطبيق «الميغاسنتر» حينها!
الدخول في «المجهول»
في المقابل، ترى اوساط سياسية بارزة ان اي «تلاعب» في موعد الاستحقاق النيابي سيفتح «الباب» امام احتمال «تطييره» ما يعني ان البلاد ستكون امام مخاطر فراغ كبير حذر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوراه، حيث اشار الى ان التمديد للمجلس النيابي سيكون مستحيلا بعدما تبلغ من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي ان نوابهما سيستقيلون مباشرة عند الاعلان عن اي تاجيل للمواعيد، ما يعني الدخول في «المجهول». وبراي تلك الاوساط، فان ما يساق في هذا المجال الان مجرد» جس نبض» للمجتمع الدولي المشغول بالحرب في اوكرانيا، وثمة من يريد قياس مدى هذا الاهتمام «ليبنى على الشيء مقتضاه». وقد تتعاظم المخاوف اذا ما تاكدت المعلومات حول وصول السفارة الاميركية في بيروت الى قناعة راسخة بانعدام القدرة على سحب الاكثرية النيابية من حزب الله وحلفائه!
جنبلاط «يستنجد» ببري
وفي سياق متصل بالانتخابات، كشفت مصادر نيابية عن تواصل حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي عبر عن «استيائه» من محاولات يقوم بها حزب الله لمحاصرته و»تحجيمه»، لكن بري اكد له انه لن يكون جزءا من اي محاولة من هذا القبيل، وطمأنه الى ان هذه المخاوف مبالغ فيها، كما وعده بانه سيقوم بما يقدرعليه لتقديم العون لمرشحيه في الدوائر التي «يمون» عليها، وهو ابلغه انه سيسعى مع الحزب لعدم ضم أي مرشح درزي على «لائحة الثنائي» في دائرة بيروت الثانية، بعد تأمين التوافق على ترشيح مروان خير الدين في البقاع الغربي، فيما طلب جنبلاط دعم بري في دائرة الشوف في ظل القلق من نجاح مرتقب للوزير السابق وئام وهاب!
«تخبط» في ملف «الترسيم»
وفي سياق آخر، وبعد امتناع «الثنائي الشيعي» عن المشاركة باي لجنة لدراسة الطرح الاميركي المكتوب حول ترسيم الحدود، طارت فكرة انشاء لجنة وزارية، ويعمل رئيس الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية على تاليف لجنة من التقنيين لرفع تقريرها الى رئاسة الجمهورية، ووفقا لمصادر مطلعة لوحظ غياب اي اتصال مع اعضاء الوفد اللبناني المفاوض في الناقورة، وحتى الان لم يتوصل الجانب اللبناني الى اي مقاربة واضحة حيال كيفية التعامل مع العرض الاميركي – الاسرائيلي الجديد، ويمكن القول ان «التخبط» هو سيد الموقف حتى الان؟ وكان النائب الياس بو صعب قد اكد بعد زيارة بعبدا ان فخامة الرئيس متمسك بالحقوق اللبنانية ويضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، انطلاقا من قسمه الدستوري وتمسكه بالسيادة اللبنانية التي تحكم الاداء الرئاسي ومن قناعته ان هذا الملف يحتاج الى توافق وطني لأهميته وانه سيتابع الملف منعا لمزيد من هدر الوقت من اجل الوصول الى قرار يحظى باجماع وطني ايا يكن هذا القرار.