كتبت صحيفة “الديار” تقول: دخلت البلاد حمى الانتخابات النيابية «العبثية» قبل ساعات من اقفال باب الترشيحات التي بلغت حتى يوم امس 745مرشحا، ومع اكتمال صورة المشهد الانتخابي على نحو شبه كامل باعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشح، ليكمل بذلك دائرة الفراغ في عزوف رؤساء الحكومة السابقين الثلاثة، بانتظار قرار مرتقب من رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة اليوم، اعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرشحيه، دون ان ينسى «تلطيش» حليفه الظرفي التيار الوطني الحر، وهو امر كرره رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خلال اعلان برنامج «القوات» الانتخابي، وذلك بعد ساعات على اعلان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خارطة تحالفاته الثابتة مع حزب الله وعلى القطعة مع حركة امل.
وفيما حمل الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط الى بيروت، «رسالة» دعم لاجراء الاستحقاق مع تاجيل البحث في العلاقات العربية اللبنانية الى ما بعد اتمامه، لا شيء ينبىء بان الفصل الجديد من المسرحية الهزلية سيتغير، بشعاراته او حتى بممثليه، ولولا الغياب السني عن المشهد، والبحث عمن يملء فراغ الحريرية السياسية، لكان الاستحقاق الانتخابي «لزوم ما لا يلزم» في ظل انعدام فرصة حصول تغييرات جذرية في خريطة المجلس النيابي الجديد المقبل على «رتوشات» لا تقدم او تؤخر في المشهد القائم حيث لا فرصة لتبدل الاغلبية الحالية غير القادرة على الانجاز لان «دود الخل منه وفيه»، فيما يتلهى مدعوو التغيير بشعارات فارغة يدغدغون فيها مشاعر انصارهم مع علمهم المسبق انها غير قابلة للتطبيق.
المشهد يتكرر بادعاء صراعات وهمية تتجاوز قدرة اللاعبين المحليين على التاثير فيها، فيما الناخبون القابعون في «جهنم» يواجهون خيارات احلاها مر، قد تترجم بنسبة مقاطعة كبيرة خصوصا على الساحة السنية. كل هذا الصخب الداخلي بين القوى المتناحرة التي «غسلت يديها» من مسؤولية الانهيار، لم تحجب تحذيرات البنك الدولي من دمار كامل الشبكة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان في غياب خطة التعافي، فيما تزداد الصورة قتامة في العالم على وقع الحرب الروسية في اوكرانيا، وتصاعد التوتر في الاقليم الذي بلغ ذروته مع الرد الايراني المباشر على الاعتداءات الاسرائيلية من «بوابة» اربيل، تزامنا مع تجميد جلسات الحوار الثنائي مع السعودية، حيث تجمع كل الاطراف «اوراق القوة» في انتظار العودة الى «طاولة» التفاوض بشروط جديدة، ولا يبدو ان الساحة اللبنانية ستكون بمناى عن هذا «الكباش».
«دعسة ناقصة»
وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان الساعات القليلة الماضية شهدت حركة دبلوماسية غربية رفيعة المستوى تولتها باريس لمحاولة عزل لبنان عن التداعيات المفترضة للتصعيد في المنطقة في ظل مؤشرات على وجود منحى خطير في المواجهة المفتوحة بين طهران واسرائيل التي قد تستغل الضربات الصاروخية الايرانية في اربيل لتجاوز بعض «الخطوط الحمراء» في المعركة بين الحروب الدائرة منذ سنوات في ظل القلق الاسرائيلي المتعاظم من اقتراب التوقيع على الاتفاق النووي في فيينا، على الرغم من «التعثر» المؤقت في المحادثات، وثمة مخاوف اوروبية من استغلال اسرائيلي للحدث لفتح جبهات جديدة لتوتير الاجواء للتاثير سلبا على المحادثات النووية، وفي ظل «الكوابح» المتفق عليها مع روسيا في سوريا، ابلغ عدد من السفراء مسؤولين لبنانيين وجود قلق كبي من حدث امني على الجبهة الجنوبية، وطالبوا بضرورة الحذر ازاء اي «دعسة ناقصة» قد تؤدي الى اشتعال غير محسوب.
اسرائيل تتوقع التصعيد؟
وفي الاطار نفسه،وبعد ساعات من الصمت اوضحت جميع وسائل الإعلام في اسرائيل ان ما حصل في اربيل يدخل في إطار «المعركة بين الحروب»، والتي تجري على جميع الجبهات ونقلت القناة الـ 12 عن مصادر رفيعة في تل أبيب، تاكيدها ان الإيرانيين لن يتوقّفوا عن هذا الحدّ، وبالنسبة لطهران «وصل السيل الزبى»، ولهذا تتوقع المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة مزيدًا من الهجمات ضدّ أهدافٍ إسرائيليّةٍ، من الحرس الثوريّ، أوْ عن طريق حزب الله، وكذلك «التنظيمات» الفلسطينية.
استنفار على الجبهة الشمالية
وفي هذا السياق، اكدت المصادر نفسها ان الجيش الاسرائيلي رفع درجة التأهب إلى الدرجة القصوى تحسبًا وخشيةً من عمليةٍ إيرانيّةٍ أخرى على الجبهة الشمالية مع لبنان وفي سوريا مع ترجيح ان تكون هضبة الجولان مسرحا للعملية الجديدة. فالاسرائيليون يعتقدون ان عملية أربيل ليست الردّ الإيرانيّ على مقتل اثنيْن من ضُبّاط الحرس الثوريّ في غارة يوم الأحد قبل الماضي قرب دمشق.
وبراي محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة «هارتس» الاسرائيلية، عاموس هارئيل، فان الهجوم الإيرانيّ على أربيل يكشِف القليل- القليل من الحرب المُستعرّة والمُستمرّة بين إسرائيل وإيران في مجال الطائرات بدون طيّار، أيْ المُسيّرات، ونقل عن مصادر أمنيةٍ رفيعةٍ في اسرائيل قولها» يبدو أنّ ايران بدأت باتباع سياسة جديدة ومفادها أنّ طهران ستقوم بالردّ على كلّ عمليةٍ تستهدفها من قبل إسرائيل، داخل ايران او خارجها..
حرب مفتوحة؟
ووفقا لوسائل اعلام اسرائيلية، فان المصادر الامنية، تتوقع حربا مفتوحة، وهي ترى ان ما حصل يشهد على ثقة عالية لدى طهران بنفسها، نتيجة ضعف الغرب في محادثات النووي والحرب الدائرة في أوكرانيا التي تصرف الاهتمام العالمي. وجراء ذلك، تسمح إيران لنفسها بأن تكون أكثر جرأة من الماضي، سواء في شكل الرد أم في الكشف عنه. وهذا تطور سيئ؛ بحسب الاسرائيلين لان إيران خصم خطير ولها ترسانة مبهرة من الوسائل القتالية، خصوصاً حين البحث عن جباية ثمن من إسرائيل بكل وسيلة. ولا يبدو أن هناك قوى دولية ذات قدرة أو رغبة في منع هذا التطور، ما يترك، إسرائيل وإيران في الساحة وحدهما لحرب غير محدودة تنتقل إلى مستويات علنية وعنيفة أكثر مما في الماضي.!
«ملء الفراغ» في الساحة السنية؟
انتخابيا، تبقى «العين» على الساحة السنية التي تشهد ارباكا غير مسبوق بعد اعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه وتياره عن المشاركة في الاستحقاق، وبينما انضم بالامس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى لائحة العازفين عن الترشح، ثمة ترقب اليوم الى آخر اعضاء نادي رؤساء الحكومة فؤاد السنيورة الذي تتعثر حرمته يوما بعد يوم في ظل اخفاقه بالحصول على دعم سعودي لحركته «الانقلابية» على تيار المستقبل، فيما يواجه عقبات كبيرة في الداخل في ظل مساع حثيثة «للتيار الازرق» لعرقلة جهوده، وبات من المرجح خروجه من «السباق» الانتخابي الا اذا قرر خوض مغامرة غير محسوبة النتائج.
«المستقبل» يحاصر السنيورة
ووفقا لمصادر مطلعة، فان فشل السنيورة في تشكيل لائحة في بيروت، تبعه فشل آخر شمالا بعد اخفاقه في جمع النائب السابق مطفى علوش بلائحة واحدة مع اللواء اشرف ريفي، وجاء هذا الاخفاق، بعد لقاء عقده الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري مع علوش نهاية الاسبوع الماضي، وفي حين لم يخلو اللقاء من «العتب» المتبادل، الا ان الحريري القادم من ابوظبي حمل تمنيا واضحا من رئيس التيار سعد الحريري بعدم منح الرئيس السنيورة الفرصة للنجاح في مسعاه لخلق تيار سياسي «انقلابي» على تيار المستقبل في الشمال، فيما يجري العمل على تطويقه في بيروت، واعدا اياه بوقف الحملة المستقبلية التي استهدفته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حال اختار الترشح بعيدا عن اي لائحة يدعمها السنيورة.
وعد وانتقادات!
وقد حصل الحريري على وعد مبدئي من علوش بخوض الاستحقاق تحت مظلة المصلحة العليا لتيار المستقبل، وبات من المؤكد ان يكون على لائحة واحدة مع سامي فتفت،وعثمان علم الدين، لكنه ابدى مجددا اعتراضه على خيار الرئيس الحريري لان القرار سمح بحصول فراغ سني سيستفيد منه حزب الله، كما ابلغهم بضرورة حصول توجيهات محددة لانصار «التيار» الذين يشعرون بالإرباك خصوصا أن الحريري، لم يطلب من جمهوره ومحازبيه مقاطعة الانتخابات، لكنه لم يعطيهم التوجيهات اللازمة حيال موقفهم من المرشحين. كما كان علوش واضحا في اعتراضه على تغييب الكتلة السنية الوازنة عن التاثير في انتخابات رئيس الجمهورية المقبل، مشيرا الى ان النواب السنة سيكونون مشتتين داخل البرلمان ودون وزن.
ميقاتي لن يستفز الحريري؟
ووفقا للمصادر نفسها، حصل لقاء ايضا بين السنيورة ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجرى البحث في الاستحقاق الانتخابي في محافظتي الشمال وعكار، ولم ينته اللقاء الى نتائج حاسمة، لكن ميقاتي كان واضحا لجهة ابلاغ السنيورة بانه لن يقدم على اي خطوة استفزازية للرئيس الحريري وفي مقدمتها حصول اي تحالف مع اللواء اشرف ريفي الذي يجاهر بالتنسيق مع القوات اللبنانية ما يخلق حالة من التوتر لدى تيار المستقبل.
وكما كان متوقعا، اعلن ميقاتي عزوفه عن الترشح الى الانتخابات لكنه دعا في المقابل جميع اللبنانيين الى الاقبال على الاقتراع،لأن التغيير الحقيقي المنشود يبدأ في صناديق الاقتراع، وليس فقط في التعبير عن الرأي عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي الساحات. واكد تقديم الدعم لجهود من يختارهم الناس والتعاون مع الجميع لما فيه المصلحة العامة.
«لطشات» بري لباسيل ؟
في هذا الوقت، اكتمل المشهد لدى «الثنائي الشيعي» باعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرشحي حركة امل وبرنامجها الانتخابي بالامس، والمفارقة انه وعلى الرغم من تحالف «القطعة» الظرفي مع التيار الوطني الحر، الا ان بري لم يفته توجيه «لطشات» سياسية من «العيار الثقيل» لرئيس التيار جبران باسيل، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حيال نجاح هذا التحالف «الظرفي» وتماسكه بعد جهود مضنية قام بها حزب الله! فبري لم ينس، تذكير باسيل بان اللامركزية المطلوب تطبيقها، هي كما وردت في اتفاق الطائف، «لا حبة ولا حبتين» بالزايد.
وقدم بري العناوين العريضة لبرنامجه الانتخابي تحت شعار «بالوحدة أمل لننقذ لبنان»، وهي الالتزام بالدستور والعمل على تنفيذ ما لم ينفذ من اتفاق الطائف، التمسك بضرورة التخلص من القوانين الانتخابية التي لا تضمن شراكة الجميع والعمل على إقرار قانون انتخاب عصري، عدم المس بحقوق المودعين، عدم التفريط بأي كوب ماء أو متر مكعب من الثروات النفطية في البحر مع التأكيد أنّ اتفاق الإطار هو الوسيلة المتاحة لتحقيق الترسيم مع إسرائيل، إقرار قانون اللامركزية الموسعة، الضغط ديموقراطيا لتطبيق ما أنجز من قوانين إصلاحية، استكمال التحقيق بانفجار المرفأ ولا غطاء على أي مرتكب..
جعجع «ومعركة» الوجود!
في هذا الوقت، وصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كلام النائب جبران باسيل انه كلام «شارع»، رافضا الرد عليه، ونفى خلال اطلاق حملة «القوات» الانتخابية» السعي للسيطرة على الساحة السنية ،وفيما لم يستكمل بعد عدد النواب المرشحين اكد ان المعركة الانتخابية ليست مجرد معركة سياسية بل معركة وجودية، « فإما نحافظ على ما تبقى من لبنان ونسترد ما خسرناه او نشهد زواله، اما نحافظ على ما تبقى من الحرية ونعيد سويا وطن الحريات او نعود جميعنا الى السجن الكبير
حركة الشعب «خارج السباق»
وفي السياق الانتخابي ايضا، أعلن رئيس حركة الشعب، النائب السابق نجاح واكيم، قرار الحركة عدم المشاركة في الانتخابات النيابية ترشّحاً وانتخاباً. وفي السياق الانتخابي وقال، في مؤتمر صحافي، إنّ «أهدافنا الوطنية لا تُختصر بكرسي مسوّس في برلمان مسخرة»، ورأى أنّ اللبنانيين يجمعون على أنّ هذه الانتخابات سوف تعيد إنتاج الطبقة السياسية عينها التي جرّت عليهم وعلى الوطن كل هذه المصائب. ولن يتغيّر شيء إذا نال هذا الفريق أو ذاك أكثرية ما أو أقلية.
عون نصرالله «عالطاير»
في هذا الوقت، أوضح رئيس الجمهورية ميشال عون، أن معركة تحرير الحسابات المالية ليست أقل شأناً من معركة تحرير القرار السياسي. واعتبر أن المسارات القضائية في الداخل أو الخارج يمكن أن تتأخر لكن يستحيل أن تتوقف، لافتاً إلى أن معركة التدقيق الجنائي بلغت خواتيمها وأنا مطمئن لمسارها. وفي معرض رده على سؤال حول علاقته بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، اجاب عون: «لا نتكلم، لكن يفهم أحدنا على الآخر عالطاير.
«كباش» المصارف والقضاء
قضائيا، يتجه «الكباش» بين عدد من المصارف ومدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون نحو المزيد من التصعيد، في ظل معلومات تفيد بتحرك قضائي مرتقب لتجميد أصول خمسة بنوك وأعضاء مجالس إداراتها، بعد اصدارها يوم الخميس الماضي قرارات منع سفر بحق سليم صفير من بنك «بيروت» وسمير حنا من بنك «عودة» وأنطون الصحناوي من «سوسيتيه جنرال» وسعد الأزهري من بنك «بلوم» وريا الحسن من بنك «ميد». وفيما لم توجه لأي منهم اتهامات بارتكاب جرائم قضائية واضحة حتى الان، تشير اوساط مصرفية الى ان هذه الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة من خلال توجه لدى المصارف للتصعيد.
البنك الدولي يحذر
ومع اعلان الحكومة البدء بدفع التحويلات النقدية إلى 150 ألف أسرة لبنانية من الأسر الأكثر فقراً في إطار المشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعي الذي يموله البنك الدولي، اصدر البنك الدولي بيان اكد فيه ان هذه المساعدة الطارئة ستوفر إغاثة عاجلة للأسر اللبنانية التي تعيش في فقر مدقع والتي كانت، على مدى العامين ونصف العام الماضيين، تعاني من ضغوط أزمة اقتصادية ومالية حادّة أدّت إلى ارتفاع كبير في مستويات الفقر، ومعدلات تضخم مقلقة وتدهور حاد في القوة الشرائية للسكان، وجدد البنك الدولي دعوته لصانعي السياسات في لبنان إلى المضي قدماً في اعتماد خطة تعاف اقتصادي ومالي على وجه السرعة، وإلى تنفيذ الإصلاحات الملحة التي طال انتظارها من أجل تفادي دمار كامل لشبكاته الاجتماعية والاقتصادية ووقف النزيف الخطير في رأس المال البشري.