كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بطريقة استعراضية، خرج وزير الطاقة من مجلس الوزراء أمس رافعاً يديه تضرعاً إلى السماء ليزف خبر إقرار “خطة الكهرباء”، محاولاً التقليل من أهمية شرط إنشاء الهيئة الناظمة قبل نهاية العام الجاري، وعدم الإتيان على ذكر “معمل سلعاتا” بالاسم والاكتفاء بالاتفاق على تحديد “منطقة وسطية في الشمال” لإنتاج الطاقة بموجب الخطة… ومن “الطريقة الاستعراضية والبوليسية” في مقاربة الملف المصرفي، حذر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الجلسة من “تطوّر الأمور إلى ما لا تحمد عقباه” بشكل سيجعل المودعين “يدفعون الثمن مجدداً”، مصوّباً بشكل خاص على “ما يحصل من عشوائية وانفعالية” في القضاء تجاه المصارف، في إشارة إلى أداء القاضية غادة عون من دون أن يسميها، مكلفاً وزير العدل متابعة الملف وإعادة تصويب الأمور، انطلاقاً من تشديده على أنّ “ما يحصل في هذا المجال لا يمت إلى الأصول القضائية بصلة“.
وكان الصراع قد بلغ أشده أمس بين أركان منظومة المال والسلطة الحاكمة، إثر إقدام مأموري التنفيذ في دائرة بيروت على ختم موجودات مصرف “فرنسبك” بالشمع الأحمر، إنفاذاً لقرار رئيسة الدائرة القاضية مريانا عناني البدء بإجراءات “التنفيذ الجبري” على المصرف بكافة فروعه وشركاته تمهيداً لطرح كل موجوداته وأسهمه وعقاراته في المزاد العلني في حال عدم امتثاله لقرار تسديد وديعة المدعي المصري عياد ابراهيم البالغة قيمتها 30 ألف دولار… الأمر الذي سرعان ما استدعى استنفار جمعية المصارف راميةً “كرة النار” في حضن الحكومة، عبر ابتزازها بخطوة “الإقفال الشامل” وهدم الهيكل المصرفي فوق رؤوس جميع المودعين ما لم يتم العمل على وضع حدّ نهائي للملاحقات القضائية والقانونية التي تطارد المصارف والمسارعة إلى رفع “الأختام والأقفال” عن كل صناديقها.
وكشفت مصادر مصرفية لـ”نداء الوطن” أنّ قرار إقفال جميع المصارف العاملة على الأراضي اللبنانية “بات موضوعاً على طاولة جمعية المصارف ما لم يبادر مجلس الوزراء إلى تحمل مسؤولياته في حماية القطاع المصرفي”، على اعتبار أنّ ما يتعرض له القطاع كناية عن “ممارسات تعسفية غوغائية تنطلق من حسابات شعبوية انتخابية من قبل الجهات القضائية المحسوبة على العهد العوني وتياره”، وطالبت إزاء ذلك الحكومة بضرورة “إنهاء “الفوضى القضائية التي تفرض على المصارف اعتماد مبدأ الاستنسابية في تحصيل الودائع بين عميل وآخر”، داعيةً إلى “الإسراع في سنّ التشريعات اللازمة للتعامل مع الأزمة المالية والنقدية الراهنة وفي مقدمها إقرار قانون الكابيتال كونترول“.
وإثر إثارة قرار ختم صناديق “فرنسبك” بالشمع الأحمر بلبلة في صفوف مودعيه، لا سيما لناحية إعلان المصرف التوقف عن دفع رواتب موظفي القطاع العام وعناصر الجيش والقوى الأمنية، عادت القاضية مريانا إلى طلب إزالة الشمع الأحمر شفهياً عن بعض الصناديق غير أنّ إدارة “فرنسبك” رفضت الامتثال على اعتبار أنّ “قرار وضع الشمع الأحمر أتى خطياً ولا يُرفع إلا بقرار قضائي خطي آخر”، فأرسلت عناني “مباشرة قضائية” لإزالة الشمع الأحمر بنفسها من دون قرار خطي بذلك، وهو ما استغربه مصدر مسؤول في فرنسبك، موضحاً لـ”نداء الوطن” أنّ “المُباشِرة أزالت الشمع الأحمر عن صندوقين من أصل 5، وعليه فإنّ فروع فرنسبنك التي ستفتح اليوم أبوابها لن يكون بمقدورها تلبية حاجة المواطنين من “الكاش”، أما بالنسبة الى فرع الحمرا فستسدد الأموال النقدية المتوافرة داخل الصندوقين اللذين أزيل عنهما الشمع الأحمر علماً أنّ كل واحد منهما لا يحتوي على أكثر من 10 إلى 15 ألف دولار، وعليه فإنّ الدفع سيتوقف فور نفاد هذه الكمية من المال لأنّ الإدارة لن تتمكن من تغذية صناديقها من “caisse centrale” نتيجة إستمرار ختمه بالشمع الأحمر“.
سياسياً، عاد ملف الترسيم الحدودي مع إسرائيل إلى الواجهة أمس من خلال تأكيد مصادر مواكبة لعمل اللجنة المكلفة دراسة المقترح الخطي للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، أنها تعقد “اجتماعات متلاحقة في القصر الجمهوري وتنكب على دراسة المقترح بنداً بنداً، من كل النواحي الفنية والتقنية والقانونية”، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ “القاعدة التي اعتمدتها اللجنة هي تجنب العمل تحت ضغط الوقت، والرد على المقترح الاميركي تفصيلياً وتفنيد الجواب اللازم لكل نقطة وردت في المقترح الأميركي، ولذلك لا موعد محدداً مسبقاً للانتهاء من صياغة الرد اللبناني إنما المداولات داخل اللجنة ستستمر طالما بقيت الحاجة لاستمرارها على الصعيدين التقني والفني قبل الوصول الى مرحلة الصوغ القانوني للجواب اللبناني بعد إشباع المقترح درساً وتمحيصاً“.
وعن الأسس التي يرتكز عليها التصوّر اللبناني المبدئي للرد على مقترح هوكشتاين، قالت المصادر: “الجواب سيكون مبنياً على أسس علمية وعملية والهدف النهائي هو الوصول إلى نتائج لصالح لبنان انطلاقا من المسار التفاوضي الذي كان معتمداً، أي العودة إلى المفاوضات غير المباشرة في الناقورة برعاية الأمم المتحدة وبوساطة مسهّلة من الجانب الأميركي، بالاستناد إلى القناعة الراسخة بأنّ مثل هذه المفاوضات هي التي يمكن أن توصل إلى نتيجة عملية تؤدي الى تحديد خط الترسيم البحري الذي يحفظ الحقوق اللبنانية”، لافتةً الانتباه إلى أنّه “كما ينتظر الوسيط الأميركي جواباً لبنانياً على مقترحه، من المفترض أيضاَ أن يكون هناك جواب إسرائيلي على المقترح نفسه، فيتم حينها الإتيان بالمقترح والجوابين اللبناني والإسرائيلي إلى طاولة التفاوض غير المباشر في الناقورة لمحاولة التوصل إلى حل حقيقي بعيداً عن محاولات التسويف والتمييع“.