كتبت صحيفة “الديار” تقول: اللبنانيون محاصرون بالعواصف القطبية والمالية والنفطية والغذائية والكهربائية والمائية، التي تطبق على أنفاسهم وتحرمهم نعمة الحياة الشريفة الهانئة، «مع فقدان الامل في الخروج منها في القريب العاجل، نتيجة غياب الرؤية لإطلاق مرحلة التعافي جراء تحكم طبقة سياسية في كل مفاصل البلد، لا تعرف الا النهب «مرقلي لمرقلك» وهذا ما جعل القلق من المستقبل المجهول يدخل بيوت كل اللبنانيين الذين يقفون في معظمهم أمام السفارات يفتشون عن حياة جديدة في بلاد الله الواسعة، بعد ان فقدوا الامل في الحصول عليها في وطنهم، وهذا ما تؤكده الوقائع السياسية اليومية المصحوبة بسجالات انتخابية بين كبار القوم، تحضر الارض لتوترات وفتن عبر استذكار الماضي الاليم «ونبش القبور» واحياء المتاريس الطائفية، والاستعانة في كل «المعاجم» والمصطلحات البغيضة وزجها في السجالات من اجل مقعد نيابي لهذا الفريق أو ذاك، دون الاكتراث لما تخلفه من تداعيات على الاستقرار وتعميق هموم الناس والقفز فوق ما يعانوه هذه الايام القاسية جراء عاصفة قبطية مصحوبة بموجة صقيع لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ ٥٠ سنة، حولت حياتهم الى» جهنم « مع الارتفاع الجنوني لسعر صفيحة المازوت وتجاوزها الـ ٢٥ الى ٣٠ دولارا في السوق السوداء وتحديد سعر «دولار المازوت «بـ ٢٤ الف ليرة، فيما فاق سعر» طن الحطب» كل التوقعات، وما زاد من المعاناة احتكار مادة المازوت وسط غياب شامل لمؤسسات الدولة ومشاركة بعض مسؤولي الوزارات المختصة في عمليات التلاعب في توزيع المازوت «واحتكاره من أجل حفنة من الدولارات «على عينك يا تاجر» وقد سها عن بال كبار القوم ان سعر صفيحة المازوت بات يوازي راتب موظف يتقاضى الحد الادنى للأجور٧٥٠ الف ليرة، فيما المساعدات الاجتماعية للموظفين خضعت للاقتطاع من المصارف واجراءات لا تسمح الا بسحب٦٠ ٪ من المساعدة فقط في تصرف غريب لم يتم تفسيره من وزارة المالية، وسها عن بال المسؤولين ايضا انهم من خلال هذه الاجراءات يحضرون الارضية لانفجار اجتماعي وخضات أمنية لن ترحم احدا، وهذا ما يخشاه كبار المسؤولين الامنيين الذين فاتحوا الرؤساء في خطورة الاوضاع الاقتصادية على الاستقرار وانتظام عمل مؤسسات الدولة المشلولة، لكن المشكلة ان الهموم الانتخابية تتقدم على كل الملفات وتدفع كل المسؤولين للانخراط في «عصفورية المنازلات الزجلية»، مع غياب كامل للبرامج، وهل يعقل ان تصل الامور برئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي ان يبلغا وزير المهجرين عصام شرف الدين في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء أن طرحه لخطة عودة النازحين السوريين الى بلادهم بعد زيارته الى دمشق «مش وقتها هلق» ولن تطرح في مجلس الوزراء، ما دفع شرف الدين الى مغادرة الجلسة وجرى التعتيم على الحادثة، بعد أن كان المطلب الاول لرئيس الجمهورية وجبران باسيل عودة النازحين، وشكل ذلك مفاجأة لكل الوزراء، كما ان تصريح نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي خلال لقائه مع اعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي عن استحالة حصول المودعين على أموالهم من المصارف، مر مرور الكرام، ولم يعلق عليه مسؤول واحد، وعندما سأل احد الحضور الوزير الشامي عن خطورة كلامه، رد قائلا: « مش اول مرة بتحصل، وشهدتها بلدان عديدة» مضيفا «ان حجم الخسائر تجاوز الـ ٦٩ مليار دولار بسبب تعثر الحلول وتأجيل المفاوضات مع الصناديق الدولية، حيث يصل وفد البنك الدولي الاسبوع المقبل لاستكمال المباحثات مع الجانب اللبناني.
الحجز على أموال فرعين لمصرف فرنسبنك
قفز الوضع المصرفي الى واجهة الاهتمامات وأحدث هلعا واسعا في البلاد مع اعلان الحجز وختم جميع موجودات فرعي مصرف فرنسبنك الرئيسي وساسين بالشمع الاحمر بما فيها خزانات النقود وماكينات الصراف الآلي، وذلك تبعا للقرار الذي أصدرته القاضية مريانا عناني، وقد تم بعد اتصالات على أعلى المستويات بنزع الشمع الاحمر عن بعض الصناديق في فرع الحمراء لإتمام بعض العمليات المصرفية اليوم، لكن «الخزائن «لا تزال مقفلة والاعمال المصرفية معلقة. واكدت مصادر في مصرف فرنسبنك، ان المصرف لن يستطع بعد اليوم تنفيذ المعاملات المالية بما فيها دفع رواتب موظفي القطاع العام من جيش وقوى أمنية ورواتب الموظفين في المصرف وأموال المودعين. كما أصدرت جمعية المصارف بيانا انتقدت فيه مثل هذه الاجراءات ودعت السلطتين التنفيذية والتشريعية الى اقرار القوانين قبل أتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل المصارف حفاظا على اموال المودعين، كما شهدت جلسة مجلس الوزراء نقاشات مستفيضة حول الاجراءات ضد مصرف فرنسبنك وانتقد الرئيس ميقاتي الاجراءات القضائية والاستعراضات البوليسية التي ستترك أثارها المدمرة على القطاع المصرفي وأموال المودعين وهز الاستقرار وتوقف المعاملات المالية، فيما المعالجة تتطلب اجراءات مدروسة من ضمن خطة التعافي، وأقر مجلس الوزراء خطة الكهرباء.
الانتخابات النيابية
بورصة الترشيحات الانتخابية رست على ١٠٤٣ مرشحا، وهي النسبة الاعلى منذ انتخابات ١٩٩٢، كما أعلنت وزارة المالية عن تحويل الأموال الى وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات، وقد أظهرت الترشيحات حسب المصادر العليمة خلو المجلس الجديد من الاقطاب باستثناء «القطب الواحد « الرئيس نبيه بري مع تقاعد وابعاد سعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وقبلهم ميشال عون ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية وعزوف سمير جعجع شخصيا، وتتخوف المصادر العليمة ايضا من ان يؤدي عزوف الاقطاب السنة وضعف المرشحين البدائل الى مقاطعة سنية تفقد المجلس الجديد الميثاقية، التي يقوم عليها البلد، كما حصل في الانتخابات البتراء عام ١٩٩٢ والقفز فوق المقاطعة المسيحية التي وضعت الاسس لتسوية هجينة مفخخة تعطلت عند اول اشتباك داخلي، وهذا القلق من تكرار سيناريو ١٩٩٢ قد يؤسس لتوترات داخلية في أخطر مرحلة يمر بها لبنان ويدفع جديا الى المطالبة بتأجيل الانتخابات مع تأكيد المصادر العليمة، ان مصير الانتخابات في ايدي مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، فاذا أمن الغطاء للمرشحين السنة واعلن دعمه لهم، فان الانتخابات تحصل مهما كانت التداعيات والنتائج، واذا سحب الغطاء يصبح اجراء الانتخابات مستحيلا، أو يؤدي الى التشكيك بنتائجها وشرعية المجلس النيابي اذا حصلت، والامور ستحسم حسب المصادر العليمة خلال الأسبوعين القادمين مع انتهاء مهلة سحب الترشيحات في ٢٨ اذار وإقفال اللوائح في ٤ نيسان في ظل معلومات عن توجه العديد من المرشحين السنة الى الانسحاب .
التحالفات الانتخابية
أما على صعيد التحالفات، فان المعلومات تؤكد أن القيادة السورية العليا حسمت ترشيح اللواء جميل السيد وتركت قرار تمثيل البعث لحزب الله الذي ذلل معظم العقد بين حلفائه، وترك حرية الاختيار لهم، وأبلغهم بكل وضوح وشفافية كيفية توزيع اصواته مع الافضلية لمرشحي التيار الوطني في كل المناطق. وحسب المصادر العليمة ايضا فان رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط تخلى عن المقعد الكاثوليكي الذي كان يشغله النائب نعمة طعمة بعد ان أشترط الحصول على ٤٠٠٠ صوت تفضيلي كما حصل في الانتخابات الماضية، وهذا أمر مستحيل لان رئيس الاشتراكي قرر خوص معركة درزية _ درزية ضد وئام وهاب في الشوف ومنح الصوت التفضيلي لتيمور جنبلاط و مروان حمادة ولو أدى ذلك الى خسارة النواب المسيحيين، كما ان ٨ اذار لم تحسم حتى الان خوض معركة طارق الداود ضد وائل ابو فاعور في راشيا نتيجة انحياز بري الى جنبلاط وخوفه على مقعد ايلي الفرزلي، كما ان التحضيرات أكدت صعوبة توحيد قوى المجتمع المدني في لوائح مشتركة في كل المناطق، وبالتالي فالصورة الانتخابية حتى اللحظة تتمثل بفريقين اساسيين، حزب الله والتيار الوطني الحر وقوى ٨ اذار في حلف واحد مع ترك الحرية لبري في مسايرة جنبلاط في كل الدوائر والتمايز عن التيار الوطني في جزين مقابل تحالف الاشتراكي والقوات اللبنانية وفؤاد السنيورة والاحرار وباقي قوى ١٤ اذار في كل الدوائر، أما حزب الكتائب فقد حسم تحالفاته مع قوى في المجتمع المدني، وحسب المصادر العليمة، فأن الاكثرية لهذا الفريق أو ذاك ستحسم من خلال ٤ أو ٥ مقاعد مع استحالة حصول اي طرف على ٨٤ نائبا، والاكثرية الراجحة لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي فان المعركة الانتخابية ستنحصر على ٤٠ مقعدا في كل الدوائر وسيكون « التناتش» على المقاعد السنية، بعد ان حسمت الترشيحات ضمان فوز اكثر من ٨٥ نائبا يمثلون كتل حزب الله وامل والاشتراكي والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وتيار العزم ونوابا مستقلين .
الترسيم
وفي ملف الترسيم الحدودي بين لبنان وكيان العدو، فان اللجنة التقنية التي عقدت اجتماعها الاول في القصر الجمهوري برئاسة عون وحضور ممثلين عن رئاسة الحكومة والوزارات المختصة وقيادة الجيش وغياب الثنائي الشيعي الذي رفض الانضمام الى اللجنة، لم تتوصل الى اي نتيجة، وحسب المعلومات، فأن اللجنة لم تصل الى اي قرار في شان عرض الموفد الاميركي هوكشتاين الذي ابلغ المسؤولين انه لن يعود قبل تبلغه رد الجانب اللبناني، وعلم ان رئيس الجمهورية أبلغ المجتمعين ان القرار في هذا الملف لن يكون قراره وحده بل قرارا لبنانيا توافقيا شاملا.