كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: سارت عملية معالجة العلاقة بين لبنان والدول الخليجية بمساريين متوازيين: الأول رسمي عبر السلطات الحكومية، والثاني من خلف الكواليس عبر قنوات اتصال كان محرّكها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وتمّت بالتعاون مع الفرنسيين. وقد جاءت زيارة عضو كتلة اللقاء الديمقراطي وائل أبو فاعور إلى الرياض في هذا الإطار.
ووفق ما كشفت معلومات جريدة “الأنباء” الإلكترونية، فإنّ من المرتقب أن يعود سفيرا السعودية والكويت في وقت قريب إلى لبنان، في بادرة إيجابية من شأنها خلق فرصة جديدة للبنان للعودة إلى المجتمع العربي بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الخليج، في حال سارت الأمور على ما يرام.
وفي هذا السياق، كانت المحاولات التي خاضها رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، لإرسال رسائل للدول العربية، والخليجية على وجه الخصوص، تحمل التطمينات التي تريدها هذه الدول من لبنان. وما هي المواقف التي أطلقها ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات، بسام مولوي، إلّا خير دليل على هذه المحاولات. لكن ما ذُكر لن يكون كافياً لإعادة المياه إلى مجاريها بين لبنان والخليج، فرأب الصدع الذي نشب بعد الأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج يحتاج إلى إجراءات فعّالة على الأرض، وعمل جاد من الحكومة لوقف الخروج عن القانون والتزام الدولة وسياساتها الخارجية.
وفي غضون ذلك جاءت إشارات جيّدة عن الخارجية السعودية أمس، إذ اعتبرت أن مواقف ميقاتي الأخيرة تجاهها تتضمّن نقاطاً إيجابيةً، ولاقتها الكويت في موقفٍ مماثل.
داخلياً، فإن ملف الانتخابات هو الشغل الشاغل للحكومة، ويحتل أولوية أمام الملفات المعيشية والاجتماعية التي لا تزال تتفاقم، اذ في هذا السياق تأخذ أسعار مختلف المنتجات بمزيد من الارتفاع، وأبرزها المحروقات التي باتت تشهد زيادات دورية بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ووصولها إلى مستويات قياسية.
وفي سياق متّصل، يواصل لبنان عقد جلسات المباحثات مع صندوق النقد الدولي، إلّا أنّ ما مِن نتيجة ملموسة حتى اليوم، وذلك يرتبط بنقطتين أساسيتين: الأولى تكمن في عدم إنجاز لبنان لخطّة اقتصادية مالية واضحة وصريحة تشرح كيفية احتساب الخسائر وتوزيعها دون أن يتحمل المودعون النسبة الأكبر. أمّا الثانية، فهي مرتبطة بالقرار السياسي الداخلي والخارجي لعقد اتفاق بين لبنان والصندوق.
عدم الاتفاق مع صندوق النقد على خطّة وتأمين التمويل لمالية الدولة، وبالتالي العجز عن تثبيت سعر صرف الدولار، يعني استمرار مراوحة لبنان في الدوّامة نفسها دون إحراز أي تقدّم في مسار التعافي الإصلاحي، وذلك يشمل العديد من القطاعات، ومنها قطاع الطاقة والكهرباء بالتحديد.
في ملف الطاقة، لم تُنجز الاتفاقات بشكل كامل لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، علماً أنّ الوعود تحدّثت في وقت سابق عن إنجاز الخطط، وبدء عمليات الاستجرار مع أوائل شهر شباط. ووزير الطاقة والمياه، وليد فيّاض، رهَن زيادة ساعات التغذية باستجرار الغاز، لكن ما من تقدّم يلوح في الأفق في هذا الإطار.
مصادر متابعة للشأن أشارت إلى أن، “زيادة ساعات التغذية مرهونة باستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن، والأمور التقنية تمّ انجازها، لكن عائقين أساسيين يتوقّفان أمام بدء عمليات الاستجرار، وهما التمويل، والإعفاء من قانون العقوبات قيصر“.
وفي هذا الإطار، لفتت المصادر في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن، “لا اتّفاق على التمويل بعد، وذلك سببه تلكّؤ لبنان في إعداد الخطط الإصلاحية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، علماً أنّه من المرجّح أن يكون الاتفاقان سلّة واحدة. كما أن لا استثناء رسمياً بعد من الولايات المتحدة من قانون قيصر، والسبب سياسي. وينضم الاستثناء إلى سلّة الاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدولي، وذلك بعد توفّر قرار سياسي داخلي وخارجي“.
وختمت المصادر حديثها مذكرةً أنّ، “ما من سبيل لزيادة ساعات التغذية إلّا عبر استجرار الطاقة ومصادرها من الخارج. وفي ظل غياب التمويل، لن تكون مؤسّسة كهرباء لبنان قادرة على تأمين ساعات تغذية إضافية، ومن المنتظر أن يستمر الوضع على ما هو عليه إلى ما بعد الاتفاق مع مؤسّسات التمويل الدولية، والأمر مربوط بشكل غير مباشرة بالانتخابات النيابية وتبدّل السلطة في لبنان“.
عضو لجنة الأشغال والطاقة النيابية، حسين الجشي، أشار إلى أنّ، “وزراء الطاقة المعنيين من الدول الثلاث مصر، والأردن، ولبنان، اجتمعوا واتفقوا على الأمور التقنية، لكن الإشارات السياسية الأميركية لم تتوفّر بعد من أجل إطلاق عملية الاستجرار“.
وفي حديثٍ مع “الأنباء”، لفت الجشي إلى أنّ “ما من اتفاق مع البنك الدولي بعد، ولا حل لإنتاج المزيد من الطاقة إلّا في حال توفير الدولارات، وهو الأمر الذي ينفي مصرف لبنان قدرته على القيام به“.