لم يكن من عدم أو عن عبث توصيف “نداء الوطن” الأسبوع الفائت، ما يقوم به العهد وتياره من حملات تصعيدية تصاعدية في كافة الاتجاهات السياسية والقضائية والمالية والمصرفية بأنه يندرج ضمن سياق “حرب إلغاء انتخابية” عبر انتهاج “خارطة طريق تدميرية” ترمي إلى دبّ الفوضى الشاملة في البلاد توصلاً إلى تقويض الاستقرار الأمني والاجتماعي اللازم لتأمين أرضية إجراء الاستحقاق النيابي في موعده المقرر في 15 أيار المقبل… فكل ما شهده ويشهده وسيشهده اللبنانيون في الأيام القليلة الفاصلة عن هذا الموعد، يؤكد السير في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد وضع “قضاء الثنائي الشيعي” يده بيد “القضاء العوني” لتحقيق هذه الغاية وتبريرها بشتى الوسائل والأدوات المتاحة، وفق تعبير مصادر سياسية معارضة، موضحةً أنّ ادعاء القاضي فادي عقيقي على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في ملف أحداث الطيونة، يصب في إطار “تسعير أجواء التوتير المتنقل والتدمير الممنهج في البلاد لتطيير الانتخابات، بالتكامل والتكافل مع مسار الادعاءات المالية والمصرفية التي تسطرها القاضية غادة عون“.
وبالأمس، صعّدت القاضية عون إجراءاتها العقابية على القطاع المصرفي من خلال إصدارها قراراً جديداً يقضي بمنع 6 مصارف من نقل وتحويل الأموال إلى الخارج، فارضة بذلك “عزلة مالية” بين هذه المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة، مع ما قد ينتج عن ذلك من تداعيات سلبية على حركة حسابات التجار والصناعيين لتمويل استيراد البضائع والمواد الحيوية للسوق اللبنانية من الخارج… وذلك بالتوازي مع إحكام الطوق القضائي على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، سواءً عبر إصدار القاضي نقولا منصور مذكرة توقيف وجاهية بحق شقيقه رجا وإبقائه موقوفاً أقله حتى الأسبوع المقبل، أو من خلال تحديد جلسة استماع لحاكم مصرف لبنان الخميس المقبل تمهيداً لتسطير مذكرة توقيف بحقه في حال عدم مثوله.
وطغت أجواء الكباش القضائي – المصرفي على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس في قصر بعبدا، لا سيما في ضوء استياء عون من إعلان ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول عن نيته دعوة حاكم المصرف المركزي إلى جلسة الحكومة المقرر عقدها الأربعاء المقبل. وحذرت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى من خطورة تداعيات هكذا خطوة على التضامن الوزاري، ملوّحةً عبر “نداء الوطن” بإمكانية “مقاطعة الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني لأي جلسة يعقدها مجلس الوزراء ويشارك فيها سلامة، الأمر الذي سيدفع وزيري “حزب الله” حكماً إلى اتخاذ الموقف نفسه”، كاشفةً أنّ “عون أبلغ ميقاتي صراحةً رفضه توجيه أي دعوة لحاكم المصرف المركزي للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء باعتباره ملاحقاً أمام القضاء وصدرت بحقه مذكرة إحضار“.
وفي ضوء هذه المستجدات، نقلت أوساط مطلعة معلومات تفيد بأنّ “موضوع التوافق على تعيين بديل عن سلامة على رأس حاكمية المصرف المركزي عاد إلى الواجهة مجدداً”، متوقعةً أنّ يصار إلى تفعيل قنوات التواصل وتكثيف التشاور بعيداً عن الأضواء بهذا الخصوص بعد عودة ميقاتي من الزيارة التي يقوم بها اليوم إلى الدوحة.
وبالعودة إلى خطوة ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على رئيس “القوات” متهماً إياه بجرائم “قتل وتسبب بالقتل والتحريض على القتل في ملف مجزرة الطيونة” كما نقلت قناة “المنار”، تولى القاضي عقيقي نفسه التصريح لقناة “الجديد” بأنه سطّر الادعاء على جعجع بموجب “معطيات جديدة” توافرت لديه من دون أن يفصح عن ماهيتها، ثم أحال الادعاء إلى قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان تمهيداً لإجراء المقتضى بشأنه.
وعلى الأثر، لم يتأخر حزب “القوات اللبنانية” في وضع خطوة الادعاء على رئيس الحزب في خانة “الاقتصاص السياسي”، محذراً من هذه الممارسات التي تشكل “تدميراً ممنهجاً للقضاء والعدالة في لبنان، يقوم به بعض القضاة استجابةً لبعض الأطراف السياسية، وبالأخص “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، للاقتصاص من أخصامهم السياسيين“.
وكشف بيان “القوات” أنّ القاضي عقيقي “تهرّب” من تبليغه طلب رده المقدم من وكلاء الدفاع في ملف “غزوة عين الرمانة” أمام محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، وكذلك الأمر بالنسبة للشكوى المقدمة ضده أمام التفتيش القضائي، بحيث عمد إلى “صرف مرافقيه وكاتبته، وبقي قابعاً في منزله دون الحضور إلى المحكمة متهرباً من تبلغ طلب الرد عن نية مقصودة لعدم رفع يده عن الملف، حتى قام من منزله بشكل غير قانوني بالادعاء على جعجع بجرائم جنائية عدة“.
وإذ لفتت إلى أنّ عقيقي “لا يزال لتاريخه ممتنعاً عن الحضور إلى المحكمة”، توجهت “القوات” إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز داعية إياهما إلى تحمل مسؤولياتهما القضائية و”التدخل فوراً ووضع حدّ لهذه الممارسات الشاذة التي تهدد بتدمير ما تبقّى من القضاء ومن المؤسسات في لبنان“.