مع اقتراب “الاستحقاق الفصل”، وعشية إقفال باب تسجيل “اللوائح” الانتخابية، لا تزال أكثرية 8 آذار تتحيّن الفرص والأسباب لانتزاع “ورقة 15 أيار” من الروزنامة الوطنية، واجتراح الحجج والظروف الآيلة إلى ختم صناديق الاقتراع بالشمع الأحمر وكتم أصوات الناخبين الناقمين على السلطة المافيوية الحاكمة، منعاً لإحداث التغيير الديمقراطي المنشود في سدة الأكثرية والمسؤولية، وقطعاً للطريق أمام أي محاولة لتحرير اللبنانيين من قبضة محور القتل والدمار والإفقار الذي نهب مالهم العام والخاص وسلبهم كرامة العيش والحقّ بالحياة.
ولأنّ أركان الحكم باتوا يعانون “التخمة والإسراف في أكل المال الحرام” بعدما بددوا أموال الناس وأسرفوا في الفساد وسوء الإدارة “حتى عمت المجاعة بين اللبنانيين”، شكّلت رسالة شهر رمضان مناسبة لـ”يدكّ” من خلالها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان معاقل سلطة الحرامية المتحكمة بدفة الدولة، فأطلق بالأمس صرخة مدوية في وجه “أهل السلطة الفاسدة الذين دفعوا لبنان إلى الهاوية”، داعياً اللبنانيين إلى واجب “التخلص من هذه الزمرة الفاسدة” عبر المشاركة الكثيفة في الاستحقاق النيابي، إيماناً بأنّ “أي بديل مهما كان أفضل من هذه السلطة”… وعلى هذا الأساس توجه إلى اللبنانيين بالقول: “الانتخابات أولاً تضاهي في أهميتها شعار “لبنان أولاً” الذي نادينا به جميعاً يوماً ما ولا تزال له الأولوية، فلا وطن من دون مواطنين، ونتصوّر بلدنا وطناً عزيزاً من دون متسلطين أو متسلقين أو دعاة ميليشيات مسلحة”.
وإذ حثّ “كل اللبنانيين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع” في 15 أيار، حذر المفتي دريان في المقابل من المخطط الخبيث لأهل السلطة، منبهاً إلى أنهم “يريدوننا أن نسكت ونقعد في بيوتنا أو نهاجر ونحن لا نريد أن نقوم بهذا أو ذاك”، وأردف: “انتهى زمن التسليم وزمان الخوف وانطلق وعد الثورة على الظالمين والمستبدين والفاسدين… نذهب للانتخابات معاً ونبادر لإنتاج البدائل معاً، هم سلاحهم الفتنة والتخويف ونحن سلاحنا الاجتماع والثقة بقدرة اللبنانيين على الإصلاح والإبداع”.
أما في مستجدات قضية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، فقد استرعى الانتباه بعد أيّام من مصادرة خمس دول أوروبية أصولاً وعقارات تعود لمشتبه بهم في جرائم تبييض أموال واختلاس مال عام، من بينهم سلامة وشقيقه رجا، الإعلان أمس عن طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تجميد حسابات مصرفية أوروبية تخصّ حاكم المصرف المركزي. وبالتزامن استأنفت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون قرار قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، إخلاء سبيل شقيق سلامة لقاء كفالة مالية قيمتها 500 مليار ليرة، وأحالت الملف أمس إلى قلم الهيئة الاتهاميّة التي تحدد ما إذا كانت ستخلي سبيله أو تبقيه موقوفاً رهن التحقيق.
وبينما نقلت وكالة “رويترز” عمن وصفته مصدراً قضائياً رفيعاً تأكيده أنّ النائب العام الاستئنافي بعث أمس برسالة إلى وزارة العدل اللبنانية يبلغها من خلالها طلبه “تجميد أصول مملوكة لسلامة وشركائه في بنوك سويسرا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ”، أوضح المصدر أنّ هذه الرسالة جاءت على سبيل “مقاضاة حاكم المصرف المركزي بتهمة اختلاس أموال عامة والتهرّب الضريبي وغسل الأموال”.
غير أنّ مصدراً قضائياً مواكباً عن كثب لهذا الملف أبدى في المقابل استغرابه “كل هذه الضجة” التي رافقت خبر طلب النائب العام التمييزي تجميد حسابات مصرفية أوروبية تخصّ حاكم مصرف لبنان، كاشفاً لـ”نداء الوطن” أنّ “هذا الطلب ليس جديداً بل عمره أكثر من شهر”، وأشار المصدر في هذا السياق إلى أنّ “القاضي عويدات راسل حينها هيئة القضايا في وزارة العدل بشأن تجميد أموال سلامة في بعض الدول الأجنبية”.
ورداً على سؤال، آثر المصدر القضائي الرفيع عدم الخوض أكثر في تفاصيل القضية، مكتفياً بالتشديد على أنّ طلب عويدات يندرج تحت سقف “مواكبة القضاء اللبناني عملية الحجز الأوروبي على حسابات حاكم المصرف المركزي، بحيث دخل أيضاً على خط هذه العملية من باب التدخل القضائي في سبيل حماية أموال لبنان ليس إلا”.
وكانت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة اسكندر قد طالبت بالحجز على أموال سلامة “للحؤول دون مصادرتها” من الدول التي تحقق بمصدر ثروته، باعتبارها أموالاً “عائدة قانوناً للدولة اللبنانية”، كما طلبت من وزير المالية تكليف محام لمعاونتها أمام المحاكم الأجنبية بغية حجز أموال سلامة وشركائه لصالح الدولة.