على وقع إعلان اللوائح الانتخابية استعداداً للانتخابات النيابية وفي ظل تفاقم الازمة التي تعيشها البلاد على كل المستويات، برزت أمس في آخر النفق المظلم بقعة ضوء تمثلت بالاعلان عن زيارة سيقوم بها قداسة البابا فرنسيس للبنان في حزيران المقبل، ويعوّل عليها أن تحمل تباشير خير وانفراج خصوصاً اذا سبقها انفراج في الازمات الاقليمية والدولية، وكذلك انتهاء الاستحقاق النيابي الى نتائج تؤسّس لقيام سلطة جديدة تدفع البلاد الى آفاق الانفراج على كل المستويات.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد التقى ظهر أمس السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري الذي سلّمه رسالة خطية فيها ان «قداسة البابا قرر زيارة لبنان في شهر حزيران المقبل، على ان يصار الى تحديد تاريخ الزيارة وبرنامجها وموعد الإعلان عنها رسمياً، بالتنسيق بين لبنان والكرسي الرسولي». واعرب عون عن سعادته «لتلبية قداسة البابا الدعوة التي كان قد جددها له لزيارة لبنان خلال لقائهما الأخير في الفاتيكان يوم الاثنين 21 آذار الماضي»، مشيرا الى ان «اللبنانيين ينتظرون هذه الزيارة منذ مدة، للتعبير عن امتنانهم لمواقف قداسته تجاه لبنان وشعبه، وللمبادرات التي قام بها، والصلوات التي رفعها من اجل إحلال السلام والاستقرار فيه، والتضامن مع شعبه في الظروف الصعبة التي يمر بها».
التوقيت والمضمون
وفي معلومات «الجمهورية» ان الزيارة ستكون في الثلث الأول من شهر حزيران حسب التوزيع المتوقع لنشاطات البابا خلال هذا الشهر، على ان يصار لاحقا الى إنجاز الترتيبات الخاصة بالزيارة بالتنسيق بين القصر الجمهوري والسفارة البابوية وسفارة لبنان في الفاتيكان والدوائر الخاصة بنشاطات البابا الخارجية.
وفي قراءتها للزيارة سجلت مراجع معنية عبر «الجمهورية» مجموعة من الملاحظات أبرزها:
– سرعة تحديد الموعد تلبية لأكثر من دعوة سبق لعون ان وجّهها الى البابا لزيارة لبنان وكان آخرها خلال لقائهما الاخير في 21 آذار الماضي في الفاتيكان.
– ان تحديد موعد الزيارة بعد استحقاق الانتخابات النيابية يعني ان البابا يرغب بتجديد الرعاية البابوية للبنان على أبواب المرحلة الجديدة التي ستطلقها الانتخابات لإبقاء المظلة البابوية الحامية للبنان قائمة على اكثر من مستوى.
– كل الزيارات البابوية للبنان تأتي في المراحل التي تهتز خلالها الاوضاع فيه بدليل التوقيت الذي رافقَ زيارة البابا القديس بولس السادس في أيار 1997 لرعاية الإعلان عن السينودس الخاص بلبنان. كما ان زيارة البابا بنديكتوس في أيلول عام 2012 كانت لمواكبة مبادرات الحوار الوطني برعاية رئاسة الجمهورية يومذاك.
ميقاتي
في غضون ذلك وبعد ساعات على اعلان وزارة الداخلية اللوائح الانتخابية في كل الدوائر، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ»الجمهورية»: «اننا سنزيل اي شيء يمكن ان يهدد بتعطيل الانتخابات. وفي الموازاة فإن الحكومة ماضية في تنفيذ برنامجها بمثابرة وثبات مدركة حجم الازمات التي تعيشها البلاد وعاملة بكل ما أوتيت من امكانات لمعالجتها».
ورداً على ردود الفعل على ما نُسب الى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي من ان الدولة مفلسة، قالت مصادر حكومية لـ»الجمهورية» ان الرجل أكد ان هناك ملاءة لدى الدولة وليست هناك سيولة وهذا الكلام لا يعني بالعلم المالي والاقتصادي ان الدولة مفلسة ابداً.
واضافت المصادر «ان مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي تسير في طريقها الصحيح متوقعة ان تحقق نتائج قريبة».
إتفاق إطار
وفي هذا السياق كشفت اوساط اقتصادية لـ»الجمهورية» ان هناك احتمالا بأن يتم قريبا جدا توقيع اتفاق إطار بالاحرف الأولى بين لبنان وصندوق النقد الدولي اذا تم انجاز التفاهم على الخطوط العريضة والمفصلية، على أن يصبح الاتفاق نهائيا بعد أن تستكمل الدولة الإيفاء بما يتوجب عليها.
هل يوقع لبنان مع صندوق النقد الاتفاق بحروفه الاولى غداً؟
وعلمت «الجمهورية» انّ تقدما كبيرا حصل على مستوى المفاوضات بين وفد الصندوق والوفد المفاوض حيث تم الاتفاق على الاطر الاساسية لبرنامج الصندوق لكن النقاش لم يُحسم بالنسبة الى ما يتعلّق بالشروط المسبّقة التي يضعها الصندوق.
وعلمت «الجمهورية» ايضا ان الوفد سيجتمع برئيس الحكومة غدا في السرايا قبل سفره بعد غد الجمعة الى الولايات المتحدة، على ان الساعات المقبلة ستشهد زخماً كبيراً في محاولة لتوقيع اتفاق مبدئي وإلا فإنّ الامور ستذهب الى ما بعد سفر وفد الصندوق الى واشنطن واجتماعه مع مديرة الصندوق قبل اعطاء الجواب النهائي للحكومة اللبنانية والمرجّح ان يتم هذا في الاجتماعات التي ستستأنف الاثنين المقبل عن بعد.
وبحسب مصادر الوفد اللبناني فإن الصندوق شدّد اكثر من مرة على وجوب اصدار التشريعات للقوانين الاصلاحية التي يعتبرها ملحة واساسية في تنفيذ البرنامج الذي سيجزُّأ الى مراحل. وتسأل الحكومة اللبنانية عن اعطاء التزامات بما خص هذه القوانين مع تلمّس منحها وقتاً اضافياً للتشريع كون المجلس النيابي لم يعد لديه متسع من الوقت للعمل وهو اصبح على تماس مع موعد الانتخابات النيابية.
مجلس الوزراء
ومن المرجّح ان يضع رئيس الحكومة مجلس الوزراء الذي ينعقد ظهر اليوم في السرايا الحكومية في أجواء الاجتماعات مع صندوق النقد، علما ان الجلسة ستناقش جدول اعمال من ٢١ بنداً ابرزها عرض وزير المهجرين لرؤيته الانقاذية المتعلقة بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وهو البند المؤجل من جلسة بعبدا السابقة وهذا الملف يعد من الشروط الاساسية لصندوق النقد. كذلك يبحث مجلس الوزراء عرض وزارة الطاقة لتطور واقع الاعمال في الخطة الوطنية للنهوض المستدام في قطاع الكهرباء بما يخص انشاء معامل انتاج كهرباء جديدة، بالاضافة الى ١١ بنداً لنقل اعتمادات من احتياطي الموازنة بملايين الليرات معظمها احكام قضائية ومصالحات.
اعلان اللوائح
على صعيد الانتخابات أصدرت وزارة الداخلية والبلديات أمس اللوائح الانتخابية الـ 103، والتي ضمّت 718 مرشحا بعد انسحاب 42 مرشحا وسقوط ترشيح 284 آخرين، لعدم انضوائهم تحت أي لائحة، وتوزّعت اللوائح بحسب الدوائر كالآتي:
6 لوائح في بيروت الأولى، و10 في بيروت الثانية.
وفي جبل لبنان، تخوض 7 لوائح غمار الإنتخابات النيابية في دائرة جبل لبنان الأولى (كسروان – جبيل)، و6 في جبل لبنان الثانية (المتن)، و7 في جبل لبنان الثالثة (بعبدا)، و7 في جبل لبنان الرابعة (الشوف – عاليه).
أمّا في الجنوب الأولى (صيدا – جزين) فالمنافسة ستكون بين 7 لوائح، وبين 4 لوائح في الجنوب الثانية (صور – قرى صيدا)، وبين 3 في الجنوب الثالثة (بنت جبيل، النبطية، مرجعيون وحاصبيا)، أمّا في البقاع الأولى (زحلة) فتخوض السباق الإنتخابي 8 لوائح، و6 في البقاع الثانية (البقاع الغربي – راشيا)، و6 لوائح في البقاع الثالثة (بعلبك الهرمل).
أمّا شمالا، فتخوض 8 لوائح المنافسة في الشمال الأولى (عكار)، وتتنافس 11 لائحة في الشمال الثانية (طاربلس – المنية الضنيّة)، و7 لوائح في الشمال الثالثة (زغرتا – بشري – الكورة – البترون).
أزمة طحين
من جهة ثانية، يبدو أن أزمة طحين بدأت تطرق الأبواب نتيجة تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات اللازمة لتفريغ بواخر القمح التي تنتظر في البحر.
وأبلغت مصادر مطلعة الى «الجمهورية» ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يرفض الدفع خارج إطار «عقد الاستقراض» الذي يصرّ عليه كإطار قانوني تقترض الدولة بموجبه من مصرف لبنان لدعم القمح المستورد، في حين ان مجلس الشورى لا يزال يدرس هذا العقد.
ولكن المصادر رجّحت وجود سبب آخر وراء موقف سلامة وهو انه ينتظر من رئيس الحكومة ان يفعل شيئا لوقف الحملة القضائية عليه.
ونبّهت المصادر إلى أنه اذا توقف دعم الطحين فإن سعر ربطة الخبز سيقارب الأربعين الف ليرة، مع ما يرتبه ذلك من تداعيات اجتماعية وخيمة.
أخر قطرة وقود
على صعيد آخر سلّم برنامج الأغذية العالمي، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وشركاء القطاعات ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، «آخر قطرة وقود كجزء من مشروع عمليات الوقود الطارئة للبنان في إطار خطة الاستجابة للطوارىء (ERP) التي يتم تنسيقها من قبل الأمم المتحدة»، بحسب بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في لبنان.
وأعربت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية السيدة نجاة رشدي عن مخاوفها بشأن «استمرار تأثير أزمة الطاقة على الخدمات الأساسية ورفاهية الناس»، وقالت: «أناشد الحكومة اللبنانية أن تجد حلا مستداما لهذه القضية، لأن الأشخاص الأكثر ضعفا يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية».
وقدم برنامج الأغذية العالمي أكثر من 10,4 ملايين لتر من الوقود إلى 350 مرفقا للمياه و272 مرفقا صحيا في جميع أنحاء البلاد لسد النقص الحاد في الوقود وتجنب انهيار الخدمات الضرورية المنقذة للحياة.
تنحّي فرنسيس
قضائيا، تنحّى رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي بيار فرنسيس عن النظر في الاستئناف المقدم من النيابة العامة و»رواد العدالة» ورجا سلامة لقرار تخلية سبيل الأخير. وقد احيل الملف الى الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في جبل لبنان ايلي الحلو لتعيين قاض بديل.
كورونا
صحياً، سجل التقرير اليومي لوزارة الصحة العامّة حول مستجدات فيروس كورونا أمس 284 إصابة جديدة (284 محلية وصفر وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 1093551. كذلك سجل التقرير 5 حالات وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي لحالات الوفاة 10323.