كتبت صحيفة “الديار” تقول: الدولة في خطر، وعلى حافة الافلاس، هذا الواقع لا يحتاج الى اثباتات او براهين، بل تكشفه الوقائع الملموسة من خلال تراجع الحكومة عن كل التزاماتها الى موظفي القطاع العام في كل مندرجاتهم الذين لم يقبضوا حتى الان منذ كانون الثاني ما وعدوا به من مساعدات اجتماعية بزيادة نصف راتب، و٦٤ الفا كبدل نقل يومي، و٩٠ دولارا للمعلمين، بحجة عدم توافر الاعتمادات المالية ويتحضرون للعودة مجددا الى الاضراب مع موظفي القطاع العام، وهذا ما سيؤدي الى عودة الشلل الى كل مؤسسات الدولة، وصولا الى تهديد الموظفين بمقاطعة الانتخابات النيابية. وفي معلومات مؤكدة، ان الرئيس نجيب ميقاتي وصف الوضع المالي للدولة بأنه الاسوأ منذ استقلال لبنان ومفتوح على كل الاحتمالات، ويقول في مجالسه كلاما يوازي في خطورته ما أعلنه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، حتى أن ممثلي صندوق النقد الدولي وصفوا الازمة اللبنانية بأنها من اخطر ٣ أزمات يواجهها العالم مطالبين بضمانات ممهورة بتواقيع الرؤساء الثلاثة على كل ما سيتم الاتفاق عليه، ويتريثون في التوقيع الى ما بعد الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس للمجلس النيابي ورئيس الحكومة.
ماذا دار في جلسة مجلس الوزراء ؟
شهدت جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية سجالات لم تخل من الحدة، وحذر وزير الصحة من فقدان الادوية المتعلقة بمرضى الامراض المزمنة وتحديدا السرطانية بسبب عدم فتح الاعتمادات، كما حذر وزير الاقتصاد من ازمة خبز بسبب فقدان الطحين وعدم فتح الاعتمادات ايضا، وأثار العديد من الوزراء موضوع الغلاء وتحديدا في الخضر، ورد وزير الاقتصاد بشرح الاسباب وما يقوم به في هذا الاطار طالبا «الصبر»، كما شرح وزير البيئة استحالة حل ازمة النفايات اذا لم تتوافر الاموال للشركة المتعهدة، وهنا سأل وزراء الثنائي الشيعي الرئيس ميقاتي عن الدعوة الموجهة من قبله لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لحضور جلسة الحكومة، ولماذا لم يحضر حتى الان وأين اصبحت الدعوة لنعرف «ما لنا وما علينا» ولنسمع من الحاكم شخصيا حقيقة الاوضاع المالية، وهنا قال الوزير المرتضى «كل من يساهم في عدم دفع المستحقات المالية للملفات الاجتماعية والغذائية يساهم في عدم الاستقرار والانفجار الشعبي وبالتالي تطيير الانتخابات»، هنا تدخل ميقاتي واعدا بالحديث مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة دون اعطاء وعود قاطعة بفتح الاعتمادات. أما وزير المالية فأيد كلام ميقاتي بالحديث مع سلامة، فيما جدد ميقاتي التأكيد على اجراء الانتخابات وفتح الاعتمادات حتى لو تأخر توقيع العقود مع صندوق النقد الدولي، كما طرح وزير الطاقة انشاء معامل للكهرباء في العديد من المناطق وبينها سلعاتا، وتجدد السجال، فأكد وزراء الثنائي الحاجة السريعة لمعملين في الزهراني ودير عمار، فوافق رئيس الحكومة وأقر الموضوع. كما طرح ملف هيكلة المصارف، ويقوم وزير المهجرين عصام شرف الدين باعداد خطة في هذا المجال، وعلم ان وفد صندوق النقد الدولي سيعقد اجتماعا اليوم في السراي لمناقشة العقد الباقية من خطة التعافي، واذا تعذرت الحلول اليوم تستأنف الاجتماعات الاسبوع القادم وتتم عملية التوقيع ولا مشكلة في هذا الاطار كما يعمم البعض.
وتؤكد مصادر مطلعة على الاوضاع الاقتصادية، ان من يمنع الانهيار، أموال المغتربين وجمعيات الامم المتحدة التي تؤمن الاف الوظائف للشباب اللبناني بالدولار، بالاضافة الى المساعدات الدولية للنازحين السوريين، والاموال غير المنظورة، وليس اجراءات الدولة التي أفلست كل القطاعات نتيجة ممارسات سياسية لا تعرف الا النهب والسمسرات والفساد، وبات أصغر سياسي في منظومة الدولة الفاسدة يملك ملايين الدولارات والقصور ويتمتع في كل ملذات الحياة، والسؤال، من أين له هذا؟ والأنكى ان من كانوا السبب في دمار البلد وتجويعه يقدمون أنفسهم انهم الحل مع حاشيتهم، مستفيدين من أخطاء قوى تدعي التغيير، الذين قدموا من خلال ممارساتهم النموذج الاسوأ للعمل السياسي، وساهموا في احباط الناس وتقديم الهدايا المجانية للطبقة السياسية لاعادة ألتحكم بالبلد ودفن كل أمل بالتغيير، وهل يعقل ان يكون لدعاة التغيير عدة لوائح في كل دائرة؟ وكيف باستطاعتهم مواجهة لوائح السلطة؟ وتجمع احصاءات مراكز الدراسات كلها على ان خلافات ما يسمى بالمجتمع المدني ستقفدهم الحصول على كتلة وازنة في المجلس الجديد، وان الاكثرية النياببة الحالية لن تتغير نتيجة مقاطعة سعد الحريري للانتخابات وعدم قدرة القيادات السنية البديلة على تعبئة الفراغ التي خلفه، مع ترجيحات بأن تتجاوز نسبة المقاطعة السنية الـ ٧٥ ٪. وهذا ما سيؤدي حكما الى تدني نسبة االاقتراع في كل الدوائر وربما تصل ألامور الى التشكيك بميثاقية الانتخابات .
الحملات السعودية على الحريري متواصلة
وفي معلومات مؤكدة، ان عودة التدخل السعودي الخجول في الازمة اللبنانية مرتبطة بشكل مباشر بالحرب المستمرة من قبل الرياض على سعد الحريري، ومحاولة ترتيب اللوائح السنية في بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا، بعد ان ظهرت «بصمات» الحريري القوية في «فكفكة « هذه اللوائح من خلال دفع الكثيرين من الفاعليات السنية الى الاعتكاف وعدم الترشح، وهذا ما أربك «الفؤادين» في بيروت وأشرف ريفي في طرابلس، وجاء التدخل السعودي» في اللحظة الاخيرة ليرمم هذه « الفجوات». وفي المعلومات، ان الافطارات الرمضانية للسفير السعودي وليد البخاري فور عودته الى بيروت خلال الايام القادمة ستشمل كل الاطراف بما فيهم سنة ٨ اذار، لكن الدعوات لن تشمل اي مرجعية أو فاعلية سنية التزمت بتوجهات سعد الحريري، كما ستشمل لوائح المدعوين مرشحي المجتمع المدني وكل من يقف في صف المعارضة لحزب الله .
وفي المعلومات، ان كل الضغوطات التي مورست على الحريري خلال الايام الماضية لتليين موقفه من المقاطعة وترك الحرية لناخبيه لم تثمر مطلقا، واقفل هاتفه، وتواصله محصور مع مسؤولي المستقبل فقط والتأكيد على مواقفه السابقة .
الاتصالات الفرنسية
وفي المعلومات أيضا، ان تمسك الحريري بمواقفه يعود الى المعلومات التي توافرت له عن تراجع ألاهتمام الدولي في الانتخابات النيابية وتحديدا من قبل الاميركيين والفرنسيين، وهذا التراجع يتزامن مع طرح فرنسي بدعوة الاقطاب اللبنانيين الى «سان كلو» للتفاوض والوصول الى تصور جامع للحل يأخذ طريقه الى التنفيذ بالتزامن مع تكوين السلطة الجديدة بعد الانتخابات النيابية والرئاسية، مع تفهم فرنسي واضح للهواجس الشيعية، ومنحهم ما يرضيهم في صيغة النظام، بغض النظر عن التسميات «المثالثة «، كما ان الاميركيين غير بعيدين عن الطرح الفرنسي لجهة التواصل مع الحزب الذي صد كل الابواب في وجههم، علما ان الطرح الفرنسي ليس جديدا، وبدأ في عهد جاك شيراك الذي دعا حزب الله الى حكم البلد. وفي المعلومات، ان الفرنسيين ناقشوا مع العديد من القيادات اللبنانية تصوراتهم، واجتماعاتهم مع حزب الله لم تنقطع، والنتائج حجبتها الحرب الروسية الاوكرانية والانشغالات بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، وسيحظى الملف اللبناني بزخم أكبر اذا أعيد انتخاب ماكرون لرئاسة للجمهورية، ولذلك فان لبنان يعيش حاليا مرحلة انتقالية لن «تنقشع» الا بعد وضوح المسارات الكبرى، وهذا يفرض تمرير المرحلة بأقل الخسائر لتجنب الانهيار الشامل جراء الضائقة الاقتصادية والمالية وسلسلة الازمات المفتوحة المتعلقة بمعيشة المواطن الخانقة، الذي يريد أجوبة على كيفية حل مسألة الرغيف والغلاء اليومي ومن المسؤول عن فساد الطحين المستورد بسبب الرطوبة؟ ومن المسؤول عن مشكلة النفايات وغلاء الادوية والخضر والمحروقات والاحتكار وعدم قدرة المواطن على سحب كامل راتبه من المصرف، كلها ملفات عالقة «فالج لا تعالج». وتعزو الحكومة الاسباب الى عدم توافر السيولة وعدم القدرة على فتح الاعتمادات المالية من قبل مصرف لبنان الذي يحاول المعالجة حسب الأولويات والامكانات. فالازمة عميقة والخيارات محدودة والرؤى غير موحدة، فكيف سيصمد البلد؟ وكيف ستجري الاستحقاقات بغض النظر عن النيات وتأكيدات نجيب ميقاتي ؟