المناخات الدولية والعربية الايجابية التي تخيم على ملفات المنطقة بدأت تنعكس ايجابا على لبنان، ولن يكون خارج المسارات التفاوضية الايجابية التي دشنت بعودة السفراء الخليجيين والاعلان عن اتفاق بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية، ينص على تقديم قروض بقيمة ٣ مليارات دولار على مدى ٤ سنوات، وجاء الاعلان سريعا ومفاجئا، وقبل انتهاء المفاوضات الصعبة بين الطرفين بسبب التباينات في الرؤى وما سبقها من تشكيك من ممثلي صندوق النقد في ورقة الاصلاحات الحكومية، لكن هذه الاجواء السلبية حسب مصادر متابعة، انقلبت فجأة «و بقدرة قادر» عبر الاعلان عن توقيع الاتفاق مع صندوق النقد بالتزامن مع عودة السفراء الخليجيين وتحويل الحكومة خطة التعافي الى مجلس النواب الذي بدأ أمس مناقشة قانون «الكابيتال كونترول» بتوافق وغطاء من الرؤساء الثلاثة وقد يقر الثلاثاء، دون تحديد المسؤوليات عن السياسات الاقتصادية والمالية التي دمرت البلد.
كل هذا يؤشر، حسب المصادر المتابعة، الى بدايات سياسات خارجية مختلفة مع لبنان من واشنطن الى باريس والرياض، قائمة على سياسة «الجزرة» قبل الانتخابات النيابية لتفادي الانهيار وانفجار الاوضاع الامنية، وما تخلفه من تداعيات داخلية و تأثيرات في ملف النازحين السوريين والخشية من هجرة معاكسة باتجاه العواصم الاوروبية التي تعاني من الاثار المدمرة للازمة الاوكرانية واستقبال ٤ ملايين لاجئ اوكراني. وحسب المصادر، فان المساعدات قد ترتفع وتيرتها بعد الانتخابات وتكوين السلطة الجديدة في حال فوز ماكرون بالانتخابات الرئاسية الفرنسية كما هو متوقع.
وتضيف المصادر، ان المناخات الجديدة على الصعيد الداخلي تتلاقى مع التطورات الايجابية على مسار الملفات الساخنة في المنطقة بدءا من اليمن الى التقدم في مفاوضات الملف النووي وما كشف عن اتفاق اميركي ايراني لاطلاق دفعة من المحتجزين والافراج عن كمية من الاموال الايرانية المجمدة في واشنطن قبل توقيع الاتفاق، الى الانفتاح العربي على سوريا الى المباحثات السورية التركية خلال الاسابيع الماضية بجهود روسية، والتي ترجمت بسلسلة اجتماعات بين ضباط كبار من البلدين، ناقشت بشكل جدي الملفات الخلافية ووجود الجيش التركي في مناطق شرق الفرات والعودة الى اتفاق اضنة الذي يسمح للقوات التركية بتنفيذ عمليات داخل الاراضي السورية بعمق ٣٥ كيلومترا اذا حصلت تطورات تهدد الامن القومي التركي، كما تم النقاش بعمق في الموضوع الكردي وما يشكله من قلق لأنقرة، وسربت مصادر المجتمعين من الطرفين اجواء ايجابية عن اللقاءات الاخيرة للمرة الاولى، علما ان الصحف التركية اعلنت منذ اسابيع عن توجه تركي لتحسين العلاقات مع دمشق واعادة تقييم كل السياسات منذ ٢٠١١.
تقرير اميركي عن التدخلات في القضاء
وفي ظل هذه الاجواء الايجابية، صدر تقرير عن وزارة الخارجية الاميركية يتعلق بحقوق الانسان، اشارت فيه الى وجود تقارير عن تدخلات سياسية خطرة في عمل القضاء اللبناني وفرض قيود على حرية التعبير والتهديد بالعنف والرقابة، والاعتقالات والملاحقات القضائية ضد الصحافيين، وقيود على حرية الانترنت ووجود فساد رسمي خطر ورفيع المستوى مع قدرة المسؤولين على التفلت من العقاب، واتهم التقرير حزب الله بامتلاك وادارة معتقلات غير رسمية. كما وجه التقرير اتهاما باعادة بعض النازحين بشكل تعسفي الى بلادهم مما يهدد حياتهم بالخطر.
لقاءات حزب الله مع السفيرة الفرنسية
وفي المعلومات أيضا، ان السفيرة الفرنسية في بيروت التقت مؤخرا مسؤولين في حزب الله ووضعتهم في اجواء قرار عودة السفيرين السعودي والكويتي قبل وصولهما، وان هذه الخطوة ليست متعلقة بالانتخابات النيابية ولا تهدف الى زيادة التوترات في البلد وتحديدا مع حزب الله، وكشفت لهم، ان العودة تمت بالتنسيق مع فرنسا، والسفير السعودي سيزور كل القيادات اللبنانية الرسمية وسيلتقي القوى السنية في ٨ اذار. كما طمأنتهم ان الصندوق السعودي الفرنسي لمساعدة لبنان اجتماعيا سيبدأ عمله بعد الانتخابات، وفرنسا لن تستثني اي لبناني من المساعدات، ومن هنا تترقب المصادر طريقة عمل السفير السعودي وما اذا كانت مرتبطة بالانتخابات وتوزيع الاموال وشد عصب قوى ١٤ اذار، عندئذ سيكون المسار الانتخابي تصاعديا ومتوترا وساخنا في كل الدوائر.
والمعطيات الاولية حسب المصادر، تكشف عن اجتماعات عقدها السفير السعودي البخاري مع فؤاد السنيورة وجرى عرض شامل للملف الانتخابي واوضاع الساحة السنية، وفي المعلومات ان الكوادر الوسطية في تيار المستقبل وجمهوره ردوا على حملات السنيورة ضد الحريري بسلسلة خطوات على الارض تمثلت بمنع مرشحين سنة من القيام بجولات انتخابية في طريق الجديدة ومعظم الداوئر ذات الاغلبية السنية، هذه المعلومات يعممها مسؤولو المستقبل المنزعجون من « قلة الوفاء «عند البعض لسعد الحريري، وفي المعلومات ايضا، ان اتصالات اجريت مؤخرا مع الحريري لاعطاء ٤ الاف صوت سني تفضيلي من انصار المستقبل في اقليم الخروب في الشوف لمروان حمادة، والمفاوضات ما زالت مستمرة مع تأكيد الحريري على التزام المقاطعة.
مجلس الوزراء
اما على الصعيد المعيشي، فان الازمات تتجاوز قدرات الدولة على الحل، في ظل أزمة مالية عاصفة وحاجة كل القطاعات المتعلقة بحياة الناس الى الدعم المالي من مصرف لبنان بدءا من القمح الى المحروقات والادوية المزمنة، والحل العملي ينتظر الدعم الدولي والعربي، وحتى تلك اللحظة فان الازمة الاقتصادية ستتفاقم مهما بلغت تعاميم الدولة التي دخلت «الكوما الانتخابية»، مع اهتمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا الاستحقاق لدعم التيار الوطني، وانتقال الرئيس بري الى المصيلح والرئيس ميقاتي الى طرابلس قريبا، وهذا ما سيؤدي الى شلل الدولة على مختلف الصعد، ورغم هذه الانشغالات فان الرئيس ميشال عون بقي مصرا على تمرير التشكيلات الدبلوماسية وطرحها من خارج جدول الاعمال في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا اليوم بالاضافة الى سلة من التعينات الادارية، مقابل رفض ميقاتي مدعوما من بري لهذا البند، وهناك استحالة في التوافق على توزيع الحصص والاسماء قبل ١٥ ايار، فكيف ستتصرف الحكومة ؟ كما ستناقش الحكومة الوضع المالي وكيفية التغطية المالية لتامين الدعم لاستيراد القمح واعطاء سلفة مالية للكهرباء تقدر بـ ٧٨ مليون دولار.
الانتخابات النيابية
الحماوة الانتخابية بلغت ذروتها في كل الدوائر، ويرسم سياسي بارز عناوين المرحلة الانتخابية التي لن تتغير، ويؤكد ان الاكثرية ستكون لهذا الطرف او ذاك بمعدل ٧٠ نائبا، لكن الاهتمامات المحلية والعربية والدولية تراجعت بعد ان فقدت هذه الدول كل الامال التي وضعتها في المجتمع المدني لاحداث التغيير، وحسب مراكز الاحصاءات فان لوائح المجتمع المدني وصلت الى اكثر من 50 لائحة في كل لبنان، وهذا ما سيحرمهم الفوز بكتلة وازنة، فيما لوائح ٨ و١٤ اذار موحدة المرجعية ومتماسكة، اما العناوين الاخرى فتبقى كالاتي:
١- تكونت قناعة مطلقة لدى الاميركيين والسعوديين باستحالة تراجع قوة حزب الله، وعلى العكس وحسب المصادر والتقارير التي تجمعت لديهم من مختلف الافرقاء وتقاطعت على ان حزب الله قادر على توجيه صفعة للاميركيين والسعوديين عبر رفع نسبة الاقتراع للمقاومة وخياراتها الى حدود الـ ٥٠٠ الف صوت تفضيلي، وبفروقات كبيرة عن كل الاحزاب وتحديدا المصنفين في خانة الاخصام السياسيين للمقاومة، وهذا ما يجعل الخرق شيعيا من رابع المستحيلات وسيؤدي الى عودة الرئيس نبيه بري الى رئاسة المجلس النيابي مهما كان شكل السلطة.
٢- التطور الابرز في هذه الانتخابات محصور بمقاطعة تيار المستقبل وخروج سعد الحريري من اللعبة السياسية وفشل كل المحاولات السعودية والقوى الداخلية في تعبئة الفراغ الذي تركه سنيا ووطنيا، و تداعيات ذلك ستكون كبيرة على الحضور السياسي السني في البلد مع احتدام «التناتش» على الزعامة السنية وموقع رئاسة الحكومة.
٣- المعارك المسيحية ستكون «كسر عضم» في كل الداوئر بين القوات والتيار ومن يتحكم بالساحة المسيحية وطريق بعبدا.
٤- معركة المقعد الدرزي الثاني في الشوف بين مروان حمادة ووئام وهاب.