عادت «المنازلات» الانتخابية الى صخبها بعد هدنة ساعات «الصمت»، استؤنف «التراشق» بين «التيار» «والقوات»، واحتل المرشحون الشاشات والساحات وكرروا برامجهم الانتخابية غير الواقعية بمعظمها، وفيما يواصل الحزب التقدمي الاشتراكي حديثه عن «وهم» «عزل» المختارة، دخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «بثقله» في الاستحقاق متحدثا عن «حرب تموز سياسية» يخوضها البعض ضد المقاومة، معلنا الاستنفار لمواجهة اي خطا يمكن ان يرتكبه العدو خلال مناوراته على الحدود الجنوبية. في هذا الوقت، اقفل «الباب» على عملية اقتراع المغتربين «المخيبة» بارقامها للكثير من القوى التي لم تجد اجوبة على اسباب امتناع نحو 40 بالمئة من المسجلين عن الاقتراع، واذا كان الناخب السني المغترب قد وجه «رسالة» واضحة بالتضامن مع «اعتكاف» الرئيس سعد الحريري، حسم تيار المستقبل مقاطعة انصاره العملية الانتخابية في 15 ايار، فيما الرهان لدى البعض يبقى منصبا على تاثيرات مرتقبة لاصوات المغتربين في دائرة بيروت الاولى، والثانية والشمال الثالثة، وذلك على الرغم من ان التقديرات الاولية للاحصاءات الجادة تشير الى ان التنافس سيكون في هذه الانتخابات على 7 مقاعد فقط فيما المتفائلون ياملون بان ترتفع المنافسة على عشرة. اما التقارير الغربية من بيروت فتميل الى حسم نجاح حزب الله وحلفائه بالحفاظ على الاكثرية النيابية مع اقرار بعدم امكانية التشكيك بالنتائج وشرعيتها.
اقرار غربي «بالفشل»
وفي هذا السياق، اكدت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان التقارير الميدانية الغربية وفي طليعتها الفرنسية والاميركية والتي يجري تحديثها على نحو شبه يومي من خلال مجموعات عمل تواكب التحضيرات الانتخابية، لم تحمل اي اشارات سلبية تهدد شرعية هذا الاستحقاق، فكل ما يحكى عن مخالفات لم تصل الى حد وجود موانع حقيقية من قيام الناخب اللبناني من الاقتراع بحرية يوم الاحد المقبل، خصوصا في المناطق الشيعية حيث لا يزال «الثنائي» متقدما على غيره من المنافسين باشواط كبيرة. كما بات واضحا في الخلاصات الاولية ان المشهد السياسي بعد الخامس عشر من ايار لن يتبدل كثيرا وستبقى الغالبية النيابية مع حزب الله وحلفائه، وبات من الصعب الرهان على تغيير النتائج في «الامتار» الاخيرة من السباق الانتخابي…
لا تشكيك بالنتائج
ووفقا للمعلومات، ابلغت السفارة الاميركية في بيروت كل من راجعها في الساعات القليلة الماضية انها لن تتردد بالاعتراف بالنتائج، اذا ما استمرت المناخات السياسية والميدانية على حالها. وستكون واشنطن مضطرة للتعامل مع الشرعية الجديدة المنبثقة عن انتخابات لا يمكن التشكيك بمصداقيتها.
احباط من المعارضة «والتغييريين»!
ووفقا لتلك المصادر، ثمة شعورغربي «بالاحباط» نتيجة فشل المعارضة التقليدية في التوحد ضد لوائح حزب الله وحلفائه، القوات اللبنانية، الكتائب، الناقمون على التيار الوطني الحر، ومن تبقى من قوى 14 آذار، كل هؤلاء يخوضون معاركهم وفق حسابات ضيقة، وسيساهم تشتتهم بجعل معركة خصومهم سهلة، حيث لا امل بتعديلات كبيرة في المجلس المقبل حيث تشير الارقام الى ان التنافس لا يتعدى العشرة مقاعد فقط؟! اما قوى التغيير المنضوية تحت عناوين المجتمع المدني، فاظهرت ايضا ضعفا تنظيميا هائلا ادى الى انقسامات عميقة على الرغم الجهود التي بذلت لتوحيدها، وستكون خسائرها في الانتخابات كبيرة، وهذا سيؤدي الى تعميم حالة من الإحباط الشديد في اليوم التالي من الاستحقاق الانتخابي.
«عوكر» تلوم الرياض!
ووفقا للمعلومات، ثمة تحميل في التقارير الصادرة من «عوكر» للمملكة العربية السعودية مسؤولية خروج الناخبين السنة من معادلة التاثير في الانتخابات المقبلة عبر الادارة «غير الحكيمة» في التعامل مع تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري الذي دفع الى «الاعتكاف» السياسي قسرا دون ان يتم تامين البدائل المناسبة لملء الفراغ، وهو ما سيكون له تاثيرات عميقة في التمثيل السني داخل البرلمان، وفي الحياة السياسية اللبنانية…
لا مخاطر امنية
في غضون ذلك، اكدت مصادر امنية ان طلب السفارة الأميركية في بيروت من رعاياها ضرورة تجنّب التواجد في مناطق التجمّعات والاحتشاد، لا يرتبط بوجود تهديدات امنية داهمة او معلومات بشان عملية تستهدف الرعايا الاميركيين في لبنان، وانما تدبير روتيني احترازي قبل اسبوع من الانتخابات النيابية حيث ترتفع فيه حدة التنافس بين القوى السياسية التي قد تتحول الى توترات على الارض. ولهذا ومع انتهاء مرحلة الصمت الانتخابي تم اصدار هذا التعميم الذي يشمل كافة المناطق اللبنانية، وليس مناطق محددة بذاتها. وهو امر اتخذته ايضا كل من السفارة البريطانية والسفارة الاسترالية في بيروت.
«حرب تموز سياسية»
في هذا الوقت، وصف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الانتخابات الحالية بـ «حرب تموز سياسية»، لافتاً إلى أن «الهدف في حرب تموز العسكرية كان إلغاء المقاومة وهذه المطالب هي نفسها اليوم تُطرح في الحملات الانتخابية، وتوجه الى من يرد نزع سلاح المقاومة بالقول «فشروا»… وبالموازاة اعلن السيد نصرالله أن المقاومة استنفرت تشكيلاتها ابتداءً من الساعة السابعة مساء امس، بالتزامن مع المناورات العسكرية التي بدأها العدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة… وقال انه في الساعة السابعة الآن، طلبنا من تشكيلات المقاومة في لبنان أن تستنفر سلاحها وكوادرها وقادتها ضمن نسب مُعيّنة وترتفع مع الوقت لتكون على أتمّ جاهزية، مؤكداً أن المقاومة لن تتردّد بالرّد على «أي خطأ باتجاه لبنان» قد يقوم به العدو الإسرائيلي خلال مناوراته العسكرية…
الدعوة لمقاومة سياسية
ودعا نصر الله مناصري المقاومة إلى الوقوف «إلى جانب المقاومة وإلى جانب حلفائها وقال ان من يريد أن يحافظ ويدافع ويحمي لبنان واستخراج ثروته النفطية ويحمي مياه لبنان فليصوّت للمقاومة وحلفائها. مشددا على ضرورة «أن نخرج في 15 من أيار ونمارس المقاومة السياسية للحفاظ على المقاومة العسكرية. وأشار نصر الله إلى أن «بعض القوى السياسية أخذت من سلاح المقاومة عنواناً للمعركة الانتخابية الحالية ولم يلتفتوا لهموم الناس». وطلب من اللبنانيين «أن يعرفوا أن من يدعو اليوم لنزع سلاح المقاومة والتخلص من حزب الله وحلفائه، إذ إنهم يتجاهلون ما عاشه الجنوب وما عاناه أهل الجنوب من الكيان الصهيوني المؤقت».
الاستراتيجية الدفاعية والترسيم…
واكد السيد نصرالله جاهزية حزب الله لـمناقشة استراتيجية دفاعية وطنية، لأننا أصحاب حجّة ودليل ومن يهرب فهو في موضع ضعف. واعتبر نصر الله أن «من يطالب بنزع سلاح المقاومة يريد أن يصبح لبنان مكشوفاً أمام العدو الإسرائيلي من حيث يعلمون أو لا يعلمون، ومن يطالب بنزع سلاح المقاومة يريد أن يتخلّى لبنان عن أهم ورقة قوة له في موضوع استخراج النفط والغاز من مياهه. وتوجّه نصر الله إلى الدولة واللبنانيين بالقول إن لديكم مقاومة شجاعة وقوية ومقتدرة وتستطيع أن تقول للعدو إذا منعتم لبنان نمنعكم ونحن قادرون، ولن تجرؤ أي شركة في العالم على أن تأتي إلى المنطقة المتنازع عليها إذا أصدر حزب الله تهديداً واضحاً وجدياً»، مشيراً إلى أن الأميركيين يفاوضون لبنان لأنهم يعرفون أن في لبنان مقاومة ستُدفّع العدو ثمناً إذا تمّ منع لبنان من الاستفادة من حقوقه وثرواته.
ياسين يحذر: السفينة انطلقت!
وفي سياق متصل، نشر رئيس الوفد التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن بسام ياسين عبر حسابه على «فايسبوك» منشورا اكد فيه ان سفينة الانتاج السنغافورية انطلقت من سينغابور مطلع هذا الشهر واصبحت الان جنوب الهند وهي في طريقها الى حقل كاريش، ولن يمنعها احد من الوصول وبدء الانتاج على الرغم من ايداع لبنان الأمم المتحدة رسالة رسمية بتاريخ ٢٠٢٢/١/٢٨ بناء على توجيهات الحكومة اللبنانية تعتبر فيها هذا الحقل متنازع عليه، الا اذا بقي قليل من الكرامة والسيادة. وان غدا لناظره قريب……»!
«المستقبل» يقاطع الاقتراع
في هذا الوقت، بات محسوما ان الحملة السعودية على الرئيس سعد الحريري، قد ادت الى نتائج عكسية لدى جمهور وقيادة تيار المستقبل، وبات التوجه محسوما نحو مقاطعة عملية الاقتراع في 15 الجاري، وقد بدأ «التيار الازرق» حملة اعلامية ممنهجة ضد القوات اللبنانية، وضد «الخونة» الذين يحاولون وراثة الحريري سياسيا، وأكدت مصادر تيار المستقبل ان التوجه بات محسوما بعدم المشاركة في الإنتخابات لا اقتراعاً ولا دعوة للإقتراع لأي مرشح…
«هآرتس»: صفعة مدوية!
ولم تغب مقاطعة السنة عن الانتخابات عن الصحافة الاسرائيلية، ووصفت صحيفة «هآرتس» الهجوم السعودي الاعلامي على الرئيس سعد الحريري بانه «صفعة مدوية»، ولفتت الى صعوبة ان تتشكل حكومة بعد الانتخابات لانها ستكون فاقدة للشرعية بدون مشاركة كبيرة من الطائفة السنية، وهو الهدف الذي أراده الحريري بقرار انسحابه من المنافسة!
ماذا يريد السنيورة؟
وخصصت الصحيفة جانبا من اهتمامها لحركة الرئيس فؤاد السنيورة الانتخابية، وقالت انه «ولمنع مقاطعة الانتخابات، بدأ رئيس الحكومة الاسبق، يعمل بشكل حثيث لإقناع السنّة بخرق دعوة الحريري والمشاركة في الانتخابات بكامل القوة. السنيورة يعتقد أن الحريري مخطئ، ولذلك بدأ يحث الطائفة السنية على تحدي حزب الله، وعدم السماح له بإملاء تشكيل الحكومة ومن سيرأسها». مؤخراً، تقول الصحيفة «يجري السنيورة زيارات في أرجاء لبنان، وقد التقى رؤساء التجمعات المحلية، وهناك من يتهمه بتوزيع مغلفات مالية للمخاتير والنشطاء «لشراء» الأصوات. وذكرت بأن السنيورة ترأس حكومة لبنان في فترة حرب لبنان الثانية، وتبنى القرار 1701 الذي أنهى الحرب في آب 2006. وهو قرار نص ضمن أمور أخرى، على انسحاب حزب الله من الحدود الشمالية…
جنبلاط «يكبر الحجر»؟
وفي السياق نفسه، اكدت مصادر سياسية بارزة ان رفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سقف المواجهة مع حزب الله و «الممانعة» وحديث اوساطه عن محاولات «لتطويع» الجبل، لا تتطابق مع الواقع لان «الخرق» المحتمل للوزير وئام وهاب في الشوف لن يغير في واقع «المثالثة» التي ارتضاها على الساحة الدرزية مع وهاب والامير طلال ارسلان، فمشكلة جنبلاط الحقيقية هي مع السنة المعتكفين عن التصويت تضامنا او التزاما بقرار الرئيس الحريري، ولا احد يريد الغاءه، وهو يعرف جيدا ان الرئيس نبيه بري لن يتخلى عنه ولم يتخلى عنه في اصعب الظروف، والقانون الحالي لا يسمح لاحد بالغاء احد، ولذلك فان القول بأن «الجبل لا يزال عصياً على حزب الله بعد تحقيقه اختراقات على الساحتين المسيحية والسنية» كلام غير واقعي لشد «العصب» الدرزي، وهو «تكبير لحجر» معركة عنوانها ان ياخذ كل فريق حجمه على الساحة الدرزية، وهو اذا نجح في منع وهاب من استمالة الاصوات السنية في اقليم الخروب، سيحفظ مقعد حمادة في الشوف فلماذا كل هذا الصخب وافتعال معركة «طواحين هواء»؟
130 الف مغترب اقترعوا
في غضون ذلك، اعلنت وزارة الخارجية ان نسبة اقتراع المغتربين بلغت نحو ستين في المائة، وبذلك يكون نحو 130 ألف مغترب صوت من أصل 225 ألفاً مسجلين في عملية الاقتراع في الخارج التي جرت يومي الجمعة والأحد في 58 دولة، وفق التقديرات الأولية ،
وخلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية، وعقد الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين هاني شميطلي والمدير العام للمغتربين هادي هاشم مؤتمرا صحافيا مشتركا، في الوزارة شرحا خلاله مسار العملية الانتخابية للبنانيين في الخارج، وأوضح هاشم، أن الهدف كان في الوزارة الوصول إلى نسبة اقتراع أكثر من 70% مشيراً إلى ان «هذه العملية الانتخابية هي الأكبر في تاريخ لبنان الحديث إذ بدأنا في 6 أيار من إيران وانتهينا في الولايات المتحدة». لافتاً إلى «ان الخروقات والشوائب التي شهدتها العمليّة الانتخابيّة في الاغتراب عولِجت فوراً. تجدر الاشارة الى انه في انتخابات العام 2018، بلغت نسبة المشاركة 56 في المائة؛ إذ صوّت نحو خمسين ألفاً من إجمالي قرابة تسعين ألفاً سجلوا أسماءهم.
بدل اتعاب «كاش»
ومع اقفال آخر الصناديق وبدء نقلها بحقائب دبلوماسية الى بيروت، عقد الوزير مولوي مؤتمرا صحافيا اعلن فيه عن آلية الكترونية ستطبق في الفرز يوم الاحد، وقال أنّ «الإقبال الكثيف من قِبل المغتربين اللبنانيين يعني وجود نية للمشاركة في بناء لبنان جديد ينهض من أزمته».كما توجّه لجميع القضاة والموظفين والأجهزة الأمنية، بالقول: «ستحصلون على بدلات أتعاب الانتخابات «كاش» خلال أسبوع».
مخالفات انتخابية
من جهتها وثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات «لادي» بعض المخالفات الانتخابية خلال عملية اقتراع المغتربين في عدد من الدول العربية والأجنبية يوم الأحد 8 أيار 2022. وقد تفاوتت المخالفات بين دعاية انتخابية في محيـط العديد من مراكـز الاقتـراع، ما يشكّل خرقاً للصمت الانتخابي، وصولاً إلى توجيه الناخبين من قبل بعض المندوبين والضغط عليهم. ولاحظت ايضا وجود العديد من العوازل في الأقلام التي لا تضمن سرية الاقتراع، كما سجلت حالات مرافقة لبعض الناخبين خلف المعزل. ومن ضمن المشاهدات العامة، لوحظ أيضاً حصول أخطاء في لوائح الشطب، حيث اشتكى العديد من الناخبين للجمعية من أنّ أسماءهم إما لم ترد في اللوائح رغـم تسجيلهم ضمن المهلة المحدّدة، وإما تضمّنت بعض المعلومات المغلوطة كما وردت إلى الجمعية حالات لناخبين أتت مراكز اقتراعهم بعيدة عن أماكن سكنهم.
لماذا تاجلت زيارة البابا؟
في غضون ذلك، تبلغ لبنان رسميا تاجيل زيارة البابا فرنسيس التي كانت مقررة في حزيران المقبل، وأعلن رئيس اللجنة الوطنية العليا للإعداد للزيارة وزير السياحة المهندس وليد نصّار عن تلقي رسالة من دوائر الفاتيكان تبلّغ فيها رسمياً قرار الإرجاء لاسباب صحية،على أن يتم الإعلان عن الموعد الجديد للزيارة فور تحديده.