مع توالي رحلات الإياب بالوصول من دول الانتشار ناقلةً صناديق اقتراع المغتربين، ومع انطلاق العد العكسي لفتح صناديق المقيمين الأحد المقبل في لبنان، انتقلت راية المسؤولية الانتخابية عملياً من وزارة الخارجية إلى وزارة الداخلية التي تحولت على بُعد 5 أيام من الاستحقاق أشبه بخلية نحل، تتربّع على رأس أولياتها ومهامها الأساسية في ضمان حسن سير اليوم الانتخابي وتحصينه في مواجهة المخاطر والخروقات الأمنية، مهمة ضمان تأمين التيار الكهربائي والانترنت في مراكز الاقتراع للحؤول دون حصول أي انقطاع أو خلل لوجستي يهدد سلامة العملية الانتخابية ويعكر صفو إدارة هذه العملية بدءاً من الأقلام، ووصولاً إلى فرز الأصوات، الذي أكد وزير الداخلية بسام مولوي أنه سيعتمد على “تقنيات جديدة” تُستخدم للمرة الأولى في لبنان، بما يشمل “الفرز الإلكتروني للأصوات من قبل لجان القيد الابتدائية والعليا في كل قضاء”.
وبالانتظار، تزاحمت الخطابات الانتخابية خلال الساعات الأخيرة لحضّ الناخبين على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع للاختيار بين مشروعين، الأول تخوض من خلاله أحزاب المعارضة وقوى التغيير معركة تحرير الدولة ومؤسساتها من سطوة سلاح “حزب الله” والنفوذ الإيراني في البلد، والثاني يخوض من خلاله “حزب الله” معركة تكريس هذه السطوة بالتكافل والتكامل مع “التيار الوطني الحر” الذي شنّ رئيسه جبران باسيل أمس حملة شرسة من بعبدا في مواجهة أخصام “حزب الله” المسيحيين بلغ معها حد مهاجمة كل من يقول بوجود “احتلال إيراني” في لبنان، ليتقاطع بذلك مع مضامين الخطاب الانتخابي الذي ألقاه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والذي خصصه لتمجيد “السلاح” والتشديد أمام ناخبيه على ضرورة التصويت للوائح “حزب الله” وحلفائه باعتبارهم يصوّتون بذلك لحماية سلاح “حزب الله” وبقاء “المقاومة المسلّحة” والتصدي لما وصفها “حرب تموز سياسية” تستهدف نزع هذا السلاح.
وتحت هذا الشعار، توجه نصرالله إلى المترددين بالإدلاء بأصواتهم “ممن يقولون سلاح المقاومة على رأسنا لكن لا نريد التصويت بسبب الأزمة المعيشية”، بعبارات تستثير مشاعر “العزة والكرامة” لديهم فتوجه إلى ناخبيه بالقول: “أنتم الذين انتصرتم على حرب تموز العسكرية فبقيت المقاومة وبقي السلاح… اليوم في حرب تموز السياسية يجب أن تخرجوا من بيوتكم صباح 15 ايار لتمارسوا المقاومة السياسية لتبقى لنا المقاومة العسكرية المسلّحة وهذا هو المطلوب في الخامس عشر من أيار”. كما خاطب اللبنانيين عموماً بوصفهم يعيشون في كنف “حماية سلاح حزب الله”، وسأل: “من الذي يَحمي لبنان الآن؟ بصراحة وبصدق المقاومة، فإذا تخلت المقاومة عن سلاحها من سيحمي لبنان؟”، وأضاف في مقابل تشديده على أنّ الجيش اللبناني عاجز عن حماية البلد قائلاً: “من يريد أن يحافظ على لبنان ويحميه ويستخرج ثروته النفطية والغازية فليصوّت للمقاومة وحلفائها”.
تزامناً، وبعد أيام من الترقب لتأثيرات الوعكة الصحية التي ألمت بالبابا فرنسيس على برنامج زيارته إلى لبنان، أعلن رئيس اللجنة الوطنية العليا للاعداد للزيارة وزير السياحة وليد نصار أمس أنّ “لبنان تلقى رسالة من دوائر الفاتيكان تبلغ فيها رسمياً قرار إرجاء زيارة الحبر الاعظم، على أن يتم الإعلان عن الموعد الجديد للزيارة فور تحديده”، لافتاً إلى أنّ هذا القرار يندرج ضمن إطار قرار الفاتيكان “إرجاء الزيارات الخارجية والمواعيد المقررة في برنامج قداسة البابا فرنسيس لأسباب صحية”.
أما في مستجدات قضية انفجار مرفأ بيروت، فبرز أمس اللقاء الذي جمع وفد أهالي ضحايا الانفجار مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للتباحث معه في مسألة هدم الأهراءات وعرقلة وزير المالية يوسف الخليل لإنجاز التشكيلات القضائية الجزئية في سبيل الاستمرار في عملية تطويق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والإبقاء على “كف يده” عن متابعة ملف التحقيقات في جريمة 4 آب.
وإثر انتهاء الاجتماع في السراي الحكومي، خرج الأهالي بوعد من ميقاتي بأن يعمل على تجميد قرار “هدم الأهراءات” مؤكدين أنهم “أخذوا منه كلمة بأنّ الهدم لن يحدث طالما هو موجود في رئاسة الحكومة”. وفي ملف التشكيلات القضائية أعلن أهالي الضحايا أنّ رئيس الحكومة وعدهم بأن يبادر إلى “التوقيع بسرعة على التشكيلات القضائية الجديدة فور وصولها الى السراي”، وأن يدفع باتجاه طرحها على مجلس الوزراء الخميس المقبل.
ورداً على سؤال، أكدت سيلين روكز باسم الأهالي أنهم لا ينوون زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون ولم يطلبوا موعداً للقائه “لأننا نعتبر أنّ أي رفض يلقاه شخص منا يطالنا جميعاً”، وذلك في إشارة إلى رفض عون استقبال بعض الممثلين عن أهالي ضحايا انفجار المرفأ.