كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: ما ان أُعلنت نتائج الانتخابات حتى قفز سعر الدولار الى ما يفوق الـ30 الف ليرة، قفزات متدرجة بدأت قبل ايام من موعد الانتخابات، ما طرح علامات استفهام عمّن يقف خلف هذا الارتفاع، الذي يبدو انّ غرفة سوداء تديره، لإفقاد اللبنانيين ما يعلقّونه من آمال على ان يكون انتخاب مجلس جديد جاء اكثر تنوعاً مما سبقه، بداية لدخول البلاد في آفاق الانفراج، خصوصاً اذا تيسر تأليف حكومة جديدة خلفاً للحالية التي ستصبح مستقيلة، تصرّف الأعمال لدى انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي منتصف ليل السبت ـ الاحد المقبلين. واللافت، انّ ارتفاع الدولار استتبعه تلقائياً ارتفاع جنوني في اسعار كل السلع الاستهلاكية وصولاً الى المحروقات، ولا سيما منها البنزين، حيث ارتفع سعر الصفيحة الى ما يفوق 550 الف ليرة، في ظلّ توقعات باستمرار ارتفاعه نتيجة غياب أي رقابة زاجرة للمتلاعبين ومن هم خلفهم، الذين يبدو انّهم بدأوا يستغلّون الايام الفاصلة عن نشوء السلطة الجديدة في ضوء المجلس النيابي الجديد، لتكريس واقع يزيد من الأعباء على كاهل اللبنانيين، ووضع العراقيل أمام أي معالجات منتظرة او موعودة.
في هذه الأجواء، بدأت القراءات لتركيبة المجلس النيابي الجديد لاستبيان أبعاده والخلفيات، واستشراف طبيعة المرحلة الجديدة التي ستدخلها البلاد بدءاً من صبيحة الاحد المقبل، حيث تبدأ ولاية هذا المجلس والاستعداد لتكوين مطبخه التشريعي بدءاً بانتخاب رئيسه، والمنتظر ان يكون الرئيس نبيه بري وهيئة مكتبه، على ان تُطلق بعد ذلك الآلية الدستورية لتأليف حكومة جديدة يتوقع ان يُكّلف الرئيس نجيب ميقاتي تأليفها.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ تركيبة المجلس النيابي الجديد المتنوعة تتيح، إذا تحلّت الكتل النيابية بالواقعية وتخلّت عن الخطاب المتشنج الذي رافق الانتخابات، نقل لبنان الى مرحلة الانفراج، بالتعاون مع حكومة يشارك فيها الجميع، فهو ليس مجلس اللون الواحد وليس فيه اكثرية لأي فريق بعينه، وانّ هذه الاكثرية ستكون متنقلة وتتكون في ضوء طبيعة القضايا الوطنية التي سيتصدّى لها هذا المجلس.
وأضافت هذه المصادر، انّ جميع القوى التي خاضت الانتخابات ملزمة بالتعاون على تحمّل المسؤولية، لوضع البلاد على سكة التعافي السياسي والاقتصادي، لأنّ استمرارها في ما هي عليه سيؤدي الى الانهيار الشامل، خصوصاً اذا تعذّر تأليف حكومة جديدة، و«جرجر» الفراغ الحكومي إلى موعد الاستحقاق الرئاسي في تشرين الاول وتعطّل إنجازه هو الآخر.
صرخة بري وبرنامج المرحلة
وفي ضوء هذا الواقع، كانت رسالة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بل صرخته الى اللبنانيين امس، حيث قدّم فيها برنامجاً إنقاذياً للمرحلة المقبلة، ودعا كافة القوى التي تنافست في الإنتخابات الى «الاحتكام لخيارات الناس الذين قالوا كلمتهم أقلّه في الجنوب والبقاع، محوّلين هذا الإستحقاق الى استفتاء على الثوابت الوطنية أمام هيئات رقابية محلية وإقليمية وأوروبية وأممية وسفراء فوق العادة، حتى كدنا نعتقد ومعنا الغالبية العظمى من اللبنانيين، أنّهم في هذه الانتخابات التي هي استحقاق دستوري محلي في الخامس عشر من أيار، انّهم سينتخبون أعضاء لكل برلمانات العالم بكل قاراته».
واشار بري الى انّ «الأزمات التي تعصف بنا هي عابرة للطوائف، ما من أحد أو من طائفة تريد أن تلغي طائفة أخرى»، مبيّناً أنّ «مقدمة الدستور في لبنان واضحة، وهي في صلب ميثاق حركتنا، وطن نهائي لجميع أبنائه. نعم، فلتكن نتائج يوم الخامس عشر من أيار يوماً لبنانيا آخر، يؤكّد فيها الجميع عن صدق نياتهم واستعدادهم وانفتاحهم لحوار حول العناوين التالية: نبذ خطاب الكراهية وتصنيف المواطنين».
ووجّه بري «دعوة مفتوحة لكل القوى السياسية والكتل البرلمانية للبدء فوراً وبعد الانتهاء من إنجاز المجلس النيابي الجديد لمطبخه التشريعي رئيساً وهيئة مكتب ولجان، بحوار جدّي بالشراكة مع كافة قوى المجتمع المدني المخلصة والجادة، من أجل دفن هذا القانون المسيء للشراكة، والذي يمثل وصفة سحرية لتكريس المحاصصة وتعميق الطائفية والمذهبية. فآن الأوان لقانون خارج القيد الطائفي وخفض سن الإقتراع لـ18 سنة وكوتا نسائية وإنشاء مجلس للشيوخ تُمَثل فيه الطوائف بعدالة. إقرار خطة للتعافي المالي والاقتصادي تكرّس حقوق المودعين كاملة من دون أي مساس بها. وإقرار قانون استقلالية القضاء. الحوار الجدّي ودون تلكؤ أو إبطاء، التأسيس من أجل الإنتقال بلبنان من دولة المحاصصة الطائفية الى الدولة المدنية المؤمنة بأنّ الطوائف نعمة والطائفية نقمة. إقرار اللامركزية الإدارية الموسعّة بالصيغة التي وردت في الطائف والدستور. إقرار كل القوانين التي من شأنها وضع حدّ للفساد والهدر وملاحقة مرتكبيها في أي موقع كانوا، لا بل تنفيذ القوانين التي صدرت في هذا الصدد. إنجاز كافة الإستحقاقات الدستورية في موعدها وقطع الطريق على أي محاولة لإغراق البلد أو أي سلطة في الفراغ».
المجلس وكتله
وقد بدأت ترتسم صورة المجلس النيابيّ الجديد وكيف تتوزّع الكتل، إذ حصدت كتلة حركة «أمل» 15 نائباً وهم: نبيه بري، علي خريس، عناية عزالدين، علي عسيران، ميشال موسى، غازي زعيتر، قبلان قبلان، فادي علامة، علي حسن خليل، أشرف بيضون، أيوب حميد، هاني قبيسي، ناصر جابر، قاسم هاشم ومحمد خواجة.
فيما تتألّف كتلة «حزب الله» من 13 نائباً وهم: علي عمار، رامي أبو حمدان، حسين جشي، حسن عز الدين، رائد برو، حسين الحاج حسن، ايهاب حمادة، علي المقداد، ابراهيم الموسوي، محمد رعد، حسن فضل الله، علي فياض، أمين شري. اما المتحالفون مع «حزب الله» فحصدوا 3 نواب هم: جميل السيد، ينال الصلح وملحم الحجيري.
وارتفع عدد نواب «القوات اللبنانية» إلى 20 نائباً، هم: زياد حواط، الياس اسطفان، جورج عقيص، شوقي الدكاش، انطوان حبشي، سعيد الأسمر، غادة أيوب، ملحم الرياشي، رازي الحاج، جهاد بقرادوني، بلال الحشيمي، بيار بو عاصي، جورج عدوان، نزيه متى، غسان حاصباني، ستريدا جعجع، غياث يزبك، الياس فؤاد الخوري، جميل عبود عبود وفادي كرم.
وأصبح لـ«التيار الوطني الحر» 18 نائباً وهم: ندى البستاني، سيمون أبي رميا، سليم عون، شربل مارون، ألان عون، سيزار أبي خليل، غسان عطالله، فريد البستاني، نقولا صحناوي، ابراهيم كنعان، الياس بو صعب، جبران باسيل، جورج عطالله، محمد يحيه يحيه، جيمي جورج جبور، أسعد رامز درغام، ادغار طرابلسي، سامر التوم.
فيما بات للمجلس 11 نائباً مستقلاً وهم: فؤاد مخزومي، نعمة افرام، فريد الخازن، عبد الرحمن البزري، شربل مسعد (لائحة سعد – بزري)، ميشال ضاهر، ميشال المر، جهاد الصمد، أشرف ريفي، عبد الكريم محمد كبارة (لائحة ميقاتي)، ونبيل بدر.
وأوصلت ثورة «17 تشرين» 15 نائباً الى المجلس وهم: ياسين ياسين، مارك ضو، نجاة عون صليبا، حليمة القعقور، بولا يعقوبيان، سينتيا زرازير، ميشال الدويهي، الياس جراده، فراس حمدان، إيهاب مطر، فراس أحمد السلوم، رامي فنج، ابراهيم حسن منيمنة، وضاح ابراهيم صادق الصادق، ملحم إميل خلف.
أمّا حزب «الكتائب اللبنانية» فـفاز بـ 5 نواب، وهم: سامي الجميّل، نديم الجميّل، سليم الصايغ، الياس حنكش، وجان طالوزيان.
وفاز حزب «الطاشناق» بـ 3 نواب وهم: هاغوب ترزيان، وهاغوب بقرادونيان، وجورج بوشكيان.
وفازت «حركة الاستقلال» بنائبين هما: ميشال معوض وأديب عبد المسيح.
وفاز «التنظيم الشعبي الناصري» بنائب واحد هو أمينه العام أسامة سعد. فيما فاز «الحزب التقدمي الإشتراكي» بـ 9 نواب وهم: وائل ابو فاعور، فيصل الصايغ، هادي ابو الحسن، أكرم شهيب، راجي السعد، تيمور جنبلاط، مروان حماده، بلال عبدالله، غسان السكاف.
أمّا محازبو تيار «المستقبل» السابقون ففازوا بـ 6 نواب وهم: وليد البعريني، سجيع مخايل عطيه، أحمد محمد رستم، محمد مصطفى سليمان، أحمد الخير، وعبد العزيز ابراهيم الصمد.
وأوصل حزب «الإتحاد» الى المجلس النيابي الوزير السابق حسن مراد، كما أوصل حزب «الوطنيين الأحرار» كميل دوري شمعون، وتيار «المردة» اوصل كلاً من طوني فرنجية ووليم طوق، وأوصلت «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية» (الاحباش): عدنان طرابلسي، وطه عطفت ناجي، فيما فازت «الجماعة الإسلامية» بنائب واحد هو عماد الحوت.
8 سيّدات في المجلس
وفازت 8 سيدات من أصل 155 مرشّحة للانتخابات بالوصول إلى المجلس النيابيّ، وتوزعت النساء الفائزات على الدوائر كالتالي: بيروت الأولى بولا يعقوبيان وسينتيا زرازير، غادة أيّوب عن صيدا وجزين، أمّا في دائرة الشمال الثالثة ففازت النائبة ستريدا جعجع.
كذلك فازت كلّ من نجاة صليبا وحليمة القعقور في الشوف وعاليه، أمّا في صور الزهراني فنجحت عناية عزالدين، وفازت الوزيرة السابقة ندى البستاني عن دائرة جبل لبنان الأولى.
نواب غابوا عن المجلس
أمّا النواب الذين ترشحوا ولم يفوزوا فهم: إيلي الفرزلي، طلال أرسلان، أسعد حردان، فيصل كرامي، اسطفان الدويهي، سليم سعادة، زياد أسود، هادي حبيش، إدي معلوف، سامي فتفت وجوزف اسحاق .
الجامعة العربية
وفي المواقف العربية والدولية من الاستحقاق النيابي، هنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط امس «الشعب اللبناني على إجراء الانتخابات النيابية في 15 ايار الجاري»، متمنياً أن «تكون الانتخابات خطوة إيجابية نحو تصحيح الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد».
ودعا اللبنانيين إلى «البناء على نتائج هذه الانتخابات، والإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات الضرورية واللازمة، لتمكين لبنان من الخروج من الأزمة واستعادة عافيته، خصوصاً في ما يتعلق بإنجاز الاتفاقيات الاقتصادية والمالية مع صندوق النقد الدولي، والتي من شأنها أن تسهم في تحسين الظروف المعيشية للبنانيين وإنعاش الاقتصاد من جديد، وإنهاء معاناة اللبنانيين». وناشد «القيادات اللبنانية من مختلف الطوائف والانتماءات السياسية إظهار أعلى مستويات المسؤولية وإعلاء المصلحة الوطنية، باعتبار أنّ الشهور المقبلة ستمثل اختباراً حاسماً لقدرة البلاد على اجتياز الأزمة»، داعياً «المجتمع الدولي للوقوف إلى جوار لبنان وتعزيز صموده الاقتصادي في هذه المرحلة الدقيقة».
الأمم المتحدة
هنأت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا، في بيان، لبنان على إجراء الانتخابات النيابية يوم الاحد 15 أيار، «مما مكّن الشعب اللبناني من ممارسة حقه الديموقراطي في اختيار ممثليه وإسماع أصواتهم». وحضّت «القادة السياسيين اللبنانيين على وضع مصالح البلاد في المقام الأول، وعلى المشاركة بشكل بنّاء لضمان عدم وجود فراغ أو شلل في عملية صنع القرار التنفيذي، لا سيما من خلال التشكيل السريع لحكومة ذات منحى إصلاحي». واشارت فرونتيسكا إلى «الدور المهم للمجلس النيابي الجديد في العمل مع الحكومة لإعطاء الأولوية لتنفيذ الإصلاحات وتعافي لبنان، بما في ذلك من خلال اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، كما سيكون اعتماد القوانين اللازمة أمراً حاسما لتسريع عملية الإصلاح».
جلسة حكومية أخيرة
وفي هذه الأجواء، استمرت التحضيرات لترتيب جدول اعمال مجلس الوزراء في الجلسة الاخيرة من عمر الحكومة الحالية التي ستُعقد بعد ظهر الجمعة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل استقالتها دستورياً ودخولها في مرحلة تصريف الأعمال بالمدى الضيّق ليل السبت ـ الاحد المقبلين، موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، وذلك قبل ان يدخل المجلس في مدار الاستحقاقات الدستورية المقبلة، وأولها انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب في مهلة الأيام الخمسة عشرة المقبلة كحدّ أقصى، ومن بعده الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، قبل الوصول الى استحقاق انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في مهلة الستين يوماً التي تسبق نهاية ولايته في 31 تشرين الأول المقبل.
وقالت مصادر معنية لـ«الجمهورية»، انّ تأجيل الجلسة من صباح غد الخميس الى بعد ظهر الجمعة لا علاقة له بصحة رئيس الجمهورية الذي من المتوقع ان يكون قد غادر المستشفى ليل أمس، بعدما أجرى سلسلة من الفحوص الطبية نتيجة الإرهاق الذي عانى منه اثناء مواكبته مجريات الانتخابات النيابية على مدى الايام الاربعة الاخيرة، وقد جاءت نتائج هذه الفحوص مطمئنة ولا تدعو الى اتخاذ اي تدبير صحي استثنائي، وهو أمضى فترة بقائه في مستشفى «اوتيل ديو الى جانب مستشاريه.
جدول الأعمال
ومن المقرّر حسب المصادر عينها، ان تنتهي الأمانة العامة لمجلس الوزراء من تحضير جدول الأعمال الحافل بعشرات البنود التي تحتاج الى وقت كبير، لأنّه سيحمل مجموعة كبيرة من المشاريع التي ستحال الى المجلس النيابي الجديد قبل فترة تصريف الاعمال، وخصوصاً تلك التي تمسّ الاوضاع المعيشية والاجتماعية والمالية التي تعني الناس، بالإضافة الى تلك المتصلة بالتزامات لبنان وفق ما انتهت إليه الى الآن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، بعد الاتفاق الذي تمّ على مستوى الموظفين في الآونة الاخيرة.
كذلك ستناقش الجلسة التقرير المرفوع من وزير الاتصالات لرفع أسعار الاتصالات الهاتفية للشبكتين الخلوية والأرضية والإنترنت، لتلافي توقف الخدمات الهاتفية وتراجع حجمها ونوعيتها دراماتيكياً في وقت قريب قد لا يتعدّى حزيران المقبل، نتيجة النقص في تمويل أعمال الصيانة والتجهيز بالعملات الأجنبية والصعبة.
لا تعيينات إدارية
وفي المعلومات المتداولة، انّ القسم الاول من الجلسة سيشهد تقييماً لكل ما رافق العملية الانتخابية، وفق ما تمّ الاتفاق عليه في الجلسة الاخيرة. كما سيقدّم الوزراء جردة بإنجازاتهم التي تحققت منذ تشكيل الحكومة في 10 أيلول العام الماضي. وليس ثابتاً لدى بعض الوزراء حتى مساء امس، انّ الجلسة ستبحث في تعيينات جديدة، على رغم المساعي الجارية لإمرار البعض منها في هذه الجلسة، لاستحالة إقرارها في مرحلة تصريف الأعمال.