كتبت صحيفة “الأخبار”: فيما واصلت الليرة اللبنانية انهيارها أمام الدولار، بشكل ينذر بانفجار اجتماعي كبير في المرحلة الُمقبلة، كانت الأزمة السياسية تزداد تعقيداً من بوابة إعادة تكوين السلطة التي ستبدأ الثلثاء المقبل، في الجلسة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري لانتخاب رئيس لبرلمان 2022 ونائبه وأمينيْ السرّ والمفوّضين الثلاثة الذين يؤلفون هيئة مكتب المجلس. الأيام الماضية شهدت جسّ نبض للقوى السياسية تجاه الاستحقاق لتلمّس إمكانية حصول بري على عدد من الأصوات يتيح له الفوز من الجولة الأولى بغالبية مقبولة، وقد طرحَت الدعوة، أمس، أسئلة عن إمكان حصول «تسوية» ما، دفعت ببري إلى تحديد تاريخ قريب للجلسة. لكن المعلومات تقاطعت حول «قناعة لدى رئيس المجلس بأن أي وساطة لن تنجح في تأمين نصاب سياسي وازن، بالتالي تسليمه بفوز هزيل». فقد أوضحت مصادر سياسية بارزة أن «الأصوات المضمونة حتى الآن لا تتجاوز 56 صوتاً، ويستمر التواصل مع نواب آخرين على القطعة لبلوغ سقف أعلى بقليل»، مؤكدة أن «لا تفاهم مع التيار الوطني الحر»، وأن حزب الله «الذي حاول أن يرعى اتفاقاً بين بري والنائب جبران باسيل جمّد مساعيه بعدَ موقف الأخير في احتفال التيار السبت الماضي»، والذي اعتبره الحزب «بمثابة ردّ على وساطته»، فضلاً عن أنه «لم يعُد مهتماً بعدّاد الأصوات ما دامَ انتخاب بري محسوماً».
هذا الجو يتطابق مع تأكيدات مصادر في التيار الوطني الحر بأن «الموقف كانَ سلبياً تجاه رئيس المجلس في الجلسة التي عقدتها الكتلة الثلثاء الماضي، وحاسماً لجهة عدم التصويت له»، نافية ما يتردد عن ترك حرية القرار للنواب. لكن «الثابت في موقفنا هو عدم الخروج من المطبخ التشريعي وضرورة أن يكون التيار ممثلاً في اللجان وهيئة مكتب المجلس، كما يحق لنا خوض معركة نائب رئيس المجلس، لكن ليس من خلال المقايضة».
وعلمت «الأخبار» أن النائب طوني فرنجية هو الوحيد الذي سيصوت لبري من كتلة «المردة»، وأن النائب وليام طوق ليسَ ملتزماً بهذا الأمر ولا تزال الاتصالات معه قائمة، فيما يميل النائب فريد الخازن إلى عدم التصويت. وقالت مصادر متابعة إن التواصل أيضاً مفتوح مع «الجماعة الإسلامية» والنائب نبيل بدر وبعض نواب عكار لرفع الحاصل النيابي لبري.
ومع أن مصادر رئيس المجلس ربطت الدعوة إلى الجلسة بـ«حرص بري على التزام مهلة الـ 15 يوماً بعد بدء ولاية المجلس المنتخب، كما هو منصوص في الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، رغم أنها مهلة حث وليس إسقاط»، قال متابعون إن بري «أراد قطع الطريق على من يحاولون فرض شروطهم عليه أو ابتزازه، وهو هدف من الدعوة إلى حشر الجميع في الزاوية انطلاقاً من أن رئاسة المجلس في جيبه ولن يحتاج إلى خوض معركة لأجلها، وأن لعبة الأرقام لن تقدّم أو تؤخر ولا يُمكن استخدامها سوى في سياق معنوي، لكن الآخرين سيتحملون تبعات عنادهم في بقية المواقع من نائب الرئيس وصولاً إلى اللجان النيابية لأن بري سيكون في حِل من أي التزام تجاه أي طرف، خصوصاً الذين قرروا أن يقطعوا معه كل خيوط التفاهم».
إلى ذلك، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل أن «احتمال استمرار الشلل السياسي في لبنان كبير وقد يمتدّ سنوات طويلة». وقال في مقابلة مع قناة «الجديد» إن «الحكومة ستواجه صعوبة في تنفيذ مهامها ونحن نواجه اليوم واقعاً عصيباً». ورأى أن «النواب الشيعة المؤيدين لحزب الله يشكّلون عاملاً أساسياً يصعّب تحدّي تشكيل الحكومة نظراً إلى عدد النواب الذين يمثلون الشيعة». واعتبر أن «كلّ 6 سنوات يتبيّن وجود أزمة بشأن رئاسة الجمهورية وهذه إحدى الحقائق الهيكليّة حول الحياة في لبنان والخيارات محدودة حالياً أمام اللبنانيين ومن الصعب جداً بالنسبة إليهم اختيار المرشّحين».