كتبت صحيفة “الديار” تقول: الاسوأ من الانهيار الاقتصادي المتسارع في كافة القطاعات،»البلادة» الشعبية في التعامل مع الواقع، «والتسليم» بالقضاء والقدر المفروض على اللبنانيين الذين نزلوا قبل نحو سنتين الى «الثورة» اعتراضا على بضعة «سنتات» على الاتصالات، فيما يعم «صمت القبور» البلاد المنهارة. فالحراك الخجول لبعض القطاعات لا يوازي غياب حكومة تصريف الاعمال ومعها المسؤولين عن ادارة النقد الوطني عن «السمع»، وكأن ما يجري في عالم آخر.
البلد «مشلول» ومتروك لمصيره تتحكم به منصات «مجهولة» «معلومة» تتولى «اغتيال» العملة الوطنية التي تراجعت بالامس الى مستوى قياسي، بعدما تخطى الدولار عتبة ال35 الف ليرة. تزامنا صدرت تسعيرة الزيادات الهائلة على قطاع الاتصالات، ويهدد اصحاب الافران ومحطات الوقود بالاقفال، فيما «نزل» القطاع الطبي على «الارض» محذرا من الانهيار الصحي المحتوم.
في المقابل، ولان البلد بالف خير، ينكب نواب المجلس التشريعي «الوليد» على اجراء عمليات حسابية دقيقة لقياس حجم الاصوات المفترضة للرئيس نبيه بري العائد الى «عرينه» دون منافسة تذكر، في الجلسة التي دعا الى عقدها عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء المقبل في ساحة النجمة من أجل انتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس وهيئة المكتب، لكن «الكباش» مستمر حول قياس «شعبيته» داخل البرلمان الجديد، وكأن في هذه المعركة، «ما يقدم او يؤخر» في حياة اللبنانيين البائسة، فيما «البازار» مفتوح على مصراعيه حول مركز نيابة الرئاسة، حيث تتواصل عمليات «التشاطر» السياسي لحسم هويته، بعدما حولتها الرياض الى اولوية وطنية لاختبار المعارضة في اولى «معاركها»..!
هذا المشهد القاتم داخليا، يوازيه اقليميا حذر ايراني- سعودي متبادل حيال درجة التحسن في العلاقات الثنائية التي ستنعكس حكما على الواقع اللبناني الذي سيبقى اسيرا لبطء التقدم في المحادثات الثنائية، حيث عادت الرياض الى الرهان على تحسن علاقاتها مع واشنطن لتحقيق المزيد من المكاسب على «طاولة» التفاوض مع طهران. والى ذلك الحين سيبقى التصعيد سيد الموقف لبنانيا، سواء عبر مواقف وتحركات السفير السعودي في بيروت، او عبر الاعلام الممول سعوديا، والذي يعمد الى تشويه صورة حزب الله الذي اضطر بالامس الى الرد على ما وصفه «بصناعة الاكاذيب» وفبركة الاتهامات السعودية.
هل يدفع لبنان «الثمن»؟
ووفقا لمصادر ديبلوماسية، قد يدفع لبنان ثمن لجوء السعوديين الى «المناورة» في المحادثات مع ايران، حيث لاحظ الايرانيون عملية ابطاء مقصودة في الآونة الاخيرة، عبّر عنها بالامس وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان بقوله من «دافوس»: إن إيران حققت «تقدما ضئيلا لكنه جيد» في العلاقات مع السعودية، مضيفا أنه قد يلتقي بنظيره السعودي قريبا في دولة ثالثة.
التراجع الاميركي
وبانتظار هذه الجولة الجديدة من المحادثات، تعزو تلك المصادر «التلكؤ» السعودي الى الاشارات الاميركية المستجدة حيال العلاقات الثنائية، وبدأت المملكة تلمس تراجعا من قبل ادارة الرئيس جو بايدن عن الموقف السلبي اتجاهها، وقد تكون زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان الى واشنطن، الخطوة قبل الاخيرة قبل اعادة العلاقات الى «مجاريها».
ماذا تريد الرياض؟
وتستغل القيادة السعودية ما تسميه « إعادة اكتشاف بايدن اخيرا ضرورات العلاقة بين البلدين»، وهي تتوقع تراجع الضغوط عليها في ملف حرب اليمن، ورفع التنسيق معها فيما يرتبط برفع العقوبات عن إيران، مقابل الحصول على تفاهمات حول إنتاج النفط وأسعاره. ويرغب السعوديون في ان تكون مصالحهم في قائمة اولويات الادارة الاميركية، عندما تقرر العودة الى الاتفاق النووي مع ايران، مستغلة الحرب الروسية على اوكرانيا والحاجة اليها بعد تضاعف أسعار النفط والغاز، وتهديد زيادة نسبة التضخم حظوظ الحزب الديموقراطي في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني المقبل. وهنا تراهن واشنطن على دفع الرياض لزيادة إنتاجها، وهنا تبحث المملكة عن «الثمن»؟
تحذير من «الوقت الضائع»
وفي هذا السياق، تدعو تلك الاوساط الى ضرورة التنبه من «الوقت الضائع» الذي يستغله السعوديون لتحسين «اوراق» تفاوضهم مع الايرانيين، وثمة خشية ان تبقى الساحة اللبنانية احدى ساحات «الاختبار» بين الجانبين، وهو ما يهدد بدخول البلاد في «فراغ» دستوري طويل الامد، ما لم يحصل تحييد بات ضروريا للملف اللبناني القابل «للاشتعال» والفوضى، وفق تحذير المسؤولين الفرنسيين. وفي هذا السياق، دعا مجلس الامن الدولي بالاجماع، للإسراع في تشكيل حكومة شاملة جديدة في لبنان بعد الانتخابات التشريعية، وتطبيق إصلاحات من بينها إقرار موازنة 2022، داعيا ايضا إلى تشكيل حكومة تسمح بالتوصّل السريع لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب الإعلان الذي صاغته فرنسا.
حزب الله يرد على «الاكاذيب»
وكانت العلاقات الإعلامية في حزب الله، اتهمت قناة العربية «التابعة للنظام السعودي»، بأنها «دأبت على صناعة الأكاذيب وفبركة الاتهامات الباطلة والزج باسم حزب الله في صناعة المخدرات والإتجار بها والترويج لها، بهدف الإساءة إلى الحزب وتشويه صورة حركات المقاومة وخدشها أمام الرأي العام». وفي بيانٍ، قال الحزب: «كل ذلك خدمة للعدو الإسرائيلي ومشاريع التطبيع المذلّة معه، وللتعمية على الوقائع الدامغة بتورط كبار الأمراء والمسؤولين السعوديين بتجارة المخدرات وحبوب الكبتاغون والتي شهد مطار بيروت الدولي أحد فصولها البارزة بتوقيف أمير سعودي بالجرم المشهود». وتابع أنّ «محاولات قناة العربية الدائمة لصرف الأنظار عن انتشار آفة المخدرات داخل المجتمع السعودي تعاطياً وإتجاراً عن طريق ربطها بالآخرين وتلفيق الاتهامات لهم، لن يؤدّي إلى علاج هذه المشكلة المتزايدة داخل السعودية، وكان الأجدر بها وبالمسؤولين عنها العمل الجاد في مكافحة هذه الآفة القاتلة عملياً وإعلامياً وتربوياً ودينياً، والحدّ من مخاطرها الداهمة أمنياً واجتماعياً».
تحريض سعودي
وفي هذا السياق، تصر المملكة عبر سفيرها في بيروت الى تحويل كل استحقاق دستوري الى مواجهة على الرغم من «ضحالة» الاثمان التي يمكن ان تجبى منها، خصوصا انتخابات رئاسة المجلس النيابي، فاضافة الى «معضلة» صراع الوجود بين النائب جبران باسيل والرئيس بري، فان «التحريض» السعودي يتواصل من خلال الاتصالات التي لم تنقطع مع الكتل والشخصيات المعارضة و»التغييرية»، وابلاغها بانها أمام «امتحان» جدي لاثبات انها قادرة على مواجهة حزب الله وحلفائه.
جنبلاط خارج «البازار»
وفيما اخرج النائب وليد جنبلاط نفسه من «بازار» الاصوات المحجوبة عن بري، وابلغ من يعنيهم الامر، انه ليس في وارد توجيه «رسالة» خاطئة في معركة محسومة، الا انه لم يغلق الباب امام احتمال حصول تفاهم على انتخاب نائب الرئيس مع «القوات اللبنانية» وكتل اخرى، وقد بوشرت الاتصالات على نحو مباشر مع «معراب» التي تتجه الى عدم تبني خوض المعركة بنائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني، لكنها تتبنى نظرية عدم السماح للنائب إلياس بو صعب في الوصول الى هذا المنصب، في تحدي مباشر للتيار الوطني الحر. وفي هذا السياق، أكد أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، أن موقف «اللقاء الديموقراطي» سيعلن مطلع الأسبوع المقبل. وأوضح انه سيتخذ خياراته من المنطلقات الواقعية وأهمية الخروج من الأزمة، وقال:» يبدو أن الرئيس نبيه بري هو الوحيد المرشح لرئاسة المجلس، والواقعية تفرض أن نأخذ هذا الأمر في الاعتبار من دون الانجرار إلى معارك وهمية، ومزايدات شعبوية لن تغير شيئاً في الواقع».
«ارنب» بري؟
في المقابل، لم يتبن نواب «التغيير» بعد ترشيح نقيب المحامين السابق ملحم خلف، وفيما يفضل جنبلاط النائب غسان سكاف كونه مقرب من «الاشتراكي»، لا يبدي بري ممانعة حياله، الا انه يحتفظ «بأرنب» النائب سجيع عطية من كتلة «إنماء عكار» التي ابلغته انها على رأس تكتل من 8 نواب في الشمال، وبانها ستصوّت له يوم الثلثاء، مبدية استعدادها لتبني ترشيح عطية، مع العلم ان هذه الكتلة مرشحة لان تكون اكبر في ظل تواصل مع نواب «قدامى المستقبل» في كافة المناطق .ووفقا للمعلومات، تقود «القوات اللبنانية» استراتيجية سعودية تقوم على محاولة فرض نائب رئيس المجلس باجماع الكتل «المعارضة»، كمقدمة لتوحيدها في الاستحقاقات المقبلة بدءا من هوية رئيس الحكومة، وتشكيل الحكومة، وصولا الى انتخابات الرئاسة.
«البازار» «مكربج»!
ووفقا لآخر الارقام، بات بري ضامنا لنحو ٦٠ صوتا فقط، في ظل اصرار النائب جبران باسيل على موقفه الرافض التصويت له حتى الآن، في مقابل رفض بري لاي مساومة على الحكومة او ملفات اخرى خارج نطاق مجلس النواب، بينما يرغب رئيس تكتل «لبنان القوي» بان يشمل اي اتفاق نيابة رئاسة المجلس ورؤساء اللجان، فضلا عن الحكومة ورئيسها ووزراء التيار، اضافة الى «سلة» التعيينات المفترضة قبل نهاية ولاية الرئيس عون.
نصرالله يدعو «للشراكة»
هذا الاستعصاء يستمر على الرغم من دعوة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، الفرقاء السياسيين إلى التعاون ومناقشة الملفات الخلافية، ونبه في كلمة بمناسبة «عيد المقاومة والتحرير، إلى أن الدولة «ذاهبة إلى الانهيار»، مجدّداً الدعوة «من موقع القوة والاقتدار للشراكة والتعاون، وقال:» إن أردتم مناقشة كل شيء سويّاً فتفضلوا»… كما اعتبر نصر الله أن «لبنان أمام خيارين: لبنان القوي والغني ولبنان الضعيف والمتسوّل»، مذكّراً بأن «لدى لبنان كنز وثروة هائلة من النفط والغاز». وفيما رأى أن مشكلة لبنان لا يحلّها «إلّا النفط والغاز في المياه الإقليمية»، دعا الفرقاء السياسيين إلى العمل على حمايتهما واستخراجهما..ورأى نصر الله أن تساؤل قوى سياسية عمّن كلّف المقاومة بالدفاع عن لبنان يُعبّر عن «تخلّف سياسي وانحطاط أخلاق»، مشيراً إلى أن من كلّفها هو واجبها «الوطني والإنساني والأخلاقي والديني». كما لفت إلى أن البعض في لبنان «لا يعتبر الإسرائيلي عدواً».
انهيار «قياسي»
وفيما طمان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من واشنطن ان لبنان بعيد عن الترددات الأمنية المحيطة به، كاشفًا عن أنّ لبنان بصدد الردّ الخطّيّ على طرح الولايات المتحدة بما يتعلق بملف الترسيم البحري، شهدت الساعات القليلة الماضية تحركات للعديد من القطاعات الاقتصادية على وقع تراجع الليرة إلى مستوى غير مسبوق بالامس، مسجلة رقما قياسيا جديدا، بعدما تخطى الدولار سقف ال» 35 الفا»، وبذلك تكون قد فقدت أكثر من 95 في المائة من قيمتها منذ 2019. اما البنزين فقفزت الصفيحة عن الـ 600 الف والمازوت عن الـ730 الفاً، فيما بلغ سعر قارورة الغاز 450 الفا، اما كهرباء «الدولة» ففي «اجازة» حتى نهاية الاسبوع، وقد زاد تقنين المولدات الخاصة من قتامة المشهد.
المحطات تهدد بالاقفال؟
وفيما أقدم بعض السائقين العموميين على قطع الطريق أمام وزارة الداخلية وفي منطقة الرينغ، احتجاجاً على ارتفاع سعر صفيحة البنزين، وطالبوا بدعمهم من قبل الدولة وتخصيصهم بصفيحتي بنزين، لوّح أصحاب محطات المحروقات، بإقفال محطاتهم في المناطق كافة، ما لم يصدر جدول يومي لأسعار المحروقات، ويُزوّدوا بالكميات المطلوبة من قبل شركات الاستيراد، التي باتت تُقنّن عمليات التوزيع بسبب عدم فتح المصرف المركزي الاعتمادات الكافية، وفق بيان تحذ يري للنقابة، واوضحت النقابة ان النّقص ناتج عن عدم تسليم الشركات المستوردة للنفط مادة البنزين بشكل طبيعي لأن مصرف لبنان لم يعد يفتح لها اعتمادات كافية، بالتالي، فإن عملية تسليم البنزين تكون قليلة جداً، بما يتناسب مع الاعتماد المفتوح، والمسؤول المباشر في هذا الشُّح هو مصرف لبنان؟!
الاتصالات «نار»
في هذا الوقت اعلن بالامس، عن الأسعار الجديدة للاتصالات، التي سيبدأ اعتمادها من 1 تموز المقبل، وتحتسب الاسعار الجديدة وفق «منصة صيرفة»، وباتت أسعار دقيقة الاتصال والرسالة النصية وحُزم «الإنترنت» للخطوط المسبقة الدفع والثابتة على الشكل الآتي: الخطوط المسبقة الدفع، دقيقة الاتصال: من 0.25$ إلى 0.08 ، الرسالة النصية: من 0.05$ إلى 0.02 ، البطاقات المسبقة الدفع بطاقة 10 أيام: 3.79 بطاقة، 30 يوماً 4.5 بطاقة 30 يوماً (تتضمن 30 دقيقة مجانية): 7.58 ، بطاقة 60 يوماً: 15.15 ، بطاقة 90 يوماً: 22.73، بطاقة 365 يوماً (سنة كاملة): 77.28
«تحذير «طبي»
وبناءً على دعوة نقابتي الأطباء في بيروت والشمال ونقابة المستشفيات ينفذ القطاع الطبي والاستشفائي اضراباً عن العمل يستمر ليومين باستثناء الحالات الطارئة. وقد نفذ عدد من الاطباء اعتصاماً امام مصرف لبنان بدعوة من نقابتي الأطباء في بيروت والشمال ونقابة اصحاب المستشفيات الخاصة، رفضاً لسياسات مصرف لبنان والمصارف في حق المودعين عموما والاطباء وعاملي القطاع الصحي والمستشفيات خصوصا. وقال نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ان المستشفيات عاجزة عن تأمين السيولة اللازمة لمتابعة عملها، وحقوق العاملين في القطاع الصحي أصبحت غير كافية لتأمين معيشتهم».
ازمة الافران
في هذا الوقت، اعتصم أصحاب الافران امام وزارة الاقتصاد للمطالبة بتأمين القمح للمطاحن ووضع تسعيرة لربطة الخبز تناسب سعر الصرف، كما طالب المعتصمون مجلس النواب الجديد بالاسراع في اقرار قانون قرض البنك الدولي لدعم القمح، وتساءل امين سر نقابة المخابز والافران في بيروت وجبل لبنان لماذا لم يوقع كتاب صرف اعتمادات القمح لمدة شهرين؟»، متمنياً «على وزير المال أن يوقع الاعتمادات كي لا تذل الناس»؟ من جهته اكد نائب رئيس اتحاد نقابات المخابز والافران علي ابراهيم «آلية الدعم التي حكي عنها في مجلس الوزراء لم تنفذ، ووزير الاقتصاد غائب عن السمع».
المصارف الى اين؟
وفي خطوة ذات دلالات مقلقة، اتخذ المصرف المركزي القبرصي قراراً يقضي بتحويل فروع المصارف اللبنانية إليه، مبالغ مالية توازي حجم ودائعها، وذلك كإجراء يَحمي المودِعين من أي تعثّر قد يصيب المصارف اللبنانية. ونتج عن هذا القرار إقفال كافة فروع المصارف اللبنانية العاملة في قبرص، منها أنجز مراحل العملية وحدّد تاريخ الإقفال وأبلغ زبائنه بالأمر، والقسم القليل منها في طور إنجاز التحضيرات اللازمة للإقفال.